«الصليب الأحمر»: الوضع الإنساني في السودان «مأساوي» لا يحتمل التأخير

المتحدث باسمه دعا الأطراف المتحاربة لتسهيل الوصول الآمن للمساعدات

متطوعون يحملون وجبات غذائية لمخيم نازحين في القضارف شرق السودان في 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
متطوعون يحملون وجبات غذائية لمخيم نازحين في القضارف شرق السودان في 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

«الصليب الأحمر»: الوضع الإنساني في السودان «مأساوي» لا يحتمل التأخير

متطوعون يحملون وجبات غذائية لمخيم نازحين في القضارف شرق السودان في 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
متطوعون يحملون وجبات غذائية لمخيم نازحين في القضارف شرق السودان في 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، عدنان حزام، إن الوضع الإنساني في السودان بات «مأساوياً للغاية»، وإن ملايين النازحين الذين أُجبروا على الفرار من منازلهم نتيجة لتوسع القتال في مناطق كثيرة يعيشون ظروفاً صعبة في إيجاد المأوى والحصول على الغذاء ومياه الشرب.

وأضاف في مقابلة مع «الشرق الأوسط» أن المناطق الأكثر تضرراً هي التي تشهد قتالاً، مشيراً إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تشدد دائماً على حماية المدنيين في مناطق الصراع، وكذلك المنشآت المدنية من أي استهداف؛ لتأثيرها على حصول المدنيين على الخدمات الأساسية.

وأدت الحرب التي اندلعت بين القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي، إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، ونزوح نحو 12 مليون شخص، ويعد ذلك من أكبر موجات النزوح في العالم.

وذكر حزام أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تحاول من خلال عملها مع الهلال الأحمر السوداني، تخفيف المعاناة قدر المستطاع عندما تتمكن من الوصول الآمن إلى الأشخاص الأكثر تأثراً بالصراع في المناطق المتضررة.

الاحتياجات كبيرة

وقال: «خلال العام الماضي قدمنا مساعدات إنسانية وإغاثية لأكثر من مليوني سوداني، ونعمل على تخفيف المعاناة لمئات الآلاف من الأسر النازحة، لكن الاحتياجات كبيرة ومهولة جداً مقارنة بما يمكن أن تقوم به اللجنة أو المنظمات الأخرى، مع تحديات الوصول الآمن لمناطق النزاع».

وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تتواصل مع أطراف الحرب بهدف تسهيل عملها والوصول الآمن لتقديم الخدمات الإنسانية، و«نأمل أن نجد تعاوناً أكبر في هذا الجانب؛ لأن الواقع الحالي في السودان لا يحتمل أي تأخير في تقديم التسهيلات لإيصال المساعدات للمحتاجين».

متطوعون يحملون وجبات غذائية لمخيم نازحين في القضارف شرق السودان في 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

وشدد حزام على أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر موقفها واضح مما يجري في السودان، وتعمل بمنتهى الحيادية وعدم التحيز والاستقلالية الكاملة، وترتكز في عملها على هذه المبادئ لتسهيل الوصول إلى ضحايا النزاعات وتقديم العون والتخفيف من معاناتهم، مضيفاً: «نأمل أن يكون هناك تفهم من الجميع لطبيعة العمل الإنساني».

وقال: «نتحدث مع جميع الأطراف دون استثناء للحصول على الوصول الآمن وكذلك القبول بعملنا في السودان، وخلال الفترة الماضية تمكنت اللجنة الدولية من تقديم مساعدات في حالات كثيرة وطارئة للتخفيف من الأزمة الإنسانية، وندعوهم إلى مزيد من التعاون».

دعوة الأطراف المتحاربة للتعاون

وحضّ حزام الأطراف المتحاربة على تسهيل عمليات الوصول الإنساني؛ لأن ذلك يساعد في الاستجابة السريعة وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية في المناطق المتضررة من النزاع، والوقوف إلى جانب الشعب السوداني في هذه الحرب .

وأشار إلى أن الحكومة السودانية وافقت الأسبوع الماضي على فتح معبر «أدري» الحدودي مع دولة تشاد لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالحرب في إقليم دارفور (غرب البلاد).

ووصف حزام الوضع الصحي بأنه يضاعف من مأساوية المشهد الإنساني في السودان، كاشفاً عن تأثر أكثر من 70 في المائة من هذا القطاع؛ إذ إن معظم المنشآت الصحية متوقفة عن العمل، ويقوم العاملون بقدر المستطاع بدورهم الصحي في تقديم الخدمات في المراكز التي لا تزال تعمل، لكن للأسف «هنالك شح في الموارد والإمكانات والكادر الطبي».

مرضى بمستشفى مؤقت تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في أدري بتشاد على الحدود مع السودان 6 سبتمبر 2023 (رويترز)

وقال حزام إن اللجنة الدولية دفعت بمساعدات لعشرات المستشفيات في مختلف مناطق البلاد، وعلى وجه الخصوص القريبة من خطوط النار، لمساعدة الناس والتخفيف عنهم والاستجابة الطبية لهم.

