اتهمت قيادة الجيش الجزائري عضواً في حركة انفصالية بـ«تدبير مخطط لزرع الفوضى قصد عرقلة السير الحسن لانتخابات الرئاسة (المقررة الشهر المقبل) بتواطؤ مع استخبارات أجنبية معادية للجزائر».
وأكدت وزارة الدفاع الجزائرية، اليوم الأربعاء، في بيان أن أجهزة الأمن اعتقلت في 7 أغسطس (آب) الحالي شخصاً في ميناء بجاية (250 كيلومتراً شرق)، يدعى موسى زايدي، كان برفقة زوجته قادماً من ميناء مرسيليا بجنوب فرنسا، وفق البيان ذاته، موضحاً أنه «كانت بحوزته كمية من الأسلحة النارية والذخيرة، وأموال بالعملة الصعبة، وأغراض أخرى، كانت مخبأة بإحكام بمركبته قصد إدخالها إلى أرض الوطن بطريقة غير شرعية».
وأفاد البيان بأن المعتقل «اعترف بتورطه وانتمائه للتنظيم الإرهابي (ماك)»، والكلمة اختصار لجماعة «حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل»، المصنفة تنظيماً إرهابياً وفق قانون العقوبات الجزائري، مبرزاً أن كمية السلاح المحجوزة جرى «شراؤها والتخطيط لتهريبها إلى الجزائر من طرف شبكة هذا التنظيم الإرهابي الناشطة بالتراب الفرنسي، ليتم توزيعها على بعض عناصر الخلايا النائمة التابعة لهذا التنظيم، والناشطة في الخفاء؛ بغرض استغلالها في عمليات إرهابية محتملة وفق مشروع مدبر مسبقاً، وبتواطؤ مصالح استخباراتية أجنبية معادية للجزائر، بهدف زرع الفوضى، وزعزعة الأمن، قصد عرقلة السير الحسن للانتخابات الرئاسية المقبلة».
ولم يذكر البيان البلد التابعة له «المخابرات المعادية»، ولكن يفهم من ذلك أنه إيحاء بفرنسا، التي شهدت العلاقة معها تدهوراً في المدة الأخيرة.
وأوضح البيان ذاته أن اعترافات الشخص الموقوف أدت إلى اعتقال 19 عضواً «من هذه الشبكة الإرهابية، وحجز كمية أخرى مهمة من السلاح، كانت متواجدة بورشة دون رخصة لتصليح الأسلحة في ضواحي مدينة بجاية»، مضيفاً أن «هذه العملية النوعية مكنت من توقيف 21 متهماً، تم تقديمهم أمام الجهات القضائية المختصة».
وتضمن بيان وزارة الدفاع أيضاً مصادرة 46 سلاحاً نارياً من عيارات مختلفة، و«كمية معتبرة» من الخراطيش، وطلقات ومقذوفات من مختلف العيارات، و12 منظاراً و10 أسلحة بيضاء، ومجموعة لواحق، وقطع غيار تخص أسلحة نارية، إضافة إلى معدات ومواد أولية لصناعة الذخيرة. كما جرى، وفق البيان ذاته، حجز «جهاز لتحديد المواقع (GPS)»، وأجهزة كومبيوتر، وهواتف جوالة، و«أغراض أخرى» لم يحددها.
ووفق وزارة الدفاع؛ فإن هذه العملية «تؤكد مرة أخرى يقظة وعزم أفراد مختلف المصالح الأمنية على إفشال جميع مخططات المنظمات الإرهابية، والجهات الأجنبية المعادية، التي تستهدف أمن واستقرار الوطن».
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، كان وكيل الجمهورية لدى «محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة، سيد علي بوروينة، قد تحدث في مؤتمر صحافي عن «إحباط محاولة إدخال أسلحة إلى التراب الجزائري»، متهماً حركة إرهابية، دون أن يسميها، بالضلوع في القضية.
وقال بوروينة إنه جرى حبس 21 متهماً توبعوا في القضية بتهمة «المشاركة في أعمال إرهابية»، بينما لا يزال 12 متهماً آخر في حالة فرار، وفق ما قال، موضحاً أن المحكمة عالجت قضية جنائية متعلقة بحجز أسلحة وذخيرة بميناء بجاية، كان عضو في «ماك»، وفقه، يستعد لإدخالها إلى التراب الوطني.
وأضاف بوروينة أنه بعد الفحص الجمركي الروتيني في الميناء، ضُبطت شحنة كبيرة من الأسلحة، وذخيرة، في السيارة الخاصة للشخص المسمى موسى زايدي، مبرزاً أن «الأسلحة التي تم ضبطها تتمثل في 11 قطعة سلاح من عيار 16 مليمتر (ملم)، و7 مسدسات آلية من مختلف الأصناف والعيارات، و3 قطع أسلحة من عيار 12 ملم، ليصل مجموع الأسلحة التي تم ضبطها إلى 21 قطعة سلاح».
كما أبرز أن الذخيرة التي ضُبطت «تتمثل في ألفي طلقة حية من مختلف العيارات، بالإضافة إلى مقذوفات الأسلحة المختلفة، ولواحق متعلقة بالأسلحة، وقطع ملابس شبيهة باللباس العسكري، بالإضافة إلى أسلحة بيضاء وخزانات خراطيش».
وأكد بوروينة أن التحقيقات الابتدائية «أفضت إلى أن الشحنة الكبيرة من مختلف أصناف الأسلحة والذخائر المهربة من الخارج إلى أرض الوطن، تم شراؤها من مهرب ينشط خارج الوطن، بالتنسيق والتخطيط مع جماعة إرهابية ناشطة في الخارج» من دون توضيح هوية «المهرب».
وأعلنت السلطات الحرب على «ماك» في 2021، حينما استحدثت لائحة خاصة بـ«التنظيمات الإرهابية والأشخاص المنتمين لها»، ووضعت فيها الجماعة الانفصالية، والتنظيم المحظور المسمى «رشاد»، الذي توجد قيادته في الخارج. واتهمت «ماك» بالوقوف وراء النيران المستعرة في منطقة القبائل، التي خلفت في صيف العام ذاته عشرات القتلى، وأتلفت آلاف الهكتارات من الحقول والغطاء النباتي.
وأصدر القضاء مذكرة اعتقال دولية ضد زعيم التنظيم، المطرب الأمازيغي فرحات مهني، الذي حملته مسؤولية الحرائق، واتهمت فرنسا، ضمناً، بتشجيعه على «جرائمه»، بحجة إيوائه فوق أرضها ورفض تسليمه، علماً أنه يملك اللجوء السياسي، وكان نفى عن نفسه كل هذه التهم في فيديو نشره بمنصات الإعلام الاجتماعي.