هل نجح رئيس الوزراء الإثيوبي في ترتيب لقاء بين البرهان وحميدتي؟

من كواليس زيارة آبي أحمد لبورتسودان

قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة للحرب (أرشيفية)
قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة للحرب (أرشيفية)
TT

هل نجح رئيس الوزراء الإثيوبي في ترتيب لقاء بين البرهان وحميدتي؟

قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة للحرب (أرشيفية)
قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة للحرب (أرشيفية)

أُحيطت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للسودان، بسياج كثيف من السرية، ولم يخرج منها للعلن سوى عبارات دبلوماسية تقول ولا تقطع، لمّح من خلالها كلا الطرفين إلى همومه؛ فرئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان اعتبر الزيارة «تضامناً» معه، ونقل إعلامه عن الضيف الزائر أنه جاء للتضامن مع الشعب السوداني، باعتباره صديقاً حقيقياً، بينما حاول مناصِرو الجيش حصر الزيارة في «العلاقات الثنائية».

وكشفت «لغة الجسد»، أثناء مراسم استقبال آبي أحمد، «ترحيباً لافتاً» لاستقبال «أول رئيس يزور الحكومة في بورتسودان»، منذ انتقالها إلى هناك بعد فقدانها الخرطوم، وأكّدت «الحميمية» التي استقبل بها البرهان ضيفه تراجُعه عن الاتهامات التي كانت حكومته قد وجهتها للرئيس الزائر، باعتباره موالياً لغريمه قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي».

البرهان وآبي أحمد (مجلس السيادة السوداني)

ولمزيد من الترحيب بالرجل، قاد البرهان السيارة الرئاسية بنفسه برفقة ضيفه منفردَين، ومن ثم شاركا في «زراعة شجرة»، وهو تقليد دأب عليه آبي أحمد في كل زياراته الخارجية ضمن مشروعه المعروف بـ«بصمة إثيوبيا الخضراء»، ما يشير إلى أن الزيارة أفلحت في إذابة جليد كثيف كان يحيط العلاقة بين الرجلين والحكومتين.

وكان آبي أحمد قد اتخذ مواقف اعتبرها البرهان تأييداً صريحاً لقوات «الدعم السريع»، من ذلك قيادته تحركات إقليمية ضد حكومة البرهان، بلغت أن وصفها الرجل بأنها «غير مؤهّلة للحكم»، بل وطالب بفرض حظر طيران على الجيش السوداني، وهو سلاح الجيش الأقوى في المعركة، وتم تصنيفه ضمن «الخصوم» الأفارقة.

لكن لم تُخفِ الحميمية التي رافقت الزيارة أهدافها الأخرى، والتي في نظر الكثيرين، تُعدّ الأهم، فقد ذكرت الرئاسة الإثيوبية على منصة «إكس» أن زيارة أحمد تندرج ضمن مساعيه من أجل الوصول لحلول مستدامة للأوضاع في السودان، ما يؤكد أن حقيبة الرجل كانت تحتوي أكثر من استرداد العلاقات الثنائية، فما هي تلك الأهداف؟

آبي أحمد يرش الماء على نبتة زرعها مع البرهان في بورتسودان (مجلس السيادة السوداني)

يقول المحلّل السياسي المختص بالقرن الأفريقي عبد المنعم أبو إدريس لـ«الشرق الأوسط»، إن آبي أحمد جاء بورتسودان، وهو يحمل «أجندة خاصة ببلاده، تتكون من شقين؛ الأول حصار قوات فانو التي تقاتل الحكومة الإثيوبية قرب الحدود السودانية، والحيلولة بينها وبين استخدام الأراضي السودانية منطقةَ انطلاق خلفية. والثاني متعلق برافضي اتفاق جوهانسبير بين حكومته وبين جبهة تحرير تغراي، والأعداد الكبيرة من مسلّحي تلك الجبهة، الذين لجأوا للسودان».

ويشير المحلل السياسي إلى نقطة ثالثة، وهي أيضاً تتعلق بالأمن الإثيوبي الداخلي، والتهديدات التي يمكن أن تنجم عن اقتراب القتال السوداني من حدود آبي أحمد. ويتابع: «اقتراب القتال من الحدود الإثيوبية يزيد حالة السيولة الأمنية، ويؤدي لانتشار السلاح بصورة أكثر، ما يعرّض إثيوبيا لموجات من طالبي اللجوء»، بجانب الحذر من وجود حشود عسكرية إرترية على حدود إثيوبيا، يمكن أن تستثمر الوضع الداخلي الإثيوبي.

