هانيبال القذافي ينتقد «صمت قضاة لبنان»

ليبيون يرون أنه «كان طفلاً» وقت اختفاء الصدر

صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
TT

هانيبال القذافي ينتقد «صمت قضاة لبنان»

صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق

انتقد حقوقيون وموالون للنظام الليبي السابق ما أسموه «صمت» القضاء اللبناني في التعاطي مع مستجدات تتعلق بقضية هانيبال نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، يأتي ذلك في أعقاب توجيه الأخير رسالة «لوم» إلى قضاة لبنان بشأن عدم استماعهم إلى شهادة وزير لبناني سابق تتعلق بقضية اختفاء الإمام الشيعي، موسى الصدر.

صورة نشرتها قناة «الجديد» اللبنانية لهانيبال القذافي من محبسه

وهانيبال، معتقل في لبنان منذ قرابة 9 سنوات، بداعي «إخفاء معلومات تتعلق باختفاء مؤسس (المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى)، الإمام موسى الصدر، في أثناء زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب».

وعادت قضية نجل القذافي إلى واجهة الأحداث، بعد تصريح منسوب إلى الوزير اللبناني السابق، وئام وهاب، قال فيها إنه «يملك معلومات بشأن قضية اختفاء الإمام الصدر».

ويرى ليبيون مهتمون بملف قضية هانيبال، في حديثهم إلى «الشرق الأوسط» أن «تغاضي» القضاء اللبناني عن سماع شهادة الوزير وهاب «يُعدّ جزءاً من الظلم الذي يتعرض له المواطن الليبي في محبسه».

ومؤخراً اشتكى هانيبال الموقوف منذ عام 2015، أنه يعاني «وضعاً صحياً مزرياً في زنزانة تحت الأرض»، لكنه بعد حديث وهاب، فضّل أن يتوجّه برسالة كُتبت باللغة الإنجليزية إلى القضاء اللبناني عبر حساب منسوب له على منصة «إكس» لم تخلُ من «لوم وسخرية».

هانيبال القذافي (أ.ف.ب)

وقال هانيبال: «حضرات السادة، أنا متأكد أنكم جميعاً استمعتم لما كشف عنه السيد وئام وهاب في لقاء على قناة (الغد)، حيث صرح بأنه يملك معلومات عن مصير الصدر، لكنكم لم تتخذوا أي إجراء ولم تدلوا بأي تصريح».

واستغرب الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس فريق سيف الإسلام القذافي لـ«المصالحة الوطنية»، سجن هانيبال، الذي قال إنه كان «طفلاً صغيراً أثناء زيارة الإمام الصدر لليبيا»، موجهاً انتقادات للقضاء اللبناني، ووصفه بأنه «مسيس».

وقال أبو سبيحة لـ«الشرق الأوسط» إن «كل الإجراءات التي تعرّض لها نجل القذافي جاءت مخالفة للقانون اللبناني؛ بداية من طريقة خطفه واقتياده إلى لبنان بطريقة تستوجب التساؤل».

وتحدث أبو سبيحة عن منعه من زيارة هانيبال في محسبه بلبنان من قبل، داعياً القضاء اللبناني إلى «الرجوع للقانونيين، ومعاملة (الكابتن) هانيبال وفقاً لتلك القوانين، ويطلقون سراحه لكونه ليس متهماً، بل مجني عليه».

جانب من زنزانة هانيبال القذافي وفق ما نشرته قناة «الجديد» اللبنانية

وبشأن تصريحات وهاب، عدّها الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال القذافي، «مبهمة»، وقال: «كنا ننتظر أن يستدعيه القضاء اللبناني للاستماع إليه بشأنها، لعلها تكون مفيدة في الكشف عن مصير الإمام الصدر، إلا أن ذلك لم يحدث إلى الآن على حد علمنا».

ويرى دلهوم في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن وهاب «كشف في تصريح لاحق عن تلك المعلومات التي لطالما وصفها بالخطيرة، ولكن اتضح أنها مجرد كلام في دردشة غير مؤكدة مع القذافي، عجز خلالها وهاب عن تفسير فحوى جملة واضحة، فذهب إلى تأويلها عندما أشار إلى أن القذافي قال له يوماً: إن الإمام موسى الصدر لم يعد موجوداً».

ونوّه دلهوم إلى أن «الإمام موسى الصدر كان وسيظل شخصية وطنية لها مكانتها النضالية التي استحقت من دولته تكريس جهودها من أجل التعاون مع ليبيا وإيطاليا للكشف عن مصيرها بكل جد وإخلاص»، وانتهى إلى أن «بعض سياسيي لبنان ربما لهم مصلحة في استمرار الغموض حول قضية الإمام الصدر».

وكانت السلطتان الليبية واللبنانية قد تواصلتا في يناير (كانون الثاني) الماضي بشأن هانيبال، وزار وفد مكون من ثلاثة موظفين كبار من وزارة العدل بحكومة «الوحدة» العاصمة بيروت لمتابعة الملف، وتم الاتفاق على التعاون في قضتيه.

وكان مقرراً أن يعود الوفد الليبي إلى بيروت في فبراير (شباط) الماضي، لاستكمال التباحث حول هذه القضية، لكنه لم يحدد، بحسب مصادر بالوزارة، موعداً جديداً، وهو ما أبقى ملف القضية دون تقدم حتى الآن.

واعتبر الحقوقي الليبي جمال مبروك، رئيس «منظمة التعاون والإغاثة العالمية»، أن ما يتعرض هانيبال، في محسبه «يتنافى مع حقوق الإنسان»، وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن نجل القذافي، الذي كان طفلاً عندما تفجّرت قضية الإمام الصدر، يعد مخطوفاً قسرياً؛ إذ لم يخضع لمحاكمة عادلة منذ توقيفه قبل قرابة 9 أعوام».

وتفاعل الحقوقي الليبي مع رسالة هانيبال، وقال لقضاة لبنان: «اتقوا الله (...) فما يحدث للمواطن الليبي هانيبال المحتجز، لجهة حرمانه من الدعم الصحي والنفسي، ومنعه من الاتصال بذويه، يتعارض مع كل المواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بالسجناء».

وكان القاضي اللبناني، حسن الشامي، مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الصدر، قد تحدث عن «اعتراف» سابق منسوب لهانيبال، وقال إنه «أدلى بمعلومات عن عملية إخفاء الصدر، من بينها تحديد إقامته في مكان سري بمدينة جنزور، ما بين عامي 1978 و1982». ونفى محامي هانيبال في حينه ما وصفه بـ«الادعاءات»، وقال إن الأخير «أُجبِر على توقيع الوثيقة تحت الإكراه، ودون حضور محامٍ».


مقالات ذات صلة

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

شمال افريقيا السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

يقبع السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، التي سمحت بنقله إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

وسط صمت رسمي من السلطة التنفيذية بطرابلس، دخل ديوان المحاسبة في ليبيا دائرة الصراع على رئاسته بين رئيسه خالد شكشك، ووكيله الموقوف عطية الله السعيطي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة في مجلس النواب الليبي (المجلس)

تباين ليبي حول استدعاء البرلمان حكومة حماد للمساءلة

فتح قرار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، استدعاء حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلسه، للمساءلة، نقاشاً واسعاً بين النخب السياسية والمراقبين للشأن الليبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عمليات شفط مياه الأمطار في بنغازي (وسائل إعلام ليبية)

سوء الأحوال الجوية يعطل الدراسة في شرق ليبيا

أدّت التقلبات الجوية العنيفة التي شهدتها معظم مناطق شرق ليبيا إلى تعليق الدراسة في مدن عدة، بناءً على توجيه من السلطات المحلية.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة خلال احتفال «عيد الاستقلال» بطرابلس (حكومة الوحدة)

ليبيا: الدبيبة يدعو إلى اعتماد دستور «ينهي المراحل الانتقالية»

هاجم رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، مجدداً «خصومه السياسيين»، ودعا إلى اعتماد دستور ينهي المراحل الانتقالية.

خالد محمود (القاهرة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
TT

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

يوشك عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، أن يودّع حياة السجن بمفهومه العام، لينتقل إلى مقر آخر أكثر خصوصية خارج أسواره، لكنه يظل تحت رقابة سجانيه.