احترام القانون الإنساني

من جهة أخرى، نوّه حزام إلى أن الصليب الأحمر عمل منذ اندلاع الحرب في السودان على تسهيل إطلاق سراح مئات المحتجزين في مناطق النزاعات، من بينهم الكثير من الأطفال القصر، مبدياً ترحيبه بأي مبادرة من أي طرف بهذه الخصوص؛ لأنها تساهم في تخفيف معاناة الأسر التي فقدت أفراداً، سواء كانوا من المحتجزين أو المفقودين.

ودعا حزام جميع الأطراف المتقاتلة إلى احترام القانون الدولي الإنساني وعدم استهداف المدنيين أو المنشآت المدنية، منبهاً إلى أن المشهد الإنساني في السودان الآن «مأساوي وسوداوي» وهناك الكثير من التداعيات التي خلقها هذا النزاع.

ووفقاً لأحدث تقارير وكالات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 25.6 مليون شخص في السودان، أي ما يقارب نصف السكان، في حاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 755 ألفاً في خطر المجاعة الحاد.


مقالات ذات صلة

حكومة موازية لـ«الدعم السريع» في الخرطوم

شمال افريقيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

حكومة موازية لـ«الدعم السريع» في الخرطوم

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيلَ إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد 19 شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيل إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد تسعة عشر شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

صحيفة سودانية: «الدعم السريع» تشكل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم

أفادت صحيفة «سودان تريبيون»، اليوم (الجمعة)، بأن «قوات الدعم السريع» أعلنت تشكيل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (رويترز)

وزير خارجية فرنسا: الأزمة الإنسانية في السودان الأكبر في زمننا

وزير الخارجية الفرنسي: «الأزمة الإنسانية في السودان تعد الأكبر في زمننا، والتدخلات الخارجية في الحرب الدائرة يجب أن تتوقف».

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا سودانيون فروا من العنف المتصاعد بولاية الجزيرة يستريحون في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

«الخارجية الفرنسية» تحث طرفي الحرب في السودان على وقف القتال

حثّ وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الذي زار مخيمات لاجئين سودانيين في تشاد، الخميس، طرفي النزاع بالسودان على وقف الأعمال القتالية والدخول في مفاوضات.

«الشرق الأوسط» (أدري (تشاد))

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
TT

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

أثار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، خلال لقائه نظيره الإيطالي لورينزو فونتانا، في روما، أزمة بلاده السياسية، وتحدّث عن حاجتها إلى «حكومة موحدة» لإجراء الانتخابات المعطلة، كما دافع عن مجلسه في سن القوانين اللازمة لهذا الاستحقاق. وجاء ذلك فيما شهدت مدينة الزاوية (غرب) اشتباكات مسلحة بين مجموعات من مهربي الوقود والمهاجرين غير النظاميين.

وبدأ صالح زيارة إلى روما، مساء الخميس، بحث خلالها مع نظيره الإيطالي الأزمة السياسية وعدداً من الملفات، من بينها الهجرة غير النظامية، و«إعادة الإعمار»، إضافة إلى مناقشة أزمة المسجونين الليبيين في إيطاليا.

وقال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبد الله بليحق، إن زيارة صالح إلى روما جاءت بناءً على دعوة رسمية من مجلس النواب الإيطالي، مشيراً إلى أن اللقاء، الذي حضره السفير الليبي في روما مهند يونس، تناول بحث تعزيز العلاقات الثنائية بين الشعبين الجارين، والعلاقة التي فرضها التاريخ، وعززتها الجغرافيا والثقافة والتجارة.

رئيس مجلس النواب الإيطالي لورينزو فونتانا مستقبلاً صالح (مكتب صالح)

وخلال اللقاء، دافع صالح عن موقف مجلسه بشأن العملية الانتخابية المعطلة، وقال وفق بليحق إن جمود العملية السياسية «ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها المفوضية العليا للانتخابات»، مضيفاً أن مجلس النواب «قام بواجبه على الوجه الأمثل، وأصدر بالتشاور مع مجلس (الدولة) قانوني انتخاب الرئيس والبرلمان، وسلمهما للمفوضية، وكان عليها إجراء الاستحقاق».

كما تحدّث صالح عن «حاجة ليبيا إلى حكومة جديدة موحدة، مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية». وذكّر بمعاهدة الصداقة الموقعة بين برلماني البلدين في أغسطس (آب) 2008 بمدينة بنغازي، وقال إنها «بداية مرحلة جديدة من التعاون، ودور البرلمان الإيطالي السياسي والاقتصادي والتشريعي مهم لتفعيل وتطوير بنود المعاهدة».

في سياق ذلك، تطرّق صالح إلى ملف السجناء الليبيين في إيطاليا، وطالب رئيس مجلس النواب الإيطالي بالعفو عنهم أو التدخل، أو إرسالهم إلى ليبيا لتنفيذ ما تبقّى من عقوبتهم، مشيراً إلى «معاناة أسرهم وعدم قدرتهم على زيارتهم، ما يعد ضرورة بالنسبة للجانب الإنساني في هذه القضية».

