تبَون يبدأ حملته الرئاسية بالهجوم على «دولة معروفة بعدائها للجزائر»

تعهد بمواصلة مكافحة الفساد إن فاز بولاية ثانية

عبد المجيد تبون (حملة الرئيس)
عبد المجيد تبون (حملة الرئيس)
TT

تبَون يبدأ حملته الرئاسية بالهجوم على «دولة معروفة بعدائها للجزائر»

عبد المجيد تبون (حملة الرئيس)
عبد المجيد تبون (حملة الرئيس)

اتهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، المرشح الرئاسي لانتخابات 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، دولة "معروفة بعدائها لنا" بأنها هي من "اتخذت قرار إشعال النيران في الجزائر صيف 2021، وفعلا احترقت الجزائر"، وكان يشير إلى حرائق مستعرة عاشتها محافظات القبائل، خلفت عشرات القتلى وخسائر كبيرة في المباني والماشية والحقوق والغطاء النباتي، الذي يميز هذه المنطقة الواقعة شرق العاصمة.

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الاوسط)

وأطلق تبون اتهامه، الخميس، في فيديو بثته إدارة حملته الانتخابية في الإذاعة والتلفزيون العموميين، بمناسبة أول يوم من فترة الدعاية لاستحقاق الرئاسة، لكن من دون تسمية الدولة التي "تعادي" بلاده. وقال بهذا الخصوص: "اشتعلت آلاف الحرائق في وقت واحد سنة 2021، وكانت بفعل فاعل". مؤكدا أن "قرار إحراق الجزائر اتخذ شهرين قبل تنفيذ هذا الفعل". وأضاف:"لم نتخل عن ضحايا هذه الحرائق. ففي أقل من شهر دفعت الدولة تعويضات لكل المتضررين، وتكفلت بعلاج المصابين ونقلت بعضهم إلى مستشفيات بالخارج".

الرئيس تبون مع متوجين بميداليات أولمبياد باريس 2024 (الرئاسة)

ويشار إلى أن الحكومة اتهمت رسميا، ناشطين في التنظيم الانفصالي "حركة الحكم الذاتي في القبائل"، بالوقوف وراء الحرائق المستعرة في ذلك العام، وسجنت عددا كبيرا من الأشخاص إثر اتهامهم بقتل ثلاثيتي، والتنكيل بجثته في ساحة عامة ببلدة بالقبائل، لاعتقادهم أنه هو من أضرم النار فيها، ثم ثبت أنه بريء.

وظهر مع تبون في استديو الحملة، ثلاثة فتيان وثلاث فتيات، على سبيل التأكيد على الأهمية التي يوليها للشباب في تطوير البلاد، حيث عاد إلى الفترة التي تسلم فيها الحكم، بعد أن أجبر الحراك الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة على التنحي، عام 2019. وقال:"كان البلد في حالة يرثى لها في كل الميادين، والحمد لله أنني وفقت في الوفاء بكل تعهداتي (الانتخابية) وإن كان البعض منها لا يزال موضع تنفيذ". مشيرا إلى أن السياسة التي اتبعها في ولايته الأولى "أنقذت الوطن من الانهيار، فقد، كان الاقتصاد موجها بشكل كامل للاستيراد من الخارج، والتجارة كانت مبنية على تضخيم الفواتير".

المرشح عبد العالي حساني في أول يوم من حملة الانتخابات (حملة المرشح)

ويخوض الانتخابات، إلى جانب تبون، عبد العالي حساني رئيس "حركة مجتمع السلم"، ويوسف أوشيش السكرتير الأول لـ"جبهة القوى الاشتراكية" وهي أقدم حزب معارض.

وبحسب الرئيس المترشح، "كانت كل الأسباب متوفرة لوقوع انفجار (عام 2019) وكانت الوحدة الوطنية محل تهديد، والدولة انهارت في ذلك الوقت، فلا وجود لأي سلطة رادعة للمنكرات التي كانت سائدة"، ويقصد الفساد الذي استشرى في الدولة وحالة انفلات ميزت الحكم، لغياب بوتفليقة عن التسيير لسنوات طويلة بسبب المرض.

