السودان: تحذيرات من «مجاعة وشيكة» في سنار بسبب الحصار ونقص الغذاء

«حارسات» تطلق حملة نسوية للفت أنظار العالم إلى مخاطر الجوع

وفق تقارير «الأمم المتحدة» فإن أكثر من نصف سكان البلاد باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة (رويترز)
وفق تقارير «الأمم المتحدة» فإن أكثر من نصف سكان البلاد باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة (رويترز)
TT

السودان: تحذيرات من «مجاعة وشيكة» في سنار بسبب الحصار ونقص الغذاء

وفق تقارير «الأمم المتحدة» فإن أكثر من نصف سكان البلاد باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة (رويترز)
وفق تقارير «الأمم المتحدة» فإن أكثر من نصف سكان البلاد باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة (رويترز)

تعيش ولاية سنار السودانية اختفاء دقيق الخبز والأرز بشكل كامل، ما يهدد بدخول الولاية، التي تُحاصرها قوات «الدعم السريع»، منذ الشهر الماضي، في أزمة غذائية حادة ونُذُر مجاعة وشيكة، خصوصاً بعد قطع طرق الإمداد من النيل الأبيض ومن شرق البلاد. وفي غضون ذلك، أطلق تجمع نسوي في العاصمة الأوغندية كمبالا حملة لمناهضة الجوع، يُنتظر أن تستمر لمدة شهر؛ بهدف حشد الدعم لإنقاذ السودانيين من مخاطر الجوع.

سودانيات يضعن البذور بحقل زراعي بضواحي غضارف في محاولة لتأمين حاجياتهن من الحبوب والخضر (أ.ف.ب)

وقالت «تنسيقية لجان مقاومة سنار»؛ وهي تنظيم شبابي مستقل برز، خلال ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، إن مدينة سنار تشهد انعداماً كاملاً لدقيق الخبز والأرز، موضحة أن المطاحن توقفت نتيجة انقطاع التيار الكهربائي منذ قرابة ثلاثة أسابيع، وتبع ذلك توقف طحن «الذرة والدخن»، وهو ما أدخل الولاية الزراعية في حيّز المجاعة، وحذّرت من وفيات بسبب الجوع تهدد سكان الولاية، المقدَّر عددهم بأربعة ملايين، حال استمرار هذا الوضع لأكثر من أسبوع.

ووفقاً لبيان صادر عن «التنسيقية»، فإن دقيق القمح والوقود اختفيا تماماً من سنار، على أثر قطع الطرق إلى شرق السودان، وسيطرة قوات «الدعم السريع» على عاصمة الولاية سنجة ومدينة الدندر، في حين اتسعت دائرة أعمال النهب على الطرق الترابية، ما جعل وصول المواد الغذائية أمراً معقداً.

وفي 26 يونيو (حزيران) الماضي، حاصرت قوات «الدعم السريع» مدينة سنار، بعد أن سيطرت على منطقة جبل موية، ثم حاضرة الولاية سنجة، وقطعت الطريق البري الرابط بين ولاية النيل الأبيض وولايات غرب البلاد وشرقها، والتي تصل عن طريقها المواد الغذائية والسلع من الشرق أو الغرب.

ودعت لجان المقاومة إلى حشد القوى الشعبية لإنشاء تعاونيات زراعية في القرى والأحياء؛ بهدف زراعة الخضراوات سريعة الإنتاج لمكافحة الجوع، وتشغيل طواحين الحبوب عبر الطاقة الشمسية، وجمع التبرعات لأجل هذه الأغراض، في وقت تمنع فيه الاستخبارات العسكرية من استخدام الوقود في طحن الحبوب.

أرغمت الحرب الدائرة آلاف الأُسر على الفرار من البيوت واللجوء للمخيمات (أ.ف.ب)

ووجّهت لجان المقاومة نداء لمن سمّته «الضمير الإنساني العالمي»، معلنة أن سنار «دخلت حيز المجاعة بالفعل، وما لم يجرِ تقديم حلول عاجلة، خلال هذا الأسبوع، فإن الوفيات بسبب الجوع ستصبح أمراً واقعاً»، ما يشكل تهديداً لنحو 4 ملايين شخص هم عدد سكان الولاية والنازحون إليها من الولايات الأخرى.

