«قيود كثيرة» تعرقل مسار المرشحين لانتخابات الرئاسة التونسية

أبرزها تشديد شروط الترشح والملاحقات القضائية ضد «المنافسين» على سدة الحكم

التظاهرتان الأخيرتان كشفتا أن الرئيس سعيّد بات يتمتع بدعم هش بعيداً عن النتيجة التي نالها في 2019 (أ.ف.ب)
التظاهرتان الأخيرتان كشفتا أن الرئيس سعيّد بات يتمتع بدعم هش بعيداً عن النتيجة التي نالها في 2019 (أ.ف.ب)
TT

«قيود كثيرة» تعرقل مسار المرشحين لانتخابات الرئاسة التونسية

التظاهرتان الأخيرتان كشفتا أن الرئيس سعيّد بات يتمتع بدعم هش بعيداً عن النتيجة التي نالها في 2019 (أ.ف.ب)
التظاهرتان الأخيرتان كشفتا أن الرئيس سعيّد بات يتمتع بدعم هش بعيداً عن النتيجة التي نالها في 2019 (أ.ف.ب)

بدأ أمس (الاثنين) سباق الانتخابات الرئاسية التونسية، المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بتقديم ملفات الترشيحات، وسط قيود عدَّة يرى بعض الخبراء أن الهدف منها تمهيد الطريق لبقاء الرئيس قيس سعيّد في سدة الحكم.

وقيّدت هيئة الانتخابات شروط الترشح لتصبح أشد صرامة؛ حيث أصبحت تتطلب تزكية من 10 نواب في البرلمان، أو 40 رئيساً للسلطات المحلية، أو 10 آلاف ناخب (500 توقيع على الأقل من كل دائرة انتخابية)، وهو «رقم مهول»، وفقاً للمحلل السياسي أمين الخرّاط، عن مرصد «بوصلة» السياسي.

غازي الشواشي عن «حزب التيار الديمقراطي» (أ.ف.ب)

بدورها، أكدت الخبيرة في منطقة شمال أفريقيا من «المعهد الألماني للدراسات الدولية والشؤون الأمنية»، إيزابيل فيرينفيلز، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه «تمّ تشديد الشروط من خلال توكيل خاص لجمع نماذج التزكية (الرعاية)، فضلاً عن شروط أخرى لتقديم طلب الترشح».

عصام الشابي زعيم «الحزب الجمهوري» (أ.ف.ب)

ولم يتمكن اثنان من المعارضين السياسيين البارزين، الموقوفين بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي»، من الحصول على التوكيل الخاص، وهما عصام الشابي، زعيم «الحزب الجمهوري» وغازي الشواشي، عن «حزب التيار الديمقراطي»، وتخليا عن الانتخابات.

تضييق على المعارضين

الشابي والشواشي هما ضمن مجموعة مكونة من نحو 20 شخصية معارضة للرئيس سعيّد، موقوفين منذ فبراير (شباط) 2023 في إطار تحقيق واسع النطاق، نددت به المنظمات غير الحكومية، مثل منظمة العفو الدولية، ووصفته بأنه «ليس له أساس قانوني»، ويهدف إلى «قمع» المعارضة السياسية. تضاف إليهم المعارِضة والمحامية عبير موسي التي ترفع لواء الدفاع عن إرث الرئيس الأول للبلاد، الحبيب بورقيبة، والموقوفة منذ خريف عام 2023، بتهمة «التآمر على الدولة».

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» (أ.ف.ب)

ومن أجل ضمان الفوز بالسباق الرئاسي «تم تنظيم كل شيء لاستبعاد بعض المرشحين ذوي المصداقية الذين يمكن أن يمثلوا خطراً حقيقياً» على الرئيس سعيّد، في تقدير أحد المفكرين السياسيين، طلب عدم الكشف عن هويته.

انتُخب سعيّد رئيساً في أكتوبر 2019، وهو أستاذ قانون دستوري يبلغ من العمر 66 عاماً، ولم يكن له تاريخ سياسي يذكر؛ بل غالباً ما شارك في بعض البرامج السياسية التلفزيونية والإذاعية، لتقديم تحاليله وانتقاداته لدستور 2014. وفي خطوة غير منتظرة وغير مسبوقة، احتكر جميع السلطات منذ 25 يوليو (تموز)2021، ونتيجة لذلك نددت بعض المنظمات غير الحكومية التونسية والدولية بـ«الانحراف الاستبدادي»، بعد أن قام بتعديل الدستور في عام 2022، ووضع أسس نظام رئاسي يمنحه سلطة مطلقة.

