​وزير الصحة السوداني: لا إحصاءات دقيقة لعدد ضحايا الحرب

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف الدوائي بالبلاد في تحسن

وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم (الشرق الأوسط)
وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم (الشرق الأوسط)
TT

​وزير الصحة السوداني: لا إحصاءات دقيقة لعدد ضحايا الحرب

وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم (الشرق الأوسط)
وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم (الشرق الأوسط)

قال وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، إن كل الإحصاءات عن ضحايا الحرب هي «أرقام تقديرية، ولا نملك معلومات حقيقية بالتفصيل»، مضيفاً أنه «لا توجد آلية دقيقة لمعرفة أعداد القتلى من العسكريين أو المدنيين في ظل انتشار واسع لميليشيا (الدعم السريع، وإطلاقها الرصاص الحي ضد المدنيين في المناطق التي استولت عليها».

وذكر في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، أن وزارة الصحة الاتحادية «معنية فقط بحصر حالات الوفيات والإصابات التي تصل إلى المستشفيات، وهذه الأعداد قليلة جداً مقارنةً بعدد الضحايا خارج القطاع الصحي».

استهداف المستشفيات بالفاشر أسهم في تردي الحالة الصحية بالمدينة (موقع أطباء بلا حدود)

وفي مايو (أيار) الماضي أعلنت «نقابة أطباء السودان» أن ما لا يقل عن 30 ألف شخص قتلوا، وأصيب أكثر من 70 ألفاً في الحرب المستمرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، منذ أبريل (نيسان) العام الماضي، وتوقعت أن يكون الرقم الحقيقي للضحايا «أكبر بكثير».

ولم يصدر عن وزارة الصحة لما يقارب العام، أي بيانات توضح إجمالي الوفيات والإصابات بسبب تعرض أكثر من 80 في المائة من المستشفيات والمرافق الطبية في البلاد للدمار جراء الاشتباكات بين طرفي الحرب.

وتشير آخر إحصائية صادرة عن وكالات الأمم المتحدة، في يوليو (تموز) الماضي، إلى مقتل أكثر من 18 ألفاً و800 شخص وإصابة أكثر من 33 ألفاً آخرين.

ووفق الوزير، قتل 55 من الكوادر الطبية أثناء تأدية واجبهم.

وأضاف أن «هنالك تحسناً كبيراً جداً في الموقف الدوائي في السودان، بعد فترة الحرب الأولى التي تعرضت فيها الإمدادات الرئيسية والفروع وكثير من المصانع وشركات الدواء الخاصة في العاصمة الخرطوم للنهب والسرقة».

سودانية داخل مستشفى بمنطقة جبال النوبة في السودان (أ.ف.ب)

وقال إن تخصيص وزارة المالية 6 مليارات جنيه سوداني شهرياً لقطاع الصحة في البلاد، أسهم بشكل كبير في الاستقرار الدوائي، كما فُتحت اعتمادات للشركات الخاصة لاستيراد الأدوية الأساسية لأمراض الكلى والأورام ومستلزمات الطوارئ الصحية.

وذكر، أنه تم «منح القطاع الخاص إجراءات تسهيلية، كان لها دور كبير في عودة الشركات وفتح الاستثمار داخل السودان، وزادت الاعتمادات للقطاع الخاص من 3 - 4 ملايين دولار شهرياً إلى 20 مليوناً في الأشهر الأخيرة».

وقال وزير الصحة السوداني: «من الصعب الحديث عن الوفرة الدوائية لكل الأصناف، لكن الوضع ممتاز للمحاليل الوريدية وأدوية الطوارئ والكلى، ونعمل على ألا تحدث فجوة في الأدوية الأساسية في الفترة المقبلة».

وأشار إلى «أن المستشفيات العامة في الولايات المستقرة في الشمال والشرق، وبعض مناطق أم درمان بالعاصمة الخرطوم التي تقع تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية يصلها الدواء بشكل منتظم عبر أفرع الإمدادات الطبية في تلك المناطق، لكن نواجه صعوبات في توزيع الإمداد الدوائي في بعض المناطق التي تسيطر عليها (قوات الدعم السريع) وعلى وجه الخصوص في إقليم دارفور (غرب البلاد) وبعض أجزاء من ولايات كردفان، وبعد اجتياح سنار نجد صعوبة أكبر في الوصول إلى ولايتي النيل الأبيض والأزرق في الجنوب الشرقي، ونجري ترتيبات لإيصالها جواً في الفترة المقبلة».

مستشفى عسكري في بورتسودان (نيويورك تايمز)

وقال الوزير: «نأمل أن يتم الترتيب لخطوط الإمداد إلى إقليمي دارفور وكردفان حتى لا تتعرض للنهب المتكرر من ميليشيات (الدعم السريع)».

ووصف الوضع في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بـ«المتأزم جداً» بسبب القتال والحصار المستمرين لأكثر من شهرين، مما أدى إلى خروج المستشفى الرئيسي عن الخدمة جراء تعرضه للقصف المدفعي من «الدعم السريع»، وكذلك خروج بقية المستشفيات الكبرى الأخرى.

وقال الوزير إن «الكوادر الصحية تؤدي أعمالها من مرافق صحية بديلة، ويتم حفر خنادق وغرف عمليات تحت الأرض، لتقديم الخدمة للمواطنين».

وأضاف: «استطعنا إيصال 50 طناً من الإمدادات الطبية إلى الفاشر عن طريق الإسقاط الجوي بالتنسيق مع القوات المسلحة».

وأشار وزير الصحة إلى أن «مستشفى الولادة» بمدينة أم درمان، ثاني أكبر مدن العاصمة الخرطوم، تعرض للقصف المباشر من «قوات الدعم السريع»، بعد إعادة افتتاحه، ما أحدث تخريباً في المبنى والأجهزة والمعدات الطبية.


مقالات ذات صلة

بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

تحليل إخباري محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

العنوان الأبرز لخطاب قائد «قوات الدعم السريع»، هو «الانتقال للحرب الشاملة، على عكس ما ذهب البعض لتفسيره بأنه إقرار بالهزيمة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مقر الأمم المتحدة في جنيف (متداولة)

«مجلس حقوق الإنسان» يمدد مهمة بعثة تقصي الحقائق في السودان

صوّت «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، لصالح تمديد مهمة بعثة تقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان، في ظل الحرب المتواصلة فيه.

شمال افريقيا أرشيفية لحميدتي (رويترز)

مصر تنفي اتهامات حميدتي بشن غارات على قواته

نفت مصر اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لها بشن ضربات جوية على قوات مجموعته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جنود سودانيون من وحدة «قوات الدعم السريع» (أ.ب)

الجيش السوداني يعلن «تطهير ولاية النيل الأزرق من التمرد»

أعلنت القوات المسلحة السودانية استعادة السيطرة على منطقة جريوة بولاية النيل الأزرق، التي كانت خاضعة لـ«قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا 
مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

500 قتيل خلال 4 أيام في السودان

أدانت أحزابٌ وقوى سياسية سودانية، أبرزها «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، القصف الجوي والمدفعي الذي سُجّل خلال الأيام الأربعة الماضية، وأدى إلى مقتل.

أحمد يونس (كمبالا)

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
TT

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

محادثات مكثفة بين حركتي «فتح» و«حماس» بالقاهرة على مدار يومين، ضمن مساعي الوصول إلى توافقات مشتركة في قضايا مرتبطة بالتطورات السياسية والميدانية بالمناطق الفلسطينية و«توحيد الصف الفلسطيني» وعدد من الترتيبات المتعلقة بالتطورات الراهنة في قطاع غزة.

ووفق مصدر فلسطيني، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، فإن تلك المحادثات «تسعى لقطع الطريق على إسرائيل لعرقلة أي ترتيبات مرتبطة باليوم التالي من (حرب غزة) التي تجاوزت العام، وتقليص (الفجوات المحتملة)».

وتعود شرارة تلك المحادثات لما قبل سؤال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، باسم نعيم، أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، عن الأنباء التي ترددت عن توافق «حماس» و«فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة القطاع والمعابر «مدنياً»، قبل أن يجيب نعيم بقوله: «غير صحيح»، لافتاً حينها إلى أنه سيتم اتخاذ قرار بهذا الشأن خلال لقاء بين الحركتين، في إشارة إلى أن الاجتماع سيتناول ترتيبات خاصة بإدارة القطاع والجانب الفلسطيني من معبر رفح، الذي كانت تسيطر عليه «حماس» قبل الحرب، قبل أن تحتله إسرائيل في مايو (أيار) الماضي.

رد فعل فلسطينيين في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

وأعلنت حركة «فتح»، في بيان صحافي، قبل أسبوع، عن عقد اجتماع في القاهرة مع «حماس»، غير أنه لم يتم، دون تقديم الحركتين تفسيراً، ليلتئم بعدها، الثلاثاء، مع وصول وفود من الحركتين إلى القاهرة؛ لبحث «التوصل إلى المصالحة»، بحسب إعلام فلسطيني وإسرائيلي.

وشهدت محادثات اليوم الأول مناقشات تهدف إلى «ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في ظل الأوضاع الراهنة»، وبحث «آلية عمل اللجنة المعنية بإدارة المعابر وملفات الصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الأربعاء، عن مصادر مصرية، لم تسمّها.

وترأس وفد «حماس»، في اجتماع القاهرة، عضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية، بحسب بيان للحركة، الأربعاء، مشيرة إلى أن حركة «فتح» تشارك في الاجتماع برئاسة نائب رئيس الحركة، محمود العالول، بهدف «بحث العدوان على قطاع غزة والتطورات السياسية والميدانية وتوحيد الجهود والصف الوطني».

طفل جريح يتلقى العلاج في مستشفى ناصر بعد القصف الإسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وركّزت اجتماعات اليوم الأول بين «فتح» و«حماس» على «التطورات السياسية والميدانية بالمناطق الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني»، و«ناقشت عدداً من الترتيبات المتعلقة بالتطورات الراهنة»، وتم مدّ الاجتماعات ليوم ثانٍ، الخميس، بحسب ما ذكرته قناة «القاهرة الإخبارية»، وسط أنباء تناقلتها وسائل إعلام فلسطينية ومصرية، عن اتفاق بشأن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون غزة «حياتياً، وليس سياسياً»، ولا سيما إدارة معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني، وتوفير المستلزمات الحياتية من أدوية وتعليم وصحة وغذاء.

وبحسب معلومات القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، فإن الاجتماعات بين الحركتين بدأت ببحث لجنة مهنية لإدارة قطاع غزة، مستدركاً: «لكن (حماس) مُصرة ألا تكون لجنة، وأن تكون حكومة تكنوقراط مسؤولة عن القطاع والضفة».

كما تمت مناقشة إطار جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تقودها «فتح»، لبحث ضمّ حركات أخرى، وفق معلومات الرقب، الذي أشار إلى أن «هذه المحادثات لم تنضج وتصل لاتفاق بشكل قطعي، وسط محاولات لتفكيك أي تباينات».

وقال الرقب، لـ«الشرق الأوسط»، يفترض أن تلك المحادثات تسعى لقطع الطريق على إسرائيل لعرقلة أي ترتيبات مرتبطة باليوم التالي من حرب غزة، التي تجاوزت العام، وتقليص الفجوات المحتملة، موضحاً: «لكن التعنت الإسرائيلي سيبقى تهديداً محتملاً سيواجه مخرجات الاجتماع المصري، سواء بالاتفاق أو مزيد من المباحثات لتقريب وجهات النظر».

دخان ولهيب يتصاعدان من منزل أصيب بغارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (رويترز)

وتأتي الاجتماعات وسط جمود مفاوضات «هدنة غزة» منذ أسابيع، على خلفية تمسك رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بشروط، أبرزها عدم الانسحاب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح و«محور فيلادلفيا»، الحدودي مع مصر، ورفض بقاء «حماس» بالسلطة في اليوم التالي من انتهاء الحرب.

ولذا، فإن هذا التعنت الإسرائيلي، الذي عطّل مسار وقف الحرب لعام، سيحاول، مهما كانت اتفاقات القاهرة وقدرتها على تقليص أي فجوة محتملة، أن يضع عراقيل أمامها، بحسب الرقب، الذي أشار إلى أن «البيان الختامي سيضع النقاط فوق الحروف بشأن مستقبل مسار التسوية الداخلية، وقد تتبعه اجتماعات أخرى مستقبلية، تضم كل الفصائل، لتعظيم نقاط الخلاف والابتعاد عن أي خلافات».

وفي يوليو (تموز) الماضي، توصل 14 فصيلاً فلسطينياً، بما في ذلك حركتا «فتح» و«حماس»، إلى إعلان تاريخي للمصالحة الوطنية في بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية. وسبق أن وقّعت حركتا «حماس» و«فتح» اتفاق مصالحة في العاصمة المصرية، القاهرة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، ورحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس آنذاك به، ووصفه بـ«الاتفاق النهائي لإنهاء الانقسام الفلسطيني»؛ لكن لم يُترجم شيء من الاتفاق على أرض الواقع.

وكل هذه الاتفاقات السابقة يمكن البناء عليها، وفق أيمن الرقب، في توحيد الصف الفلسطيني، غير أنه يرى «أهمية أن يدعم المجتمع الدولي مسار تلك الاتفاقات، ويعززها حتى لا تعرقلها إسرائيل مجدداً».