تونس: توقيف 3 ناشطين بتهمة تزوير تواقيع التزكية لمرشحين للانتخابات الرئاسية

أحدهم يملك قاعدة بيانات تحتوي على 19887 هوية

أعضاء هيئة الانتخابات في جلسة حول الإعداد للانتخابات (موقع الهيئة)
أعضاء هيئة الانتخابات في جلسة حول الإعداد للانتخابات (موقع الهيئة)
TT

تونس: توقيف 3 ناشطين بتهمة تزوير تواقيع التزكية لمرشحين للانتخابات الرئاسية

أعضاء هيئة الانتخابات في جلسة حول الإعداد للانتخابات (موقع الهيئة)
أعضاء هيئة الانتخابات في جلسة حول الإعداد للانتخابات (موقع الهيئة)

أوقف القضاء التونسي ثلاثة أشخاص ينشطون في حملات جمع تواقيع تزكية لمرشحين للانتخابات الرئاسية، المقرّرة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بتهمة «التدليس»، على ما أفاد متحدث قضائي، الأربعاء، لإذاعة محلية.

وأوضح مكتب المتحدث القضائي باسم المحكمة الابتدائية، في تصريح لراديو «موزاييك إف إم» الخاص، أنه تم «حجز عدد كبير من التزكيات، فاق عددها 10 آلاف تزكية بأسماء مجموعة من المترشحين للانتخابات الرئاسية». وبينت الأبحاث «قيام المشتبه بهم بتزوير التزكيات، من خلال تحوز أحدهم على قاعدة بيانات تحتوي على 19887 هوية»، وفقاً للمصدر نفسه.

ووجهت لهم تهمة ارتكاب «جرائم تكوين والانخراط في مجموعة إجرامية، والتدليس ومسك واستعمال مدلس». والثلاثاء، أعلن الناشط السياسي وصاحب موقع إخباري، نزار الشعري، أن ناشطاً في حملته الانتخابية، ومديرها لطفي السعيدي المتقاعد من الجيش تم توقيفهما. وأكد في مقطع فيديو بثه على صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»: «لم ولا ولن نشتري تزكيات أو ندفع مقابلاً».

وانطلقت، الاثنين، عملية تقديم ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية، التي ترشح لها الرئيس قيس سعيّد، وسط انتقادات واسعة بعد أن شددت هيئة الانتخابات من شروط الترشح. وقيّدت هيئة الانتخابات شروط الترشح لتصبح أشد صرامة، وأصبحت تتطلب التزكية من خلال جمع تواقيع 10 نواب في البرلمان، أو 40 رئيساً للسلطات المحلية، أو 10 آلاف ناخب (500 توقيع على الأقل في كل دائرة انتخابية). وسيستمر تقديم الترشحات حتى 11 أغسطس (آب).

وأعلن سعيّد ترشحه لولاية ثانية «لمواصلة مسيرة النضال في معركة التحرير الوطنية»، وقال إنه بذلك يلبي «الواجب الوطني المقدس». ويحتكر سعيّد السلطات في البلاد منذ صيف عام 2021، وغيّر الدستور في عام 2022 ليحظى بصلاحيات واسعة، ويصير بمقدوره اتخاذ القرارات منفرداً. وتنتقد العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية، ما تعتبره «تراجعاً للحريات» في البلاد.

وفي هذا السياق، أكدت منظمة العفو الدولية، في بيان، أن «القمع الحكومي يغذي الخوف بدلاً من المناقشات الجدية للمشهد السياسي التعددي»، وندّدت بالاعتقالات «التعسفية» للمعارضين، و«القيود والملاحقات القضائية» ضد بعض المرشحين، وسجن الصحافيين.



بعد نجاته من الاغتيال... البرهان يضع شروطاً للتفاوض

TT

بعد نجاته من الاغتيال... البرهان يضع شروطاً للتفاوض

البرهان يحيي ضباط في الجيش خلال حفل تخرج عدد منهم بقاعدة جبيت العسكرية (شرق) (رويترز)
البرهان يحيي ضباط في الجيش خلال حفل تخرج عدد منهم بقاعدة جبيت العسكرية (شرق) (رويترز)

عقب نجاته من محاولة اغتيال كادت تودي بحياته، حدد قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، شروطاً جديدة للتفاوض مع «قوات الدعم السريع»، وعلى رأسها الاعتراف بالحكومة والتفاوض معها، ومشاركة الحركات المسلحة الموالية للجيش في التفاوض.

