تحقيق في انتشار فيديوهات من «أحراز» قضية «سفاح التجمع» في مصر

مقر إدارة «المضبوطات المتحفظ عليها» بالنيابة المصرية (صفحة النيابة على «فيسبوك»)
مقر إدارة «المضبوطات المتحفظ عليها» بالنيابة المصرية (صفحة النيابة على «فيسبوك»)
TT

تحقيق في انتشار فيديوهات من «أحراز» قضية «سفاح التجمع» في مصر

مقر إدارة «المضبوطات المتحفظ عليها» بالنيابة المصرية (صفحة النيابة على «فيسبوك»)
مقر إدارة «المضبوطات المتحفظ عليها» بالنيابة المصرية (صفحة النيابة على «فيسبوك»)

تُجري النيابة المصرية تحقيقاً في واقعة انتشار مقاطع فيديو مصورة «ضمن أحراز» القضية المعروفة إعلامياً بـ«سفاح التجمع» (شرق القاهرة)، التي يُحاكم فيها المتهم باتهامات «تتعلق بقتل 3 سيدات والتخلص من جثثهن في الطريق الصحراوي».

وجاءت تحقيقات النيابة في الواقعة عقب تداول المقاطع على بعض المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي، ما دعا النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، إلى «التوجيه بإجراء تحقيقات عاجلة بشأن نشر تلك المقاطع»، وفق إفادة رسمية، مساء الخميس.

وخلال جلسات المحاكمة، حرصت المحكمة على مشاهدة الفيديوهات الخاصة بالواقعة في «جلسات سرية» لما تضمنته الفيديوهات المصورة بمعرفة المتهم من «مقاطع خادشة للحياء»، وبلغ عددها 50 مقطعاً مصوراً، بالإضافة إلى 20 تسجيلاً صوتياً.

وعدّت النيابة المصرية، في بيانها، أن نشر هذه الفيديوهات «يشكل جريمتي إفشاء أسرار التحقيق، والتأثير في القضاة المناط بهم الفصل في الدعوى، والتأثير في الرأي العام لمصلحة طرف الدعوى أو ضده»، لافتة إلى أن «نشر تلك المقاطع يمثل جريمتين مؤثرتين وفقاً للمادة 75 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادتين 187 و310 من قانون العقوبات».

و«يمثل نشر هذه الفيديوهات خرقاً لقوانين ومدونات السلوك الإعلامي»، حسب عضو «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، الدكتورة منى الحديدي، التي أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «نشر أي معلومات أو تفاصيل عن القضايا المنظورة أمام القضاء المصري يخضع لجوانب قانونية وتشريعية لا يمكن تجاوزها»، مشيرة إلى أن حرية وسائل الإعلام في النشر ليست مطلقة؛ لكنها «حرية مسؤولة». وأضافت أن وسائل الإعلام عليها مسؤولية مجتمعية تجاه الجمهور، خصوصاً فيما يتعلق بالصور والفيديوهات باعتبار أن «لغة الصورة أكثر تأثيراً»، معتبرة أن نشر فيديوهات من القضية «مخالفٌ لطبيعة العمل الإعلامي وتستوجب المحاسبة عند نشرها عبر وسائل الإعلام».

المتهم داخل القفص خلال جلسة سابقة لمحاكمته (الشرق الأوسط)

وكانت النيابة المصرية قد أحالت «سفاح التجمع» المتهم بقتل ثلاث سيدات إلى محكمة الجنايات لمعاقبته فيما نُسب إليه من «وقائع القتل وتعاطي المواد المخدرة، والاتجار بالبشر».

ووفق بيان النيابة، فإن التحقيقات في نشر الفيديوهات سوف «تشمل سؤال القائمين على إدارة المواقع التي بثت تلك المقاطع، وصولاً لكيفية حصولهم عليها». وأكد البيان «تصدي النيابة بحزم لهذه الجرائم وملاحقة مرتكبيها وضبطهم وتقديمهم للمحاكمة الجنائية العاجلة».

ورأت أستاذة التشريعات الإعلامية بكلية الإعلام جامعة القاهرة، الدكتورة ليلى عبد المجيد، أن «تحرك النيابة المصرية بشكل سريع مع الواقعة يأتي جزءاً من التزامها بالدفاع عن المجتمع». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن نشر هذه الفيديوهات بمثابة «انتهاك لحرمة الحياة الخاصة والموتى، ويؤدي لإحداث أضرار بالغة لعائلات الضحايا من الفتيات»، و«لا يمكن اعتباره جزءاً من العمل الإعلامي بأي حال من الأحوال». وأضافت أن الفيديوهات التي نشرت تصنف باعتبارها «مواد إباحية»، وتطبق عليها القوانين الخاصة بجرائم النشر العلني، لافتة إلى أن التحرك ضد من قاموا بنشر هذه الفيديوهات «سيمنع آخرين من السعي وراء نشر وترويج الفيديوهات المماثلة مستقبلاً».

وبينما أشارت أستاذ التشريعات الإعلامية إلى أن منع نشر مثل هذه الفيديوهات» لا يعد قيداً على وسائل الإعلام بأي شكل»، لفتت عضو «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» إلى وجود عقوبات متدرجة من «الأعلى للإعلام» على وسائل الإعلام التي تقوم بمثل هذه المخالفات بعد رصدها والتحقيق فيها».

كانت محكمة جنايات القاهرة قد أجلت محاكمة المتهم لجلسة 13 أغسطس (آب) المقبل، لتمكين الدفاع من الاطلاع على أوراق القضية والمرافعة، بعد مشاهدة الفيديوهات المحرزة من منزل المتهم و«تثبت علاقته بضحاياه».


