مصر تدعو لحل سياسي شامل للأزمة السودانية

السيسي أكد ضرورة مشاركة كل الأطراف

السيسي خلال استقباله ممثلي «قوى سياسية سودانية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله ممثلي «قوى سياسية سودانية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعو لحل سياسي شامل للأزمة السودانية

السيسي خلال استقباله ممثلي «قوى سياسية سودانية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله ممثلي «قوى سياسية سودانية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى «ضرورة التوصل لحل سياسي شامل للأزمة السودانية»، كما شدد، الأحد، خلال لقائه مع بعض ممثلي القوى السياسية السودانية، على أهمية «مشاركة الأطراف السودانية كلها في صياغة المسار السياسي للأزمة».

وفي الوقت الذي انتهى فيه «مؤتمر القاهرة» للقوى السياسية السودانية إلى «تحفظات» من بعض ممثلي الحركات المشاركة فيه، رأى سياسيون سودانيون أن «المؤتمر حقق اختراقاً للأزمة السياسية في السودان، بجمع الفرقاء السياسيين، والاتفاق على مجموعة من المبادئ للحل السياسي».

واستضافت القاهرة، السبت، فعاليات «مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية»، تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش 3 ملفات لإنهاء النزاع، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية للحل».

وأكد البيان الختامي «ضرورة الوقف الفوري للحرب، ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار، ووقف العدائيات»، و«الالتزام بإعلان جدة، والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب». ودعا إلى «النظر للوضع الإنساني، ودعم جهود المجتمع الدولي والمحلي، والالتزام بتعهداتهما».

جانب من مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» بالقاهرة (الخارجية المصرية)

وفيما يتعلق بالمسار السياسي، أكد بيان مؤتمر القاهرة، «ضرورة المحافظة على السودان وطناً موحداً، على أسس المواطنة والحقوق المتساوية والدولة المدنية الديمقراطية الفيدرالية»، والعمل على «تجنيب المرحلة التأسيسية لما بعد الحرب كل الأسباب التي أدت إلى إفشال الفترات الانتقالية السابقة، وصولاً إلى تأسيس الدولة السودانية».

وأكد السيسي «ضرورة تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل ينهي الأزمة العميقة متعددة الأبعاد في السودان». وقال إن «مصر ستعمل في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية، ووقف الحرب، وضمان عودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني».

وشدد السيسي على «ضرورة مشاركة الأطراف السودانية كلها في المسار السياسي للأزمة»، وطالب أن «تكون المصلحة الوطنية السودانية، هي الأساس، وأن يكون شعار السودان أولاً هو المحرك لجميع الجهود الوطنية المخلصة»، مؤكداً «ضرورة أن ترتكز أي عملية سياسية على احترام مبادئ سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها».

وعدّت القوى السياسية السودانية مؤتمر القاهرة، «فرصة قيمة؛ إذ جمع للمرة الأولى منذ الحرب، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية، وعدداً من الشخصيات الوطنية وممثلي المجتمع المدني الذين توافقوا جميعاً على العمل لوقف الحرب، على أساس أن ذلك هو سؤال سائر السودانيين ومطلبهم الأساس»، وفق البيان الختامي للمؤتمر.

الرئيس المصري خلال استقباله ممثلي «قوى سياسية سودانية» بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

وتداولت صحف سودانية بياناً لممثلي بعض القوى السياسية المشاركة في مؤتمر القاهرة، تعلن فيه «رفض التوقيع على بيان مؤتمر القاهرة الختامي»، وأعادت ذلك إلى «رفض الجلوس المباشر في المرحلة الحالية مع تنسيقية تقدم لتحالفها مع (قوات الدعم السريع)، وعدم إدانتها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأعمال السلب والنهب التي تقوم بها تلك القوات». ووفق المتداول، فقد تضمن هذا البيان توقيعاً لبعض قيادات تجمع «الكتلة الديمقراطية» مثل مالك عقار، وجبريل إبراهيم، ومنى أركو مناوي، والتيجاني سيسي.

وفي الوقت الذي قال فيه أحد قادة «الكتلة الديمقراطية»، مبارك أردول، إن «هذا البيان لا يُعْلم عنه شيء، وإن الكتلة ملتزمة بالبيان الختامي لمؤتمر القاهرة»، أكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني، الهندي عز الدين (أحد المشاركين) أن «3 حركات رفضت التوقيع على البيان الختامي بسبب عدم نصه صراحة على إدانة ممارسات (الدعم السريع)».

حضور مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» بالقاهرة (الخارجية المصرية)

ورأى عز الدين أن «مؤتمر القاهرة حقق اختراقاً للأزمة السياسية في السودان»، مشيراً إلى أن «نتائج المؤتمر مختلفة عن غيرها من نتائج الفعاليات والمبادرات، ويجب تطويرها لاستكمال مسار الحل السياسي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر شاركت فيه جميع القوى بما فيها الأطراف التي لم توقّع على البيان، وخرج مدعوماً من أكبر الأحزاب السياسية في السودان مثل حزبي (الأمة) و(الاتحادي)».

بينما حذر الباحث السياسي السوداني، صلاح خليل، مما سماه «المعادلة الصفرية بين القوى السياسية السودانية»، مشيراً إلى أن «تمسُّك بعض القوى السياسية بمواقفها لن يحقق أي تقدم في مسار الحل السياسي». وقال إن «مؤتمر القاهرة قدم فرصة للقوى السياسية للتوافق على خريطة طريق سياسية، يجب استثمارها من كل الأطراف».

وأوضح خليل لـ«الشرق الأوسط» أنه «يجب في هذه الفترة البحث عن المشتركات بين القوى السياسية لتحقيق تقدم في الحلول السياسية». وحذر مما سماه «تأثير الأجندات الخارجية على أي محاولة للحل السياسي في السودان».


مقالات ذات صلة

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

شمال افريقيا طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

مع بداية العام الدراسي بمصر، في سبتمبر (أيلول) الماضي، تعهد وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، بالعمل على «عودة الانضباط في المدارس».

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي يستقبل وزير الخارجية والتعاون الإقليمي لجمهورية بوركينا فاسو (الخارجية المصرية)

مصر تُعمّق علاقاتها الأفريقية باتصالات ومشاورات متنوعة

تتواصل اتصالات ومشاورات مصرية - أفريقية بين مختلف جوانب القارة السمراء شملت جيبوتي شرقاً وبوركينا فاسو غرباً وجنوب أفريقيا والكونغو والكاميرون وسطاً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الري المصري خلال اجتماع متابعة موقف منشآت ومخرّات السيول في البلاد (مجلس الوزراء المصري)

القاهرة تواجه «أخطار سيول متوقعة» بمراجعة مشروعات المياه

شددت وزارة الري المصرية على «ضرورة تحديث البرامج الزمنية لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)

مصريون يتخوفون من «تعويم» جديد للجنيه وتصاعد الغلاء

أثارت تصريحات رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، حول «تطبيق سعر صرف مرن للجنيه» مخاوف مصريين.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا المشاركون في افتتاح «المنتدى الحضري» بمصر (الرئاسة المصرية)

مصر لتوسيع دورها في مشروعات إعادة إعمار «دول النزاعات» في المنطقة

تسعى الحكومة المصرية إلى استثمار استضافة القاهرة النسخة الثانية عشرة من «المنتدى الحضري العالمي» لتوسيع دورها في مشروعات إعادة الإعمار بالدول التي تشهد صراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)

الزنتان تُصعّد ضد «الوحدة» الليبية بعد خطف مسؤول في الاستخبارات

أعيان ومشايخ الزنتان طالبوا الدبيبة بسرعة الإفراج عن العميد مصطفى الوحيشي (الوحدة)
أعيان ومشايخ الزنتان طالبوا الدبيبة بسرعة الإفراج عن العميد مصطفى الوحيشي (الوحدة)
TT

الزنتان تُصعّد ضد «الوحدة» الليبية بعد خطف مسؤول في الاستخبارات

أعيان ومشايخ الزنتان طالبوا الدبيبة بسرعة الإفراج عن العميد مصطفى الوحيشي (الوحدة)
أعيان ومشايخ الزنتان طالبوا الدبيبة بسرعة الإفراج عن العميد مصطفى الوحيشي (الوحدة)

صعّدت مدينة الزنتان الواقعة غرب ليبيا ضد حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وطالبتها بسرعة الإفراج عن العميد مصطفى الوحيشي، مدير إدارة الأمن بجهاز الاستخبارات العامة الذي خطفه مجهولون في العاصمة طرابلس.

وتعرض الوحيشي، الذين ينتمي إلى مدينة الزنتان، لـ«الخطف» مساء (الأربعاء) بينما كان في طريقه إلى منزله عقب خروجه من عمله، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ذلك.

وأدان أعضاء جهاز الاستخبارات في غرب البلاد خطف الوحيشي، وقالوا في بيان لهم إن هذه العملية جاءت «على خلفية التحقيقات الجارية في قضايا عدة، تتعلق بوقائع تمس الأمن القومي الليبي».

من جانبه، حذر «المجلس الأعلى لثوار زنتان» حكومة الدبيبة من مغبة التأخر في التوصل إلى حقيقة اختطاف العميد الوحيشي، مهدداً باتخاذ «موقف صارم». وأوضح المجلس في بيان تلاه أحد أعضائه بأن الوحيشي ابن مدينة الزنتان «تعرض لعملية خطف ممنهجة داخل طرابلس؛ وهو يقوم بواجبه الوطني بوصفه موظفاً في جهاز الأمن».

عماد الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة الدبيبة (الشرق الأوسط)

وأدان المجلس ما سماه «العمل الشنيع والجبان»، الذي تَعَرَّضَ له العميد الوحيشي من قِبل «العصابات الإجرامية التي تنفذ أفعالها بتوجهات فاسدة من عمليات خطف وقتل وغيرها»، وقال إن هذه العصابات «تسعى للتخريب، وخلق الفوضى في البلاد، وضمان عدم وصول ليبيا إلى الاستقرار، من خلال ما تقوم به من أفعال ترفضها القيم والأخلاق والدين».

ومضى «المجلس الأعلى لثوار زنتان» محمِّلاً حكومة الدبيبة بأجهزتها الأمنية كل المسؤولية عن أمن وسلامة الوحيشي، مطالباً بالعمل على سرعة إطلاق سراح الوحيشي، الذي «يتبع هذه الحكومة، وعليها ضمان سلامته».

وبعدما طالب المجلس الحكومة بسرعة اعتقال المتورطين في خطف الوحيشي، حذرتها «من أنه في حال عدم اهتمامها بالبحث عنه وضمان سلامته، فإننا سنتحرك بقوة، وبكل الوسائل المتاحة لدينا لإنقاذه، وضمان سلامته، ولن نتوانى في ذلك حفاظاً على حياته».

وكان أعضاء الجهاز قد حذروا من أن «عمليات الاستهداف والإخفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، تُعطي ذريعة لنهج الغلو والتطرف، والترويع الذي يزج بالبلاد في دوامة العنف والفوضى».

وألقت واقعة خطف الوحيشي بظلالها على قطاع واسع من سكان طرابلس، وتساءلوا عن مدى جدية الإجراءات الأمنية التي تضطلع بها الحكومة لحماية المواطنين من مثل هذه الجرائم، بالنظر إلى أن المخطوف يشغل منصباً رفيعاً في جهاز مهمته أيضاً أمنية.

والعلاقة بين الزنتان وحكومة «الوحدة» ليست على أفضل حال، بالنظر إلى التقلبات والتحالفات التي تفرضها الأوضاع السياسية في ليبيا، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.

وتنتشر في ليبيا عمليات الخطف والإخفاء القسري منذ الفوضى التي ضربت البلاد بعد إسقاط النظام السابق، لكنها تخفت لتعود بشكل لافت على خلفيات اضطرابات سياسية.

ويجرم القانون الليبي عمليات الخطف، وجميع الممارسات المشابهة بالقانون رقم 10 بشأن تجريم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز. وتقول البعثة الأممية إلى ليبيا إنها وثّقت حالات احتجاز ما لا يقل عن 60 فرداً، بسبب انتمائهم السياسي الفعلي أو المُتصور، لكن يرجح أن يكون العدد الفعلي للأشخاص المحتجزين، بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم السياسية، أعلى كثيراً.

في شأن مختلف، دعت «تنسيقية الأحزاب الليبية» إلى ضرورة الاهتمام بـ«مبادرة المسارات المتعددة للحوار المجتمعي»، التي طرحتها وتروم «التركيز على إعادة بناء الثقة بين الليبيين، وتعيد إليهم الأمل في بناء وطنهم».

وكانت «تنسيقة الأحزاب» قد اجتمعت في مدينة بنغازي، الخميس، لبحث الأوضاع السياسية في ليبيا، في ظل ما وصلت إليه من «تأزم».

لقاء موسع لأحزاب وتكتلات «تنسيقية الأحزاب الليبية» في بنغازي (تنسيقية الأحزاب)

واستعرضت الأحزاب المجتمعة الأوضاع الحالية في ليبيا، التي قالت إنها «تُحكم قبضتها على البلاد، في ظل استمرار حالة انسداد المشهد السياسي وتداعياته، وفشل الحلول الخارجية التي ركّزت على السلطة، وتجاهلت المُواطن، وزادت من تدهور الأوضاع».

كما تَطَرَّقَ المجتمعون إلى «وجوب طرح مبادرة المسارات المتعددة للحوار المجتمعي التي تركّز على إعادة بناء الثقة بين الليبيين، وتعيد إليهم الأمل في بناء وطنهم»، مؤكدين «التزامهم الوطني بالعمل الجاد لتحقيق الاستقرار، واستعادة شرعية المؤسسات على كامل تراب الوطن». وانتهى المجتمعون إلى دعوة الساعين لإنقاذ الوطن للانضمام إلى «مبادرة المسارات المتعددة».

في غضون ذلك، قالت الحكومة المكلفة من مجلس النواب، إن 98 من عمداء ورؤساء المجالس البلدية والتسييرية بمدن، ومناطق شرق وجنوب وغرب البلاد، أكدوا تمسُّكهم بإجراء انتخابات المجالس البلدية في الموعد المحدد لها من دون تأخير.

ويُفترض أن تُجري «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات» الاستحقاق البلدي في 60 بلدية بـ«المجموعة الأولى» في 16 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.