مباحثات أميركية سودانية في جدة بشأن مفاوضات جنيف

وفد الحكومة يصل إلى المملكة

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)
TT

مباحثات أميركية سودانية في جدة بشأن مفاوضات جنيف

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)

يُنتظر أن تشهد مدينة جدة السعودية مباحثات سودانية أميركية للتشاور بشأن مشاركة الجيش في مفاوضات جنيف بسويسرا، الأربعاء المقبل، مع قوات «الدعم السريع»، وفقاً لمبادرة أميركية ترمي لوقف الحرب. وتُعقَد المباحثات استجابةً لطلب من بورتسودان (العاصمة السودانية المؤقتة) إجراء مشاورات قبل مشاركة الجيش في جنيف.

وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان صحافي مقتضب، إن «الحكومة» قررت إرسال وفد، برئاسة وزير المعادن، محمد بشير عبد الله، إلى مدينة جدة، للتشاور مع حكومة الولايات المتحدة حول الدعوة المقدَّمة منها لحضور مفاوضات جنيف، يوم 14 أغسطس (آب) الحالي، وشروط مشاركة الحكومة السودانية في المفاوضات. وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي، دعت واشنطن الجيش وقوات «الدعم السريع» إلى هذه المفاوضات؛ من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وفي مقابل الموافقة السريعة لقوات «الدعم السريع»، على الدعوة الأميركية، شدّدت وزارة الخارجية على «ضرورة التشاور المسبق مع الحكومة السودانية حول شكل وأجندة أي مفاوضات». وقال دبلوماسي سوداني، مقرُّه في السعودية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الوفد وصل إلى جدة؛ «ليبحث مع مسؤولين أميركيين شروط مشاركة الحكومة في مباحثات جنيف».

عائلات نازحة بسبب المعارك في ولايتي الجزيرة وسنار تلجأ إلى مخيم للنزوح بولاية كسلا 10 يوليو (رويترز)

وأوضحت واشنطن، في وقت سابق، أن مفاوضات جنيف، التي ترعاها السعودية، ستضم الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة «مراقبين».

ووفقاً لمعلومات سابقة، فإن الوفد سيبحث مع الوفد الأميركي «مصير إعلان جدة الإنساني»، وسيعلن اعتراضه على مقترح مشاركة دول بعينها في قائمة المراقبين بالمباحثات المنتظرة.

ويضم الوفد وفد الجيش إلى مفاوضات جدة، والذي كان يتكون من: الفريق محجوب بشري رئيساً، واللواء أبو بكر فقيري، والمقدم طلال سليمان، والسفير عمر صديق، ويُنتظر أن يشارك في المباحثات سفير السودان لدى الرياض، دفع الله الحاج.

ترحيب «الدعم»

من جهته، أعلن قائد قوات «الدعم السريع» ترحيبه بالمباحثات منذ الدعوة إليها، وأبلغ واشنطن بمشاركته الرسمية في المحادثات بوفده السابق إلى مفاوضات جدة، ويرأسه العميد عمر حمدان، ويضم المستشارين محمد المختار وعز الدين الصافي، وآخرين.

ووجّهت «الخارجية» الأميركية، الشهر الماضي، الدعوة لطرفي الحرب في السودان للمشاركة في مفاوضات جنيف، بمشاركة المملكة العربية السعودية، وحضور الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، بصفة «مراقبين».

من جانبه، قال مجلس السيادة الانتقالي إن إرسال وفده إلى جدة ينطلق من حرص «حكومة السودان» على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في البلاد، ورفع المعاناة الناتجة عن الحرب.

عائلات تفرّ من المعارك في ولاية سنار مع تقدم قوات «الدعم السريع» 6 يونيو 2024 (رويترز)

وقال رئيس الوفد السوداني، في تصريح على حسابه بمنصة «فيسبوك»، إن أولويات وفده تتلخص في بحث معاناة الوطن والمواطن جرّاء الحرب وانتهاكات «الميليشيا المتمردة»، وصمت المنظمـات الحقوقيـة والمجتمـع الدولـي.

واشترطت حكومة بورتسودان، يوليو (تموز) الماضي، من بين الأولويات التشاور المسبق حول أجندة وأطراف التفاوض، وتنفيذ إعلان جدة، ووقف توسع قوات «الدعم السريع».

ونصَّ إعلان جدة الإنساني، الموقَّع بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، بعد نحو شهر من اندلاع الحرب بينهما، على «اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة، لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق المدنيين، وإخلاء المراكز الحضرية، بما فيها مساكن المدنيين، ورفض استخدام المدنيين دروعاً بشرية»، وهو النص الذي عدَّه الجيش انسحاباً لقوات «الدعم السريع»، واشترط تنفيذه قبل أي مفاوضات جديدة مع «الدعم السريع».

من جانبه، عدَّ رئيس «حزب الأمة»، مبارك المهدي، في حسابه على منصة «إكس»، لقاء الوفدين خطوة صحيحة، وقال إن لقاء الوفد الأميركي كان من الأكرم للجيش أن يجري على أرض سودانية؛ في إشارة لرفض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لقاء المبعوث الأميركي في مطار بورتسودان لتقديرات أمنية أميركية.

وانتقد المهدي إيكال رئاسة الوفد إلى وزير المعادن بقوله: «كان يجب أن يرأس الوفد وزير الخارجية وفق الاختصاص، وهو دبلوماسي محترف ووكيل وزارة الخارجية». وعدَّ تسمية وزير المعادن رئيساً للوفد «خطأ كبيراً»، بوصفه وزيراً تابعاً للحركات المسلَّحة التي أتت للحكومة وفقاً لاتفاق جوبا لسلام السودان، ووصفها بأنها قاتلت بأجر في ليبيا وجنوب السودان، وأن ذلك قد يلقي بظلاله على جدية الفريق البرهان.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

العالم العربي أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر إكس)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم السبت «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.