«هدنة غزة»: الوسطاء في انتظار «أسبوع حاسم» لـ«سد الثغرات»

مسؤولون أميركيون تحدثوا عن «مراحل ختامية» بصفقة المحتجزين

رد فعل سيدة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب قطاع غزة (رويترز)
رد فعل سيدة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء في انتظار «أسبوع حاسم» لـ«سد الثغرات»

رد فعل سيدة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب قطاع غزة (رويترز)
رد فعل سيدة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب قطاع غزة (رويترز)

تتجه الأنظار إلى جولة جديدة يقودها الوسطاء، الأسبوع المقبل، بهدف «وقف إطلاق النار في غزة»، بالتوازي مع زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو إلى واشنطن.

الجولة المرتقبة للوسطاء عدَّها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»: «حاسمة» في ضوء تطورات لقاءات نتنياهو في واشنطن، وتسريبات أميركية عن دخول الاتفاق «مراحله الختامية»، وسط تباين بينهم بشأن «إمكانية سد كل الثغرات في ظل العراقيل الإسرائيلية المحتملة، وتفاؤل حذر بإمكانية الذهاب لهدنة».

أبرز العراقيل كان تمسك حركة «حماس» بالوقف الدائم للحرب، قبل أن تتراجع مؤقتاً، وفي الجانب الآخر لم يتوقف نتنياهو عن وضع تعقيدات كان أبرزها عدم «عودة مسلحين» لشمال غزة، بخلاف تمسكه بعدم وقف إطلاق النار، إضافة إلى إصراره على عدم الانسحاب من ممر فيلادلفيا ورفح.

وبعدما كان متوقعاً أن تلتئم الاجتماعات، الخميس، في الدوحة، تم ترحيلها للأسبوع المقبل، بعد إعلان وسائل إعلام إسرائيلية تأجيل مغادرة فريق التفاوض الإسرائيلي إلى ما بعد لقاء نتنياهو مع الرئيس الأميركي جو بايدن بالبيت الأبيض، لبحث «سبل دفع الاتفاق».

وبات الاتفاق حسب مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية تحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء: «في مراحله الختامية، ومن الممكن إبرامه»، وسيحاول بايدن ردم بعض «الهوات الأخيرة» في محادثات مع نتنياهو، مساء الخميس.

المسؤول الأميركي أوضح أن «العقبات المتبقية أمام صفقة الرهائن في غزة قابلة للتذليل، مع نشاط بشأن هذه القضية في الأسبوع المقبل»؛ مشيراً إلى أن الاتفاق «ليس ممكناً فحسب؛ بل هو أساسي وضروري».

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

لذا سيكون الأسبوع المقبل «حاسماً» في عمر المفاوضات، وفق حديث الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، الذي أكد أن «مستقبل الهدنة يمكن أن يتضح أكثر مع تلك الجولة الجديدة». فإما أن يتضح أن نتنياهو يريد استكمال مسار المناورة والعراقيل أمام المفاوضات الجديدة، وإما سيخضع لضغوط الوسطاء ومطالب المحتجزين، ويذهب «لقبول الصفقة المؤجلة»، حسب أنور.

كما أن اللقاء مع بايدن «الغاضب» من نتنياهو، في ظل تنامي الخلافات بينهما على مدار الأشهر الماضية بسبب الأزمة ذاتها، سيشهد ضغوطاً واسعة على رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقد يتفهم الأخير أهمية أن يمنح الرئيس الأميركي فرصة لإعلان قرب التوصل لاتفاق، ويؤكد على ذلك أمامه، بعدما أحرجه بعراقيل كثيرة الفترة الماضية، وخصوصاً في ظل تنامي حظوظ الديمقراطيين، مع ترشح كامالا هاريس، وفق الأكاديمي المصري.

وهو ما يؤيده المحلل الأردني، صلاح العبادي، في ضوء عدم الاهتمام الذي لاقاه نتنياهو خلال الزيارة إلى واشنطن، وحديث حليفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عن ضرورة إنهاء الحرب، وإتمام الصفقة، وهو أول شيء يتفق عليه الديمقراطيون والجمهوريون.

إلا أن العبادي لم يستبعد أن يكون حديث نتنياهو عن قرب توصل إلى صفقة «مجرد تضليل للرأي العام؛ خصوصاً أن نتنياهو يدرك تماماً أن تلك التصريحات تضمن له أجواء مريحة له خلال وجوده في واشنطن؛ لا سيما أنه غير معني باستعادة الأسرى أو إنهاء الحرب، إنما يريد شراء الوقت».

دخان تصاعد في وقت سابق خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين (إ.ب.أ)

وعقب الحديث عن تأجيل جولة مفاوضات الدوحة، خرجت واشنطن للتأكيد على وعودها للتوصل لاتفاق هدنة، خلال محادثة هاتفية أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأربعاء.

وأعاد بلينكن التأكيد على أن «الولايات المتحدة ستواصل العمل لضمان التوصل إلى اتفاق»، وناقشا «التدابير لضمان الأمن والحكم، وإعادة الإعمار في غزة»، بعد وقف الحرب، وفق إفادة للخارجية الأميركية.

تلك التحركات من واشنطن، تراها الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الدولية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان «ضغوطاً من الإدارة الأميركية الحالية؛ حيث تسعى لتحقيق انتصار رمزي على الأقل قبل انتخابات الرئاسة المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».

ضغوط الإدارة الأميركية عدَّها أنور بمثابة تضييق لمساحات المناورة على نتنياهو، مؤكداً أن بايدن وحزبه الديمقراطي قادران على إبرام صفقة، على الرغم من شهوره القليلة المتبقية في الحكم.

وبينما عدَّ العبادي «الإدارة الأميركية معنية اليوم أكثر مع قرب رحيل بايدن بإنهاء هذه الحرب، على الرغم من عدم وجود نية من نتنياهو». ترى تسوكرمان أنه لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أن المفاوضات الحالية تقترب من وقف إطلاق نار حقيقي وطويل الأمد، مقارنة بأي جولات سابقة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

حذرت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه

نظير مجلي (تل أبيب)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».