تحرّكات مصرية مُكثّفة لاحتواء التصعيد بالمنطقة

الدخان يتصاعد بجنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)
الدخان يتصاعد بجنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)
TT

تحرّكات مصرية مُكثّفة لاحتواء التصعيد بالمنطقة

الدخان يتصاعد بجنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)
الدخان يتصاعد بجنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

في محاولة لاحتواء التصعيد في المنطقة، كثّفت القاهرة تحركاتها ومشاوراتها مع الأطراف الدولية والإقليمية، حيث أجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، اتصالات مع نظيرَيه في إيران ولبنان، حذّر خلالها من «مخاطر توسيع رقعة الصراع على استقرار وأمن المنطقة».

وعَدَّ عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الإيراني المكلّف، علي باقري كني، مساء السبت، التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة «غير مسبوقة، وعلى قدر كبير من الخطورة». وقال إنها «تُنذر بتوسيع رقعة الصراع بشكل يُهدّد استقرار دول المنطقة ومصالح شعوبها»، حسب إفادة رسمية للمتحدث باسم وزارة الخارجية والهجرة المصرية، السفير أحمد أبو زيد.

وجدّد وزير الخارجية والهجرة المصري «التأكيد على موقف بلاده، الداعي إلى وقف الحرب على قطاع غزة، بوصفها سبباً رئيسياً لزيادة حدة التوتر والمواجهة في الإقليم»، مشدّداً على «موقف القاهرة الرافض للسياسات التصعيدية الإسرائيلية، وسياسة الاغتيالات، وانتهاك سيادة الدول».

وقال عبد العاطي إن «تلك السياسات لن تصبّ في مصلحة أي من الأطراف، ولن تؤدي إلا لتأجيج الصراع على النحو الذي يصعُب معه احتواء الأزمة»، حسب الإفادة الرسمية لـ«الخارجية المصرية».

بينما أعرب وزير خارجية إيران المكلَّف عن «تقديره للمبادرة المصرية بالتواصل، وحرصها على أمن واستقرار المنطقة».

مواطنون يسيرون على أنقاض منزل مُدمَّر بالضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

وفي سياق متصل، أكّد وزير الخارجية والهجرة المصري خلال اتصال هاتفي، مساء السبت، مع نظيره اللبناني، عبد الله بوحبيب، «دعم بلاده ومساندتها للبنان في مواجهة التهديدات المحيطة به»، وأشار، حسب إفادة رسمية، إلى «ما تقوم به القاهرة من اتصالات مكثفة مع الأطراف المعنية والفاعلة كافةً بهدف احتواء التصعيد الجاري، والحفاظ على مصالح الشعب اللبناني».

وأعرب عبد العاطي عن «القلق البالغ تجاه تزايُد وتيرة التصعيد بشكل خطير في المنطقة، وتأثيراته المحتملة على أمن واستقرار لبنان»، داعياً إلى «ضرورة تكاتف الجهود، للحيلولة دون تدهور الأوضاع، والانزلاق إلى توسيع رقعة المواجهة، بشكل يؤدي إلى تداعيات شديدة الخطورة على أمن واستقرار الإقليم».

كما أكّد وزير الخارجية اللبناني «حرصه على التنسيق بشكل دائم مع مصر، حيال ما تواجهه بلاده من ظروف دقيقة للغاية في تلك المرحلة»، وفق «الخارجية المصرية».

وتأتي الاتصالات في ضوء تحذيرات إقليمية ودولية من مخاطر اتساع رقعة الصراع في المنطقة، لا سيما مع تهديدات إيرانية بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في طهران الأسبوع الماضي، واستمرار توتر الأوضاع على الجبهة اللبنانية.

ووفق متحدث «الخارجية والهجرة المصرية» فإن «القاهرة تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للتأكيد على خطورة الوضع في الشرق الأوسط، ومعالجة أسباب وجذور الأزمة، وضبط النفس».

وقال خلال تصريحات متلفزة، مساء السبت، إن «سياسة التصعيد الإسرائيلي المستمرة، على خلفية انتهاج سياسة الاغتيالات السياسية، وانتهاك سيادة الإقليم، تعرّض الوضع للانفجار في أي لحظة».

وأشار إلى أن «الوضع في غزة يؤثر على مصالح الجميع، ولا بد من إنهاء هذه الحرب، ووضع حد لها في أسرع وقت ممكن».

