ما حقيقة تَورط مسؤول ليبي في تهريب مهاجرين إلى أميركا؟

النيابة العامة تكشف نقل «مئات الآسيويين» عبر نيكاراغوا

«غدامس» شركة طيران ليبية مملوكة للقطاع الخاص (صفحة الشركة على فيسبوك)
«غدامس» شركة طيران ليبية مملوكة للقطاع الخاص (صفحة الشركة على فيسبوك)
TT

ما حقيقة تَورط مسؤول ليبي في تهريب مهاجرين إلى أميركا؟

«غدامس» شركة طيران ليبية مملوكة للقطاع الخاص (صفحة الشركة على فيسبوك)
«غدامس» شركة طيران ليبية مملوكة للقطاع الخاص (صفحة الشركة على فيسبوك)

وضعت النيابة العامة الليبية حداً لتقارير تحدثت عن ضلوع «مافيا» في تهريب مهاجرين غير نظاميين إلى الولايات المتحدة، وكشفت ضلوع مسؤول ليبي بإحدى شركات الطيران المحلية بتسهيل رحلات تقل مئات المهاجرين إلى أميركا عبر نيكاراغوا.

النائب العام الصديق الصور (مكتب النائب العام)

وترجع القصة إلى منتصف مايو (أيار) الماضي، عندما جرى تداول تقارير إعلامية غربية بشأن قيام رحلات جوية بنقل مهاجرين من مطاري معيتيقة وبنينا الدوليين بطرابلس وبنغازي (غرب وشرق) ليبيا إلى مطار ماناغوا عاصمة نيكاراغوا.

وفي تلك الأثناء، نقلت وسائل إعلامية عن صحيفة «لوموند» الفرنسية، أن طائرة «بوينغ 777» تابعة لشركة الطيران الليبية «غدامس» حطت بمطار ماناغوا في نيكاراغوا آتية من مطار بنينا ببنغازي، وعلى متنها 367 راكباً هندياً. لكن مصدراً بمطار بنينا نفى حينها لـ«الشرق الأوسط» صحة ذلك، وقال، إن جميع الرحلات التي يجري تنظيمها «قانونية، ومَن عليها جميعاً يستوفون الإجراءات المتعارف عليها دولياً».

غير أن «لوموند» نشرت تقارير تشير إلى أن الطائرة نفسها، أجرت رحلة مماثلة في 23 من الشهر نفسه وعلى متنها 298 هندياً. لكن شركة «غدامس» رفضت التعليق على هذه التقارير.

وفي ظل صمت الأجهزة الأمنية المختصة بمكافحة الهجرة غير النظامية في ليبيا، وتضارب المعلومات، خرج مكتب النائب العام في وقت مبكر من صباح الاثنين، ليؤكد أن النيابة توصلت في تحقيقاتها إلى ضلوع مسؤول ليبي بشركة «غدامس» للطيران بـ«ارتكاب نشاط ضار بمصالح ليبيا»، وانتهت إلى حبسه على ذمة القضية.

مهاجرون غير نظاميين يغادرون من بنغازي إلى دكا وفق البرنامج الأممي لـ«العودة الطوعية» (أرشيفية - المنظمة الدولية للهجرة)

وبينما قالت النيابة إن المتهم هو المدير التجاري في شركة «غدامس» للطيران، قالت مصدر في مكتب النائب العام لـ«الشرق الأوسط»، إن التحقيقات التي بدأت - منذ الكشف عن هذا المسار الجديد الذي اتخذته (المافيا) للتهريب والاتجار في البشر - لم تنته بعد، وأن النيابة «تتبع بقية المتهمين في هذه الواقعة».

وكان «جهاز الأمن الداخلي» قد دخل على خط الأزمة، وقال مبكراً الاثنين، إنه في إطار «مكافحة الجرائم الدولية العابرة للحدود والمتعلقة بمكافحة كل أشكال تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، جرى استدعاء المدير التجاري لشركة طيران «غدامس». وأشار إلى أنه، «بالاستدلال معه للاشتباه بممارسة نشاط ضار بمصالح البلاد، تبين تعاقده مع شركتين الأول تسمى (غراند وير للملابس الجاهزة)، والثانية (أليكسانا للطيران) لغرض نقل مسافرين يحملون جنسيات آسيوية إلى دولة نيكاراغوا، وقيام آخرين بتسهيل عبورهم غير النظامي لدول أخرى».

مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع طرابلس (أ.ف.ب)

ودفعت التشديدات الأوروبية، العصابات المتاجرة بالبشر للجوء إلى مسار جديد يُمكّن مئات المهاجرين غير النظاميين من الهرب بعيداً عن الملاحقات الأمنية، خلال هروبهم من ليبيا.

وأوضح مكتب النائب العام أن رئيس النيابة «بحث واقعة نقل طائرات شركة (غدامس) مئات الأشخاص الراغبين في دخول الولايات المتحدة عبر أراضي نيكاراغوا، المخالفة لقواعد الهجرة النافذة، وتبين له أن الشركة مارست نشاطاً تمثل في تسيير رحلات جوية كان على متنها مئات الأشخاص المنتمين إلى بلدان شرق آسيا، من دون مراعاة التزامات الناقل الجوي والتشريعات الوطنية المتعلقة بالهجرة». كما أشار إلى أن الشركة خالفت أيضاً «المقتضيات المنبثقة عن الصكوك الدولية المصادق عليها، لا سيما بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، المكمِّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر (الوطنية)».

وكانت صحيفة «لا برينسا» في نيكاراغوا قد نشرت في يونيو (حزيران) الماضي أن طائرة تابعة لـ«غدامس» تقل 400 راكب آتية من «مطار معيتيقة الدولي» بطرابلس، حطت في «مطار أوغوستو سي ساندينو» في ماناغوا، وهذه كانت ثالثة رحلات الشركة، حتى ذلك التاريخ، مشيرة إلى أن الرحلات تلك «ليست مسجلة في الهيئة الوطنية للطيران في نيكاراغوا».

ورأت النيابة العامة أن مسؤول الشركة الذي لم تورد اسمه «ألحق ضرراً بمصالح الدولة الليبية»، وأن المحقق «أصدر الأمر بحبسه على ذمة التحقيق».

مهاجرون أمام الجدار العازل بين أميركا والمكسيك (أ.ف.ب)

وباتت الرحلات على هذا الخط فيما يبدو نحو مطار «أوغوستو ساندينو» في نيكاراغوا، «أحدث الخيارات البديلة لدخول المهاجرين غير النظامين الولايات المتحدة عبر حدودها الجنوبية».

ويشير حقوقيون ليبيون بأصابع الاتهام إلى «تورط مسؤولين ليبيين كبار، وأجهزة أمنية في شرق ليبيا وغربها، في تسهيل عملية تهريب المهاجرين الذين يتدفقون على البلاد، إلى أوروبا»، لافتين إلى أن الانقسام السياسي «دفع بعدد من الجهات للتربح من عمليات الهجرة والاتجار بالبشر».

وتضبط الأجهزة المعنية بالهجرة في ليبيا مئات المهاجرين قبيل هروبهم عبر البحر المتوسط، فتعيدهم منه، وتعتقلهم في مراكز إيواء، سواء في شرق البلاد أو غربها لحين ترحيلهم إلى بلدانهم.

ومهّد قرار سلطات نيكاراغوا عام 2021 بفتح الأبواب للمهاجرين من دول تعاني صعوبات سياسية، للدخول من دون تأشيرة مقابل دفع رسوم، لقدوم الآلاف إلى البلاد عبر رحلات تجارية من دول أميركا اللاتينية، وأيضاً من المغرب وليبيا.

ويرى الباحث الليبي المشارك في «المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن»، جلال حرشاوي، في تصريح صحافي أن الاتفاقات مع مهاجرين ينتمون لدول آسيوية بأنهم سيصلون إلى جنوب أميركا، عبر عدد من البلدان والقارات بشكل غير نظامي، لا يمكن أن يجري إلا بفضل الشبكات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية، وبتواطؤ بعض الدول».

وتظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن ليبيا تؤوي قرابة 704 آلاف مهاجر من 43 جنسية، وفق بيانات جُمعت من 100 بلدية ليبية في منتصف عام 2023.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».