«هدنة غزة»: المنطقة تترقب مفاوضات الخميس

مشاورات مصرية لاحتواء «التوتر الإقليمي»... وبايدن يؤكد أهمية الاتفاق

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أفراد من عائلتها في غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أفراد من عائلتها في غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: المنطقة تترقب مفاوضات الخميس

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أفراد من عائلتها في غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أفراد من عائلتها في غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)

تحبس المنطقة أنفاسها انتظاراً لبوادر أمل قد تأتي خلال مفاوضات الخميس بشأن الهدنة في قطاع غزة، مع تلميحات إيرانية بالربط بين الرد المتوقع على إسرائيل ونتائج المحادثات، وسط ضغوط من الوسطاء لإنجاح المناقشات، واتصالات مكثفة لاحتواء «التوتر الإقليمي»، وتخوفات من عراقيل إسرائيلية جديدة على طاولة المشاورات.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن هناك ترقباً بشأن نتائج مفاوضات الهدنة التي قد يترتب عليها مساران للرد الإيراني: إما التصعيد وإما التهدئة، مؤكدين أن الكرة في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للموافقة على مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن الذي هو بالأساس مسودة إسرائيلية.

ومن أجل «احتواء التوتر الإقليمي الراهن، والحيلولة دون خروج الأوضاع عن السيطرة»، أجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مساء الثلاثاء، اتصالات مع وزراء خارجية؛ السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، والإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وتركيا، هاكان فيدان، تطرقت إلى جهود الوساطة الإقليمية والدولية القائمة للتوصل إلى صفقة تسمح بوقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الأسرى والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية لمعالجة الوضع الإنساني الكارثي في القطاع.

نازحون فلسطينيون يشقون طريقهم أثناء فرارهم من مدينة حمد بعد أمر إخلاء إسرائيلي (رويترز)

وربط الرئيس الأميركي، جو بايدن، بين التوصل إلى هدنة، وإمكانية امتناع إيران عن شن هجوم على إسرائيل رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، نهاية يوليو (تموز) الماضي، مؤكداً أنه «لن يستسلم» في وقت «تتكثف» فيه المفاوضات لتحقيق هذا الهدف، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ونقلت «رويترز»، الثلاثاء، عن ثلاثة من كبار المسؤولين الإيرانيين، أن السبيل الوحيد الذي قد يرجئ رد إيران مباشرة على إسرائيل، هو التوصل في المحادثات المأمولة هذا الأسبوع إلى هدنة.

وهو ما أيده الخبير السياسي المصري، مستشار «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، عمرو الشوبكي، الذي أكد أن «هناك ترقباً للمحادثات» بصفتها مرتبطة بالتصعيد الواسع في المنطقة من عدمه، موضحاً أنها «لن تؤثر في الرد الإيراني لكن ستوجهه».

وبتقدير الشوبكي، فإن هناك «مسارين للرد الإيراني» تجاه إسرائيل، الأول سيكون في حده الأدنى إذا تقدمت المفاوضات للأمام، وستحاول طهران أن تأخذ مكسباً سياسياً بالإشارة إلى أن ردها جاء في حده الأدنى لدعم مسار الصفقة، لكن لو تعثرت المفاوضات، ربما تتحرر إيران من أي قيود، مع أنها في كل الأحوال «لن تقوم بضربة واسعة تترتب عليها حرب شاملة».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

بدوره، قال المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، إنه رغم كون مساري الهدنة ورد إيران و«حزب الله» مختلفين، فإن هناك ترقباً لتداعياتهما على المنطقة وتخفيض التصعيد.

وقبل التصعيد الأخير، كانت المفاوضات تراوح مكانها. وفي محاولة للاحتواء، صدر قبل أسبوع، بيان من قادة الوسطاء (مصر والولايات المتحدة وقطر) دعا لاستئناف المحادثات، الخميس، تلاه بيان من «حماس» يطالب بتقديم خطة تستند إلى المحادثات السابقة بدلاً من الدخول في مفاوضات جديدة، وذلك بناءً على مقترح طرحه بايدن في خطاب ألقاه في 31 مايو (أيار)، ويقوم على 3 مراحل ويقود إلى وقف الحرب.

ونقلت «رويترز» عن القيادي في «حماس» سامي أبو زهري، أن «الحركة متمسكة بورقة الوسطاء التي قُدِّمت إليها في الثاني من يوليو (تموز)، والتي تستند إلى قرار مجلس الأمن، وخطاب بايدن. والحركة جاهزة للبدء فوراً في البحث عن آليات تنفيذها، أما الذهاب لمفاوضات جديدة فهو يسمح للاحتلال بفرض شروط جديدة، وتوظيف متاهة المفاوضات لارتكاب المزيد من المجازر».

وتحدث نائب متحدث الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، للصحافيين، الثلاثاء، قائلاً إن «الشركاء في قطر» أكدوا لواشنطن أنهم سيعملون على أن يكون لـ«حماس» تمثيل في المحادثات، وسط شكوك بشأن مشاركتها.

معبر رفح في منتصف أكتوبر الماضي عندما كان تحت سلطة «حماس» (وفا)

وبشأن تأثير موقف «حماس»، يرى الشوبكي أن «الحركة قدمت ما لديها، وكل التراجعات والشروط يفرضها نتنياهو طيلة الأسابيع الماضية»، داعياً إلى الانتظار لرؤية ما في جعبة الوفد الإسرائيلي.

وعملياً، فإن وفد «حماس» مقيم بالأساس في الدوحة، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، وبالتالي موقفها «ربما هو للضغط لتجنب عودة المفاوضات إلى الصفر».

وتأتي تداعيات موقف «حماس» بالتوازي مع حديث صحيفة «وول ستريت جورنال» عن احتمال تأجيل محادثات الخميس إذا شنت إيران هجوماً قبل المفاوضات، وتقديرات إسرائيلية، الأربعاء، بحدوثه قبل المفاوضات أو الخميس، وفق ما أفادت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية.

ويعزز تلك الاحتمالات تأجيل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، زيارته للشرق الأوسط التي كانت مقررة الأربعاء، على خلفية حالة عدم اليقين بشأن الهجوم الإيراني، وفق ما أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، وسط إعلان «البنتاغون» والخارجية الأميركية، الثلاثاء، الموافقة على صفقات محتملة لإسرائيل تشمل صواريخ وطائرات وقذائف بقيمة تصل إلى نحو 20 مليار دولار.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأربعاء، عن مسؤولين مرتبطين بفريق المفاوضات الإسرائيلي، أن «نتنياهو طرح شروطاً جديدة لتعطيل المفاوضات وإفشال الصفقة التي يخشى أن تتحقق، إذ إن تهديدات اليمين المتطرف في حكومته أمام عينيه، وسلامة الائتلاف هي الأولوية القصوى بالنسبة له، قبل حياة المختطفين بكثير».

ويليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (رويترز - أرشيفية)

ووفق موقع «واللا» الإسرائيلي، فإن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، سيشارك في المفاوضات، وأن «(حماس) لن تشارك لكنها منفتحة على لقاء الوسطاء بعد الاجتماع».

ويتوقع أيمن الرقب، أن يناقش الاجتماع حسم مسألة الوجود الإسرائيلي من عدمه، في محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح، بجانب شروط إسرائيلية متداولة، منها استلام الأسرى أحياء بالمرحلة الأولى، وهذا لم يكن موجوداً بالجولات السابقة، والمطالبة بالحق في وضع «فيتو» على أسماء الأسرى الفلسطينيين وإبعادهم. ويعتقد أن المعطيات الجديدة، حال صحت، فإن الاتفاق سيكون بعيداً عن جلسة الخميس، طالما أن نتنياهو لم يجبر على تقديم تنازلات.

لذا «لا تزال هناك صعوبات للوصول لاتفاق مرحلي فوراً» في مفاوضات الخميس، رغم أنه «يمكن القول إن هناك فرصاً أكبر من المرات السابقة للوصول إلى صفقة، خصوصاً مع مخاوف إقليمية ودولية من توسع الحرب»، وفق الشوبكي.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تستضيف اجتماعاً للدول الأوروبية والإسلامية بشأن دولة فلسطينية

المشرق العربي وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بوين (إ.ب.أ)

إسبانيا تستضيف اجتماعاً للدول الأوروبية والإسلامية بشأن دولة فلسطينية

قالت الحكومتان الإسبانية والنرويجية إن وزراء خارجية العديد من الدول الإسلامية والأوروبية سيجتمعون في مدريد غداً الجمعة لمناقشة كيفية تنفيذ حل الدولتين.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم العربي مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون لافتات تحمل صورة الأمين العام حسن نصر الله (إ.ب.أ)

«حزب الله» اللبناني يستهدف قاعدة نحال غيرشوم الإسرائيلية بأسراب من الطائرات الانقضاضية

أعلن «حزب الله» اللبناني في بيان أن عناصره استهدفوا اليوم الخميس، قاعدة نحال غيرشوم الإسرائيلية بأسراب من الطائرات الانقضاضية رداً على اعتداءات العدو على الجنوب

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش: نتنياهو يرفض الرد على مكالماتي منذ 7 أكتوبر

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الخميس إن عدم المساءلة عن مقتل موظفي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة «غير مقبول تماماً».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي بوريل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية اللبناني في بيروت (إ.ب.أ)

بوريل يدعو من بيروت للحد من التصعيد العسكري على كل الجبهات

أكد لبنان أنه «لا يريد الحرب ولكن له الحق وقادر على الدفاع عن نفسه».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

السيسي: استمرار جهود مصر للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم، استمرار جهود بلاده بالتعاون مع قطر وأميركا لتعزيز فرص التهدئة من خلال التوصل لاتفاق لوقف النار بشكل فوري بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«داخلية» الدبيبة تواصل إبعاد الميليشيات عن المقار الحكومية

وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)
TT

«داخلية» الدبيبة تواصل إبعاد الميليشيات عن المقار الحكومية

وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

وفق اتفاق بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وكبار التشكيلات المسلحة بالعاصمة طرابلس، تواصل السلطات الأمنية الرسمية عمليات تسلم وتأمين المقار التابعة للدولة في عموم العاصمة.

وكان الدبيبة قد شكّل لجنة عليا للترتيبات الأمنية، برئاسة وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، تستهدف إبعاد الميليشيات عن تأمين المنشآت، وتضم 16 عضواً، من بينهم رئيس جهاز الأمن الداخلي، ومعاون رئيس الأركان العامة بالجيش الليبي (غرباً)، ووكيل وزارة العدل لشؤون الشرطة القضائية، ومندوب عن إدارة الاستخبارات العسكرية بوزارة الدفاع.

مبنى إدارة مشروع المدينة القديمة بطرابلس بعد تسلم مهمة تأمينه (وزارة الداخلية)

وأنيط باللجنة الإشراف على سحب وعودة جميع الأجهزة والألوية الأمنية والعسكرية إلى مقارها الرسمية، وحصر جميع المباني والمقار العامة والمواقع الخدمية والإنتاجية والمقار التابعة للشركات العامة المسيطر عليها أو الواقعة تحت حماية جهات غير تابعة لوزارة الداخلية واستلامها بشكل فوري، بالإضافة إلى حصر الممتلكات الخاصة التي جرت السيطرة عليها من قبل أفراد أو جهات غير رسمية وتسليمها لملاكها بالتنسيق مع الجهات المختصة.

كما شمل قرار الدبيبة إخلاء جميع الشوارع والميادين والبوابات من أي تشكيلات أو مظاهر مسلحة غير تابعة لوزارة الداخلية، وحصر السجون وإخضاعها للجهات المختصة وفقاً للتشريعات النافذة.

وخلال الأسبوع الحالي، أعلنت اللجنة العليا للترتيبات الأمنية وضع يدها على عدد من المقار في بلدية طرابلس، لبدء تأمينها بعناصر بديلة للتشكيلات المسلحة، تنوعت ما بين فنادق شهيرة وميناء طرابلس البحري، ومبنى ديوان عام المحاسبة ومقر رئاسة مجلس الوزراء بطريق السكة ووزارة المالية، بالإضافة إلى مبنى «شركة بريد ليبيا» بشارع الزاوية ومبنى الإذاعة بشارع النصر.

واستعرضت اللجنة العليا للترتيبات الأمنية، خلال اجتماعها الثالث الخميس، جانباً من عملية إخلاء المقار في بلديتي حي الأندلس، وطرابلس المركز، مشيرة إلى أن المقار التي تسلمتها بلغت 66 منشأة حتى الآن.

ونوّهت اللجنة إلى أنها ستواصل عملية إخلاء باقي المقار في البلديات الأخرى، ووضع الحلول للمعوقات كافة التي تعترض تنفيذ هذه الأعمال.

وسبق للطرابلسي القول، في نهايات أغسطس (آب) الماضي، إن تأمين وحماية جميع المؤسسات داخل العاصمة طرابلس سيكون مهمة قوات الشرطة فقط، وإن «الأجهزة الأمنية» ستعود لمعسكراتها الرئيسية. في إشارة إلى الميليشيات المسلحة التي كانت تضطلع بمهمة تأمين المقار الحكومية منذ اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) عام 2011.

وكانت غالبية هذه المقار تحت سيطرة «جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب»، و«جهاز دعم الاستقرار».