وتعرّض موكب البرهان لهجوم شنّته طائرات من دون طيار «درون» مجهولة، استهدفت استعراضاً عسكرياً كان يشارك فيه بمنطقة جبيت العسكرية شرق البلاد، لقي جراءه خمسة أشخاص مصرعهم وأصيب آخرون، وذلك وفقاً لبيان رسمي صادر عن الجيش، في حين ذكرت مصادر أن ثلاثة آخرين توفوا لاحقاً في المستشفى متأثرين بجراحهم.

وقال مكتب الناطق الرسمي باسم الجيش في بيان مقتضب، إن المضادات الأرضية تصدت لمسيّرتين معاديتين، استهدفتا موقع الاحتفال بتخريج دفعات من الكليات الحربية والجوية والبحرية، وإن العملية تسببت في استشهاد خمسة أشخاص ووقوع إصابات طفيفة يجري حصرها، بينما تحدثت مصادر عن أربع مسيّرات، بينها اثنتان صدتهما المضادات الأرضية، بينما أصابت الاثنتان الأخريان المنطقة العسكرية، وقتلتا خمسة عسكريين في الحال، وتوفي ثلاثة آخرون لاحقاً متأثرين بجراحهم.

البرهان: التفاوض بشروطنا

وهجوم المسيرات على شرق البلاد هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب منتصف أبريل (نيسان) 2023، في منطقة تبعد أكثر من 500 كيلومتر عن مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»؛ ما أثار أسئلة بشأن الجهة التي أطلقتها ومن أين أتت، وما إن كانت قادمة من جهة «الدعم السريع» أو من طرف ثالث ضالع في محاولة لتصفية قائد الجيش.

وبعد ساعات من موعد الخطاب التقليدي بالمناسبة، أكد البرهان استمرار القتال حتى القضاء على «المتمردين» (يقصد «قوات الدعم السريع») وأن الجيش لن يستسلم ولن يتراجع و«لن يفاوض».

لكنه أبدى موافقة مشروطة على التفاوض بقوله: «نحن ما عندنا مانع، ونقول لأي (زول) يريد السلام: حبابك، كلنا دايرين السلام، وأن تقف الحرب اليوم قبل الغد، لكن إلاّ ورأسنا مرفوع ومنتصرين، لكن مع وجود العدو في بيوت الناس ويقتل فيهم، ويحاصر الفاشر وبابنوسة وقرى الجزيرة، لن تقف الحرب، وعلى من يريد إنهاء الحرب إخراجهم من الجنينة والجزيرة وحول الفاشر وبيوت الناس».

وحدد البرهان شروط المشاركة في المفاوضات المزمعة بأن تكون مع «الحكومة السودانية» وبمشاركة الحركات المسلحة الموالية للجيش، بقوله: «سمعنا أن هناك مفاوضات، نرحب بها، لكن الجهة التي يجب أن تتم دعوتها هي الحكومة وليس الجيش وحده، فالمواطنون والحركات الموقعة على اتفاق جوبا تقاتل معه، مع أخذ رأي الجيش ومشاورته».

وجزم: «لن يجبرنا أحد للسماع له أو ليعطينا التعليمات والتوجيهات. طالما نحن أحياء، فإن التوجيهات عندنا نحن وليس عند أحد آخر».

تحذير إلى لعمامرة

في الوقت ذاته، وجّه البرهان رسالة تحذير لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، من تبني ما أطلق عليه «رؤية المتمردين»، وتابع: «نقول للعمامرة، إذا أردت المشي في الطريق الصحيحة، لا تتبنَ أي رؤية للمتمردين، وتعال عندنا لنتفاهم قبل تقديم أي مبادرة، وحتى الدول الراغبة في تقديم مبادرات عليهم المجيء إلينا».

البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة في يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

وتوعّد البرهان برد حاسم على «قوات الدعم السريع»، وقال: «سنرد عليهم، وقريباً جداً سترون ردنا»، وتابع: «هذا الجيش عظيم ومؤسسة عريقة، وسنبذل أرواحنا وحياتنا للحفاظ عليها».

