«الاستقرار» الليبية تتخذ إجراءات احترازية لمواجهة «انتشار» الأمراض السرطانية

الحكومة تشكّل لجنة فنية لفحص بعض السلع والأدوية

وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا في اجتماع سابق مع لجنة دعم مرضى الأورام (حكومة الاستقرار)
وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا في اجتماع سابق مع لجنة دعم مرضى الأورام (حكومة الاستقرار)
TT

«الاستقرار» الليبية تتخذ إجراءات احترازية لمواجهة «انتشار» الأمراض السرطانية

وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا في اجتماع سابق مع لجنة دعم مرضى الأورام (حكومة الاستقرار)
وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا في اجتماع سابق مع لجنة دعم مرضى الأورام (حكومة الاستقرار)

في حين تتصاعد استغاثات مرضى الأورام في ليبيا لتوفير العلاج في الداخل أو تيسيره بالخارج، شكلت حكومة «الاستقرار» في بنغازي لجنة فنية لدراسة أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بالأورام المسرطنة في نطاق المنطقة الشرقية.

وفي ظل تراجع المنظومة الصحية، جراء ما شهدته ليبيا من صراعات خلال العقد الماضي، بالإضافة إلى الانقسام السياسي، زادت حالات المرضى الذين يبحثون عن العلاج بالخارج.

وقال وزير الصحة بالحكومة، الدكتور عثمان عبد الجليل، إن تشكيل اللجنة الفنية يستهدف «طمأنة الأصوات التي تعالت بالساحة أخيراً وتستشعر وجود زيادة في معدل الإصابة بالأورام، وتطالب بالبحث والتدقيق عن أسباب ذلك».

ويرى عبد الجليل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة بمثابة إجراء احترازي للتأكد من عدم دخول أي مواد مسرطنة ومحظورة في التركيبة الصناعية لبعض السلع والأدوية، إلى جانب فحص المبيدات الزراعية والحيوانية بجميع أنواعها للتأكد من صحة الأرقام الراهنة للمرضى من عدمها». ويشير وزير الصحة، إلى إحصائية سابقة عن وجود 97 مريضاً بالأورام لكل مائة ألف نسمة، لافتاً إلى أن «هذا الرقم أقل من المعدل العالمي الذي يسجل 141 مريضاً لكل مائة ألف نسمة».

رئيس «حكومة الاستقرار» أسامة حماد (الاستقرار)

وتغيب الأرقام الرسمية المتعلقة بالعدد الإجمالي لمرضى الأورام في ليبيا، إلا أنه وفقاً لتحديث أجري نهاية مايو (أيار) الماضي بمنصة «محارب» التابعة لـ«الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان»، وهي مؤسسة رسمية تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، بلغ عدد المسجلين فيها 12513 مريضاً في ليبيا.

إلا أن بعض الأطباء المحليين، يشيرون إلى أن العدد الحقيقي للمرضى، أكثر من ذلك؛ نظراً لقدرة بعض المرضى على تحمل تكاليف العلاج بالخارج على نفقتهم، مما يجعلهم عازفين عن التسجيل بالبرامج الحكومية التي تعنى بالمرضى.

لذا، يرى وزير الصحة أن الإحصائيات الراهنة تشير بوضوح إلى أن معدل الإصابة في البلاد «طبيعي وغير مقلق بالنسبة لنا كمسؤولين، وقريب جداً من النسب المرصودة بدول الجوار، وربما أقل». وأبدى عبد الجليل تفهمه لهذه التخوفات التي تحذر من انتشار المرض، ويرى أن الانطباعات التي تولدت لدى البعض، «ترجع لتزايد الوعي، وما يصاحب ذلك من إجراء فحوصات مبكرة تكشف عن إصابة جديدة، إلى جانب التعاطف الكبير مع أوضاع مرضى الأورام ومعاناتهم من عدم توفر الأدوية داخل البلاد، مما يضطرهم للسفر خارج البلاد». ويرى أن «علاج مرضى الأورام بالخارج ليس سلساً في أغلب الأوقات؛ فقد يواجهون بتوقف علاجهم هناك، بسبب عدم سداد الدولة المستحقات المالية للمستشفيات بالخارج».

والعلاج بالخارج لكل مرضى الأورام الليبيين، يختصّ به جهاز طبي تابع لحكومة «الوحدة» الموجودة بالعاصمة طرابلس، وفقاً لعبد الجليل.

ومنذ مارس (آذار) 2022، تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى «الوحدة الوطنية» ومقرها طرابلس غرب البلاد ويترأسها عبد الحميد الدبيبة، والثانية «حكومة أسامة حماد» بشرق البلاد.

وبشأن أعمال اللجنة الفنية المكلفة بدراسة أسباب ارتفاع عدد مرضى السرطان في ليبيا، دعا عبد الجليل إلى «منحها بعض الوقت لتخرج باستراتيجيات صحيحة تتبناها السلطة، وهذا يساعدنا على تخفيض المعدل الراهن بالبلاد من 97 مريضاً بأورام لكل مائة ألف نسمة، إلى 60 أو 50 مريضاً... وبالطبع نتمنى تصفيرها».

صعوبة توفر الأدوية المعالجة يقلق المرضى وذويهم (الشرق الأوسط)

وتشير إحصائيات «السجل الوطني للسرطان في ليبيا» إلى أنه في الفترة من نهاية 2020 وحتى نهاية 2023 تم تسجيل 11235 حالة سرطان في جميع أنحاء ليبيا.

في السياق، عد مقرر «لجنة دراسة أسباب انتشار الأورام»، الدكتور ملهم الدرسي، سرطان الثدي لدى النساء في ليبيا، كونه الأكثر انتشاراً ويليه القولون والمستقيم ثم الرئة. وأوضح الدرسي لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة تدرس العوامل التي يتخوف منها البعض ويرون أنها قد تسبب الأورام، ومنها المبيدات الزراعية ومخلفات المصانع، وكذلك الانبعاثات التي تصدر من معدات التصوير الطبية.

وكان الدبيبة عقد اجتماعاً لمتابعة ملف مرضى الأورام في البلاد، وقال حينها رئيس «الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان» حيدر السائح، إن عدد مرضى الأورام في ليبيا يفوق 22 ألف مريض. غير أن جراح الصدر والقلب والأوعية الدموية بجامعة أريزونا، الدكتور هاني شنيب، شكك في صحة هذه الإحصائية. وقال في تصريح لقناة «الوسط» إنها «لا تعبر عن مدى انتشار الأورام في عموم البلاد».


مقالات ذات صلة

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.