«هدنة غزة»... الوسطاء أمام «اختبار صعب» عقب اغتيال هنية

مصر عدت التصعيد مؤشراً على غياب الإرادة السياسية للتهدئة

رجل فلسطيني يخطو بين الأنقاض عقب غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
رجل فلسطيني يخطو بين الأنقاض عقب غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
TT

«هدنة غزة»... الوسطاء أمام «اختبار صعب» عقب اغتيال هنية

رجل فلسطيني يخطو بين الأنقاض عقب غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
رجل فلسطيني يخطو بين الأنقاض عقب غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)

تعرضت مفاوضات «هدنة غزة» إلى «ضربة قاصمة» عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، رغم حديث أميركي - إسرائيلي عن «ضرورة الالتزام بمسار المحادثات وإبرام صفقة الرهائن».

ووفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن الوسطاء أمام «اختبار صعب ومشهد شديد التعقيد» عقب اغتيال هنية، ما قد «يعرقل» استمرار المفاوضات، وسط ترجيحات بدخولها في حالة «تجميد مؤقت»، قد تتلوها «انفراجة» والذهاب لصفقة، بعد تدخل أطراف ذات ثقل، و«تراجع» من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وتراوح مفاوضات غزة في مكانها، خصوصاً بعد انتهاء محادثات روما، الأحد الماضي، بلا أي نتيجة، وما تلاها من تبادل «حماس» وإسرائيل اتهامات بعرقلة نجاحها، قبل أن يواجه مسار التفاوض معضلة جديدة مع اغتيال هنية، واتهام إسرائيل بالوقوف وراء العملية.

وقدر المسؤول في «حماس» بلبنان، أيمن شناعة، الأربعاء، أن اغتيال هنية «سوف يعقد المفاوضات وربما يؤدي إلى انهيارها». وبينما التزمت إسرائيل الصمت، قال متحدث باسم حكومتها ديفيد منسر: «إن بلاده ملتزمة بالمفاوضات وتريد إبرام صفقة تبادل»، وفق ما نقلته «رويترز».

أما الدول الثلاث: مصر وقطر والولايات المتحدة التي تحركت في مسارات منذ أشهر لوقف الحرب، فهي تتخوف من تداعيات اغتيال هنية على المفاوضات، والسعي إلى وقف إطلاق النار.

فلسطينيون يشقون طريقهم للعودة إلى الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)

وحذرت مصر في بيان لوزارة الخارجية من «سياسة الاغتيالات». وعدت أن تزامن هذا التصعيد الإقليمي مع عدم تحقيق تقدم في المفاوضات «يزيد من تعقيد الموقف ويؤشر إلى غياب الإرادة السياسية الإسرائيلية للتهدئة ويقوض الجهود المضنية لوقف الحرب».

فيما نددت قطر بالواقعة على لسان رئيس الوزراء ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي قال في تغريدة: «نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض يدفع إلى التساؤل: كيف يمكن أن تجرى مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل مَن يفاوضه في الوقت ذاته!»، مؤكداً أن «السلام بالمنطقة بحاجة إلى شركاء جادين».

كما ناقش الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال لقاء بقطر مع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، تداعيات اغتيال هنية، وفق بيان للخارجية القطرية، أكد أن الجانبين شددا على أهمية مواصلة العمل من أجل «التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة يخفف معاناة الشعب الفلسطيني، ويضمن إطلاق سراح الرهائن والأسرى، ويفتح الباب أمام إمكانية تحقيق استقرار أوسع نطاقاً، ويجنب المنطقة تصعيداً أكبر».

وعملية اغتيال هنية تجعل المشهد أمام الوسطاء «شديد التعقيد»، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، الذي أكد تعرض المفاوضات إلى «ضربة قاصمة»، لافتاً إلى أن تلك العملية تؤكد أن «نتنياهو مُصر على التصعيد والتضحية بالمفاوضات والرهائن». ويعتقد أن فرص الوسطاء حالياً بعد تلك العملية «باتت محدودة» مع تعرض جهود التوصل لاتفاق لـ«أزمة عنيفة»، متوقعاً «ألا تستأنف قريباً».

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ويتفق معه الأكاديمي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أحمد فؤاد أنور، الذي يعتقد أن اغتيال هنية يضع جهود الوسطاء في «اختبار صعب» بشأن كيفية استمرار مسار التفاوض في وجود «طرف متعنت»، مؤكداً أن «الأزمة ستلقي بظلالها على كل شيء»، وكأن المفاوضات «اصطدمت بجدار»، لافتاً إلى أن نتنياهو، «مُصر على أن يعرقل أي تقدم»، خصوصاً أن المفاوضات كانت تنتظر عقد لقاءات قريبة لبحث تذليل الفجوات.