يشار إلى أن إيطاليا اعتقلت 5 رياضيين ليبيين في 2015 بتهمة الهجرة غير النظامية.

ونقل مكتب صالح أن رئيس البرلماني الإيطالي وعده «ببذل مساعيه لتحقيق هذه الرغبة»، كما طالب بدعوة النائب العام الليبي للتفاهم والتشاور في أمور المساجين الليبيين بإيطاليا، وتمت الموافقة على طلبه.

لقاء صالح نظيره الإيطالي ناقش ملف الهجرة غير النظامية المنطلقة من ليبيا (الشرق الأوسط)

كما بحث اللقاء عدداً من الملفات المهمة، من بينها الهجرة غير النظامية، التي أرجع صالح أسبابها إلى «الجوع والفقر والعوز والنزاعات وعدم الاستقرار»، وقال إن الناس «يموتون غرقاً في البحر وعطشاً في الصحراء، والحل في وجود تنمية ببلدانهم»، موضحاً أن ليبيا «لم تكن مصدرة للهجرة، بل بلد عبور»، مؤكداً في السياق توجيه تعليماته للجهات المعنية في ليبيا بالتعاون مع السلطات الإيطالية لمكافحة الهجرة.

صالح اتفق مع بالقاسم حفتر على زيارة الأخير إلى روما لمشاركة إيطاليا في عملية الإعمار الحاصلة في ليبيا (أ.ف.ب)

وبشأن «إعادة الإعمار»، قال مكتب صالح إنه تحدّث عن أهمية التواصل مع «مدير عام صندوق التنمية وإعادة الإعمار»، بالقاسم حفتر؛ وجرى الاتفاق على زيارته إلى روما لمشاركة إيطاليا في عملية الإعمار الحاصلة في ليبيا.

ونقل مكتب صالح، عن رئيس مجلس النواب الإيطالي، تثمينه دور مجلس النواب الليبي في «تعزيز الاستقرار ونبذ الانقسام، وحلحلة الأزمة الليبية عبر إصدار القوانين، التي تنظم الدولة الليبية»، مع تأكيده «ضرورة وجود حكومة موحدة في ليبيا».

في سياق قريب، ألقى ملف المهاجرين بنفسه على لقاء رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، يوسف العقوري، مع مسؤولين من إدارة شمال أفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإيطالية أندريا كولمبو، وإيغوني كارلوسي، وجيوفاني بايسي.

ووفق البرلمان، قال العقوري خلال اللقاء، الذي جاء على هامش مشاركته في منتدى البحر المتوسط المنعقد في العاصمة الإيطالية، إن ليبيا «لا يمكن أن تتحمل معالجة أزمة الهجرة نيابة عن دول المنطقة، خصوصاً الاتحاد الأوروبي. الأزمة تتطلب تحركاً دولياً عاجلاً»، موضحاً أن بلده «استقبل النازحين من دولة السودان بوصفهم أشقاء على الأراضي الليبية، وقدم لهم الخدمات كالتعليم والعمل».

الدبيبة يزور الطرابلسي بعد سقوطه من أعلى صهوة جواده (حكومة الوحدة)

في شأن مختلف، زار عبد الحميد الدبيبة، رئيس «حكومة الوحدة»، وزير داخليته المكلف عماد الطرابلسي، للاطمئنان على حالته الصحية، بعد سقوطه عن صهوة جواده، أثناء مشاركته في فعاليات المهرجان السنوي للفروسية الشعبية، الذي نُظم في نادي «الفروسية» بطريق المطار.

وفي استباق لزيارة صالح إلى روما، التقى وزير النفط والغاز المكلف بـ«حكومة الوحدة»، خليفة عبد الصادق، في العاصمة الإيطالية نظيره وزير الطاقة جيلبرتو بيكيتو فراتين، وتباحثا بشأن تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والطاقات المتجددة.

وأوضح المكتب الإعلامي للوزارة الليبية أن اللقاء تناول سبل التعاون في مجالات التدريب، والأبحاث العلمية لتعزيز القدرات المحلية في مجال الطاقة.

وأكد الجانبان أهمية تشجيع الشركات الإيطالية على الاستثمار في قطاع الخدمات النفطية، والطاقة المتجددة في ليبيا للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي عودة للتوتر بمدينة الزاوية، التي تنشط فيها مجموعات من الميليشيات، رصد شهود عيان وقوع اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مهربين للوقود والبشر، بقصد السيطرة وتوسيع النفوذ.

وتحدّث الشهود عن عمليات إطلاق نار كثيف من مقر جهاز مكافحة التهديدات الأمنية، في أعقاب استهداف سيارة أحد عناصره، مشيرين إلى أن الأحداث ازدادت توتراً، بعد ورود أنباء عن اغتيال أحمد لابح، أحد المُقربين من محمد بحرون الشهير بـ«الفار»، إثر استهدافه بوابل من الرصاص على يد مجموعة مسلحة في الحرشة. كما شهدت منطقتي الحرشة والصابرية تحشيدات لميليشيات مسلحة.