وإلى جانب الملف الثنائي الذي احتوته حقيبة آبي أحمد، هناك ملف آخر مرتبط به، وأكثر أهميةً منه هو ملف «وقف الحرب السودانية»، وجمع الغريمين «البرهان وحميدتي»، وهو ما أشار إليه مصدر تحدث لـ«الشرق الأوسط»، وقال إن آبي آحمد «إلى جانب تخوفاته من تأثيرات الحرب واقترابها وتشابكها مع قضايا بلاده، حمل في ذات الحقيبة أجندة لوقف الحرب، لارتباط تلك المخاوف بها»، مشيراً إلى أنه باعتباره «جزءاً من الآلية الأفريقية التي يترأسها الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، أبلغ البرهان أهمية عقد لقاء مع حميدتي»، وهو ما سعت الآلية الأفريقية لعقده في العاصمة «كمبالا» قريباً.

آبي أحمد بمطار بورتسودان في ختام زيارته القصيرة (مجلس السيادة السوداني)

ورجّح المصدر أن يكون آبي أحمد قد سافر إلى السودان «وهو يحمل في أحد أدراج حقيبته دعوة للبرهان لملاقاة غريمه حميدتي، ممثلاً للجنة الاتحاد الأفريقي الرئاسية الخماسية التي يترأّسها الأوغندي موسفيني، وعضوية رؤوساء من أقاليم أفريقيا الخمسة».

ويخشى على نطاق واسع، من تدفق مئات اللاجئين إلى إثيوبيا، إذا سيطرت قوات «الدعم السريع» على مدينتي «الدمازين» التي تبعد نحو 90 كيلومتراً من الحدود الإثيوبية، و«القضارف» التي تبعد عن مدينة «المتمة» الحدودية الحبشية نحو 150 كيلومتراً، وذلك بعد سيطرتها على حاضرة ولاية سنار مدينة «سنجة»، التي تبعد عشرات الكيلومترات من كلا المدينتين.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

شمال افريقيا دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: عناصر من عهد البشير يمدّدون الحرب للعودة إلى السلطة

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا قنوات اتصال مفتوحة مع الاتحاد الأفريقي بشأن آلية لمراقبة الاتفاقيات الحالية».

هبة القدسي (واشنطن) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا اجتماع سابق لمجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي (أرشيفية - الخارجية المصرية)

مباحثات أفريقية رفيعة لوقف حرب السودان

يُجري وفد من «مجلس الأمن والسلم الأفريقي»، الذي وصل إلى بورتسودان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، مباحثات مع المسؤولين السودانيين تتعلق بسبل إنهاء الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي: «فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بشأن السودان»

كشف المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، عن خطوة جديدة في المرحلة المقبلة تتعلق بوقف النزاع في السودان.

محمد أمين ياسين
شمال افريقيا امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان مطلع العام (رويترز)

السودان بين أعلى 4 دول تعاني «سوء التغذية الحاد»

رسمت منظمة تابعة للأمم المتحدة صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية في السودان، وصنّفته بين الدول الأربع الأولى في العالم التي ينتشر فيها سوء التغذية الحاد.

أحمد يونس (كمبالا)

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)
وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)
TT

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)
وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)

أرّق غلاء البيض أسراً مصرية مجدداً، وسط اتهامات للتجار برفع الأسعار، وتحركات حكومية بالتدخل لحل الأزمة، بعدما وصل سعر «طبق البيض» في بعض المناطق إلى نحو 200 جنيه (الدولار يساوي نحو 48.53 جنيه في البنوك المصرية).

ولاقى ارتفاع أسعار بيض المائدة تفاعلاً في وسائل إعلام، وبين المغردين على منصات التواصل الاجتماعي، يوم السبت، حيث اشتكى متابعون من زيادة أسعار «طبق البيض» مجدداً، ومعاناة بعض الأسر، خصوصاً مع العام الدراسي الجديد، في حين رأى آخرون أن «الحل ليس في الشراء من المنافذ الحكومية، لكن يجب أن تتم مراقبة الأسواق، وجعل السعر موحداً في جميع المحال التجارية».

