​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

الدبيبة يأمر بالتحقيق في «انفجارات» زليتن

تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
TT

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

أعادت الانفجارات التي شهدتها مدينة زليتن (بغرب ليبيا) إثر اندلاع النيران في مخزن للذخيرة مخاوف ومطالب المواطنين بضرورة إخلاء المناطق كافة من عتاد الميليشيات المسلحة، كما وجه رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، بسرعة فتح تحقيق في تلك الانفجارات.

وكانت انفجارات ضخمة متتالية هزّت زليتن الساحلية، فجر الجمعة الماضي، إثر انفجار المخزن الذي تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، الأمر الذي دفع المجلس البلدي لزليتن، إلى مطالبة الجهات الأمنية والعسكرية بـ«سرعة التعامل مع مخازن الذخائر وإبعادها عن المناطق المأهولة بالسكان».

انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في عام 2011 اتخذت التشكيلات المسلحة من بعض البنايات قواعد عسكرية، ودشنت بها مخازن للعتاد الذي تستخدمه كلما اندلعت اشتباكات على توسيع النفوذ.

وأمام ازدياد مخاوف الليبيين، قال أستاذ القانون والباحث السياسي، رمضان التويجر، لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا بصفتها دولة «بكل أسف تفتقر لمبدأ احتكار القوة العسكرية التي أصبحت موزعة على قبائل ومدن بعينها».

وتحوّل العتاد المخزّن لدى المجموعات المسلحة، وبعض المواطنين خارج إطار الدولة، إلى مصدر قلق للسلطات الليبية وللمواطنين أيضاً. وهو ما دفع «الأمم المتحدة» لدعوة الأطراف كافة إلى ضرورة إبعاده عن مناطق المدنيين، ودمج هذه التشكيلات في أجهزة الدولة الرسمية.

وعقب انفجار مخزن الكتيبة التي يطلق عليها أيضا «فرسان زليتن» بالمدينة الواقعة على بعد (150 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس)، ذكّر المجلس البلدي للمدينة بتكرار حوادث انفجار مخازن الذخائر في الفترة الماضية، معرباً عن «قلقه البالغ» حيال ذلك.

ودعا المجلس البلدي أيضاً الجهات الأمنية والعسكرية، إلى «تطبيق المعايير المتعارف عليها على تلك المخازن، بحيث يتم نقلها خارج المدن»، مشدداً على ضرورة «فتح تحقيق عاجل من قبل جهات الاختصاص، لتحديد أسباب هذه الظاهرة التي تكررت أكثر من مرة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرارها».

وعادة ما تُحدث انفجارات مخازن العتاد خسائر في الأرواح وممتلكات المواطنين التي تجاور ديارهم، القواعد العسكرية للميليشيات المسلحة. وكانت مقاطع فيديو متداولة عقب حادث زليتن، أظهرت تدميراً في محيط «كتيبة العيان»، وهو ما أكده مدير فرع جهاز الإسعاف والطوارئ، الطاهر الشطشاطي.

وبث مواطنون ليبيون بالعاصمة مخاوفهم من تراكم هذه الأسلحة بالقرب من ديارهم، لوسائل إعلام محلية، وتتكرر المخاوف كلما اندلعت اشتباكات مسلحة.

من اجتماع سابق في طرابلس للدبيبة مع محمود حمزة آمر «اللواء 444 قتال» (حكومة الوحدة)

وبصفته وزيراً للدفاع بها، قالت حكومة «الوحدة»، إن الدبيبة أصدر تعليماته للمدعي العام العسكري باتخاذ الإجراءات، وفتح تحقيق في الانفجار الذي وقع فجر الجمعة بمدينة زليتن.