وتحدث تبون عن مصادرة العشرات من المؤسسات والمصانع، التي تعود لرجال أعمال ووجهاء في النظام، أخذوا قروضا بنكية حسبه، ولم يسددوها. علما أن 20 رجل أعمال وعددا كبيرا من المسؤولين الحكوميين، دانتهم المحاكم بالسجن، بناء على تهم "فساد"، يوجد من بينهم ثلاثة رؤساء حكومات. ووعد تبون بمزيد من الحملات ضد الفساد، إذا مكنه الناخبون من ولاية ثانية.

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية المعارضة (حملة المرشح)

وأطلق القضاء، حسب تبون، في السنوات الأخيرة، 285 إنابة قضائية موجهة لـ30 دولة، يعتقد أن بها ودائع وأرصدة مالية تعود لمسؤولين في الدولة، مصدرها مال عام. مؤكدا أن التحريات حول الفساد، أشارت إلى وجود 755 حسابا بنكيا في الخارج لمسؤولين محل شبهة فساد، مبرزا أن "الإجراءات التي اتخذناها لاستعادة الأموال المنهوبة، ثقيلة شيئا ما، ولكن كلنا أمل في أنها ستحقق الهدف".

وشدد تبون على أن الجزائر، استعادت في عهده "قوتها المالية، بعد أن فاقت فاتورة الاستيراد 60 مليار دولار عام 2019، في وقت كان فيه احتياطي العملة الصعبة لا يتعدى 47 مليار دولار". مبرزا أن "الجميع راهن يومها على اللجوء إلى صندوق النقد الدولي بغرض الاستدانة. والدين الخارجي كان سيكبلنا ويضعف مبدأنا بخصوص الدفاع عن القضايا العادلة، خصوصا القضية الفلسطينية، والمدان لا يمكن أن يكون سيد قراره".


مقالات ذات صلة

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
الولايات المتحدة​ امرأة وزوجها وسط أنقاض منزلهما الذي أتى عليه الحريق في كاماريللو (أ.ب)

حرائق كالفورنيا «تلتهم» أكثر من 130 منزلاً

أكد عناصر الإطفاء الذين يعملون على إخماد حريق دمّر 130 منزلا على الأقل في كالفورنيا أنهم حققوا تقدما في هذا الصدد الجمعة بفضل تحسن أحوال الطقس.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ رجل إطفاء يوجه خرطوم مياه نحو النار في منزل دمّره حريق «ماونتن فاير» قرب لوس أنجليس (أ.ف.ب)

السيطرة على حرائق غابات مدمّرة قرب لوس انجليس

بدأ رجال الإطفاء السيطرة على حريق غابات استعر قرب مدينة لوس انجليس الأميركية وأدى إلى تدمير ما لا يقل عن 132 مبنى.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
المشرق العربي زراعة 3 آلاف غرسة في غرب حمص أواخر العام الماضي قام بها طلبة متطوعون (مواقع)

موجة حرائق تلتهم مساحات واسعة من قلب سوريا الأخضر

صور الحرائق في سوريا هذه الأيام لا علاقة لها بقصف حربي من أي نوع تشهده البلاد وجوارها، بعيدة عن الاهتمام الإعلامي وقريبة من ساحات الحرب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ رجال الإطفاء يخمدون حريقاً  ألحق أضراراً بالعديد من المباني في أوكلاند بكاليفورنيا (رويترز)

كاليفورنيا: المئات يخلون منازلهم بسبب حريق غابات

أعلن مسؤول في إدارة الإطفاء الأميركية إنه تم إصدار أوامر للمئات من سكان شمال ولاية كاليفورنيا بإخلاء منازلهم في أحد أحياء مدينة أوكلاند بسبب حريق ينتشر سريعاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».