«الجامعة العربية» تبدي امتعاضاً إزاء عدم دعوتها لمحادثات جنيف بشأن السودان

أكدت أن مشاركتها تطبيق لقرار مجلس الأمن

جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في يونيو 2024 (الجامعة العربية)
جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في يونيو 2024 (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة العربية» تبدي امتعاضاً إزاء عدم دعوتها لمحادثات جنيف بشأن السودان

جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في يونيو 2024 (الجامعة العربية)
جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في يونيو 2024 (الجامعة العربية)

بلهجة حملت نوعاً من الامتعاض من جانب جامعة الدول العربية إزاء عدم دعوتها لمحادثات جنيف بشأن الأزمة السودانية، عدت الأمانة العامة للجامعة، في بيان صحافي، الخميس، «دعوتها، التي لم تصل حتى الآن، للمشاركة في الجهد المطلق في جنيف، هي بمثابة تطبيق لقرار مجلس الأمن رقم 2736 بتاريخ في 13 يونيو (حزيران) الماضي».

وأشارت الأمانة العامة إلى أن الفقرة الثامنة من قرار مجلس الأمن تنص على «التواصل المنسق مع الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية الأخرى للمساعدة في النهوض بالسلام في السودان». وأكدت أن ذلك «يعكس الأولوية الكبيرة التي توليها الجامعة العربية لقضايا السلام والأمن في السودان باعتباره دولة عربية هامة وجسراً للتواصل العربي الأفريقي».

وانطلقت في مدينة جنيف السويسرية، الأربعاء، محادثات دولية تهدف إلى وقف إطلاق النار في السودان، ووضع الحلول للأزمة الإنسانية الناتجة عنها، بمشاركة وفد «قوات الدعم السريع»، وغياب ممثلين عن الجيش السوداني، وبحضور أميركي وسعودي وسويسري ومصري وإماراتي، إلى جانب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.

وأشارت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في بيانها، إلى أنها «تتابع بكل اهتمام الجهود والمبادرات الجارية لوقف الحرب الدائرة في السودان وآخرها استئناف مباحثات جدة في جنيف لوقف إطلاق النار، وذلك في إطار التكليف الصادر لها من مجلس الجامعة على مختلف المستويات».

وجددت الأمانة العامة «التأكيد على تمسكها بثوابت الموقف العربي إزاء ما يجري في السودان». وشددت على «ضرورة تناغم التحركات العربية والأفريقية والدولية تحقيقاً للسلام في السودان في إطار من الاحترام الكامل لأمنه وسيادته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية وفي طليعتها القوات المسلحة السودانية»، داعية إلى «التنفيذ الكامل لإعلان جدة الموقع في 11 مايو (أيار) 2023».

عائلات سودانية نازحة في ولاية كسلا بالسودان يوليو 2024 (رويترز)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وكانت المملكة العربية السعودية استضافت مفاوضات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في مايو 2023. وتوصل الطرفان إلى اتفاق أطلق عليه «إعلان جدة - الالتزام بحماية المدنيين في السودان». وفي يونيو الماضي، استضافت جامعة الدول العربية اجتماعاً «إقليمياً - عربياً» لمناقشة سبل تنسيق الجهود الرامية لاستعادة السلم والاستقرار في السودان، دعا إلى تنفيذ «إعلان جدة» الإنساني.

ورفضت «الجامعة العربية»، الخميس، إبداء توضيحات أخرى بشأن بيانها، وما إذا كانت تجري اتصالات بشأن مباحثات جنيف مع الأطراف المعنية.

فيما عَدّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، العميد السابق لـ«معهد البحوث العربية» التابع لجامعة الدول العربية، الدكتور أحمد يوسف أحمد، عدم دعوة الأمانة العامة للجامعة إلى محادثات جنيف «استمراراً لاتجاه من جانب الولايات المتحدة الأميركية لاستبعاد الجامعة العربية من أي جهد دولي تشارك فيه». ودلل على ذلك بما حدث في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، الذي «لعبت الولايات المتحدة دوراً كبيراً في انعقاده، وضم ممثلين عن دول عربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي دون توجيه الدعوة للجامعة العربية». وقال يوسف إنه سأل السفير الأميركي بالقاهرة آنذاك بشأن استبعاد الجامعة العربية من مؤتمر مدريد، وكان رده أن «واشنطن وجدت مضار حضور الجامعة العربية أكثر من منافعها». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الولايات المتحدة تعتمد الإطار الشرق أوسطي، وهي حريصة على عدم تقوية الإطار العربي المتمثل في الجامعة العربية».

عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان بالخرطوم (أرشيفية - رويترز)

ودعت الولايات المتحدة، الأربعاء، الجيش السوداني للانضمام إلى محادثات وقف إطلاق النار في جنيف. وأجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اتصالاً هاتفياً مع قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، إن «بلينكن أعاد التأكيد خلال الاتصال على ضرورة المشاركة في محادثات السلام الجارية في سويسرا لتحقيق التنفيذ الكامل لإعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين في السودان»، بحسب إفادة رسمية من السفارة الأميركية بالقاهرة.

وقاطع الجيش السوداني المفاوضات تحت مبررات عدة، من بينها تحفظه على بعض المشاركين، لا سيما الإمارات، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بصفة مراقبين، وعلى نقل المفاوضات من منصة جدة السعودية إلى منصة أخرى.

وكانت أزمة السودان محور مباحثات هاتفية، مساء الأربعاء، لوزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي. أكدت القاهرة خلالها «دعمها جميع الجهود الهادفة للتوصل لوقف لإطلاق النار في السودان، بما يضع حداً لمعاناة الشعب السوداني، ويضمن الحفاظ على أرواحه وممتلكاته»، بحسب إفادة رسمية لوزارة الخارجية المصرية.

وأصدرت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وسويسرا ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بياناً مشتركاً، جاء فيه: «نعمل بشكل جاد ومكثف في سويسرا ضمن الجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى دعم السودان ووصول المساعدات الإنسانية ووقف الأعمال العدائية، والامتثال وفقاً لنتائج محادثات جدة السابقة، والمساعي الأخرى، والقانون الإنساني الدولي». بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس» الخميس.


مقالات ذات صلة

محادثات جنيف السودانية تنطلق في غياب الجيش

شمال افريقيا 
سودانيون يتظاهرون أمام مقر المفاوضات في جنيف لإنهاء الحرب (إ.ب.أ)

محادثات جنيف السودانية تنطلق في غياب الجيش

انطلقت في مدينة جنيف السويسرية، أمس (الأربعاء)، محادثات دولية تهدف إلى وقف إطلاق النار في السودان، ووضع الحلول للأزمة الإنسانية الطاحنة الناتجة عنها.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني في القضارف الأربعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة عشرات في الأبيض السودانية

تعرّضت مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان (وسط غربي السودان)، الأربعاء، لقصف مدفعي مكثّف، أدّى إلى وقوع قتلى وجرحى، غالبيتهم من المدنيين.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا سودانيون يتظاهرون أمام مقر المفاوضات في جنيف لإنهاء الحرب (إ.ب.أ)

انطلاق محادثات وقف الحرب في جنيف بغياب الجيش

بدأت في مدينة جنيف السويسرية، الأربعاء، محادثات دولية تهدف إلى وقف إطلاق النار في السودان، ووضع الحلول للأزمة الإنسانية الطاحنة الناتجة منها.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الحرب دفعت نحو مليونين ونصف مليون شخص للفرار إلى الدول المجاورة (رويترز)

محادثات وقف إطلاق النار بالسودان تنطلق في سويسرا اليوم

من المقرر أن تبدأ المحادثات حول الحرب الدائرة في السودان بسويسرا اليوم الأربعاء، حيث ستركز المناقشات على المساعدات الإنسانية للملايين الذين يواجهون الجوع

«الشرق الأوسط» (جنيف )
شمال افريقيا خالد عمر يوسف (مواقع التواصل)

