تباين ليبي حول مغزى لقاء رئيس «النواب» ومحافظ «المركزي»

البعض عدّه «تدشيناً لتحالف» ضد رئيس حكومة «الوحدة»

صالح يتوسط محافظ المصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
صالح يتوسط محافظ المصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
TT

تباين ليبي حول مغزى لقاء رئيس «النواب» ومحافظ «المركزي»

صالح يتوسط محافظ المصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
صالح يتوسط محافظ المصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)

تباينت آراء سياسيين ليبيين حول دلالة اجتماع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المصرف المركزي الصديق الكبير، في القاهرة، السبت الماضي، ففيما يرى البعض أنه بمثابة «تدشين لتحالف سياسي ومالي» في مواجهة رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، ذهب آخرون إلى أنه يستهدف التنسيق حول قضايا اقتصادية تمر بها البلاد.

وقال عضو مجلس النواب الليبي، صلاح أبو شلبي، إن الاجتماع جاء للتباحث حول قرارات وقوانين تتعلق بالوضع الاقتصادي والقطاع المصرفي بالبلاد، رافضاً اعتبار الاجتماع «تحالفاً ضد الدبيبة». كما رأى أن هذا الاعتقاد تولد لدى البعض ربما نظراً لأن اجتماعهما بالعاصمة المصرية جاء تالياً لزيارة أجراها الدبيبة للقاهرة، «لذا يظنون أنه جاء ردَّ فعل».

مجلس النواب ناقش مدى تأثير فرض الضريبة على سعر الصرف الأجنبي (النواب)

وأوضح أبو شلبي لـ«الشرق الأوسط» أن جلسة مجلس النواب، التي انعقدت أمس (الثلاثاء) استعرضت تقرير اللجنة المكلفة من رئاسة البرلمان لدراسة مدى تأثير فرض الضريبة على سعر الصرف الأجنبي، وقال بهذا الخصوص: «أعتقد أن هذا الأمر كان محور نقاشات صالح والكبير في القاهرة، وكذلك قضية اعتماد ميزانية موحدة للدولة للعام الحالي».

وكان الكبير قد خاطب البرلمان نهاية فبراير (شباط) الماضي للموافقة على فرض ضريبة بقيمة 27 في المائة على مشتريات العملات الأجنبية. وكان صالح وافق على مقترح الكبير، لكن الأمر قوبل حينها بانتقادات حادة من قبل الدبيبة، والعديد من النخب السياسية وخبراء الاقتصاد بالبلاد، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة.

بالمقابل، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي، محمد امطيريد، أن اجتماع صالح والدبيبة «وإن غلّف بعناوين اقتصادية بحتة، فإن جوهره إعلان تحالف سياسي بينهما لإزاحة الدبيبة أو التضييق على حكومته». واستند امطيريد لإثبات صحة طرحه على «أجواء الخصومة ما بين الدبيبة وصالح»، وقال إن الأخير «يسعى منذ قرابة ثلاث سنوات لإزاحة حكومة الدبيبة».

الكبير انتقد إنفاق حكومة «الوحدة» الوطنية «بشكل غير مدروس» (الوحدة)

وتوترت العلاقة بين الكبير والدبيبة، مع انتقاد الأول إنفاق حكومة «الوحدة» الوطنية «بشكل غير مدروس» على حد وصفه، وهو ما عدَّه سياسيون وخبراء حينذاك إشارة إلى تفاقم الخلافات بينهما، وإن جرى تغليفها بإطار اقتصادي.

ويرى امطيريد أن «عدم صدور قرار رسمي من البرلمان بعودة الكبير لموقعه سبب آخر يدفع للشك بمصداقية ما أُعلن من أهداف الاجتماع بالبيانات، الصادرة عن المؤسستين التشريعية والنقدية».

وكان البرلمان الليبي قد أصدر في سبتمبر (أيلول) عام 2014 قراراً بإقالة الكبير من موقعه، في خضم الصراعات السياسية والمسلحة، التي شهدتها ليبيا في هذا التوقيت.