مصداقية الانتخابات في المحك

يرى أمين الخرّاط أن هناك «كثيراً من العناصر التي تقلل من مصداقية الانتخابات»، منها الإعلان المتأخر للغاية عن الموعد، وتشديد شروط الترشح، وكذا المرسوم 54 المعتمد في 2022، لمعاقبة نشر «الأخبار الكاذبة» الذي تعرض لانتقادات واسعة، ويلاحق بسببه 60 شخصاً من الصحافيين والمحامين والناشطين.

تظاهرة نظمتها حركة «النهضة» للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)

والجمعة، عبَّرت منظمة العفو الدولية عن «القلق إزاء التدهور الشديد في الحقوق» في تونس، منذ أن «بدأ الرئيس سعيّد في احتكار السلطة»، بعد أن كانت البلاد مهد الاحتجاجات التي عُرفت باسم «الربيع العربي» في عام 2011. وقدَّرت المنظمة أن «القمع الحكومي يغذي الخوف، بدلاً من المناقشات الجدية للمشهد السياسي التعددي»، ونددت بالاعتقالات «التعسفية» للمعارضين، و«القيود والملاحقات القضائية» ضد بعض المرشحين، وسجن الصحافيين. وعزّر المناخ المتوتر طرح أسئلة كثيرة مفتوحة، وعمّق ضبابية المشهد السياسي في البلاد، وأصبح التساؤل حول من ستضم القائمة النهائية يحير الرأي العام.

في المقابل، أعلنت شخصيات كثيرة في مجالات السياسة والثقافة وحتى الجيش، نيتها الترشح. ومن بين هؤلاء مغني الراب كريم الغربي، المعروف بـ«كادوريم» (43 عاماً)، والعميد المتقاعد كمال العكروت، المستشار السابق لرئاسة الجمهورية، والوزير السابق في عهد بن علي، منذر الزنايدي، المقيم خارج البلاد.

وتشهد تونس المثقلة بالديون (أكثر من 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) تباطؤاً في النمو (يتوقع أن يكون ما دون 2 في المائة هذا العام)، وارتفاع معدلات البطالة (16 في المائة)، مما يغذي ظاهرة الهجرة غير القانونية إلى أوروبا.

وفي حال استبعاد كل من العكروت والزنايدي من سباق الانتخابات «فسيكون لدينا قيس سعيّد في مواجهة الريح»، في تقدير المفكر السياسي الذي يرى أن التصويت «ليس شكليّاً»؛ بل «سيحدد طبيعة النظام». فإذا فاز سعيّد بهامش كبير من الجولة الأولى فسوف «يصبح أكثر استبداداً»، ودون ذلك «سيكون أكثر ميلاً إلى التسوية»، حسب المصدر ذاته. وتؤكد الخبيرة الألمانية أن «الاعتماد الكلي سيكون على المعارضة، وقدرتها على التعبئة والتوحد خلف مرشح بديل لسعيّد»، في محاولة لفرض جولة ثانية.

تقييم سلبي

لا تزال حركات يسارية كثيرة، و«حزب النهضة» (أبرز المعارضين لسعيّد) مترددين في مقاطعة الانتخابات. وبهذا الخصوص يقول الخرّاط: «إنهم يعتقدون أنها فرصة لتحدي قيس سعيّد، وأنه من خلال الدفع نحو جولة ثانية، يمكن أن يحدث شيء ما»، مشدداً على ضعفهم وانقساماتهم القوية.

لا تزال حركة «النهضة» التي تُعد من أبرز المعارضين لسعيّد مترددة في مقاطعة الانتخابات (د.ب.أ)

وتبقى معرفة وكشف مستوى التعبئة لدى أنصار سعيّد أمراً صعباً، بحكم أن استطلاعات الرأي التي تسبق الانتخابات محظورة وفقاً لقانون هيئة الانتخابات. ورغم شعبيته التي تبدو قوية بين الأوساط الشعبية، وفقاً لبعض الخبراء، فإن حضور أعداد قليلة من المؤيدين في التظاهرتين الأخيرتين تكشف أنه يتمتع بدعم هش، بعيداً كل البعد عن النتيجة التي نالها في الجولة الثانية من انتخابات عام 2019، التي بلغت 72 في المائة. ونهاية الأسبوع الماضي، أصدرت منظمة «أنا يقظ» غير الحكومية تقييماً سلبياً لولايته، ورأت أنه «فشل في تحقيق 87.5 في المائة من وعوده الانتخابية»، لا سيما على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وأكد سعيّد أنه يترشح لولاية ثانية «لمواصلة مسيرة النضال في معركة التحرير الوطنية»، وأنه يلبي بذلك «الواجب الوطني المقدس».


مقالات ذات صلة

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لمقدم البرامج بيت هيغسيث خلال حفل لشبكة «فوكس نيوز» (أ.ف.ب)

بيت هيغسيث مرشح ترمب لوزارة الدفاع... مقدم برامج مثير للجدل

اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع، يثير جدلاً بسبب مواقفه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.