استنفار في ليبيا لاحتواء آثار سيول الكفرة

السلطات المحلية تعلن حالة الطوارئ... وتجلي عالقين

جانب من مياه الأمطار التي غمرت الكفرة في جنوب شرقي ليبيا (قناة «الحدث» المحلية)
جانب من مياه الأمطار التي غمرت الكفرة في جنوب شرقي ليبيا (قناة «الحدث» المحلية)
TT

استنفار في ليبيا لاحتواء آثار سيول الكفرة

جانب من مياه الأمطار التي غمرت الكفرة في جنوب شرقي ليبيا (قناة «الحدث» المحلية)
جانب من مياه الأمطار التي غمرت الكفرة في جنوب شرقي ليبيا (قناة «الحدث» المحلية)

ضربت أمطار غزيرة تحولت إلى سيول جارفة مدينة الكفرة بشرق ليبيا، ما دفع الحكومتين المتصارعتين على السلطة في ليبيا إلى التحرك لاحتواء الآثار الناتجة عن ذلك، في حين سارعت الأجهزة المحلية لمساعدة المواطنين وإجلاء بعض الأسر.

واجتاحت المياه مستشفى «الشهيد عطية الكاسح» بالمدينة، كما تضررت بعض المنازل، وانقطعت الكهرباء عن جميع المناطق المتضررة، وسط مخاوف من ظهور العقارب.

جانب من مياه الأمطار التي غمرت الكفرة في جنوب شرقي ليبيا (قناة «الحدث» المحلية)

وقال جهاز الإسعاف والطوارئ التابع لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إن عدد الحالات التي أجليت من مستشفى «عطية الكاسح» بعد خروجه عن الخدمة، بلغ 35 حالة، وتم نقلهم إلى مستشفى «الهوارى القروي» وبعض المراكز الصحية داخل المدينة، كما تم إجلاء 19 مواطناً من مساكنهم المتضررة.

وقال رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، التي تتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، إنه وجّه جميع الوزارات والهيئات المختصة برفع درجة الاستعداد القصوى وتسخير الإمكانات والتجهيزات اللازمة للانتقال لبلدية الكفرة من أجل مساعدة المواطنين.

كما أكد أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، والتي تدير المنطقة الشرقية، أنه أصدر تعليماته بضرورة تسخير كافة الإمكانات لتجاوز الأزمة الراهنة بالمدينة، والتأكيد على سلامة المواطنين، داعياً سكان المدينة للابتعاد قدر الإمكان عن أماكن جريان الأودية تحسباً لاحتمالية زيادة كمية الأمطار.

جانب من مياه الأمطار التي غمرت الكفرة في جنوب شرقي ليبيا (قناة «الحدث» المحلية)

وتداول مستخدمو منصات التواصل صوراً ومقاطع تظهر غزارة الأمطار التي تساقطت منذ الأحد، واجتاحت عدداً من المنازل ومستشفى «الكاسح»، مسببة أضراراً بالغة.

وأوضح رئيس بلدية الكفرة عبد الرحمن عقوب، أن الجهود متواصلة لاحتواء الموقف بالرغم من غزارة الأمطار «التي لم تشهدها المدينة منذ سنوات عديدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا توجد أي خسائر بشرية، لكن 40 منزلاً «تضررت بشكل كبير؛ ما دفع سكانها لإخلائها»، لافتاً إلى انقطاع الكهرباء بشكل تام جراء تضرر محوّلات وأعمدة وأسلاك الشبكة الكهربائية بالمدينة.

واشار إلى أن كل المرافق بالكفرة ومنها شبكة الكهرباء «لم تكن مهيأة على الإطلاق لتقلبات الطقس وهبوب الرياح وسقوط الأمطار»، مشيراً إلى أن الفرق المحلية تحاول حصر الأضرار لإصلاحها.

واعتبر أن النازحين من دولة السودان الموجودين بالبلدية هم «الطرف الأكثر تضرراً؛ إذ عانوا من أوضاع مأساوية خلال اليومين الماضيين»، لافتاً إلى أنهم «كانوا يفترشون الأرض بالمزارع والمخازن بالمدينة وضواحيها، ومع هطول الأمطار بغزارة لم يعد هناك مكان ملائم يؤويهم، فضلاً عن تضرر أمتعتهم وفراشهم».