وفي رده على ما أشار إليه الكبير من أن فرض ضريبة على مشتريات النقد الأجنبي، قد «تؤمن لخزينة الدولة 12 مليار دينار يمكن استخدامها في سداد الدين العام ومشروعات التنمية»، قال الدبيبة إن «الأوضاع الاقتصادية في البلاد جيدة بعكس ما يشاع، ولا داعي لإجراءات استثنائية تثقل كاهل المواطن». (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).

وتوقع امطيريد «عدم استمرار التحالف بين صالح والكبير لفترة طويلة، وفشله في تحقيق هدف إزاحة الدبيبة؛ إلا إذا حصلا مسبقاً على ضوء دولي بذلك»، وقال إن الدبيبة «لن يخرج من السلطة إلا عبر اتفاق تشرف عليه البعثة الأممية وتوافق عليه الدول الغربية الكبرى».

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

ومنذ مارس (آذار) 2022، تتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى برئاسة الدبيبة المتمركزة بالعاصمة طرابلس، والثانية حكومة مكلفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية، ويرأسها حالياً أسامة حماد.


مقالات ذات صلة

«دماء ورصاص» في الذكرى الـ55 لـ«ثورة القذافي»

شمال افريقيا أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)

«دماء ورصاص» في الذكرى الـ55 لـ«ثورة القذافي»

مناشدات بالتحرك الفوري لحقن الدماء وتهدئة الأوضاع في المدينة التي تشهد اضطرابات واسعة دفعت بعض أهالي المقتولين إلى إضرام النار في منزل أحد المتهمين بقتله.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة لحقول نفط تم إعادة تشغيلها في ليبيا (القوات البرية بـ«الجيش الوطني»)

ليبيا: استئناف الإنتاج بحقول نفطية بضغط أميركي

قال منسّق «حراك فزان في ليبيا» بشير الشيخ، إنه تم استئناف إنتاج النفط في بعض حقول الجنوب الشرقي «بضغط أميركي».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي، مرحلة جديدة، السبت، وسط محاولة من حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، لاحتواء لانتقادات أميركية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

تدفع أزمة المصرف المركزي الليبي بإمكانية العودة إلى بحث العملية السياسية، في ظل عقد البعض آمالاً على عودة التقارب بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة».

جاكلين زاهر (القاهرة)

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
TT

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

تنتهي الثلاثاء حملة انتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) الجاري، في غياب الاستقطاب السياسي الحاد، الذي يتابعه الجزائريون عادةً في الانتخابات الفرنسية، التي تعد النموذج الأقرب إليهم بحكم القرب الجغرافي، زيادة على الاعتبارات التاريخية ذات الصلة بالاستعمار.

واجتهد الرئيس المنتهية ولايته، المرشح لدورة ثانية، عبد المجيد تبون، والمرشح الإسلامي عبد العالي حساني، والمرشح اليساري يوسف أوشيش في تجمعاتهم، لإقناع الناخبين بـ«أهمية التصويت بكثافة لمنح الرئيس، الذي سيفرزه الصندوق، الشرعية اللازمة التي تمكنَه من حل المشكلات الداخلية، ومواجهة التحديات في الجوار». في إشارة إلى الاضطرابات في مالي والنيجر وليبيا، التي يُجمع المرشحون على أنها «مصدر تهديد لأمننا القومي».

عبد المجيد تبون (حملة المرشح)

وفي بعض التجمعات واللقاءات المباشرة مع المواطنين في الشوارع، بدا اهتمام المرشحين منصبّاً أكثر على الانتخابات بوصفها فعلاً سياسياً أو «واجباً وحقاً» كما ورد في خطاباتهم، أكثر من إقناع الناخبين ببرامجهم وبتعهداتهم.