وأعلن في ليبيا عن إطلاق مبادرات عدة لجمع السلاح بداية من عام 2012، انطلقت أولاها بمدينتي طرابلس وبنغازي، تحت شعار «أمن بلادك بتسليم سلاحك». وفي فبراير (شباط) 2013 وضعت الولايات المتحدة مع ليبيا خطة سرية، تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، والمقدّر عددها بـ20 ألف صاروخ، لكن هذا الأمر لم يحدث.

وبمواجهة أزمة عتاد التشكيلات المتراكم في المدن الليبية، يرى التويجر، أن «عملية إخلائها لن تكون بالمطالبات، وإنما بتنفيذ عملي من الدولة، حينما تكون قوية»، ويعتقد أن هذا الأمر: «لن يتم في ظل الوضع القائم، ولن يتغير الحال أو تقوم الدولة بهذا الشكل».

وتعاني ليبيا من انقسام حكومي حاد منذ عام 2014، حكومة في العاصمة طرابلس بقيادة الدبيبة، وثانية برئاسة أسامة حماد، وتدير شرق ليبيا وبعض مدن الجنوب.

من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

وسبق أن أعلن عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في 21 فبراير الماضي، أنه بعد مشاورات ومفاوضات، امتدت لأكثر من شهر، تم التوصل إلى «اتفاق مع الأجهزة الأمنية لإخلاء العاصمة بالكامل قريباً من بعض الأجهزة الأمنية».

ولم يحدد الطرابلسي حينها موعداً زمنياً لتنفيذ هذا التعهد، لكنه قال حينها إنه سيتم إرجاع كل هذه الأجهزة إلى ثكناتها، باستثناء الجهات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، على أن يقتصر العمل الأمني على «الداخلية»... وحتى الآن، لم يتم شيء من ذلك.

والميليشيات التي وصفها الطرابلسي بـ«الأجهزة الأمنية» هي: «جهاز قوة الردع»، و«جهاز الأمن العام»، و«الشرطة القضائية»، و«جهاز دعم الاستقرار»، و«اللواء 444 قتال»، و«اللواء 111»، بالإضافة إلى «قوة دعم المديريات».

وقال مصدر مقرب من حكومة «الوحدة الوطنية» إن النيابة العامة أُخطرت الأحد بطلب الدبيبة للتحقيق في تفجير مخزن الذخيرة، لكنه يعتقد «بعدم التوصل إلى نتيجة واضحة وحاسمة بشأن أي شيء يتعلق بمثل هذه الوقائع؛ لارتباط الأمر بتشكيلات وثيقة الصلة بالدبيبة».

ويلفت المصدر في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إلى إن أزمة الميليشيات وعتادها «ستظلان صداعاً في رأس ليبيا ومواطنيها ما دام يستمد ساستها في عموم البلاد، قوتهم ونفوذهم من هذه التشكيلات المدعومة بسخاء».

يشار إلى أن «البرنامج الليبي للإدماج والتنمية»، الذي عرف بعد تأسيسه بـ«هيئة شؤون المحاربين»، قدم في السابق استراتيجية مفصلة لجمع السلاح، بالتعاون مع «المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية». غير أن الوضع يراوح مكانه راهناً.


مقالات ذات صلة

سلطات طرابلس تتجاهل مبادرة حفتر لـ«المصالحة الشاملة»

شمال افريقيا لقاء حفتر وصالح وحماد مع الرئيس الكونغولي في بنغازي (الجيش الوطني)

سلطات طرابلس تتجاهل مبادرة حفتر لـ«المصالحة الشاملة»

التزمت سلطات طرابلس (المجلس الرئاسي، و«الأعلى للدولة» وحكومة الوحدة)، الأربعاء، الصمت حيال إعلان المشير خليفة حفتر مبادرة جديدة لـ«المصالحة الشاملة».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)

ليبيون يتهمون سلطات البلاد بـ«عدم التأهّب للسيول»

كان رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة قد قرر عقب السيول التي ضربت ترهونة تأسيس جهاز تطوير وتنمية المدينة والمناطق المجاورة لها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس الكونغولي لدى وصوله طرابلس والمنفي في استقباله (حكومة الوحدة)

