تساؤلات ليبية عن أسباب «الظهور المتحفظ» لسيف الإسلام القذافي

البعض يرجعها للتخوف من استهدافه

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
TT

تساؤلات ليبية عن أسباب «الظهور المتحفظ» لسيف الإسلام القذافي

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

أعادت صورة حديثة نشرها أنصار النظام السابق، لسيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، الأحاديث بشأن أسباب إحجامه عن الظهور علناً، منذ تقدمه بأوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية عام 2021.

وتباينت آراء سياسيين ومعارضين لسيف الإسلام، بين من يرى أن اختفاءه «يرجع لكونه ملاحقاً من قبل المحكمة الجنائية الدولية، أو لعدم امتلاكه لأي مشروع سياسي يقدمه إلى الليبيين باستثناء إرث والده»، لكن مؤيدين له يشيرون إلى أن «عدم انخراطه المباشر بالقضايا السياسية وما يتخللها من صراعات واتهامات متبادلة بالفساد، قد يكون خياراً ذكياً عزز شعبيته».

سيف الإسلام القذافي أثناء تقديمه أوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية العام الماضي (صفحته على تويتر)

ويرى خالد الترجمان رئيس «مجموعة العمل الوطني» للدراسات الاستراتيجية، أن اختفاء سيف الإسلام «ضرورة» في ظل سريان مفعول مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، التي تطالب بتسليمه إليها، لاتهامه «بجرائم حرب» خلال ثورة 17 فبراير عام 2011.

ويرفض الترجمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما تطرحه بعض الأصوات من أن سيف الإسلام «تزايدت شعبيته لدى بعض المكونات القبلية والسياسية والعسكرية بالبلاد وخاصة بالجنوب؛ وأن ذلك يخصم من شعبية قائد (الجيش الوطني) المشير خليفة حفتر».

وتساءل الترجمان عن «طريقة قياس من يردد ذلك لشعبية نجل القذافي؛ وكيف يمكن لشخص مطارد مثله ويلف الغموض الكثير من تفاصيل حياته ولم يقدم مشروعاً سياسياً، أن يحصل على دعم أي كيان قبلي أو سياسي أو مجموعة مسلحة».

ولم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام بعد إطلاق سراحه، لا محل إقامته ولا تحركاته ولا من يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، ومقابلة صحافية مع «نيويورك تايمز» قبل ذلك التاريخ بعام.

وأشار الترجمان إلى أن «كثيراً من أنصار معمر القذافي ممن يعرفون بـ(تيار سبتمبر) أو (ثورة الفاتح)، يقولون بأن سيف لا يمثلهم سياسياً؛ فضلاً عن تغيير ولاء الكثير منهم بالسنوات الماضية نحو تأييد قيادة (الجيش الوطني) بمناطق تمركزه في شرق ليبيا وجنوبها».

الرئيس الراحل معمر القذافي (الشرق الأوسط)

وقتل معمر القذافي الذي حكم ليبيا لنحو 42 عاماً، بعد ثمانية أشهر من اندلاع الثورة ضده، وبعد شهر واحد من مقتله أي في نوفمبر ألقي القبض على نجله سيف الإسلام وتم نقله لمدينة الزنتان غربي البلاد، وقدم للمحاكمة أمام القضاء الليبي.

وفي منتصف عام 2015 صدر الحكم بإعدامه، لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب» وقتل المواطنين خلال «ثورة فبراير» التي أطاحت بنظام والده، إلا أن الحكم لم ينفذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق» التي كانت تحتجزه في الزنتان منتصف عام 2017 بشكل مفاجئ ودون قرارات رسمية من السلطات.

ويرى المحلل بـ«المعهد الملكي للخدمات المتحدة»، جلال حرشاوي، أن سيف القذافي «لا يمتلك القدرة على الظهور والتحدث العلني، أو حتى عبر مقطع مصور»، وقال «لا يمكن وصفه سوى كون أنه رمز، وليس سياسياً حقيقياً».