كما تساءل الإعلامي المصري، عمرو أديب، عبر برنامجه التلفزيوني على قناة «إم بي سي مصر»، مساء الجمعة، عن «أسباب ارتفاع أسعار طبق البيض لنحو 200 جنيه»، قائلاً: «الغريب أن سعر البيض يرتفع بزيادات كبيرة ومتوالية، حتى لو انخفضت أسعار الدواجن».

زيادات «غير مبررة»

ومع شكاوى مصريين من زيادات «غير مبررة» في أسعار «بيض المائدة»، دعت جمعية «مواطنون ضد الغلاء» (جمعية أهلية) أخيراً إلى «مقاطعة شراء بيض المائدة، نتيجة القفزات السريعة والمتلاحقة في الأسعار». وطالبت في إفادة لها بـ«ضرورة توحيد الأسعار في السوق المصرية، بين الحكومة والمنتجين والتجار، لمنع الممارسات الاحتكارية بالسوق».

ولا يرى رئيس «شعبة الدواجن» في الغرفة التجارية بمصر، سامح السيد، إشكالية في إنتاج البيض بمصر، مشيراً إلى أن «حجم الإنتاج يصل لنحو 15 مليار بيضة سنوياً، ويتم التصدير لبعض الدول».

وقال: «إن الزيادات في أسعار البيض تأتي من تسعير السلاسل التجارية الخاصة، التي تبالغ في تقدير السعر»، مطالباً المستهلكين «بعدم الشراء من منافذ البيع الخاصة، والاعتماد على المنافذ الحكومية».

السيد أكد لـ«الشرق الأوسط»، السبت، أن هناك تحركات حكومية في الأسواق للسيطرة على أسعار «بيض المائدة». وأشار إلى «اجتماع حكومي لوزير الزراعة المصري، علاء فاروق، مع اتحاد منتجي الدواجن، وعدد من المسؤولين، الأسبوع الماضي، لضخ كميات كافية من بيض المائدة بالمنافذ الحكومية التابعة لوزارتي التموين والزراعة». وقال: «إن وزارة الزراعة وعدت بضخ نحو 300 ألف طبق بيض أسبوعياً في المنافذ الحكومية بأسعار مخفضة تصل إلى 150 جنيهاً».

أسعار البيض تشهد ارتفاعات متكررة في مصر (وزارة الزراعة المصرية)

تنظيم صناعة الدواجن

وطالب رئيس «شعبة الدواجن» بضرورة «التدخل الحكومي لتنظيم صناعة الدواجن في مصر بوصفها قضية أمن غذائي للمصريين». وأضاف: «أن من الإجراءات التي يجب اتخاذها (استئناف تشغيل بورصة الدواجن المصرية والمتوقفة منذ 12 عاماً)، وكذا (تشديد الرقابة الحكومية على السلاسل التجارية الخاصة)».

ومطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، حرّك «جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية» في مصر، دعوى قضائية ضد 21 من كبار منتجي البيض. واتهمهم حينها «بالاحتكار، والاتفاق على أسعار مرتفعة لبيع البيض بالمخالفة للقانون»، وفق إفادة رسمية للجهاز.

وأعاد رئيس «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، الزيادة في أسعار بيض المائدة بمصر، إلى «زيادة الطلب، خصوصاً مع بداية العام الدراسي في مصر»، إلى جانب «ارتفاع تكلفة التسمين والأعلاف، لمنتجي الدواجن»، إضافة إلى أن «90 في المائة من القطاعات المنتجة لبيض المائدة، تعتمد على سلالات أجنبية»، مطالباً «بضرورة تدخل الحكومة المصرية للتوسع في إنتاج سلالات محلية لبيض المائدة».

وتوقف رئيس «مركز القاهرة» مع مغالاة التجار في الأسعار. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن جزءاً كبيراً من الأزمة بسبب سلوكيات التجار، والمغالاة في الأرباح»، مشيراً إلى أن «التاجر يحصل على البيض بما يوازي 120 جنيهاً، ويتم البيع للمستهلك بنحو 200 جنيه»، مطالباً «بضرورة وضع ضوابط من الغرف التجارية لتقليل هامش الربح، وضبط الأسواق، والابتعاد عن السياسات الاحتكارية التي يلجأ إليها التجار بالاتفاق فيما بينهم لتوحيد سعر البيع».