رفض مصري - أردني لاستمرار سيطرة إسرائيل على معبر رفح

عبد العاطي والصفدي تحدثا عن جهود مشتركة لوقف الحرب في غزة

لقاء عبد العاطي والصفدي في القاهرة (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية على «إكس»)
لقاء عبد العاطي والصفدي في القاهرة (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية على «إكس»)
TT

رفض مصري - أردني لاستمرار سيطرة إسرائيل على معبر رفح

لقاء عبد العاطي والصفدي في القاهرة (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية على «إكس»)
لقاء عبد العاطي والصفدي في القاهرة (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية على «إكس»)

توافقت مصر والأردن على «الرفض الكامل لسيطرة إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني». وعدّ وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج بدر عبد العاطي، تلك السيطرة «سبباً في عرقلة نفاذ المساعدات للشعب الفلسطيني، مما يُعرضه لكارثة إنسانية غير مسبوقة تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي».

وقال عبد العاطي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، في القاهرة، الأربعاء، إن «استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة يمثل وصمة عار على المنظومة القانونية الدولية».

بدوره، أكد وزير الخارجية الأردني أن «بلاده تقف إلى جانب مصر في مطالبتها بضرورة خروج القوات الإسرائيلية من معبر رفح حتى تتدفق المساعدات إلى قطاع غزة». وقال إن «الأوضاع في غزة ساءت كثيراً، والمسؤول هي الإجراءات الإسرائيلية التي تعيق دخول المساعدات الإنسانية»، مشدداً على «وجوب تحرك المجتمع الدولي لوقف العدوان بإجراءات عملية». وأضاف: «لا شيء يبرر عجز المجتمع الدولي عن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

ويسيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح منذ السابع من مايو (أيار) الماضي، ومنذ ذلك الوقت علّقت القاهرة التنسيق مع تل أبيب بشأنه، وجددت أكثر من مرة مطالبتها تل أبيب بالانسحاب، تنفيذاً لاتفاقية المعابر الموقّعة في عام 2005، التي تنص على أن تكون السلطة الفلسطينية هي التي تدير المعبر برقابة أوروبية.

واستقبل وزير الخارجية المصري نظيره الأردني في مقر الوزارة في العاصمة الإدارية الجديدة، في أول زيارة بعد تشكيل الحكومة المصرية الجديدة، حيث عقدا جلسة مباحثات ثنائية. وترأسا جلسة مباحثات موسَّعة بحضور وفدي البلدين، «تناولت مختلف مجالات التعاون الثنائي، والتشاور حول القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها الحرب في قطاع غزة ومخاطر التصعيد في لبنان، وسوريا، وأمن البحر الأحمر»، حسب المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد.

عبد العاطي والصفدي خلال مباحثاتهما في القاهرة (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية على «إكس»)

وأكد وزير الخارجية والهجرة المصري «تطابُق الرؤى بين القاهرة وعمان تجاه تطورات الأوضاع في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «توافقاً مصرياً - أردنياً على استمرار الجهود المشتركة للتحرك بجدية من أجل وقف إطلاق النار في غزة»، مؤكداً «رفض بلاده السياسات الإسرائيلية الممنهجة التي تطالب الفلسطينيين بالنزوح من مناطق غزة».

واتفق الجانبان على «أهمية استمرار الجهود في الضغط على الشركاء الإقليميين والدوليين والمجتمع الدولي للعمل على التحرك بجدية لتحقيق وقف إطلاق النار، وفق قرارات مجلس الأمن وعدم الاكتفاء بإدانة العدوان الإسرائيلي حقناً لدماء المدنيين»، حسب عبد العاطي.

بدوره، أشار وزير الخارجية الأردني إلى أن «هناك جهوداً مشتركة بين القاهرة وعمان لوقف إطلاق النار في قطاع غزة». وقال إن «الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جـرائم حرب غير مسبوقة في التاريخ الحديث، ويمارس إجراءات غير شرعية لعرقلة دخول المساعدات إلى غزة، كما يستهدف القضاء على وكالة (أونروا) من أجل تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين».