فلسطينيون يتفقّدون دراجة نارية محترقة بعد غارة للجيش الإسرائيلي على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس (إ.ب.أ)

وكانت مصر أدانت، الأسبوع الماضي، سياسة التصعيد الإسرائيلية. وحذّرت من «مغبة سياسة الاغتيالات، وانتهاك سيادة الدول الأخرى، وتأجيج الصراع في المنطقة». وشهدت الأيام الأخيرة اتصالات مصرية مع عدد من الفاعلين الدوليين للتشاور وتنسيق المواقف بشأن تبعات التصعيد في المنطقة.

وقال مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، إن «الاتصالات تأتي في إطار إرسال رسائل للأطراف كافةً بشأن تداعيات أي تصعيد في المنطقة»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لديها قنوات اتصال مفتوحة مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، والأطراف الإقليمية والدولية كافةً، وفي ضوء تقديرها لتبعات رد إسرائيل على أي هجوم محتمل من جانب إيران أو (حزب الله)، فإنها تسعى لتحذير الأطراف كافةً من مغبّة التصعيد وخطورته على المنطقة».

وأوضح أن «هذه التحركات المصرية تأتي في سياق استدعاء ملف الوساطة، لكن بشكل مختلف، في إطار استثمار العلاقات مع الأطراف كافةً، لنقل رسائل تستهدف أن يبقى الرد والرد المضاد من جانب إيران وإسرائيل في نطاق الرد المحسوب»، مشيراً إلى أنه «رغم أهمية هذا الرسائل فإنه ليس بالضرورة أن تغيّر مسار الأحداث».

كما رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أن «أي اتصالات دبلوماسية من أجل احتواء الموقف، يجب وضعها في الإطار الإقليمي والعالمي»، وقال: «لا يوجد دولة بمفردها تستطيع أن تحُول دون اندلاع حرب شاملة، فالأمر مرتبط بجهد عربي وإقليمي ودولي».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الجهود كافة لاحتواء التصعيد تصطدم بأمرين؛ الأول: اليمين الإسرائيلي المتطرف، والثاني: تأثّر دور الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، لا سيما مع صراع حزبي، واستقطاب سياسي يُضعِف قدرة واشنطن نسبياً».


مقالات ذات صلة

لماذا ترفض عائلات بعض الأسرى الإسرائيليين اتفاق غزة؟

شؤون إقليمية أقارب وأصدقاء الإسرائيليين الذين قتلتهم واختطفتهم «حماس» يتفاعلون مع الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن أمس (أ.ب)

لماذا ترفض عائلات بعض الأسرى الإسرائيليين اتفاق غزة؟

يعارض أعضاء أقلية متطرفة إسرائيلية إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل بوصفهم جزءاً من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )
المشرق العربي فتيات فلسطينيات يمررن أمام خيام تؤوي فلسطينيين نازحين في مخيم قبل وقف إطلاق النار المقرر أن يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد في مدينة غزة (رويترز)

منظمات إغاثة تخطط لتوسيع عملياتها في غزة بعد وقف إطلاق النار

ذكرت منظمات إغاثية أنها تخطط لتوسيع عملياتها بسرعة في قطاع غزة بمجرد دخول وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه حيز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يلعبون بجوار مبنى دمره قصف إسرائيلي وسط قطاع غزة (أ.ب)

بعد ساعات من اتفاق وقف إطلاق النار... إسرائيل تكثف غاراتها على غزة

كشف تلفزيون «الأقصى» الفلسطيني أن 22 شخصاً لقوا حتفهم جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم (الخميس)، وذلك قبل أيام من بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ) play-circle 00:57

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

كشف سامي أبو زهري المسؤول في حركة «حماس» لوكالة «رويترز» اليوم (الأربعاء) إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «إنجاز كبير».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رجل يُلوح بالعلم الفلسطيني وسط أنباء عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

احتفالات في غزة باتفاق وقف إطلاق النار (صور)

احتفل آلاف الفلسطينين في قطاع غزة اليوم (الأربعاء) بإعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمعتقلين بين اسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
TT

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

وقال البرهان مخاطباً حشوداً في بورتسودان: «عهدنا مع الشعب السوداني، ولن يهدأ لنا بال إلا بالقضاء على هذه الميليشيا المتمردة ودحرها».

وأشار رئيس مجلس السيادة إلى استمرار المعارك العسكرية على كل المحاور، داعياً المسلحين إلى إلقاء السلاح. وقال: «كل من ترك السلاح نرحب به».

واستعاد الجيش السوداني، يوم السبت، مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في وسط السودان بعد أن سيطرت عليها «قوات الدعم السريع» لفترة طويلة.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023 بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة في خضم عملية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019.