المرشحون لـ«رئاسية» الجزائر يواجهون «معضلة» جمع التوقيعات

الرئيس تبون يحسم خياره بخصوص مدير حملته الانتخابية

الرئيس تبون مع الوزير الأول ومدير الديوان بالرئاسة (الرئاسة)
الرئيس تبون مع الوزير الأول ومدير الديوان بالرئاسة (الرئاسة)
TT

المرشحون لـ«رئاسية» الجزائر يواجهون «معضلة» جمع التوقيعات

الرئيس تبون مع الوزير الأول ومدير الديوان بالرئاسة (الرئاسة)
الرئيس تبون مع الوزير الأول ومدير الديوان بالرئاسة (الرئاسة)

صاحَب إعلان ترشح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لولاية ثانية، الخميس الماضي، تسارعاً في وتيرة جمع التوقيعات، الخاصة بالترشح للاستحقاق الرئاسي لغالبية المترشحين، وفي غضون ذلك قالت مصادر من محيطه، إنه اختار مدير الديوان لديه، القاضي بوعلام بوعلام، مديراً لحملته.

ومع اقتراب تاريخ إسدال الستار على عملية جمع التوقيعات (50 ألف توقيع فردي، أو 600 توقيع منتخب)، المقرّرة في 18 من الشهر الحالي، ضاعف الراغبون في كرسي «قصر المرادية» من مجهوداتهم لإقناع المسجّلين على اللائحة الانتخابية، الذين يفوق عددهم 23 مليوناً، بملء استمارة اكتتاب التوقيعات؛ لإيداعها مع ملف الترشح بـ«السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات»، المكلّفة قانوناً بدراسة هذه الملفات، ومدى مطابقتها مع شروط الترشح الواردة في قانون الانتخابات والدستور.

زبيدة عسول مرشحة انتخابات الرئاسة (إدارة الحملة)

وناشدت زبيدة عسول، المحامية ورئيسة حزب «الاتحاد من أجل الرقي» المعارض، في منشور لإدارة حملتها الانتخابية، عبر وسائط الإعلام الاجتماعي، المواطنين دعمَ ترشحها، «إن كنتم تريدون مشروعاً بديلاً لمشروع السلطة»، ومما جاء في ندائها: «إن كنت تعتبر نفسك مواطناً، ومن حقك التعبير عن رأيك في تسيير البلاد... إن كنت تعتبر نفسك مواطناً درجة أولى وليس درجة ثانية، تمارس حقك في إبداء الرأي السياسي... إن مللت من لغة الخشب وتريد دعم وتقوية صوت معارض... إن كنت ترى أن تدهور القدرة الشرائية للمواطن تضاعَف خلال السنوات الأخيرة، وتريد لهذا أن يتوقف... يمكنك دعمنا من خلال تقديم استمارات الترشيح»، ولا يُعرف بالضبط إن كانت عسول تمكّنت من جمع العدد الكافي للإمضاءات أم لا.

عبد العالي حساني مرشح الإسلاميين (إدارة الحملة)

وفي «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، يسود تفاؤل بتخطّي «عقبة الترشيحات» بسهولة لفائدة مرشحها ورئيسها عبد العالي الشريف حساني؛ ذلك أن الحزب المحسوب على تيار «الإخوان»، يملك عدداً كبيراً من المناضلين، والعدد الكافي للمنتخبين، ما يضعه في راحة تامة بخصوص تجاوز مرحلة إيداع الملف، في انتظار المصادقة عليها من طرف «المحكمة الدستورية» كآخر محطة، ثم يأتي بعدها دخول حملة الانتخابات التي تنطلق منتصف الشهر المقبل.

لويزة حنون مرشحة حزب العمال اليساري (إعلام الحزب)

أما «حزب العمال»، الذي تمثّله أمينته العامة لويزة حنون، فتبذل قيادته ومناضلوه مجهودات كبيرة لتجاوز حاجز التوقيعات. ويُعدّ ترشح حنون الرابع منذ انخراطها في السياسة قبل أكثر من ثلاثين عاماً، لكن بالرغم من التجربة العريضة للحزب في الاستحقاقات، فإنه وجد صعوبة في إقناع الناخبين بمنح توقيعاتهم، بالنظر لعدم تحمّس غالبيتهم للانتخابات. ويشترك في هذه المعاناة أكثرية مؤيدي المرشحين، الذين يشتغلون على جمع التوقيعات.

سيدة الأعمال سعيدة نغزة مرشحة انتخابات الرئاسة (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

وأكّد إطار من حملة سيدة الأعمال، سعيدة نغزة، أنها «خاضت تحدي جمع التوقيعات بنجاح»، وأنها ستضع «خلال الساعات المقبلة» ملفها بمقر «سلطة الانتخابات»، غير أن نغزة اشتكت من «ضغوط» تعرّض لها، حسبها، قياديون في أحزاب موالية للسلطة، بسبب «منحنا توقيعاتهم».

وكانت رئاسة الجمهورية هاجمت نغزة بشدة، عن طريق وكالة الأنباء الرسمية، العام الماضي، بسبب رسالة رفعتها للرئيس تبون، اشتكت فيها من تسيير الاستثمار، ومن مشاكل واجهها رجال الأعمال في مشروعاتهم.

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية المعارضة (إدارة الحملة)

بدورها، تخوض «جبهة القوى الاشتراكية» المعارضة «المنعطف الأخير» من جمع التوقيعات لصالح مرشحها، وهو سكرتيرها الأول، يوسف أوشيش، وفق تعبير قيادي منها رفض نشر اسمه، مؤكداً أن الحزب «سيكون في الموعد قبل يوم 18 يوليو (تموز)، وحالياً بدأنا بتصميم حملة الدعاية الانتخابية».

وكان الحزب الأقدم في المعارضة قد طلب من الناخبين «استشارة» تخص الأفكار، التي يرونها الأنسب لطرحها في حملة الانتخابات، والتي تتعلق بمطالبهم في مجال الصحة والعمل والتعليم، وكل المشاكل التي يواجهونها في حياتهم اليومية.

مدير الديوان (الثاني على اليمين) ومدير الإعلام بالرئاسة (الثاني على اليسار) (رئاسة الجمهورية)

أما عن الكادر الذي سيتكفّل بحملة الرئيس تبون، فقد ذكرت مصادر من محيطه أن اختياره وقع على مدير الديوان بالرئاسة بوعلام بوعلام، ليكون مسيّراً لحملته الانتخابية، وعلى كمال سيدي سعيد، المستشار بالرئاسة المكلّف بمديرية الإعلام، كنائب له، وقد شوهد الرجلان بمقر «سلطة الانتخابات» (الخميس) الماضي، وهما يُشرفان على عملية سحب أوراق التوقيعات.


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.