بالمقابل، لفت الناشط المدني ناصر عمار، إلى إعلان قوى سياسية وعسكرية وقبلية بمدينة الزنتان مؤخراً دعمها لسيف الإسلام، ويرى أن ذلك «يجعله قريباً في التساوي مع بقية الأطراف الليبية التي تمتلك وجوداً مسلحاً على الأرض».

وقال عمار، الذي كان يشغل رئيس (غرفة عمليات طرابلس) خلال «ثورة 17 فبراير» لـ«الشرق الأوسط» إن «تغيير قناعاتي وبعض العسكريين بالمنطقة الغربية بدعم سيف، جاء في إطار مشاركته لنا مواقفنا الرافضة لأشكال الهيمنة والتدخل الخارجي في ليبيا»، لافتاً إلى «اهتمام سيف بقضية المصالحة الوطنية، وهي شرط رئيسي لتحقيق الاستقرار المنشود».

«ميدان الشهداء» بطرابلس الذي شهد أكبر احتفالات بإسقاط نظام القذافي (مديرية أمن طرابلس)

ويرى عمار أن «بيانات الفريق السياسي لسيف الإسلام تعوّض قِلة ظهوره»، مرجعاً هذا النهج من الغياب «إلى التخوف من الاستهداف والملاحقة من بعض القوى المتنفذة في غرب وشرق ليبيا وجنوبها، والتي تواصل منذ ثلاثة أشهر اعتقال بعض قيادات فريقه هناك... الجميع منزعج من تنامي شعبيته».

ومؤخراً أعلن الفريق السياسي لسيف الإسلام رفضه المشاركة في اجتماع «مركز الحوار الإنساني» الذي كان مقرراً عقد قبل أيام في روما تحت شعار «ملتقى أنصار النظام السابق».

من جهته يرى مدير «مركز الأمة للدراسات الاستراتيجية»، محمد الأسمر، أن الغياب الشخصي لسيف عن المشهد العام «قد صب لصالحه وعزز من شعبيته».

وقال الأسمر لـ«الشرق الأوسط» إن المناخ السياسي الليبي ليس مستقراً، «وملفات الأزمة غاية التعقيد والتداخل، وغالباً ما يسفر الانخراط في نقاشها إلى خلافات عميقة حتى في صفوف المنتمين لتيار سياسي واحد، وبالتالي فضل سيف التعامل مع هذه الوضعية بشكل غير نمطي، وذلك بالابتعاد عما تمارسه أطراف وشخصيات أخرى كالحديث للإعلام أو عقد مؤتمرات، وربما توزيع الاتهامات بالمسؤولية على خصومهم».

ورأى الأسمر أن سيف الإسلام «ترك للخبراء بفريقه تقديم رؤيتهم العلمية حول تلك القضايا، وهو ما يرصد في بياناتهم والصفحات والمواقع الإعلامية المؤيدة له، مع استمراره في التركيز على الهدف الرئيسي، وهو حلم جل الليبيين بالوصول للانتخابات».


مقالات ذات صلة

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

شمال افريقيا السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

يقبع السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، التي سمحت بنقله إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

تجدد المناكفات السياسية بين روسيا وأميركا بسبب سيف القذافي

تجددت المناكفات السياسية بين روسيا وأميركا حول سيف الإسلام القذافي، بعد مطالبة الأخيرة السلطات في البلاد بضرورة تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.

جمال جوهر (القاهرة )

مصر تتيح مباني تاريخية في وسط القاهرة للاستثمار... وتنفي بيعها

جانب من أعمال التطوير في وسط البلد بالقاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال التطوير في وسط البلد بالقاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتيح مباني تاريخية في وسط القاهرة للاستثمار... وتنفي بيعها

جانب من أعمال التطوير في وسط البلد بالقاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال التطوير في وسط البلد بالقاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

أعلنت مصر عن إتاحة مبانٍ تاريخية، وأخرى ذات طابع معماري مميز في وسط العاصمة القاهرة للاستثمار، وهي المباني التي كانت تشغلها وزارات وجهات حكومية انتقلت مقارها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، ونفى رئيس جهاز التنسيق الحضاري بيع هذه المباني، مؤكداً طرحها للاستثمار فقط بالشراكة مع القطاع الخاص لمدد محددة.

وفي وقت سابق أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أنه «في إطار رؤية الدولة للاستغلال الأمثل لكل المناطق السياحية، يتم العمل حالياً بعد إخلاء منطقة وسط البلد من الوزارات، على إعادة استغلالها كفنادق، وذلك في إطار الاهتمام بمنطقة وسط البلد، والقاهرة بوجه عام»، مضيفاً أن ذلك التطوير سيرتبط بتخصيص بعض الشوارع في هذه المنطقة للمشاة فقط.

وأوضح رئيس جهاز التنسيق الحضاري بمصر، محمد أبو سعدة، أن «وسط البلد في أي دولة يمثل القلب التاريخي والسياحي للدولة، ومصر لديها منطقتان مميزتان في وسط البلد هما القاهرة التاريخية والقاهرة الخديوية، وهناك فرصة كبيرة لوضع خطة شاملة لإعادة استغلال المباني التراثية والتاريخية، وذات الطراز المعماري المميز سياحياً وثقافياً».

وأضاف أبو سعدة في مداخلة مع برنامج «الحكاية» مع عمرو أديب أن «هناك أعمال تطوير كثيرة تشهدها منطقة وسط البلد، وهو ما يظهر في واجهات العديد من المباني لتستعيد طابعها، وبعضها إن لم يكن تراثياً فله طراز معماري مميز»، مشيراً إلى وجود خطة موسعة لتطوير منطقة وسط البلد، واستخدام المباني التاريخية بالطريقة المناسبة.

وحول ما إذا كان هناك مستثمرون سيطرح عليهم الأمر، أوضح أبو سعدة أن هناك مباني مسجلة كطراز معماري متميز، لها ضوابط ومعايير للتعامل معها، ويمكن إعادة استخدامها لكن مع الحفاظ على واجهاتها، والحفاظ على مقوماتها التاريخية، بينما المباني الحديثة سيكون بها نوع من «المرونة» في الاستخدام.

ونفى أبو سعدة أن يكون هناك بيع للمباني التاريخية قائلاً: «لا يوجد قرار بالبيع، وكلها للإدارة والتشغيل لمدد معينة بالشراكة مع مستثمرين، ولن يتم بيع أي مبنى، فقط سيعاد استخدامه وتوظيفه بالشراكة مع القطاع الخاص».

وزارة التربية والتعليم في مبنى ذي طابع تراثي مميز بوسط القاهرة (فيسبوك)

وتم تقسيم مربع الوزارات بوسط البلد إلى 6 مناطق يمكن طرحها مرحلياً، وتضم هذه المناطق عدة مبانٍ ذات طابع مميز، بينها مبنى وزارة العدل، ومقر وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ومبنى وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ومقر الهيئة العامة للتخطيط العمراني، ومبنى وزارة التموين والتجارة الداخلية، ومقر وزارة الإنتاج الحربي، إلى جانب الإشارة إلى أوجه الاستفادة من تلك المباني، خصوصاً التراثية لإقامة فنادق عالمية متميزة جاذبة لفئة مستهدفة من الأسواق السياحية، وفق بيان سابق لمجلس الوزراء.

وترى أستاذة العمارة والتصميم العمراني بكلية الهندسة في جامعة القاهرة، الدكتورة سهير زكي حواس، أن «كل المباني والأماكن التي ارتبطت بكلمة تراث هي ثروة قومية»، وعدّت هذا الوصف ينطبق على المباني والحدائق والمشروعات العامة، وكذلك المباني الخاصة المسجلة كتراث. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «حتى المقابر المسجلة كتراث هي ثروة قومية».

وبالنسبة للمباني التي تم إخلاؤها في منطقة وسط البلد، قالت زكي حواس: «يجب التنبه إلى عملية الاستفادة من المبنى التراثي، وفقاً لمحددات علم إعادة الاستخدام المتوافق، فكل مبنى حالة قائمة بذاتها، ولا يوجد نموذج ينطبق على كل المباني، ويجب إجراء دراسات توثيقية، وأخرى مرتبطة بالسلامة الإنشائية لاختيار الوظيفة الجديدة، التي تناسب المبنى التراثي، دون الإخلال بالقيمة التاريخية للمبنى».