وزير سابق: البرهان و«الإخوان» رهنوا السودان والسودانيين لغاياتهم السياسية

حمّل وزير سابق وقيادي في تنسيقية «تقدم» قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، المسؤولية عن الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من 15 شهراً

أحمد يونس (كمبالا)

«الفشل السياسي» في ليبيا يسخّن «الجبهة الجنوبية»

قبيلة الزنتان خلال إلقاء بيان يرفض تحركات عسكرية لمجموعات مسلحة (من مقطع فيديو)
قبيلة الزنتان خلال إلقاء بيان يرفض تحركات عسكرية لمجموعات مسلحة (من مقطع فيديو)
TT

«الفشل السياسي» في ليبيا يسخّن «الجبهة الجنوبية»

قبيلة الزنتان خلال إلقاء بيان يرفض تحركات عسكرية لمجموعات مسلحة (من مقطع فيديو)
قبيلة الزنتان خلال إلقاء بيان يرفض تحركات عسكرية لمجموعات مسلحة (من مقطع فيديو)

تتأهب ليبيا ويتخوف الليبيون من شيء قادم غامض؛ ذلك أن الأطراف التي كانت تجمعها خلال العامين الماضيين طاولة للمحادثات السياسية، انفضّت إلى طاولات أخرى، شرقاً وغرباً؛ لبحث ترتيبات أمنية وعسكرية مرتقبة.

المشهد في ليبيا اليوم غير الأمس؛ إذ استدعت الأجواء المتوترة عودة «المجالس العسكرية» بغرب البلاد، كما حذّرت قوى اجتماعية، من بينها قبيلة الزنتان، من تحركات عناصر ما سمتها «المجموعات المسلحة» في منطقتي الجبل و«الحمادة الحمراء» بغرب البلاد.

دوريات عسكرية على طول الشريط الحدودي بالجنوب الغربي (رئاسة أركان القوات البرية)

وجاءت هذه الأجواء الساخنة عقب إعلان «الجيش الوطني»، برئاسة المشير خليفة حفتر، تحريك قواته باتجاه سبع مدن وقرى على الحدود الجنوبية مع الجزائر، ضمن «خطة شاملة لتأمينها». لكنها زادت اضطراباً بعد إنهاء مجلس النواب ولاية السلطة التنفيذية في طرابلس، الممثلة في المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، وحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ولوحظ وجود استعدادات عسكرية لقوات وعناصر موالية لمدينة الزنتان؛ تأهباً لصد قوات أخرى، قالت إنها قد تأتي من الغرب أو الشرق، في معركة يعتقد أن طرفيها «يستهدف كل منهما غلّ يد الآخر عن بسط نفوذه على الحدود الجنوبية، والسيطرة على مواقع استراتيجية هناك».

تخوفات من مستقبل مجهول

يعتقد محللون عسكريون وسياسيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، أن ليبيا «قد تكون على أبواب معركة فاصلة؛ إذا لم يتدخل العقلاء لنزع فتيل الأزمة والتوقف عن تسخين الجبهات». مشيرين إلى أن «الإخفاقات السياسية، التي انتهت بفشل المسار السياسي، باتت تدفع لتسخين جبهة الحدود الجنوبية، باعتبارها كانت ساحة مهملة، ومن يبسط سيطرته عليها يمتلك منافذ جديدة على أفريقيا». وقالوا إنه «إذا لم يتم تدارك الأمر فستعود الأوضاع إلى المربع الأول، وتضيع أي فرصة للتوافق، وتدخل ليبيا منطقة التقسيم الحدودي والنفطي؛ وهذه كارثة».

استنفار أمني على الشريط الحدودي بالجنوب الغربي (رئاسة أركان القوات البرية)

استدعت الأزمة الراهنة عودة ما يسمى «المجالس العسكرية» بغرب ليبيا، وهو المشهد الذي اختفى من الساحة السياسية وأذهان الليبيين منذ توقيع الاتفاق السياسي في مدينة الصخيرات المغربية نهاية 2015 بين أطراف الصراع آنذاك.

