أزمة «دكتوراه» وزير التعليم المصري تصل إلى «النواب»

بموازاة بلاغات للنائب العام تُشكّك في صحتها

وزير التعليم المصري خلال لقاء قيادات الوزارة (التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري خلال لقاء قيادات الوزارة (التربية والتعليم)
TT

أزمة «دكتوراه» وزير التعليم المصري تصل إلى «النواب»

وزير التعليم المصري خلال لقاء قيادات الوزارة (التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري خلال لقاء قيادات الوزارة (التربية والتعليم)

وصلت أزمة الدرجة العلمية (الدكتوراه) التي حصل عليها وزير التربية والتعليم المصري الجديد، محمد عبد اللطيف، إلى مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، بعدما تقدم أحد نوابه بإحاطة لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، طالبه بالرد على ما أثير «بشأن المؤهلات العلمية للوزير»، والتي أحدثت خلال الأيام الماضية جدلاً واسعاً في البلاد، بالتزامن مع تقديم بلاغات للنائب العام المصري «شككت في صحة الدكتوراه».

وأدى وزير التعليم، اليمين الدستورية، الأربعاء الماضي، ضمن أعضاء الحكومة الجديدة. وطالب عضو مجلس النواب، النائب فريدي البياضي، في إحاطته البرلمانية لرئيس الوزراء، الأحد، «بالرد» على ما يثار بشأن «الدكتوراه» الخاصة بوزير التعليم، وتحقيق مبدأ الشفافية والمحاسبة. وقال: «إن كانت هناك أخطاء يجب الاعتراف بها ومحاسبة مرتكبيها والتراجع عنها فوراً، بدلاً من الاستمرار فيها وارتكاب مزيد من الأخطاء».

وبحسب البياضي، فإنه وفقاً للسيرة الذاتية المنشورة لمحمد عبد اللطيف، فهو «حاصل على درجة الدكتوراه من (جامعة كارديف سيتي في الولايات المتحدة)، لكن هذه الجامعة ليست معروفة، ولا يوجد لها وجود حقيقي، وليس لها هيئة تدريس ولا حرم جامعي، وتضع على موقعها على الإنترنت تسعيرة للحصول على درجات علمية مختلفة، من بينها درجة الدكتوراه بقيمة 10 آلاف دولار» (الدولار الأميركي يساوي 47.90 جنيه في البنوك المصرية).

مجلس النواب المصري خلال جلسة سابقة (أرشيفية)

وترى الخبيرة التربوية في مصر، الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، أن عدم الرد على ما أثير من تشكيك في المؤهلات العلمية لوزير التعليم «يُشكل رسالة سلبية لدى المصريين». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر يثير شكوكاً لدى المواطنين حول قدرة الوزير على علاج مشكلات التعليم المتراكمة». لكن مؤسِّسة «ائتلاف أولياء أمور مصر»، داليا الحزاوي، عدّت «التشكيك» في شهادة «الدكتوراه» ينطوي على «تنمّر واضح». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «الشهادات العلمية مهمة بالطبع، لكن الوزير يمتلك خبرات عملية كبيرة في التعليم، فلماذا لا نمنحه فرصة، ثم نحاسبه على أدائه، بدلاً من إصدار الأحكام المسبقة؟».

وتقدم المحامي المصري، عمرو عبد السلام، ببلاغين في وقت سابق، إلى النائب العام المصري، طالب فيهما بـ«التحقيق مع وزير التعليم» حول ما يثار من «تشكيك» في صحة درجة الدكتوراه. وأكد عبد السلام أنه طالب النائب العام بـ«التحقق من جميع الشهادات الدراسية الخاصة بالوزير، ومطابقتها بالسجلات الموجودة في المدارس والجامعات المنسوبة إليها لمعرفة المؤهلات الحقيقية التي حصل عليها خلال مراحل التعليم المختلفة سواء داخل مصر أو خارجها».

«هيئة الرقابة الإدارية» تنشر السيرة الذاتية للوزير عبر صفحتها على «فيسبوك» (الرقابة الإدارية)

وكانت «هيئة الرقابة الإدارية» بمصر قد نشرت عبر صفحتها على «فيسبوك»، الجمعة، السير الذاتية لوزراء الحكومة الجديدة، وتضمنت حصول وزير التربية والتعليم على بكالوريوس السياحة والفنادق، والماجستير في «تطوير التعليم» من جامعة لورانس بالولايات المتحدة، والدكتوراه بنظام التعليم عن بُعد في «إدارة وتطوير التعليم» من جامعة كارديف سيتي.