ويتزامن الحديث عن الجهود المصرية - الأردنية المشتركة لوقف إطلاق النار، مع عقد جولة مفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة بهدف الاتفاق على تهدئة في قطاع غزة، في إطار جهود الوساطة «المصرية - القطرية - الأميركية».

فلسطينية مع أطفالها تخرج من مخيم جنين عقب غارة القوات الإسرائيلية عليه في وقت سابق (إ.ب.أ)

وشهدت المباحثات المصرية - الأردنية «تأكيد الدور الحيوي والمهم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وأهمية قيامها بدورها الذي لا بديل عنه، وضرورة دعمها في أداء مهامها السامية بعيداً عن أي معايير مزدوجة في التعامل مع مسائل الإغاثة الإنسانية وعدم تسيس عملها»، حسب عبد العاطي.

وقال وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج إن المباحثات مع نظيره الأردني، «شهدت تأكيد الرفض الكامل لسياسات إسرائيل الممنهجة لفرض واقع جديد على الفلسطينيين، يضطرهم للنزوح بهدف تهجيرهم من أراضيهم، بما يؤدي في النهاية لتصفية القضية الفلسطينية».

من جهته أكد الصفدي أن «تهجير الفلسطينيين من أراضيهم خط أحمر لمصر والأردن وهو مرفوض بشكل مطلق».

وسبق أن أكّدت مصر ودول عربية مراراً رفضها تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم.

وشهدت المباحثات «تأكيد الخطورة البالغة لاحتمالات التصعيد؛ بما يقود إلى انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة»، إضافةً إلى «تأكيد الأهمية البالغة للحفاظ على أمن واستقرار لبنان والتحذير الكامل من أي مخاطر للتصعيد؛ بما يؤدي لزعزعة الاستقرار في لبنان ويؤدي لدخول المنطق في أتون من الحرب الشاملة».

فلسطينيون خلال تجمعهم في وقت سابق بموقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

وحذر وزير الخارجية والهجرة المصري من «مخاطر التصعيد التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في لبنان ودخول المنطقة في حرب شاملة». وقال إنه «تم الاتفاق مع نظيره الأردني على ضرورة تشجيع الأطراف الدولية للاعتراف بالدولة الفلسطينية». وأشار وزير الخارجية الأردني إلى أن «الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية تقوّض فرص تحقيق السلام»، محذراً من «حرب إقليمية إذا تفجرت الأوضاع».

وعلى صعيد العلاقات الثنائية. قال عبد العاطي إن المباحثات مع نظيره الأردني «مثَّلت فرصة مهمة وجادة لتأكيد خصوصية العلاقات الثنائية بين البلدين». وأكد «تثمين بلاده للدور الذي يقوم به الأردن في استضافة ورعاية مصالح المصريين وتذليل التحديات التي تواجههم».

توافق دائم

بدوره، عدَّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق رخا أحمد حسن، التوافق المصري - الأردني بشأن الوضع في غزة «أمراً طبيعياً». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «القضية الفلسطينية والوضع في غزة متداخلان مع الأمن القومي للدولتين»، مشيراً إلى أن «هناك توافقاً دائماً بين الدولتين بشأن سبل حل الصراع، وضرورة إدخال المساعدات ورفح الحصار عن الشعب الفلسطيني وانسحاب إسرائيل من غزة ومن معبر رفح».

وأضاف حسن أن «إسرائيل تنتهج سياسة تعسفية تستفز مصر، من هنا كان وزير الخارجية المصرية واضحاً في حديثه عن انتهاك تل أبيب القانون الدولي، وتأكيده رفض الوجود الإسرائيلي في معبر رفح كونه يتعارض مع اتفاقية المعابر». وأشار إلى أن «حديث الصفدي عن جهود مشتركة لوقف الحرب في غزة يجعل الأردن شريكاً غير مباشر في المفاوضات»، مشيراً إلى أن «كل الجهود تصب في سبيل وقف إطلاق النار في غزة».

وقال حسن إن «رئيس الوزراء الإسرائيلي يتظاهر بالموافقة على التفاوض بينما هو في الحقيقة يرسل وفوداً للتفاوض من أجل التفاوض، دون رغبة حقيقية في إنجاز الاتفاق أو وقف الحرب».


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.