ومع تصاعد الأحداث، أعلن عدد مما يسمى «ثوار مصراتة» إحياء تفعيل «المجلس العسكري» بمدينتهم، وتعهدوا «تشكيل مجلس عسكري أعلى يمثل كل المجالس العسكرية». وهذا المشهد الذي يعدّه البعض «تراجعاً للحالة السياسية» في ليبيا، ويتخوف منه كثيرون، جاء رداً على الخطوة التي اتخذها مجلس النواب بنقل صلاحيات القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي إلى رئيس البرلمان، وأهاب «الثوار» بباقي كتائبهم التوافد إلى مقر المجلس العسكري.

وأوضح المجلس العسكري في بيان تلاه أحد قياداته مساء الأربعاء أنه «تم الاتفاق على العمل لتوحيد الصف، وتحقيق أهداف (ثورة 17 فبراير)/شباط من خلال الحكم المدني، والتداول السلمي على السلطة، بعيداً عن حكم العائلة وحكم العسكر»، في إشارة إلى الدبيبة وحفتر.

كما أعلن المحتشدون في مصراتة اتفاقهم على «تفعيل دور المفوضية العليا للانتخابات»، والعمل على إخراج القوات الأجنبية من ليبيا، وتحقيق سيادة الوطن». وبرروا قرارهم هذا بأنه جاء بسبب «الظروف الراهنة والأوضاع الخطيرة، التي تمر بها بلادنا، والمؤامرات الداخلية والخارجية، وتردي الأوضاع المعيشية، وانسداد الوضع السياسي، والمتاجرة بتضحيات الشهداء من قِبل مَن تصدروا المشهد».

وينظر أستاذ القانون والباحث السياسي الليبي، رمضان التويجر، إلى مُجمل التوترات الراهنة من زاوية أن عملية التغيير «باتت مطلب الجميع من مختلف الأطراف؛ فالوضع القائم أوصل ليبيا إلى طريق مسدودة». محذراً من ضرورة أن تتم «أي عملية تغيير بعيداً عن الحروب، أو المواجهات المسلحة في مختلف الأنحاء؛ ونتمنى أن تتم بشكل سلمي، وتؤدي إلى تحقيق توافق ولو جزئياً».

متابعون ليبيون يرون أن ما يحدث في ليبيا من توترات، خاصة على الحدود، لا ينفصل عن الصراع الدولي في الساحل الأفريقي، عادّين أن «كل طرف يسعى لتعزيز قواته عبر حلفائه العسكريين في المنطقة، بقصد إحكام السيطرة على أكبر قدر من المناطق الحيوية، ومن ثم فتح نافذة حدودية جديدة على القارة».

الزنتان تحذر

أمام ما تشهده ليبيا من متغيرات متسارعة، في ظل «جمود سياسي»، بالنظر إلى ما تراه سلطات طرابلس من توسّع حفتر باتجاه الجنوب الغربي، نشرت الزنتان قواتها بمحيط المدينة ومنطقة القريات وحقل الحمادة النفطي، رافضين دخول قوات «اللواء 444 قتال»، التابع للمنطقة العسكرية بطرابلس. كما أفادت تقارير بأن قوات للواء أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية، الموالي راهناً لمعسكر شرق ليبيا، وصلت إلى منطقة القريات لإنشاء غرفة عمليات بالمنطقة.

حذّرت الزنتان من أن هدف القوات المتجهة إلى الحدود الجنوبية «التوسع وليس مكافحة التهريب» (رئاسة أركان القوات البرية)

وحذرت الزنتان في بيان تلاه أحد القيادات الاجتماعية، الأربعاء، من منطقة الحمادة، من أن هدف القوات المتجهة إلى الحدود الجنوبية «التوسع وليس مكافحة التهريب». في إشارة هنا إلى «اللواء 444 قتال» التابع لقوات «الوحدة».

وأبدى المجتمعون رفضهم «القاطع تواجد وتحرك أي مجموعات مسلحة عبر أراضي الزنتان»، مطالبين بـ«دعم جهاز حرس الحدود، المسؤول عن ضبط الحدود الجنوبية الغربية»، كما طالبوا مديريات الأمن في مناطق (الجبل والقبلة) الاضطلاع بدورهم، وأن يتعاونوا على حفظ الأمن ومكافحة الجريمة المنظمة، كتجارة المخدرات والأسلحة وتهريب البشر».