كما تطرق البياضي، في إحاطته البرلمانية، الأحد، إلى الشهادات والمؤهلات العلمية الأخرى لوزير التعليم. وأشار إلى أن «السيرة الذاتية للوزير تضمنت أيضاً أنه حاصل على شهادة الماجستير من جامعة لورانس في الولايات المتحدة عام 2012 في مجال تطوير التعليم، وهي جامعة أميركية عريقة، وليست جامعة وهمية». لكن بحسب البياضي، فإن «جامعة لورانس تضم كونسرفتوار لتعليم الموسيقى، وكلية للآداب الليبرالية والعلوم»، ووفقاً لما نشرته الجامعة في تعريفها لنفسها، وما هو معروف فعلاً عنها، فهي «مختصة بدراسات ما قبل التخرج، ولا تضم قسماً للدراسات العليا، ولا تعرض أي درجات ماجستير في أي مجال».

مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الإدارية (حساب الوزارة على «فيسبوك»)

إلا أن مواقع محلية مصرية نشرت، الجمعة، تقارير تشير إلى «صحة شهادة الدكتوراه التي حصل عليها وزير التعليم من الولايات المتحدة، وأنه تم توثيقها في القنصلية المصرية بواشنطن بتاريخ 25 فبراير (شباط) 2014». وأبرزت التقارير «مشاركة الوزير في العديد من الدورات التدريبية بمجالات الإدارة والقيادة والحوكمة، وخبرته الممتدة لأكثر من 25 عاماً في مجال إدارة المؤسسات التعليمية».

من جهته، رد وزير التربية والتعليم على «اتهامات» حصوله على دكتوراه «وهمية» عبر الإنترنت. وقال في تصريحات متلفزة، مساء الجمعة، إنه «حصل على شهادة الدكتوراه من خلال الدراسة في الجامعة (أون لاين)». وأضاف: «سجلت للدراسة في الجامعة (الأون لاين)، وكان الهدف من ذلك هو الشغف لمعرفة التعليم عبر الإنترنت لنقل ذلك للطلاب وللمدارس التي أعمل بها، وليس الهدف منها العمل فقط».


مقالات ذات صلة

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

شمال افريقيا وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

أرّق «غلاء البيض» أسراً مصرية مجدداً، وسط «اتهامات للتجار برفع الأسعار»، وتحركات حكومية بالتدخل لحل الأزمة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)

«التقييم الأسبوعي للطلاب»... هل يحدّ من الغياب بالمدارس المصرية؟

تأكيدات من وزارة التربية والتعليم المصرية بـ«استمرار تطبيق نظام التقييم والواجبات الأسبوعية» على الطلاب في المدارس.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الطيران المدني المصري سامح الحفني خلال لقاء عضو مجلس الوزراء السعودي عصام بن سعد بن سعيد (مجلس الوزراء المصري)

السعودية ومصر تعززان التعاون في مجال الطيران المدني

رحّب وزير الطيران المدني المصري بوزير الدولة السعودي والوفد المرافق له، وأشاد بقوة وعمق العلاقات الثنائية الممتدة بين مصر والمملكة العربية السعودية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرّم خريجي الكليات العسكرية (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع عرض طلاب الكليات العسكرية خلال ذكرى «حرب أكتوبر»

شهد الحفل العسكري عروضاً أبهرت متفاعلين بمنصات التواصل، ومنها «ظهور مجموعة من طائرات الهليكوبتر طراز (الجازيل) تحمل علم مصر».

محمد الريس (القاهرة)

«التقييم الأسبوعي للطلاب»... هل يحدّ من الغياب بالمدارس المصرية؟

جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)
جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)
TT

«التقييم الأسبوعي للطلاب»... هل يحدّ من الغياب بالمدارس المصرية؟

جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)
جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)

أثار تطبيق «التقييم الأسبوعي للطلاب» في المدارس المصرية، تساؤلات حول جدوى هذا التقييم، وهل سيحد من «الغياب» في المدارس؟ وسط تأكيدات من وزارة التربية والتعليم المصرية على «استمرار تطبيق نظام التقييم والواجبات الأسبوعية»، عقب جدل «سوشيالي» تصاعد خلال الساعات الماضية بشأن إلغاء التقييم الأسبوعي للطلاب.