هل ينجح «الاتحاد الأفريقي» في تحقيق اختراق في ملف المصالحة الليبية؟

يسعى الاتحاد الأفريقي لحلحلة الأزمة السياسية المتجمدة، وذلك عبر تجديد مسار «المصالحة الوطنية» الذي تعطّل إثر تزايد الخلافات السياسية بين «الشركاء والخصوم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع حفتر مع خوري في بنغازي (الجيش الوطني)

خوري تكثّف مشاوراتها لحلحلة الأزمة الليبية

قالت خوري إنها ناقشت مع القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الخطوات المقبلة للدفع بالعملية السياسية قدماً برعاية البعثة.

خالد محمود (القاهرة)
تحقيقات وقضايا

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

بعد 9 أشهر من الحرب التي شنها قائد «الجيش الوطني الليبي»، المشير خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس، في 4 أبريل (نيسان) 2019، مدعوماً بمقاتلين من مجموعة.

جمال جوهر (القاهرة)

«الخوذ البيضاء» يطالب الأمم المتحدة بالحصول على خرائط «السجون السرية» من الأسد

لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
TT

«الخوذ البيضاء» يطالب الأمم المتحدة بالحصول على خرائط «السجون السرية» من الأسد

لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)

أعلن جهاز «الخوذ البيضاء»، اليوم (الثلاثاء)، أنه قدم طلباً إلى الأمم المتحدة للحصول على خرائط بمواقع «السجون السرية» من الرئيس بشار الأسد الذي فرّ، الأحد، مع دخول فصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» دمشق، وإعلانها إسقاط حكمه، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في مقابلة مع شبكة أميركية، اليوم (الثلاثاء)، أن الأسد داخل روسيا، في أول تأكيد رسمي من موسكو لما سبق أن أوردته وكالات أنباء روسية.

وقال مدير جهاز «الخوذ البيضاء»، رائد الصالح، في منشور على منصة «إكس» اليوم: «أرسلنا (...) طلباً للأمم المتحدة عبر وسيط دولي لمطالبة روسيا بالضغط على المجرم (...) بشار الأسد لتسليمه خرائط بمواقع السجون السرية، وقوائم بأسماء المعتقلين، لنتمكن من الوصول إليهم بأسرع وقت ممكن».

ومنذ بداية الاحتجاجات التي تحوّلت إلى نزاع مسلّح في عام 2011، توفي أكثر من 100 ألف شخص في السجون خصوصاً تحت التعذيب، وفق تقديرات للمرصد السوري لحقوق الإنسان تعود إلى عام 2022.

وأفاد المرصد بأنّ الفترة ذاتها شهدت احتجاز نحو 30 ألف شخص في سجن صيدنايا الواقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً من العاصمة دمشق، ولم يُطلق سراح سوى 6 آلاف منهم.

من جانبها، أحصت منظمة العفو الدولية آلاف عمليات الإعدام، مندّدة بـ«سياسة إبادة حقيقية» في سجن صيدنايا الذي وصفته بـ«المسلخ البشري».

وأعلنت فصائل المعارضة تحرير المحتجزين في السجون بما فيها سجن صيدنايا الذي يُعد من أكبر السجون السورية، وتفيد منظمات غير حكومية بتعرّض المساجين فيه للتعذيب.

وأعلن جهاز «الخوذ البيضاء»، اليوم، «انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سريّة غير مكتشفة» داخل سجن صيدنايا «من دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تُفتح بعد».

غير أنّ الكثير من العائلات لا تزال مقتنعة بأنّ عدداً كبيراً من أقربائها محتجزون في سجون سرية تحت الأرض.

وقال رائد الصالح: «توحُّش وإجرام لا يمكن وصفه مارسه نظام الأسد البائد في قتل السوريين واعتقالهم وتعذيبهم».