ورغم نفي القيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، رسمياً، توجيه قواتها إلى منطقة غدامس بأقصى الغرب الليبي، حيث الحدود مع الجزائر، خاصة بعد تنديد غربي بالأمر، بات الوضع في غرب ليبيا مستنفراً تماماً على صُعد مختلفة، علماً أن القوات هناك ليست جميعها تحت طوع الدبيبة.

طاولات «الحرب والسياسة»

بدت الأوضاع متشابهة إلى حد ما بين ما يجري في طرابلس وبنغازي لجهة بحث ترتيبات أمنية، ذلك أن طاولات الحوار باتت تحتضن الآن اجتماعات عسكرية وأمنية. فصدام نجل المشير حفتر، رئيس «أركان القوات البرية»، اجتمع مساء الأربعاء بمقر الرئاسة في بنغازي مع وزير الداخلية، التابع للحكومة المكلفة من البرلمان، ورؤساء الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة، إلى جانب رئيس جهاز الأمن الداخلي، ونائب رئيس المخابرات العامة.

صدام حفتر خلال اجتماع مع قيادات أمنية في بنغازي (رئاسة أركان القوات البرية)

وعدّت «رئاسة الأركان» الاجتماع بأنه يستهدف «الاطلاع على سير عمل الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة، والوقوف على الصعوبات التي تواجه عملها، وتسخير الإمكانات كافة لها لتأدية المهام المُكلفة بها على أكمل وجه».

وتؤكد رئاسة الأركان على استمرار الدوريات الصحراوية، التي أطلقتها تنفيذاً لتعليمات القائد العام «لتصل إلى أقصى الجنوب الليبي على الحدود مع الدول المجاورة»، وتشير إلى أن هدفها «تنفيذ مهامها بكل حرفية ومهنية وانضباطية عالية، وصولاً للغاية المبتغاة، لا سيما حماية الوطن والمواطن من أي تهديدات خارجية أو داخلية».

نائبا المجلس الرئاسي الليبي يجتمعان بقيادات عسكرية وأمنية في طرابلس (المجلس الرئاسي)

في المقابل، اجتمع في طرابلس النائبان بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي وموسى الكوني، مع قيادات أمنية وميليشياوية، من بينهم غنيوة الككلي، رئيس «قوة دعم الاستقرار»، ولطفي الحراري، رئيس جهاز الأمن الداخلي، وعبد السلام الزوبي، آمر «اللواء 111»، وصلاح النمروش، نائب رئيس أركان القوات التابعة للحكومة؛ لمناقشة الأوضاع العسكرية في المنطقة الغربية، والأوضاع في مدينة الزنتان.

وتم خلال اللقاء، بحسب المجلس الرئاسي، مناقشة «ملفات وقضايا، تتعلق بالجانبين العسكري والأمني، وما يمكن اتخاذه من خطوات لمتابعة الأوضاع في كل المدن والمناطق». وانتهى المجلس إلى أن القائد الأعلى «شدد على ضرورة اليقظة، والمتابعة المستمرة للموقف العسكري والأمني، من أجل المحافظة على أمن ليبيا واستقرارها».

ويرى قيادي عسكري سابق بغرب ليبيا أن المشهد العسكري بغرب البلاد راهناً «متشابك جداً، وغير واضح المعالم؛ فكثيرٌ من الفصائل المسلحة تتقارب مع بعضها عندما تتقارب مصالحها؛ وتتنافر إذا حدث العكس».

ويعتقد القيادي العسكري في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «التجربة أثبتت لنا أنه لا توجد سلطة تخضع لها هذه التشكيلات المسلحة، وجميعها تخضع لأهوائها ومصالحها؛ ومن ثم لو تأكد لها أن المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة انتهى أمرهما؛ فبكل تأكيد ستتم إعادة تموضعها مع طرف آخر، وهذه مسألة مجرّبة أكثر من مرة في المنطقة الغربية للأسف».