السودان: طرفا الحرب يوافقان على توفير ممرين آمنين للمساعدات

نازحون سودانيون من بلدة سنجة يصطفون في طوابير للحصول على حصص غذائية في مخيمهم المؤقت في مدينة القضارف بشرق السودان (أ.ف.ب)
نازحون سودانيون من بلدة سنجة يصطفون في طوابير للحصول على حصص غذائية في مخيمهم المؤقت في مدينة القضارف بشرق السودان (أ.ف.ب)
TT

السودان: طرفا الحرب يوافقان على توفير ممرين آمنين للمساعدات

نازحون سودانيون من بلدة سنجة يصطفون في طوابير للحصول على حصص غذائية في مخيمهم المؤقت في مدينة القضارف بشرق السودان (أ.ف.ب)
نازحون سودانيون من بلدة سنجة يصطفون في طوابير للحصول على حصص غذائية في مخيمهم المؤقت في مدينة القضارف بشرق السودان (أ.ف.ب)

وافق الجيش وقوات الدعم السريع في السودان على توفير ممرين آمنين للمساعدات الإنسانية للتخفيف من تداعيات الحرب الدائرة بينهما منذ نحو عام ونصف عام، وذلك في بيان ختامي صدر الجمعة بعد مباحثات في سويسرا، بحسب ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكدت دول الوساطة في البيان أنها استحصلت «على ضمانات من طرفي النزاع لتوفير نفاذ آمن ودون عراقيل عبر شريانين رئيسيين، هما الحدود الغربية عبر معبر أدري في (إقليم) دارفور، وطريق الدبة التي تتيح الوصول إلى الشمال والغرب من بورتسودان».

وشددت الدول على أن «الغذاء والجوع لا يمكن استخدامهما كسلاح في الحرب».

واندلعت المعارك منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.

واتسع نطاق الحرب لتطول مناطق واسعة من البلاد، وتتسبب في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.

وبدأت المباحثات الأسبوع الماضي في جنيف برعاية الولايات المتحدة والسعودية وسويسرا، وحضرها ممثلون لقوات الدعم السريع، بينما غاب عنها الجيش واكتفى الوسطاء بالتواصل مع ممثليه عبر الهاتف. وهدفت المباحثات التي حضرها خبراء وأفراد من المجتمع المدني، إلى تحقيق وقف للقتال وضمان إيصال المساعدات الإنسانية وتطبيق تفاهمات يوافق عليها الطرفان.

وسبق لطرفي النزاع أن أجريا سلسلة جولات من المباحثات، خصوصاً في مدينة جدة، من دون التمكن من تحقيق خرق جدي أو الاتفاق على وقف مستدام للنار.

وفي نهاية يوليو (تموز)، دعتهما واشنطن إلى جولة جديدة من المفاوضات في سويسرا أملاً في وضع حدّ للحرب المدمّرة.

وفي حين قبلت قوات الدعم السريع الدعوة، أبدت السلطات بقيادة البرهان تحفّظها على آليتها وعبرت عن اختلافها مع واشنطن في شأن المشاركين.

وأوقعت الحرب عشرات آلاف القتلى وأدت إلى أزمة إنسانية كبرى، وفق الأمم المتحدة التي، على غرار منظمات غير حكومية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، تندّد بعوائق توضع أمام العمل الإنساني.

وأرغم النزاع أكثر من خمس السكان على النزوح، بينما يواجه نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان السودان «انعدام الأمن الغذائي الحاد»، وفق ما أفاد تقرير مدعوم من الأمم المتحدة في يونيو (حزيران).

دفعت الحرب بمخيم زمزم للنازحين قرب مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور بغرب البلاد إلى المجاعة.

وأكد البيان الختامي للمباحثات أن «شاحنات المساعدات هي في طريقها لتأمين مساعدات لمواجهة الجوع في مخيم زمزم وأجزاء أخرى من دارفور»، مشدداً على ضرورة أن «تبقى الطرق مفتوحة وآمنة لنتمكن من إدخال المساعدات إلى دارفور ونبدأ بتحويل مجرى الأمور ضد المجاعة».

