ارتفاع الأسعار يرغم الجزائريين على قضاء عطلة الصيف في تونس

تقدم عروضاً مغرية وخارج المنافسة قياساً بالأسعار المحلية

الحمامات إحدى أكثر مدن الساحل التونسي استقطاباً للسياح الجزائريين (ناشطون سياحيون)
الحمامات إحدى أكثر مدن الساحل التونسي استقطاباً للسياح الجزائريين (ناشطون سياحيون)
TT

ارتفاع الأسعار يرغم الجزائريين على قضاء عطلة الصيف في تونس

الحمامات إحدى أكثر مدن الساحل التونسي استقطاباً للسياح الجزائريين (ناشطون سياحيون)
الحمامات إحدى أكثر مدن الساحل التونسي استقطاباً للسياح الجزائريين (ناشطون سياحيون)

يتوقع ناشطون في مجال السياحة والسفر في الجزائر توافد أكثر من 3 ملايين ونصف مليون جزائري على تونس بغرض السياحة، عبر المعابر الحدودية، خاصة أن منشآت السياحة وملاك الشقق والمساكن بالجارة الشرقية يعرضون أسعاراً مغرية على الجزائريين، الذين يفضلونها على المنتوج السياحي المحلي، خاصة من حيث جودة الخدمة.

ومع بداية يوليو (تموز) من كل عام، يشد عدد كبير من الجزائريين الرحال إلى تونس لقضاء إجازة الصيف. وعادة ما يشهد المعبران الحدوديان «أم الطبول» و«العيون» من الجهة الجزائرية ازدحاماً كبيراً يثير في الغالب مشاكل تنظيمية معقدة لشرطة الحدود والجمارك.

شرطة الحدود بمعبر «أم الطبول» في الجهة الجزائرية (ناشطون سياحيون)

ووفق ما أكده سياح جزائريون، تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، بعد وصولهم إلى الأراضي التونسية، فقد استغرقت ترتيبات العبور أربع ساعات كاملة. وتفضل عائلات جزائرية، تعودت على قضاء عطلتها في تونس، الوصول ليلاً إلى المعابر، حيث تكون درجات الحرارة منخفضة، خصوصاً إذا كان معها أطفال صغار ومسنون.

وأكد فؤاد العواد، ممثل «المكتب الوطني للسياحة التونسي» بالجزائر، في بيان الثلاثاء، أن بلاده «تبقى الوجهة المفضلة للجزائريين، وذلك لعدة أسباب؛ منها العلاقات الجيدة بين البلدين، والقرب الجغرافي، إضافة إلى التنوع في العروض السياحية، والتوازن بين الجودة والسعر»، مشيراً إلى أن «94 في المائة من السياح الجزائريين يصلون إلى تونس عن طريق البر».

وأكد العواد أن الحكومة التونسية «تولي اهتماماً خاصاً بالسياح الجزائريين، مع استمرار بذل الجهود لتحسين ظروف إقامتهم في بلدهم الشقيق».

وبحسب ناشطين في مجال السياحة يعملون بالأجهزة الحكومية المتخصصة في تنظيم الأسفار، فإن عدد السياح الجزائريين العابرين إلى تونس يزداد من سنة لأخرى، من دون إحصاء الجزائريين المغتربين في بلدان العالم، الذي يتوجهون إلى تونس بغرض السياحة.

وبحسب الناشطين أنفسهم، يوجد من بينهم من اتفقوا مع عائلاتهم أو أصدقاء لهم بالجزائر على قضاء العطلة معاً في منتجعات تعودوا على الإقامة بها، تقع في مدن الحمامات وسوسة والمنستير والمهدية، أو أبعد منها على ساحل المتوسط خصوصا جزيرة جربة.

ويجد السائح الجزائري ضالته في المنشآت السياحية التونسية. فالفرد الواحد بإمكانه قضاء إجازةٍ أسبوعاً في فندق 3 نجوم بأقل من 300 دولار أميركي، وهو عرض خارج المنافسة قياساً إلى الأسعار في الجزائر. كما أن آلاف السياح يفضلون كراء شقق أو فيلات في مدن الساحل التونسي، حيث الأسعار في متناول متوسطي الدخل.

معبر «أم الطبول» الحدودي في الجهة الجزائرية (ناشطون في مجال السياحة)

وتفيد أرقام «ديوان السياحة والأسفار الجزائري» بأن أكثر من 3 ملايين جزائري قضوا عطلتهم في تونس خلال صيف 2023. وذلك بزيادة قدرها 3.5 في المائة، مقارنة بسنة 2022. لكن إثر تفشي فيروس كورونا بين 2020 و2021، تراجع عدد السياح بشكل كبير خصوصاً بعد إغلاق الحدود البرية والجوية. وأكدت الأرقام ذاتها أن نحو مليون ونصف مليون سائح جزائري وصلوا إلى تونس منذ بداية العام إلى 10 يوليو (تموز) الحالي.

وقال مهنيون في السياحة يعملون في وكالات السفر الخاصة، إن الطلبات تنهال عليهم للحجز في الفنادق بتونس، متوقعين وصول 3.5 مليون سائح هذا الصيف.

إلى ذلك، أصدر «الديوان الوطني للرصد الجوي»، الثلاثاء، تحذيراً من «موجة حر شديدة تضرب عدة ولايات داخلية وجنوبية» قد تتعدى، حسبه، 46 درجة مئوية خصوصاً في ولايات المدية والبويرة والأغواط، والجلفة والمسيلة وبرج بوعريريج وباتنة، وفي ولايات أقصى الجنوب، كأدرار وعين صالح وتميمون وورقلة، حيث يغادرها قطاع كبير من سكانها في الصيف بسبب ظروف المناخ التي لا تطاق.

وأمس الاثنين، قالت الشركة الحكومية لإنتاج وتوزيع الكهرباء، في بيان، إنها سجلت في اليوم ذاته استهلاكاً قياسياً للطاقة بلغ 18756 ميغاواط، فيما وصل، الأحد، إلى 18732 ميغاواط. لافتة إلى أنها «تواصل تصدير الطاقة إلى تونس، موازاة مع الاستجابة النوعية للطلب المحلي القياسي على الكهرباء».


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».