وساد الهدوء الأسبوعين الأولين من الحملة، التي استمرت 21 يوماً حسب القانون، كما كان متوقعاً، من دون أحداث بارزة. وفي اللقاءات المقررة للأسبوع الثالث التي يجرى أغلبها في العاصمة، لم تُعقد أي تجمعات جماهيرية كبيرة، باستثناء المهرجان الانتخابي الذي نظمه تبون في وهران، كبرى مدن غرب البلاد، يوم 25 من الشهر المنقضي، حيث جمع، حسب مديرية حملته الانتخابية، أكثر من 17 ألف شخص داخل قاعة للألعاب الرياضية، وحيث لوحظ حضور بعض المشاهير من بينهم بطلة أولمبياد باريس صاحبة الميدالية الذهبية في الملاكمة، إيمان خليف التي أثارت جدلاً أخذ بُعداً عالمياً بسبب حملة التنمر ضدها.

يوسف أوشيش مرشح «القوى الاشتراكية» في لقاء مع سكان حي بشرق البلاد (حملة المرشح)

وتجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج، في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي أفقد الانتخابات نكهة التشويق... واللافت، بهذا الخصوص، أن المرشحين أوشيش وحساني لم يوجّها أي انتقاد لحصيلة الولاية للرئيس تبون. أما الصحافة، فقد عدَّ معظمها أنها «كانت إيجابية»، ووفرت تغطية واسعة لعدد كبير من مؤيدي تبون، الأمر الذي استهجنه المرشح الإسلامي، عادّاً وسائل الإعلام «منحازة» إلى الرئيس المترشح، لكن من دون ذكره بالاسم.

وفي مناسبات عديدة، أبدى المرشحان المعارضان استياء من تعليقات ساخرة في وسائل الإعلام الاجتماعي، عدَّت «اللعبة محسومة للرئيس تبون»، وأنهما «يشاركان في الاستحقاق لغرض الديكور الانتخابي، ولمرافقة تبون إلى الأمتار الأخيرة من السباق ليفوز في النهاية».

وهيمنت القضايا الاقتصادية والاجتماعية على الحملة، وبخاصة القدرة الشرائية والإسكان، والبطالة وإنعاش الاقتصاد وتطوير بعض القطاعات مثل الزراعة، وفك العزلة عن المناطق النائية.

وأضفى رئيس «حركة البناء الوطني» عبد القادر بن قرينة، وهو أشد مؤيدي تبون ولاءً، مسحةً من الهزل على الحملة الدعائية بتصريحات أثارت جدلاً، كقوله إن «التملق (للرئيس) شعبة من شعب الإيمان»، أو الحديث الذي جمعه بأحد المواطنين في الشارع، حينما قال له إن «راتب 30 ألف دينار الذي تتقاضاه في بلدك، أفضل من 5 آلاف يورو التي يأخذها جزائري يعيش في سويسرا».

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني مع أنصار حزبه جنوب غربي البلاد (حملة المرشح)

كما تم التركيز في الحملة على بعض القضايا الساخنة على الصعيد الدولي، مثل الوضع في غزة وفلسطين، فضلاً عن القضية الصحراوية التي أوجدت خلافاً شديداً مع المغرب، والتصريحات المتعلقة بفلسطين التي أدلى بها الرئيس المنتهية ولايته في قسنطينة (شرق)، وعبّر فيها عن «استعداد الجزائر لإنشاء ثلاثة مستشفيات ميدانية في غزة إذا تم فتح الحدود»، التي أثارت جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأجنبية.

واضطرت حملة الرئيس المرشح إلى التحرك بسرعة لاحتواء الجدل الذي بدأ يتشكل على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما تم تصوير شاب وهو يسجد أمام ملصق انتخابي لعبد المجيد تبون في الجزائر العاصمة. وكتبت الحملة في بيان نُشر يوم الثلاثاء 27 أغسطس (آب): «المرشح المستقل عبد المجيد تبون لا يمكنه قبول هذا النوع من التصرفات التي لطالما ناضل ضدها ورفضها، حتى وإن كانت صادرة عن مؤيديه».