وشدد الوسطاء في بيانهم على مواصلة «تحقيق تقدم» بغرض فتح ممر آمن ثالث للمساعدات عبر سنّار بجنوب شرقي البلاد.


مقالات ذات صلة

«شركاء جنيف»: غياب الجيش السوداني أعاق محاولات وقف النار

شمال افريقيا المبعوث الأميركي توم بيريللو (وسط) مع ممثلين للدول والمنظمات المشاركة في محادثات جنيف خلال مؤتمر صحافي في ختام الجلسات (إ.ب.أ)

«شركاء جنيف»: غياب الجيش السوداني أعاق محاولات وقف النار

عبّر الشركاء الدوليون في محادثات جنيف لمناقشة الوضع في السودان، عن أسفهم لغياب وفد الجيش السوداني عن المحادثات، ما أعاق محاولات وقف النار.

شمال افريقيا رجل يقوم بتطهير مركز عزل ريفي حيث يتم علاج المرضى من الكوليرا في ود الحليو بولاية كسلا في شرق السودان (أ.ف.ب)

الكوليرا تقتل وتصيب المئات في عدد من ولايات السودان

ضرب وباء الكوليرا مناطق واسعة من السودان، لا سيما مناطق الشرق، وأعلنت السلطات الصحية ارتفاع الإصابات إلى 500 حالة ووفاة أكثر من 27.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا متطوعون يحملون وجبات غذائية لمخيم نازحين في القضارف شرق السودان في 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«الصليب الأحمر»: الوضع الإنساني في السودان «مأساوي» لا يحتمل التأخير

قال المتحدث باسم الصليب الأحمر في السودان، إن الوضع الإنساني في السودان بات «مأساوياً للغاية»، وإن ملايين النازحين يجدون صعوبة في إيجاد المأوى والغذاء والمياه.

وجدان طلحة (بورتسودان)
العالم العربي مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو 2024 (الخارجية المصرية)

اتهامات سودانية - أميركية متبادلة بشأن إلغاء اجتماع القاهرة

تبادلت الحكومة السودانية الاتهامات مع المبعوث الأميركي للسودان توم بيريللو، بشأن تحمل مسؤولية إلغاء «اجتماع القاهرة» التشاوري، الذي كان مقرراً الثلاثاء الماضي.

أحمد إمبابي (القاهرة) محمد أمين ياسين (نيروبي)
المشرق العربي صورة أرشيفية تظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم في 18 يونيو 2019 (رويترز)

الجيش السوداني يعلن عن هجوم استباقي ضد «الدعم السريع» في الخرطوم

لليوم الثاني على التوالي، واصل كل من الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» تبادل القصف الكثيف كل في مناطق سيطرة الآخر، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين.

أحمد يونس (كمبالا)

مصر: هل تُسهم زيادة الحوافز المادية للمعلمين في مواجهة «الدروس الخصوصية»؟

وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف خلال إحدى جولاته بالمدراس (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف خلال إحدى جولاته بالمدراس (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: هل تُسهم زيادة الحوافز المادية للمعلمين في مواجهة «الدروس الخصوصية»؟

وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف خلال إحدى جولاته بالمدراس (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف خلال إحدى جولاته بالمدراس (وزارة التربية والتعليم)

أثار قرار الحكومة المصرية بزيادة الحوافر المادية للمعلمين بالمدارس من بداية العام الدراسي الجديد، الذي ينطلق الشهر المقبل، تساؤلات حول مدى تأثير هذه الحوافز في مجابهة «الدروس الخصوصية» بمصر، وسط تحركات من وزارة التربية والتعليم لـ«إعادة الانضباط إلى المدارس».

وتضمن قرار الحكومة زيادة قيمة الحصة للمعلمين، سواء كانوا من العاملين الرسميين أو المتعاقدين للتدريس بالحصة، لتكون 50 جنيهاً (الدولار الأميركي يساوي 48.78 في البنوك المصرية) بدلاً من 20 جنيهاً، مع احتساب الحصص الزائدة عن النصاب الأسبوعي للمعلم المُعين بالقيمة نفسها، مما سيتيح لبعض المعلمين «فرصة الحصول على زيادة في الرواتب».