واطمأن وفد من قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، على صحته خلال أول لقاء جمعهم به مساء الأربعاء منذ اعتقاله، ووضعه في سجن معيتيقة بطرابلس، لكنهم طالبوا بسرعة إطلاق سراحه.

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

والسنوسي (73 عاماً) واحد من أقوى رجال النظام السابق، وقد حكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011. وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

مطالب بسرعة الإفراج عن السنوسي

يقبع السنوسي في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، برئاسة عبد الرؤوف كاره، التي منعته من المثول أمام القضاء 13 مرة متتالية، لكنها سمحت بمثوله مطلع العام الجاري أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بعد سلسلة طويلة من تأجيل القضية.

وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الخميس)، إن وفداً من القبيلة اطمأن على السنوسي، الذي يعاني من مرضي القلب وسرطان الكبد، مشيراً إلى أنه «تمت الموافقة على نقله من السجن إلى فيلا بسوق الجمعة بطرابلس، ونطالب بالإفراج عنه لأنه لم يرتكب جرماً».

المنفي مستقبلا وفد من قبيلة المقارحة (المجلس الرئاسي الليبي)

وأوضح الشيخ هارون أن الوفد الذي ضمّ 22 شخصاً من مشايخ ووجهاء المقارحة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأربعاء، وجددوا مطلبهم بـ«ضرورة الإسراع بالإفراج عن ولدنا عبد الله». وقال بهذا الخصوص: «هذا رابع اجتماع بالمنفي، وقد سبق أن رفعنا إليه جميع التقارير الطبية، التي تؤكد اعتلال صحة السنوسي». مبرزاً أن الوفد الذي التقى أيضاً مشايخ من سوق الجمعة «حصل على وعد من المنفي بإطلاق سراح السنوسي. ونتمنى تحقق ذلك في القريب العاجل»، وأضاف موضحاً: «لقد سمحوا بنقله إلى (حوش) فيلا في سوق الجمعة رهن الإقامة الجبرية، كي تتمكن ابنته سارة وأولادها وباقي الأسرة من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى الأطباء، من زيارته».

وخلال مثوله أول مرة أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وجهت له أكثر من 25 تهمة، من بينها قتل المتظاهرين خلال «ثورة 17 فبراير» عام 2011، بحسب محاميه أحمد نشاد، لكنه «نفاها جميعاً».

وأوضح المجلس الاجتماعي بـ«سوق الجمعة والنواحي الأربعة» أنه عقب الانتهاء من لقائه بوفد قبيلة المقارحة، تم التنسيق مع «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، ونظمت زيارة للسنوسي بالتنسيق مع المجلس الرئاسي.

وكان المنفي قد التقى وفداً من أعيان وحكماء قبيلة المقارحة بمقر المجلس في العاصمة طرابلس، وأوضح المجلس أن الوفد أكد «الدور الكبير»، الذي يضطلع به المنفي تجاه ملف المصالحة، وأهميته للاستقرار على المستويات كافة، كما تطرق اللقاء للخطوات العملية المتخذة من قبل المجلس الرئاسي حول ملف السجناء السياسيين.

استهداف السنوسي

العقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً. ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً».

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

وعلى مدار العام الماضي، أرجأت محكمة استئناف طرابلس محاكمة السنوسي ومنصور ضو، رئيس الحرس الخاص للقذافي، 13 مرة، إلى موعد آخر بسبب رفض ميليشيا «قوة الردع الخاصة»، التي تحتجز السنوسي في سجن معيتيقة بالعاصمة، مثوله أمام المحكمة.

وكانت وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حليمة عبد الرحمن، قد أمرت في نهاية عام 2022 بالإفراج الصحي عن منصور ضو، لكن لم يُسمح له بمغادرة سجنه.

وضو، المودع بسجن مصراتة العسكري غرب ليبيا، كان آمراً لحرس القذافي برتبة عميد، وظل إلى جواره حتى اعتقل معه في 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، لكنه نجا من القتل، ومنذ ذلك التاريخ وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بتهمة التنكيل بمتظاهري «ثورة 17 فبراير».

سيف الإسلام القذافي (أ.ب)

وكان الفريق الممثل لسيف الإسلام، نجل القذافي، انسحب من اجتماع «المصالحة الوطنية»، وأرجع ذلك لأسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق الذين لا يزالون بالسجن.