ودعت «شعوب العالم» إلى ممارسة الضغوط اللازمة على حكوماتها لتوفير جسر إغاثة جوي لمناطق الولاية، وتوفير الدقيق والزيوت حتى انتهاء فصل الخريف، على الأقل.

من جهة أخرى، قامت منظمة «الحارسات» بتدشين حملة لمدة شهر، للفت أنظار العالم إلى المجاعة التي تهدد السودانيين، وهي مجموعة نسوية انطلق عملها إبان الثورة الشعبية في ديسمبر 2019، وكان شعارها حراسة قيم الثورة (حرية، سلام، وعدالة)، قبل أن ينتقل مقرها الرئيس لمدينة كمبالا الأوغندية بسبب الحرب.

وقالت المنظمة، في الحملة المنظمة تحت شعار «لا تغمض عينيك عن المجاعة في السودان»، إنها تهدف لـ«لفت الانتباه العالمي للكارثة الإنسانية الحادة في البلاد»، إزاء ما سمّته تجاهل العالم لأكبر أزمة إنسانية في العالم.

ووفق تقارير «الأمم المتحدة»، فإن أكثر من نصف سكان البلاد (نحو 25 مليوناً)، بحاجة لمساعدات إنسانية، وصل منهم إلى مرحلة المجاعة نحو 880 ألفاً، بينما يعيش 18 مليوناً منهم تحت طائلة انعدام الأمن الغذائي الشديد. كما انضافت إليهم، وفقاً لمنظمة «حارسات»، نحو 7 آلاف أم جديدة معرضات لخطر الوفاة، بسبب قلة الغذاء والرعاية الصحية والطبية.


مقالات ذات صلة

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
TT

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

قال إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين»، إن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمعة.

وأوضح في حوار مع «وكالة الأنباء الألمانية» بعد زيارته لمنطقة دارفور بغرب السودان ومناطق أخرى: «حياة 24 مليون شخص على المحك في السودان».

وأضاف: «نحن ننظر لعد تنازلي قوي نحو المجاعة واليأس وانهيار حضارة بأكملها». وأكد أن الصراعات مثل الدائرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، «يجب ألا تصرف الانتباه عن معاناة المواطنين في السودان».

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأضاف: «إذا اتفقنا أن حياة الإنسان ذات قيمة متساوية في أي مكان بالعالم، إذن فسيكون السودان على قمة قائمة الأمور المهمة الآن». وأوضح أنه شهد تداعيات الصراع المستمر منذ 600 يوم. ورأى في كثير من المناطق، ومن بينها مناطق كان يعمل بها المجلس سابقاً «دلالات واضحة للغاية على وقوع حرب مروعة. المنزل بعد المنزل والمنطقة بعد المنطقة، تعرضت للحرق والدمار والنهب».

وحذر إيغلاند من أن الوضع «على وشك الانفجار» مثلما حدث عام 2015، عندما عبر الملايين من اللاجئين من مناطق مزقتها الحرب، بما فيها سوريا، البحر المتوسط، ووصلوا إلى عتبات الدول الأوروبية. وقال: «لا أعتقد أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي والدول الإسكندنافية وفرنسا يرغبون في ذلك».

وأضاف: «أن الاستثمار في السودان لن يساعد فقط في ثني المواطنين عن السعي نحو فرص أفضل في أماكن أخرى، ولكن أيضاً هو الأمر الوحيد الذي يتوافق مع القيم والمصالح الأوروبية».

وإضافة إلى ذلك، أفاد تقرير لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»، الأحد، بأن السودان «يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم»، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية النزاع، وأضاف: «أن واحداً من كل 3 في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي».

نازحون في مخيم أقيم في القضارف (أ.ف.ب)

وبحسب التقرير الذي نشر على موقع «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية»، «فقد أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع».

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة... يواجه السودان حالياً، أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار «إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا».