هل تطلق البعثة الأممية حواراً بين الأفرقاء الليبيين قريباً؟

سياسيون يشككون في مدى اهتمام خوري بملف الانتخابات

خوري في لقاء سابق مع الدبيبة (حكومة الوحدة)
خوري في لقاء سابق مع الدبيبة (حكومة الوحدة)
TT

هل تطلق البعثة الأممية حواراً بين الأفرقاء الليبيين قريباً؟

خوري في لقاء سابق مع الدبيبة (حكومة الوحدة)
خوري في لقاء سابق مع الدبيبة (حكومة الوحدة)

في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، منتصف الأسبوع الماضي، أعلنت رئيسة البعثة الأممية بالإنابة في ليبيا، ستيفاني خوري، عزمها إطلاق «مسار تفاوضي» جديد بين أفرقاء الأزمة السياسية للحيلولة دون تفاقم أكبر للأوضاع المتأزمة بالبلاد.

وفي ظل استمرار التصعيد بالبلاد، تباينت آراء سياسيين ليبيين بين من يرى أن التحركات الأممية ستنحصر في العمل على «تهدئة الأوضاع»، وسط تشكيك في اهتمام خوري بمعالجة المعضلة الليبية بالتمهيد للعملية الانتخابية، وبين من يعتقد أنها ستدعو إلى «طاولة حوار مصغرة».

خوري في لقاء سابق مع مسؤولين أتراك في أنقرة لبحث الأزمة السياسية في ليبيا (البعثة)

وتوقع عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء أن تدعو خوري «لتشكيل لجنة حوار»، تضم أعضاء من مجلسي النواب والدولة، وممثلين للقوى الفاعلة على الأرض شرقاً وغرباً، بهدف محاولة تقريب وجهات النظر وإحداث تهدئة. وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن الدول الغربية والإقليمية «لديها اهتمامات أكثر أولوية بالنسبة لها، وبالتالي ربما لن تلتفت لمطلب التدخل بالساحة الليبية إلا في نطاق محدود، وهو تجميد الوضع الراهن عبر الضغط على حلفائها من أفرقاء الصراع».

وخلال إحاطتها الأخيرة، أرجعت خوري تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في ليبيا، على مدار الشهرين الماضيين لما وصفته بـ«الإجراءات الأحادية، التي اتخذتها جهات سياسية وعسكرية وأمنية».

ويتخوف الزرقاء من أن يقوم المجتمع الدولي عبر البعثة الأممية «بإلهاء الساحة بقضية الصراع على المصرف المركزي، وبالتبعية ملف توزيع الثروة، ويتم استنزاف المزيد من الوقت؛ وهو ما يعني أن حلم تحقق الانتخابات سيظل بعيداً».

وعلى مدار الأسبوع الماضي، تبادل البرلمان والمجلس الرئاسي القرارات بشأن رئيس المصرف المركزي؛ حيث عيّن الأخير مجلس إدارة جديداً للمصرف برئاسة محمد الشكري، في حين رفض البرلمان هذا القرار، وأعلن تمسكه بالصديق الكبير رئيساً للمصرف.

المشير خليفة حفتر في لقاء سابق مع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي (الوحدة)

بدوره، سلّط عضو مجلس النواب الليبي، عمار الأبلق، الضوء على عدم وجود توافق بين الدول الكبرى دائمة العضوية بمجلس الأمن على ترشيح مبعوث جديد للبعثة الأممية في ليبيا، رغم استقالة المبعوث الأخير عبد الله باتيلي قبل أربعة أشهر. وقال الأبلق، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الأمر «يقلل بشدة من التوقعات حول إمكانية توافقهم على مبادرة جديدة لحل الأزمة السياسية، وتقديمهم الدعم الكافي لإنجاحها؛ أياً كان شكل هذه المبادرة»، مشيراً إلى أن «افتقاد وغياب الدعم الدولي ليس المشكلة الرئيسية التي ستواجهها خوري؛ بل أيضاً تعنت الأطراف الليبية التي تفضل ممارسة لعبة الكراسي الموسيقية».

وأضاف الأبلق موضحاً أن الأطراف المتنازعة «ستستمر في التصعيد لتحقيق المزيد من المكاسب لتكون مسلحة بأوراق ضغط، تحقق لها فرض شروطها عندما تبدأ المفاوضات الجادة، وليس لحوار يستهدف تهدئة الخلافات والأزمات الراهنة».

واتخذت الأوضاع منحى تصاعدياً بعد تهديد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بأن «المساس بمحافظ المركزي في الوضع الراهن قد يترتب عليه إغلاق النفط، ووقف تحويل إيراداته إلى هذا المصرف».

بالمقابل، توقع الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، أن «تستأنف البعثة الأممية مسار إجراء العملية الانتخابية، وإن ظلت مواقف الأطراف الليبية محل شك من الاستجابة لها».

السفير الأميركي لدى ليبيا في لقاء سابق مع عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية (المفوضية)

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، رجح التواتي أن تدعو خوري لـ«طاولة حوار سياسية مصغرة»، تضم نفس القيادات الرئيسية، أي حفتر والدبيبة ورؤساء مجالس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي، مرجعاً ذلك لتأييد واشنطن هذا المسار، مقارنة بحوار موسع يضم قوى مختلفة ومتعددة من أحزاب ونشطاء وتيارات سياسية. وتوقع أن تقبل تلك القوى بالحوار، لكن بعد فترة غير هينة، واستبعد «انجرافهم نحو الانزلاق للصدام المسلح»، قائلاً إن «هناك خريطة جديدة يتم رسمها للصراع وتوازن القوى، والكل يحاول تحقيق تموضع جديد يعزز حضوره المستقبلي والحصول على صفقات».

كما يتوقع المحلل السياسي «انتهاء التجاذبات سريعاً حول الصراع على إدارة المصرف المركزي، وهو ما قد يمهد لإعلان خوري إعلان مبادرتها في وقت قريب».


مقالات ذات صلة

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

شمال افريقيا الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على تقرير ديوان المحاسبة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد بتقرير ديوان المحاسبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

دافع عقيلة صالح عن مجلسه خلال زيارته إلى روما، وقال إن «الجمود في العملية السياسية ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها مفوضية الانتخابات».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مسؤولون ليبيون خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين بعد تعطل مركبهم أثناء محاولتهم الهجرة السرية نحو أوروبا (الشرق الأوسط)

شبح «توطين المهاجرين» في ليبيا يستحضر نظام «الكفيل الخاص»

إلى جانب المخاطر الدستورية المحتملة، يخشى مراقبون من تهديدات «التوطين» للأمن القومي في ليبيا؛ إذ قد ينذر «باختراقات أمنية خطيرة وارتفاع معدلات الجريمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

ناقش وفد أممي بقيادة خوري، خلال زيارته مدينة سبها بجنوب ليبيا مع كبار المسؤولين العسكريين، تحسن الوضع الأمني في الجنوب وتحديات أمن الحدود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة لسيف القذافي تداولها أنصاره على صفحاتهم الشخصية

تصريحات منسوبة لسيف القذافي تعيده للساحة السياسية الليبية

يُبقي أنصار سيف الإسلام القذافي عليه حاضراً في المشهد السياسي الراهن بتصريحات غير موثقة للتأكيد على قربه من الحياة العامة رغم أنه لم يظهر في مكان عام منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
TT

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

أثار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، خلال لقائه نظيره الإيطالي لورينزو فونتانا، في روما، أزمة بلاده السياسية، وتحدّث عن حاجتها إلى «حكومة موحدة» لإجراء الانتخابات المعطلة، كما دافع عن مجلسه في سن القوانين اللازمة لهذا الاستحقاق. وجاء ذلك فيما شهدت مدينة الزاوية (غرب) اشتباكات مسلحة بين مجموعات من مهربي الوقود والمهاجرين غير النظاميين.

وبدأ صالح زيارة إلى روما، مساء الخميس، بحث خلالها مع نظيره الإيطالي الأزمة السياسية وعدداً من الملفات، من بينها الهجرة غير النظامية، و«إعادة الإعمار»، إضافة إلى مناقشة أزمة المسجونين الليبيين في إيطاليا.

وقال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبد الله بليحق، إن زيارة صالح إلى روما جاءت بناءً على دعوة رسمية من مجلس النواب الإيطالي، مشيراً إلى أن اللقاء، الذي حضره السفير الليبي في روما مهند يونس، تناول بحث تعزيز العلاقات الثنائية بين الشعبين الجارين، والعلاقة التي فرضها التاريخ، وعززتها الجغرافيا والثقافة والتجارة.

رئيس مجلس النواب الإيطالي لورينزو فونتانا مستقبلاً صالح (مكتب صالح)

وخلال اللقاء، دافع صالح عن موقف مجلسه بشأن العملية الانتخابية المعطلة، وقال وفق بليحق إن جمود العملية السياسية «ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها المفوضية العليا للانتخابات»، مضيفاً أن مجلس النواب «قام بواجبه على الوجه الأمثل، وأصدر بالتشاور مع مجلس (الدولة) قانوني انتخاب الرئيس والبرلمان، وسلمهما للمفوضية، وكان عليها إجراء الاستحقاق».

كما تحدّث صالح عن «حاجة ليبيا إلى حكومة جديدة موحدة، مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية». وذكّر بمعاهدة الصداقة الموقعة بين برلماني البلدين في أغسطس (آب) 2008 بمدينة بنغازي، وقال إنها «بداية مرحلة جديدة من التعاون، ودور البرلمان الإيطالي السياسي والاقتصادي والتشريعي مهم لتفعيل وتطوير بنود المعاهدة».

في سياق ذلك، تطرّق صالح إلى ملف السجناء الليبيين في إيطاليا، وطالب رئيس مجلس النواب الإيطالي بالعفو عنهم أو التدخل، أو إرسالهم إلى ليبيا لتنفيذ ما تبقّى من عقوبتهم، مشيراً إلى «معاناة أسرهم وعدم قدرتهم على زيارتهم، ما يعد ضرورة بالنسبة للجانب الإنساني في هذه القضية».

يشار إلى أن إيطاليا اعتقلت 5 رياضيين ليبيين في 2015 بتهمة الهجرة غير النظامية.

ونقل مكتب صالح أن رئيس البرلماني الإيطالي وعده «ببذل مساعيه لتحقيق هذه الرغبة»، كما طالب بدعوة النائب العام الليبي للتفاهم والتشاور في أمور المساجين الليبيين بإيطاليا، وتمت الموافقة على طلبه.

لقاء صالح نظيره الإيطالي ناقش ملف الهجرة غير النظامية المنطلقة من ليبيا (الشرق الأوسط)

كما بحث اللقاء عدداً من الملفات المهمة، من بينها الهجرة غير النظامية، التي أرجع صالح أسبابها إلى «الجوع والفقر والعوز والنزاعات وعدم الاستقرار»، وقال إن الناس «يموتون غرقاً في البحر وعطشاً في الصحراء، والحل في وجود تنمية ببلدانهم»، موضحاً أن ليبيا «لم تكن مصدرة للهجرة، بل بلد عبور»، مؤكداً في السياق توجيه تعليماته للجهات المعنية في ليبيا بالتعاون مع السلطات الإيطالية لمكافحة الهجرة.

صالح اتفق مع بالقاسم حفتر على زيارة الأخير إلى روما لمشاركة إيطاليا في عملية الإعمار الحاصلة في ليبيا (أ.ف.ب)

وبشأن «إعادة الإعمار»، قال مكتب صالح إنه تحدّث عن أهمية التواصل مع «مدير عام صندوق التنمية وإعادة الإعمار»، بالقاسم حفتر؛ وجرى الاتفاق على زيارته إلى روما لمشاركة إيطاليا في عملية الإعمار الحاصلة في ليبيا.

ونقل مكتب صالح، عن رئيس مجلس النواب الإيطالي، تثمينه دور مجلس النواب الليبي في «تعزيز الاستقرار ونبذ الانقسام، وحلحلة الأزمة الليبية عبر إصدار القوانين، التي تنظم الدولة الليبية»، مع تأكيده «ضرورة وجود حكومة موحدة في ليبيا».

في سياق قريب، ألقى ملف المهاجرين بنفسه على لقاء رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، يوسف العقوري، مع مسؤولين من إدارة شمال أفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإيطالية أندريا كولمبو، وإيغوني كارلوسي، وجيوفاني بايسي.

ووفق البرلمان، قال العقوري خلال اللقاء، الذي جاء على هامش مشاركته في منتدى البحر المتوسط المنعقد في العاصمة الإيطالية، إن ليبيا «لا يمكن أن تتحمل معالجة أزمة الهجرة نيابة عن دول المنطقة، خصوصاً الاتحاد الأوروبي. الأزمة تتطلب تحركاً دولياً عاجلاً»، موضحاً أن بلده «استقبل النازحين من دولة السودان بوصفهم أشقاء على الأراضي الليبية، وقدم لهم الخدمات كالتعليم والعمل».

الدبيبة يزور الطرابلسي بعد سقوطه من أعلى صهوة جواده (حكومة الوحدة)

في شأن مختلف، زار عبد الحميد الدبيبة، رئيس «حكومة الوحدة»، وزير داخليته المكلف عماد الطرابلسي، للاطمئنان على حالته الصحية، بعد سقوطه عن صهوة جواده، أثناء مشاركته في فعاليات المهرجان السنوي للفروسية الشعبية، الذي نُظم في نادي «الفروسية» بطريق المطار.

وفي استباق لزيارة صالح إلى روما، التقى وزير النفط والغاز المكلف بـ«حكومة الوحدة»، خليفة عبد الصادق، في العاصمة الإيطالية نظيره وزير الطاقة جيلبرتو بيكيتو فراتين، وتباحثا بشأن تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والطاقات المتجددة.

وأوضح المكتب الإعلامي للوزارة الليبية أن اللقاء تناول سبل التعاون في مجالات التدريب، والأبحاث العلمية لتعزيز القدرات المحلية في مجال الطاقة.

وأكد الجانبان أهمية تشجيع الشركات الإيطالية على الاستثمار في قطاع الخدمات النفطية، والطاقة المتجددة في ليبيا للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي عودة للتوتر بمدينة الزاوية، التي تنشط فيها مجموعات من الميليشيات، رصد شهود عيان وقوع اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مهربين للوقود والبشر، بقصد السيطرة وتوسيع النفوذ.

وتحدّث الشهود عن عمليات إطلاق نار كثيف من مقر جهاز مكافحة التهديدات الأمنية، في أعقاب استهداف سيارة أحد عناصره، مشيرين إلى أن الأحداث ازدادت توتراً، بعد ورود أنباء عن اغتيال أحمد لابح، أحد المُقربين من محمد بحرون الشهير بـ«الفار»، إثر استهدافه بوابل من الرصاص على يد مجموعة مسلحة في الحرشة. كما شهدت منطقتي الحرشة والصابرية تحشيدات لميليشيات مسلحة.