وكان مكتب نتنياهو تحدث، الأحد، عن أن المحادثات بشأن القضايا الرئيسية حول صفقة الرهائن ستستمر «في الأيام المقبلة»، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر قولها: «إن محادثات صفقة التبادل ستتأثر في المرحلة الأولى نظراً للدور المهم الذي لعبه هنية فيها».

وعن مستقبل المفاوضات، توقع السفير حجازي أنها «لن تستأنف مرة أخرى إلا بضمانات وتدخل أطراف دولية ذات ثقل»، وسيأخذ ذلك وقتاً، خصوصاً مع توقع رد من جانب «حماس» أو إيران، أو «حزب الله اللبناني» على ما حصل في طهران والضاحية الجنوبية لبيروت.

ورجح أنور، أن تتجه المفاوضات إلى «تجميد مؤقت»، مؤكداً أن هذا هو المنطق الذي يفرضه تسلسل الأحداث والتصعيد المحتمل. إلا أنه توقع في الآن نفسه، أن تشهد المفاوضات بعد فترة «انفراجة»، مع «النجاحات الاستخباراتية» وإحساس نتنياهو بأنه «حقق نصراً» من خلال تنفيذ أحد أهم أهدافه في مواجهة «حماس».


مقالات ذات صلة

الشرق الأوسط يترقب تداعيات اغتيال هنية وشكر

المشرق العربي 
تشييع طفل لبناني وشقيقته في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس غداة مقتلهما بغارة إسرائيلية اغتالت فؤاد شكر... وقالت وسائل إعلام حكومية لبنانية إن 5 أشخاص على الأقل قُتلوا جراء الغارة (إ.ب.أ)

الشرق الأوسط يترقب تداعيات اغتيال هنية وشكر

رفعت عمليتا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، وقبله بساعات قليلة القائد العسكري في «حزب الله» فؤاد شكر.

نظير مجلي (تل أبيب) نذير رضا (بيروت) «الشرق الأوسط» (غزة - طهران)
خاص «هو حماس بحالها»... كيف تلقت شقيقة إسماعيل هنية خبر وفاته؟ (فيديو)

خاص «هو حماس بحالها»... كيف تلقت شقيقة إسماعيل هنية خبر وفاته؟ (فيديو)

تحدثت سهيلة عبد السلام هنية، شقيقة المسؤول السياسي في حركة «حماس» إسماعيل هنية، عن لحظات تلقيها خبر وفاته.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي إسماعيل هنية يزور منزلاً مدمراً احتله جنود إسرائيليون لمدة 3 أيام شمال قطاع غزة عام 2006 (أ.ف.ب)

بعد اغتيال هنية... سكان غزة يخشون إطالة أمد الحرب

بعد ساعات من اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في إيران، أعرب السكان القلقون في غزة عن مخاوفهم من أن يؤدي مقتله إلى إطالة أمد الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي المرشد الإيراني علي خامنئي في لقاء مع إسماعيل هنية بطهران 30 يوليو (رويترز)

الرواية الإسرائيلية السرية لاغتيال هنية... الضربة من داخل إيران

رغم الصمت الرسمي المطبق فإن المعلومات المسربة عن اغتيال إسماعيل هنية تتحدث عن روايات مغايرة عما ينشر في طهران من أن الصاروخ انطلق من دولة مجاورة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس مجلس النواب الإيراني محمد باقر قاليباف (يسار) يحيي إسماعيل هنية (يمين) قبل مراسم أداء اليمين للرئيس الإيراني الجديد في طهران (د.ب.أ) play-circle 00:36

بالصور... آخر ظهور لهنية قبل اغتياله في طهران

استيقظ العالم، الأربعاء، على خبر اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، مع أحد حراسه الشخصيين في غارة إسرائيلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«الوحدة» الليبية تدعو ألمانيا لمساعدتها في رفع الحظر الجوي

الكوني خلال لقاء رئيس مفوضية الانتخابات (المجلس الرئاسي)
الكوني خلال لقاء رئيس مفوضية الانتخابات (المجلس الرئاسي)
TT

«الوحدة» الليبية تدعو ألمانيا لمساعدتها في رفع الحظر الجوي

الكوني خلال لقاء رئيس مفوضية الانتخابات (المجلس الرئاسي)
الكوني خلال لقاء رئيس مفوضية الانتخابات (المجلس الرئاسي)

دعت حكومة «الوحدة» الليبية «المؤقتة» ألمانيا لمساعدتها في «رفع الحظر الجوي عن الطائرات الليبية»، وقال رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الوحدة، محمد الحداد، مساء الثلاثاء، إنه بحث مع الملحق العسكري البريطاني الجديد آفاق التعاون المشترك، وتعزيز سبل الدعم في مجالات التدريب والاستشارات العسكرية والأمنية بين البلدين.