وأثار الهجوم الذي استهدف البرهان موجة أسئلة، حول ما إذا كانت العملية محاولة «اغتيال» تستهدفه أم تطوراً جديداً في الحرب، أم أن طرفاً ثالثاً يسعى للتخلص منه والحيلولة دون ذهابه لمفاوضات جنيف استجابة للمبادرة الأميركية.

«الدعم السريع» ينفي

ونفت «قوات الدعم السريع» من جهتها، في سابقة تعدّ الأولى منذ بدء الحرب، ضلوعها في محاولة قتل البرهان، والتي وصفها المستشار السياسي لقائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، في تعليق مقتضب لـ«الشرق الأوسط» بأنها «محاولة لاغتيال البرهان» في حال موافقته على إرسال وفد من الجيش إلى مفاوضات جنيف.

واعتبر الباشا «محاولة الاغتيال» التي تعرّض لها الرجل بالطيران المسيّر في جبيت «رسالة واضحة من تيار الحرب داخل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي»، وتوقع المزيد من عمليات التصفيات والاغتيالات داخل الجيش، تستهدف قادته.

خبير عسكري: هناك طرف ثالث

ووصف خبير عسكري طلب عدم الكشف عن اسمه ما حدث في جبيت بـ«الورطة»، سواء كان من يقف خلفها «الدعم السريع» أو جهة ثالثة. وقال: «إذا كانت (الدعم السريع) وراء العملية فهذا يعني أنها امتلكت مسيّرات حديثة تقطع مسافات طويلة وتصيب أهدافها بدقة، أو أن هناك خلايا نائمة تابعة لها ومدربة جيداً للوصول إلى قائد الجيش نفسه».

ورأى الخبير أن من يشنّون التهديدات على وسائط التواصل الاجتماعي الموجهة للرجل من أنصار استمرار الحرب من الإسلاميين وأعضاء «حزب المؤتمر الوطني» وحملات التخويف التي يتعرض لها، لمنعه من التفاوض مع «الدعم السريع»، ربما يكونون وراء المحاولة، بقوله: «أرجّح أن يكون ما يعرف بالطرف الثالث أرسل رسالة تهديد واضحة للبرهان».

جانب من حفل تخريج ضباط جدد بقاعدة جبيت العسكرية (شرق) قبيل استهدافه بمسيّرات الأربعاء (موقع مجلس السيادة بمنصة إكس)

ووافقه الرأي أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعات السودانية، الدكتور عبد الناصر علي الفكي، الرأي بتساؤله: «من كان يجيّش العاطفة الشعبية ويحشدها تجاه الرجل طوال الأيام القليلة الفائتة؟».

وأرجع الفكي الحادثة إلى ما أسماها «المواقف المتباينة والصراع الداخلي حول الحرب والتفاوض» في معسكر البرهان، وقال: «داخل معسكر الحرب تحتدم الصراعات، وتتضارب المواقف بين وزارة الخارجية والجيش»، مشيراً إلى تهديدات مساعد البرهان، الفريق أول ياسر العطا، للدول والأطراف السياسية، وتزامنها مع الخطاب التحريضي الهادف لعودة نظام الرئيس المخلوع عمر البشير عبر كتائب الإسلاميين.

من جانبه، اعتبر الصحافي عثمان فضل على صفحته في منصة «فيسبوك» ما حدث، تقصيراً أمنياً أو تواطؤاً كبيراً في دوائر حماية القائد العام، تجسّد في عدم تأمين الحفل. وأضاف: «تحدث بيان الجيش عن التصدي للمسيّرات، لكن الفيديوهات تؤكد عكس ما قال البيان، ولم تسمع أصوات مضادات أرضية؛ ما يعضد فرضية الإهمال ونظرية المؤامرة»، وتساءل: «إذا افترضنا أن المسيّرة انطلقت من مكان قريب أو بعيد، فكيف عبرت حتى وصلت هدفها»؟.

وخلص فضل الله إلى أن استهداف البرهان يحتمل التأويلات كافة، ومنها أن يكون الحادث اختراقاً داخلياً ناتج من تصدعات معسكر الحرب. «سيما وأن من يملك مسيّرات هي القوات المسلحة وكتيبة (البراء بن مالك) التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين»، ولم يستبعد فرضية أن يكون قد قامت بها «الدعم السريع» من نقاط تواجدها أو عبر خلايا نائمة في منطقة قريبة.