وترى عضو لجنة «التعليم» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة جيهان البيومي، قرار الحكومة «خطوة أولى مهمة لتحسين دخل المعلمين، سواء من المعينين أو الذين يباشرون عملهم وفق نظام الأجر بالحصة»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك التزاماً حكومياً بتحسين جودة العملية التعليمية وإعادة الانضباط إلى المدارس المصرية».

ورغم تطلع جيهان البيومي إلى زيادة قيمة الأجر بالنسبة للحصة للمعلمين لتحفيزهم؛ فإنها أكدت «ضرورة متابعة الآباء لأبنائهم في المدارس، والتأكد من قيام المعلمين بشرح المناهج الدراسية بشكل كامل»، لافتة إلى أن «الدور المجتمعي لإنجاح عودة الانتظام بالمدارس والقضاء على الدروس الخصوصية مهم للغاية».

لكن الخبيرة التربوية في مصر، الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، وصفت نسبة الزيادة في أجر الحصة للمعلمين بـ«الهزيلة»، مشيرة إلى وجود مطالب سابقة بزيادتها لتصل إلى 150 جنيهاً منذ أكثر من عامين، بينما الآن يفترض أن تتضاعف عن القيمة التي كانت مقترحة بسبب معدلات التضخم وزيادة الأسعار.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «قبول المعلم، الذي يعمل بالحصة بهذا الأجر في مقابل أجور أعلى بكثير بـ(مراكز الدروس الخصوصية) سينعكس على قدرته في توصيل المعلومات للطلاب، أو سيلجأ للمدرسة من أجل جذب مزيد من الطلاب لإعطاء دروس خصوصية».

تعول «التعليم المصرية» على القرارات الجديدة لانتظام الدراسة داخل المدارس (وزارة التربية والتعليم)

وشهدت الأيام الماضية ملاحقات لعدد من «مراكز الدروس الخصوصية» التي بدأت عملها منذ مطلع الشهر الحالي، مما أدى إلى إغلاق بعضها، وتوقف البعض الآخر عن العمل، في وقت يترقب فيه معلمو المرحلة الثانوية (قبل الجامعية) التعديلات التي ستدخل على المناهج الدراسية خلال العام الجديد بالحذف والإضافة، بعدما قلصت وزارة التعليم المواد المضافة للمجموع الكلي في الصف الثالث الثانوي.

وبحسب مصدر في «التربية والتعليم»، فإن الوزارة ستبدأ مجموعات تقوية بالمدارس مع بداية العام الدراسي، وهذه المجموعات ستسمح للمعلمين بالحصول على أجر إضافي مقابل التدريس فيها بعدّ الأمر أحد عوامل جذب المعلمين للتدريس في المدرسة، مشيراً إلى أن التجربة التي طبقت في وقت سابق وواجهت عقبات «سيتم العمل على حلها عبر تصور متكامل يجري تنفيذه برقابة مشددة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الآليات التنفيذية لمجموعات التقوية الدراسية بالمدارس ستعلن في الأسابيع المقبلة، وستكون هناك فرصة لجميع الطلاب للالتحاق بها بما «يخدم العملية التعليمية ويشجع الطلاب على عدم الالتحاق بالدروس الخصوصية خارج المدارس».

جانب من مراجعات نهائية لطلاب مصريين داخل إحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم)

وهنا أشارت عضو لجنة «التعليم» إلى ضرورة الدعم المجتمعي للإجراءات الحكومية في مواجهة الدروس الخصوصية، بما سيخفف العبء المالي على أولياء الأمور، معربة عن أملها في «مساندة الأسر لهذه التحركات ودعمها والتوقف عن إلحاق أبنائهم بالدروس الخصوصية».

وهو الأمر الذي شككت الخبيرة التربوية في نجاحه عند التطبيق على أرض الواقع. وأرجعت عدم تفاؤلها لكونه متكرراً منذ سنوات طويلة، وتحديداً منذ عام 1997 الذي شهد «تجريم الدروس الخصوصية وملاحقة المعلمين»، لافتة إلى أن الأمر سيستمر طالما أن «المعلمين يشعرون بعدم حصولهم على الأجر الذي يستحقونه، خصوصاً مع التفاوت الكبير بين الأجور في المدارس و(مراكز الدروس الخصوصية)».