اجتماع الحداد مع الملحق العسكري البريطاني (رئاسة أركان القوات الموالية للوحدة)

وقال وزير المواصلات بحكومة «الوحدة»، محمد الشهوبي، إنه بحث مع سفير إيطاليا، جيانلوكا ألبيرني، مشروع صالة مطار طرابلس العالمي والعقبات أمام استكماله، رغم توفير التمويل المالي اللازم، ودعا الشركة الإيطالية المنفذة للمشروع إلى ضرورة «التقيد بموعد محدد لتسليمه وفق العقد المبرم معها»، نظراً لأهمية هذا المشروع، الذي قال إنه سيخدم سفر المواطنين وتنقلاتهم، وسيدعم حركة النقل الجوي بين ليبيا والدول الأخرى، وأكد أنه لا يوجد أي مبرر لعملية التأخير، وموضحاً أنهما بحثا أيضاً مشروع الطريق البديل امساعد – رأس جدير، والمراحل التفاوضية بشأنه، والعمل على المتابعة الدقيقة لاستكمال متطلبات التنفيذ.

وزير المواصلات بحكومة الوحدة خلال لقاء سفير إيطاليا (حكومة الوحدة)

وكان الشهوبي قد دعا السفير الألماني، رالف طراف، الذي ناقش معه تفعيل التعاون المشترك بين البلدين، وعودة الشركات الألمانية للعمل في ليبيا إلى مساعدة الجانب الليبي في رفع الحظر الجوي عن الطائرات الليبية، وعودة الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين.

ومن جانبه، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية، سامر المجالي، أنها ستستأنف رحلاتها إلى ليبيا خلال سبتمبر (أيلول) المقبل، بواقع 3 رحلات أسبوعياً على الأقل، موكداً في تصريحات له «إجراء الشركة مسحاً أمنياً للمطارات الليبية ومساراتها».

في غضون ذلك، قال عضو المجلس الرئاسي، موسى الكوني، إنه ناقش مع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح، سبل دعم العملية الانتخابية، وجاهزية المفوضية لتنفيذ انتخابات المجالس البلدية.

وأوضح الكوني أن السايح أحاطه بمدى جاهزية المفوضية لتنفيذ انتخابات المجالس البلدية، والتحديات التي تواجهها. ونقل عنه إشادته بجهود المجلس الرئاسي في دعم العملية السياسية، التي تمهد الطريق لإجراء الانتخابات.

موسى الكوني (وسط) ناقش مع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات سبل دعم العملية الانتخابية (المجلس الرئاسي)

وعبر الكوني عن تقديره للجهود التي تبذلها المفوضية لإنجاز انتخابات المجالس البلدية، مؤكداً دعم الرئاسي للمفوضية، بما يعزز جاهزيتها، ويهيئ المناخ الملائم لتنفيذ الاستحقاقات المقبلة.

بدوره، قال رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إنه تلقى خلال اجتماعه في مدينة القبة، مساء الثلاثاء، من رئيس ديوان المحاسبة عمر صالح، التقرير السنوي للعام الماضي، وخطة إعداد تقرير العام الحالي، كما اطلع على الإجراءات التي اتخذها الديوان مع الجهات الخاضعة لرقابته، فيما أسفرت عنه أعمال الفحص على حساباتها. وأشاد صالح بجهود العاملين بالديوان لتحقيق أهدافه في حماية الأموال العامة وصونها، داعياً إلى بذل المزيد من الجهود، التي تكفل حماية الأموال العامة من العبث والفساد، ومحاسبة المتسببين في ذلك، ومؤكداً أن الجميع تحت طائلة القانون ولا يعلوه أحد.

عبد الهادي الحويج ناقش مع رئيس ليبيريا سبل تعزيز العلاقات بين البلدين (الشرق الأوسط)

من جهتها، أعلنت حكومة «الاستقرار» الموازية، برئاسة أسامة حماد، أن وزيرها المفوض بالخارجية، عبد الهادي الحويج، ناقش مساء الثلاثاء، مع رئيس ليبيريا، جوزيف بواكاي، سبل «تعزيز العلاقات بين البلدين»، وأهمية عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، وأوجه التعاون المشترك في كافة المجالات، بما يخدم مصالح الشعبين. وأشارت «الاستقرار» إلى أن الحويج أطلع الرئيس الليبيري على آخر مستجدات الأزمة السياسية في ليبيا، والدور الذي تلعبه الحكومة في إعادة الإعمار، وعودة مرافق الدولة للعمل بكفاءة عالية.

من جهة ثانية، نعى رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، نجله عبد الرحمن، الذي توفي في تركيا بعد صراع مع المرض.

وكان الدبيبة قد أعرب، مساء الثلاثاء، عن تمنياته بشفاء ابنه، البالغ من العمر 36 عاماً، الذي قالت «وكالة الأنباء الليبية الرسمية»، الأربعاء، إنه توفي «بعد وعكة صحية مفاجئة ألمت به، حيث كان يخضع للعلاج في تركيا».