وحول وصول المساعدات للبلدية من الحكومتين، قال عقوب: «حتى الآن لم يصل إلينا أي شيء من الحكومة في طرابلس»، لافتاً إلى أن الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، أرسلت إليهم «طائرة محملة بالمساعدات تتضمن مضخات رفع المياه وأسلاكاً مطلوبة لإصلاح شبكة الكهرباء وأدوية وأغذية».

جانب من مياه الأمطار التي غمرت الكفرة في جنوب شرقي ليبيا (قناة «الحدث» المحلية)

وبعد شهور قليلة من اندلاع الصراع بالسودان في أبريل (نيسان) العام الماضي، باتت الكفرة مقصداً لأعداد ضخمة من النازحين الذين هربوا من ويلات هذا الصراع، مما دفع المسؤولين المحليين بالبلدية لإطلاق صيحات التحذير والاستغاثة لضعف قدراتهم على استيعاب المتطلبات المعيشية والصحية لهؤلاء.

ونفى رئيس غرفة الطوارئ بوزارة الصحة بالحكومة المكلّفة من البرلمان، الدكتور إسماعيل العيضة، وجود أي إصابات لحقت بالأهالي جراء تدفق مياه الأمطار لمنازلهم. وقال في تصريح صحافي إن «التخوف الرئيسي من استمرار تعطل الكهرباء».

ولم تتوقف دعوات العديد من الليبيين على صفحات التواصل الاجتماعي لسكان المناطق المتضررة، متذكرين السيول التي اجتاحت مدينة درنة في سبتمبر (أيلول) الماضي.


مقالات ذات صلة

​ليبيا: هل تُغير «حرب النفوذ» الخريطة العسكرية والسياسية؟

تحليل إخباري جانب من المشروع التعبوي (درع الكرامة) 2024 الذي سبق ونظمه الجيش «الوطني الليبي» في بنغازي (القيادة العامة)

​ليبيا: هل تُغير «حرب النفوذ» الخريطة العسكرية والسياسية؟

مسؤول سابق: التغيرات السريعة في المواقف توحي بأن هناك اتفاقاً ما لتغيير كامل الخريطة العسكرية والسياسية الليبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صالح مستقبلاً في لقاء سابق أسامة حماد (مكتب صالح)

ليبيا: صالح ينتقد «التصرفات غير المسؤولة» لحكومة «الوحدة» ضد مصر

استنكر عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، ما وصفه بـ«التصرفات غير المسؤولة» من حكومة الدبيبة إزاء مصر.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» (الوحدة)

الدبيبة: وحدة ليبيا خط أحمر

أكد أن حكومته «ماضية في بناء جيش قوي يقوم على عقيدة أساسها الولاء لله ثم الوطن»...

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الطاهر الباعور المكلّف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة (الحكومة)

حكومة الدبيبة «ترفض» استقبال مصر رئيس حكومة شرق ليبيا

أعربت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عن رفضها واستيائها لاستقبال الحكومة المصرية بشكل رسمي «أجساماً موازية لا تحظى بأي اعتراف دولي».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر خلال إحياء ذكرى توحيد الجيش الليبي (الجيش الوطني)

حفتر يطمئن الليبيين في ذكرى تأسيس الجيش ويعدهم بـ«الأفضل»

وجه المشير خليفة حفتر كلمة لليبيين بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ84 لتأسيس «الجيش»، وقال لهم: «أبشروا، فإن جيشكم لن يخذلكم أبداً وستكون له الكلمة الفصل...».

خالد محمود (القاهرة)

واشنطن مصرّة على اجتماع جنيف حول السودان

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
TT

واشنطن مصرّة على اجتماع جنيف حول السودان

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)

أعلنت الولايات المتحدة، الاثنين، أنها تريد بدء محادثات بشأن السودان هذا الأسبوع في سويسرا «حتى في غياب» ممثلي الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان الذي أبدى تحفظات على الطرح الأميركي.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو في مؤتمر صحافي في جنيف: «أجرينا مناقشات معمّقة مع الجيش السوداني لكنهم لم يعطونا تأكيداً بعد» فيما يتعلّق بمجيئهم في 14 أغسطس (آب) إلى سويسرا، ولكن «سنمضي قدماً في هذا الحدث (...) وهذا ما جرى توضيحه للطرفين»، الجيش و«الدعم السريع».