مقالات ذات صلة

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
شمال افريقيا سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)

حرائق متكررة في وسط القاهرة تُثير جدلاً

أعاد الحريق الهائل الذي نشب في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي وسط القاهرة، وتسبب في خسائر كبيرة، الجدل حول تكرار الحرائق في هذه المنطقة

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يتخوفون من غلاء أسعار السلع بعد رفع الوقود (الشرق الأوسط)

مصريون يترقبون تحركات حكومية لمواجهة الغلاء بعد رفع أسعار الوقود

وسط ترجيحات بزيادة جديدة على «أسعار السلع والمنتجات خلال الأيام المقبلة» عقب تحريك أسعار الوقود، يترقب مصريون «التحركات الحكومية لمواجهة موجة الغلاء المتوقعة».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية لتشديد عقوبات «سرقة الكهرباء»

وسط إجراءات مصرية مكثفة لاستمرار «تنفيذ خطة عدم قطع الكهرباء» في البلاد، تدرس الحكومة المصرية تشديد عقوبات «سرقة الكهرباء».

أحمد إمبابي (القاهرة )

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)
عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)
TT

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)
عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

تغاضت الأجهزة الأمنية في شرق ليبيا عن اتهامها بـ«طرد» ما يزيد عن 400 مهاجر غير نظامي يحملون الجنسية النيجرية إلى الحدود الصحراوية لبلدهم. جاء ذلك بينما يتوسّع جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بعموم ليبيا في عمليات ترحيل مئات المهاجرين إلى دولهم أو بلد مستضيف، وفق البرنامج الأممي لـ«العودة الطوعية».

مهاجرون سريّون من مصر خلال ترحيلهم إلى بلدهم (أ.ف.ب)

وكانت منظمة «ألارم فون صحارى» الدولية غير الحكومية، قد اتهمت سلطات شرق ليبيا بطرد 463 مهاجراً نيجرياً إلى صحراء بلادهم، مشيرة إلى أنهم وصلوا مدينة ديركو، بعد نقلهم إلى الحدود في شاحنات للبضائع.

ورفض مصدر مسؤول بجهاز الهجرة غير النظامية بشرق ليبيا التعليق على اتهام المنظمة الدولية، لكنه تحدث لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الجمعة)، عن «اضطلاع الجهاز في عموم ليبيا بعمليات ترحيل واسعة لمئات المهاجرين غير النظاميين برعاية المنظمة الدولية للهجرة، من بينهم مهاجرون من دولة النيجر».

من عملية ترحيل 750 مصرياً عبر مطار معيتيقة (أ.ف.ب)

وتقول المنظمة إنها جمعت معلوماتها من مصادر ليبية محلية، تشير إلى أن المهاجرين «المطرودين» جرى اعتقالهم من قبل قوات تابعة لـ«الجيش الوطني» في 18 يوليو (تموز) الحالي، قبل أن يتم نقلهم إلى الحدود. ونقلت المنظمة عن أحد مسؤوليها، يدعى أزيغو شيهو، أنه «جرى إخبارهم بموجة جديدة من عمليات الطرد من ليبيا، قد تشمل أكثر من ألف شخص».

وسبق أن أبعدت السلطات المعنية بمكافحة الهجرة بشرق ليبيا مئات المهاجرين المصريين إلى حدود بلدهم سيراً على الأقدام، وسط انتقادات حينها من الحقوقيين والمنظمات المعنية بالهجرة.

ومنذ أن ألغى المجلس العسكري الحاكم في النيجر قانون تجريم «نقل المهاجرين» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، والأجهزة المعنية في ليبيا ترصد تدفقاً متزايداً للمهاجرين القادمين من النيجر إلى ليبيا عبر الصحراء المترامية.

مصريون ينتظرون دورهم لترحيلهم إلى بلدهم (أ.ف.ب)

وتمتد الحدود الليبية - النيجرية على طول 342 كيلومتراً، من النقطة الثلاثية مع الجزائر في الغرب، إلى النقطة الثلاثية مع تشاد في الشرق. وفي بدايات الشهر الحالي، لقي قرابة 50 شخصاً مصرعهم، بعدما تسللوا من بلدان أفريقية على الحدود بين النيجر وليبيا، بسبب نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة. كما أنقذت منظمات إنسانية نحو 200 مهاجر، تركهم تجار البشر، فيما عثروا على جثث في الصحراء بالقرب من الحدود بين النيجر وليبيا.

ويشتكي المصدر الليبي من أن منطقة أغاديز الواقعة وسط النيجر «أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده»، وقال مستغرباً: «نحن لا نطرد المهاجرين، ولكن نعيدهم من حيث أتوا طالما أنهم دخلوا أرضنا بشكل غير رسمي».

ومن شرق ليبيا إلى غربها، تواصل السلطات الأمنية هناك إعادة ترحيل المهاجرين غير النظاميين، عبر البرنامج الأممي لـ«الهجرة الطوعية». وقالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن مكتب الترحيل بجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة رحّل أمس (الخميس) عدداً من المهاجرين النيجيريين، عبر منفذ مطار معيتيقة الدولي، ومهاجرين مصريين عبر منفذ أمساعد البري.

كما أعلن جهاز مكافحة الهجرة فرع طرابلس بأنه رحّل أيضاً مهاجرين غير نظاميين من النيجر، ومصر، وتشاد.

واعتمد القانون الذي ألغته النيجر عام 2015 تحت ضغوط من الاتحاد الأوروبي، وينصّ على عقوبات بالسجن تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات.