«الدولة» الليبي يصعّد خلافاته مع «النواب» ويرفض قانون الموازنة

وفد عسكري تركي في طرابلس لـ«تعزيز التعاون»... وواشنطن ترحب بالإفراج عن الصحافي السنوسي

صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للدولة فى طرابلس (المجلس)
صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للدولة فى طرابلس (المجلس)
TT

«الدولة» الليبي يصعّد خلافاته مع «النواب» ويرفض قانون الموازنة

صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للدولة فى طرابلس (المجلس)
صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للدولة فى طرابلس (المجلس)

في تصعيد جديد للخلافات بين مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في ليبيا، صوّت الأخير، بالإجماع على رفض مشروع الموازنة العامة، التي اعتمدها مجلس النواب منفرداً، بينما أعلنت السلطات في غرب البلاد، أنها بحثت مع وفد عسكري تركي رفيع المستوى، في تعزيز العلاقات العسكرية بين الطرفين.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن أعضاء في «المجلس الأعلى للدولة»، تصويت 63 من أعضائه، من أصل 75 حضروا الجلسة في العاصمة طرابلس، ضد الموازنة.

وخصص المجلس جلسته الاستثنائية، لمناقشة ما وصفه بـ«الخرق الدستوري»، الذي أقدم عليه مجلس النواب بإقرار الميزانية، من دون موافقته عليها.

وكان مجلس النواب قد اعتمد الأسبوع الماضي، الموازنة العامة للدولة للعام الحالي بقيمة 179 مليار دينار، دون الرجوع إلى مجلس الدولة، (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية)، لكن محمد تكالة رئيس «المجلس الأعلى»، أعلن رفض الإجراء، وطالب محافظ «مصرف ليبيا المركزي»، الصديق الكبير، بعدم تنفيذها، وحمله المسؤولية القانونية والأخلاقية «لما يترتب على ذلك من تداعيات سياسية واقتصادية».

كما انسحب تكالة من الاجتماع، الذي كان مقرراً عقده الاثنين في القاهرة، برعاية الجامعة العربية، مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

في غضون ذلك، قال رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ووزير دفاعها عبد الحميد الدبيبة، إنه بحث مساء الأحد، في العاصمة طرابلس، مع رئيس الأركان العامة للجيش التركي متين جوراك والوفد المرافق له، برامج التعاون بين رئاستي الأركان بالبلدين، وعدداً من البرامج التدريبية والمناورات العسكرية المشتركة بين وزارتي دفاع البلدين.

وأوضح الدبيبة أن جوراك نقل إليه رسالة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، «أكد فيها على العلاقات التاريخية بين البلدين، والعمل على تطويرها في كل المجالات وأهمها المجال العسكري والأمني».

المنفي مع الوفد العسكري التركي (المجلس الرئاسي الليبي)

وكان الوفد التركي قد بحث مع المنفي، باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، أهم الأمور والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما المتعلقة بالجوانب العسكرية.

وقال المنفي إن جوراك نقل رسالة من إردوغان، «للتأكيد على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين ومواصلة العمل على تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات».

بدوره، قال محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة «الوحدة»، إنه بحث مع الوفد التركي، «الأمور والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في الجانب العسكري»، مؤكداً «عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين».

الدبيبة خلال اجتماع مع مسؤولي الغاز والنفط (حكومة «الوحدة»)

في شأن مختلف، وجه الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير النفط والغاز المُكلف خليفة عبد الصادق، ورئيس «المؤسسة الوطنية للنفط» المُكلف مسعود سليمان، بضرورة التعاون بين المؤسسة و«الشركة العامة للكهرباء» بشأن إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء لضمان التشغيل الكامل لها، مع ضرورة وضع ضوابط للاستهلاك وفق الاحتياج الفعلي. كما شدد على «ضرورة الالتزام بالجدول الزمني بزيادة الإنتاج، وتوفير التدفقات المالية اللازمة لتنفيذ الخطة المعتمدة».

بدورها، رحبت الولايات المتحدة بالإفراج عن الصحافي أحمد السنوسي، وعدّت أن الصحافة الحرة «تلعب دوراً حاسماً في تشجيع تبادل الأفكار وتعزيز الشفافية والمساءلة، وهو ما سيكون ضرورياً لنجاح التحول الديمقراطي في ليبيا».

وقالت السفارة الأميركية في بيان، إنه «يجب أن يكون الصحافيون قادرين على ممارسة مهنتهم المهمة دون خوف من الاعتقال التعسفي».

من جهة أخرى، أكدت شعبة الإعلام بـ«الجيش الوطني» عودة الصيادين الليبيين المُحتجزين لأكثر من شهر داخل الأراضي التشادية، بعد تدخل القائد العام للجيش المُشير خليفة حفتر، للكشف عن مصيرهم وتسوية أمورهم وإعادتهم عبر طائرة خاصة، مشيرة إلى أن اللواء صدام، نجل حفتر ورئيس أركان القوات البرية، كان في استقبالهم.

وكان صدام، قد ناقش مساء الأحد في بنغازي بشرق ليبيا، مع الملحق العسكري بالسفارة البريطانية العقيد مات كيتيرر، «مكافحة الإرهاب وأمن الحدود، وأهمية التعاون العسكري بين المنطقتين الشرقية والغربية»، وفقاً لبيان أصدرته السفارة.


مقالات ذات صلة

ما حقيقة تَورط مسؤول ليبي في تهريب مهاجرين إلى أميركا؟

شمال افريقيا «غدامس» شركة طيران ليبية مملوكة للقطاع الخاص (صفحة الشركة على فيسبوك)

ما حقيقة تَورط مسؤول ليبي في تهريب مهاجرين إلى أميركا؟

قالت النيابة الليبية إن المدير التجاري بشركة «غدامس» للطيران متهم بـ«ارتكاب نشاط ضار بمصالح البلاد».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع خوري مع وزير الخارجية المصري بالقاهرة (الخارجية المصرية)

خوري تناقش مع مسؤولين مصريين تنشيط العملية السياسية الليبية

أعربت المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني خوري عن اعتزامها التنسيق والعمل المشترك مع مصر لإقرار الاستقرار بشكل مستدام في الأراضي الليبية كافة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا وزيرة العدل بحكومة «الوحدة» في زيارة سابقة لمؤسسات الإصلاح والتأهيل الرئيسية بطرابلس (وزارة العدل)

قلق أوروبي من «تزايد الاعتقالات التعسفية» في ليبيا

أعربت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، عن قلقها إزاء «التوجه المتزايد» في جميع أنحاء البلاد نحو الاعتقال التعسفي للأفراد الذين يعبرون عن آرائهم السياسية.

شمال افريقيا الرئيسان المصري والصربي بحثا المستجدات الدولية والإقليمية (الرئاسة المصرية)

حرب غزة وأزمات ليبيا والسودان تتصدر المباحثات المصرية الصربية

تناولت مباحثات مصرية - صربية في القاهرة مستجدات الأوضاع في السودان وليبيا، وحرب غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع عقيلة صالح بفريق العمل التطوعي لإعادة الإعمار (مجلس النواب)

مخاوف ليبية من تجدد المواجهات بين ميليشيات الزاوية

وسط مخاوف من اندلاع مواجهات عنيفة بين الميليشيات المسلحة المحسوبة على حكومة الوحدة «المؤقتة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، شهدت مدينة الزاوية تحشيدات عسكرية.

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يرفض التفاوض «ولو حارب مائة عام»

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)
TT

الجيش السوداني يرفض التفاوض «ولو حارب مائة عام»

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

جدّد الجيش السوداني تأكيد رفضه لأي تفاوض مع «قوات الدعم السريع»، واستعداده للقتال لـ«مائة عام»، معتبراً التفاوض «تأجيلاً للمعركة تنتج عنه مشكلات سياسية وعسكرية وأمنية تعرقل تطور الدولة السودانية»، متوعداً بـ«إزالة (قوات الدعم السريع) من أرض البلاد».

وجاء هذا التصريح في الوقت الذي تشهد فيه جنيف تفاوضاً غير مباشر بين وفدي الجيش و«الدعم السريع»؛ من أجل الوصول إلى هدنة إنسانية تسمح بإيصال المساعدات الإغاثية. وقال مساعد القائد العام للجيش الفريق ياسر العطا، في خطاب بمنطقة أم درمان العسكرية، الاثنين، بمناسبة ترقية ضباط إلى رتب أعلى، إنهم لن يهادنوا أو يتفاوضوا مع «قوات الدعم السريع» ولو حاربوا لمائة عام، واشترط لوقف الحرب استسلام هذه القوات، قائلاً: «لن نهادن ولن نفاوض إلاّ على شيء واحد، وهو استسلام (الجنجويد)، ولو حاربنا مائة سنة»، في إشارة إلى «قوات الدعم السريع».

وتابع العطا: «حتى قبائلهم التي يفاخرون بأنها معهم تبرّأت منهم. لا توجد قبيلة سودانية تتخلّق بقيم أهل السودان يمكن أن ترعى أو تدعم أو تُسهم في أفعال الشيطان؛ من قتل واغتصاب وسرقة وتدمير ولصوصية وذلة وإهانة وتجارة رقيق». وزعم العطا أن استمرار قواته في القتال يأتي استجابة لـ«إرادة الشعب السوداني وقراراته».

عناصر من «قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ب)

شرط الاستسلام

ومنذ بداية الحرب دأب الجيش، على لسان قادته، رفض التفاوض مع «قوات الدعم السريع»، ويشترط استسلامها وخروجها من المدن والمناطق التي يسيطر عليها، رغم أنه في الوقت ذاته يقود تفاوضاً مع هذه القوات. وتجري حالياً في جنيف مفاوضات غير مباشرة برعاية الأمم المتحدة بين وفدين يمثلان الجيش و«قوات الدعم السريع» تهدف إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتوزيعها على المدنيين، عبر مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، رمطان لعمامرة.

وقالت الأمم المتحدة، في تصريحات، إن «أحد الطرفين» لم يحضر إلى مقر التفاوض حسب الموعد، رغم وجوده في جنيف، دون تحديد أي طرف، لكنها في الوقت ذاته أكدت أن الوسيط الدولي اجتمع مع وفد «قوات الدعم السريع» وحده؛ ما أدى إلى الاستنتاج بأن وفد الجيش هو المقصود بالغياب.

وكان قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، قد استبق تصريحات مساعده الفريق ياسر العطا، بإعلان رفضه أي مفاوضات مع «قوات الدعم السريع»، قبل أن تنسحب من المناطق التي تسيطر عليها، قائلاً يوم الخميس الماضي: «لا تسمعوا ما يُقال عن مفاوضات في سويسرا أو غيرها، لا مفاوضات في جدة ولا مفاوضات في أي مكان».

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

السيطرة على الأرض

ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023 سيطرت «قوات الدعم السريع» على مساحات واسعة من السودان، واستولت على مناطق عسكرية استراتيجية في مختلف أنحاء البلاد، كان آخرها الاستيلاء على أجزاء من ولاية سنار في وسط البلاد، بما فيها مدينة سنجة عاصمة الولاية، في حين اقتصر وجود الجيش في عدد من ولايات البلاد داخل حامياته العسكرية التي تتعرّض لهجمات مستمرة من «الدعم السريع». وكثيراً ما توعّد الجيش بحسم المعركة لصالحه، لكن الواقع على الأرض يشير إلى أن الحرب استمرت لمدة عام وثلاثة أشهر دون تحقيق نصر حاسم، وفق ما ذكرت عدة مصادر.

وتفاوض طرفا الحرب في «منبر جدة» منذ الأيام الأولى للحرب، عبر وساطة سعودية وأميركية، وتوصلا إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، غير أنهما لم يلتزما به، واتهم كل طرف الآخر بعدم الالتزام ببنود الاتفاق. كما تم تفاوض غير معلن بين الطرفين في المنامة، ثم تنصل منه الجيش فور تسريب معلوماته، في حين أكدته «قوات الدعم السريع».