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريللو (رويترز)

وقبل يومين على انطلاق المفاوضات في جنيف، فاجأت حكومة بورتسودان المراقبين والمواطنين ببيان يُفهم منه أنها «لن تذهب» إلى جنيف، وبالتالي الحكم بالموت على المفاوضات التي علَّق عليها ملايين الضحايا السودانيين آمالاً عريضة، قبل أن تبدأ. وأعلن وفد الحكومة إلى مشاورات جدة الاستهلالية، في بيان، «تمسكه» بـ«إعلان جدة الإنساني»، وعدم قناعته «بجدوى إنشاء منبر جديد»، ورفض مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة بصفة مراقب، وهو ما فُهم منه على نطاق واسع، أن الجيش «لا يريد» المشاركة في مفاوضات جنيف، وأنه يتذرع أو «يناور» بالحديث عن «اتفاق جدة».

إضافة إلى ذلك، حذرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، من أن السودان وصل إلى «نقطة انهيار كارثية»، مع توقع تسجيل عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن تفاديها جراء الأزمات المتعددة.

وأشارت المنظمة إلى أنّ المجاعة والفيضانات أُضيفت إلى قائمة التحديات التي يواجهها ملايين الأشخاص في البلاد التي مزّقتها الحرب، في ظلّ أكبر أزمة نزوح في العالم.

عائلات سودانية نازحة في ولاية كسلا بالسودان (رويترز)

وقال عثمان بلبيسي المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، في بيان: «هذه الظروف ستستمر وتزداد سوءاً إذا استمر الصراع والقيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية».وأضاف: «دون استجابة عالمية فورية واسعة النطاق ومنسقة، فإننا نخاطر بأن نكون شاهدين على عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن تفاديها في الأشهر المقبلة. نحن عند نقطة الانهيار، نقطة انهيار كارثية».

ويشهد السودان حرباً منذ أبريل (نيسان) 2023 بين قوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، والجيش الذي يقوده عبد الفتاح البرهان، أوقعت إلى الآن عشرات آلاف القتلى، وأدت إلى أزمة إنسانية.

وأشارت المنظمة الدولية للهجرة، إلى أنّ الأرقام الأخيرة أظهرت أنّ هناك أكثر من 10.7 مليون نازح داخلياً في السودان، وقد نزح كثير منهم مرّات عدة. وفي الوقت نفسه، فرّ 2.3 مليون شخص عبر الحدود إلى الدول المجاورة.

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

ووفق المنظمة الدولية للهجرة، فقد أدّت الفيضانات إلى تشريد أكثر من 20 ألف شخص منذ يونيو (حزيران) في 11 من ولايات السودان الثماني عشرة، مشيرة في الوقت نفسه إلى تدمير البنية التحتية بفعل هذه الفيضانات؛ ما أدّى إلى تعطيل وصول الإمدادات الحيوية.

وبالمجمل، نزح أكثر من 45 ألف شخص خلال الأسبوعين الماضيين، فر أكثر من 38 ألفاً منهم عبر الحدود. وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تعتمده الأمم المتحدة، فقد دفع الصراع مخيّم زمزم بالقرب من مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور إلى المجاعة.

وأكدت المنظمة أنّ هناك حاجة إلى «تمويل عاجل... من أجل أولئك الذين ما زالوا بحاجة ماسّة إلى الغذاء والمأوى والمياه والخدمات الصحية والحماية المتخصّصة».

وفي السياق نفسه، من المقرر أن تقدم الولايات المتحدة مساعدة إنسانية إضافية بقيمة 95 مليون دولار لـ700 ألف شخص في المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في الدولة الأفريقية.

المنظمة الدولية للهجرة تحذر من أن السودان وصل إلى نقطة انهيار كارثية (أ.ف.ب)

وقالت السفارة الأميركية في جوبا، عاصمة جنوب السودان، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن الأموال التي جرى توفيرها من خلال وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ترفع المبلغ الإجمالي المقدم للبلاد منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) إلى 508 ملايين دولار.

ويواجه أكثر من 7 ملايين شخص في دولة جنوب السودان مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

وقالت السفارة: «هؤلاء الأفراد غالباً ما يصلون لجنوب أفريقيا، وهم يعانون انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وبممتلكات قليلة أو دون ممتلكات على الإطلاق. وعلاوة على ذلك، قد يتأثر ما يصل إلى 3.3 مليون شخص سلباً بالفيضانات عبر جنوب السودان في الشهور المقبلة».