واعتمدت الوزارة تقييمات أسبوعية للطلاب تهدف إلى «التأكد من مدى تحقق نتائج العملية التعليمية»، في خطوة عدّها مراقبون أنها تأتي في إطار السعي للحد من «الغياب» في المدارس، بعدما «تم تخفيض الكثافة في الفصول الدراسية لما دون الـ50 طالباً في 99.5 في المائة من مدارس مصر»، بحسب بيانات رسمية للوزارة.

وعلى مدار السنوات الماضية، شهدت المدارس المصرية نسب حضور محدودة في غالبية المراحل الدراسية، مع تركيز الطلاب على الالتحاق بمراكز الدروس الخصوصية، واقتصار الوجود في المدرسة على أداء الامتحانات الشهرية والفصلية. وأقرت «التعليم» هذا العام تقييمات أسبوعية للطلاب تضاف مع التقييمات الشهرية، بجانب إعلان تفعيل نسبة حضور الطلاب في المدارس للسماح للطلاب بالدخول لامتحانات نهاية الفصل الدراسي.

خطوة جيدة

ووصف الخبير التربوي، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، حسن شحاتة، تطبيق التقييم الأسبوعي بـ«الخطوة الجيدة التي تزيد من ارتباط الطالب بالمدرسة، خصوصاً مع قصر الفترة الزمنية بين كل تقييم وآخر»، لافتاً إلى أن التقييمات على ما جرت دراسته «أمر سيجعل لدى الطلاب رغبة في الاستذكار باستمرار، وحضور جميع الاختبارات والتقييمات في المدرسة، لتحسين الدرجات التي يحصلون عليها في نهاية العام الدراسي».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف الرئيسي من التقييمات الدورية مرتبط بالتأكد من فهم وإدراك الطالب لما قام بدراسته، وهو أمر مطبق بالفعل في أنظمة تعليمية عديدة، لافتاً إلى أن «التقييم الأسبوعي» سوف «يزيد من دور المدرسة في حياة الطلاب، وسيجعل الطالب أكثر حرصاً على الحضور في مدرسته وعدم الغياب».

وزير التعليم المصري محمد عبد اللطيف خلال جولة تفقدية في إحدى المدارس (وزارة التعليم المصرية)

وترى عضو لجنة «التعليم» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة أمل عصفور، أن جزءاً رئيسياً من المنظومة التعليمية مرتبط بحضور الطلاب إلى المدارس، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «انتظام الطالب بالمدرسة أمر مرتبط بتفاعله مع زملائه وانخراطه في العمل الجماعي وتكوين علاقات اجتماعية»، لافتة إلى أن «تطبيق التقييم مسألة إيجابية للغاية لا يجوز العدول عنها».

وأوضحت أن التقييمات الدورية تعزز الاهتمام بمذاكرة المنهج الدراسي بشكل مستمر، وتمكّن ولي الأمر من فهم أي مشكلات لدى أبنائه في وقت مبكر، لافتة إلى أنه حتى لو وجدت عيوب في تطبيق النظام الجديد «يجب معالجتها وليس إلغاء النظام، خصوصاً أن العام الدراسي لا يزال في بدايته».

تعديلات جوهرية

وأجرت وزارة التعليم تعديلات جوهرية عدة، طُبق غالبيتها مع بداية العام الدراسي الحالي، الذي انطلق الشهر الماضي، وتضمنت تقليص المواد الإجبارية في المرحلة الثانوية، وإدخال تعديلات على طريقة تدريس المواد الأساسية ونظام الامتحانات والتقييم في الصفوف الابتدائية والإعدادية، في وقت تتصدى فيه الوزارة بشكل كبير لمراكز «الدروس الخصوصية» وتطالب بإغلاقها، فضلاً عن إعادة تفعيل المجموعات الدراسية داخل المدارس.

وتشير عضو «التعليم» في البرلمان إلى أن حديث بعض أولياء الأمور عن الأعباء التي فرضتها التقييمات على الطلاب، وعدم التكافؤ في نماذج التقييم التي تقدمها الوزارة «أمور يمكن مناقشتها وتعديلها»، لافتة إلى تفهم مطالب بعض المدرسين لـ«إطالة فترة التقييم لتكون كل أسبوعين، وليس كل أسبوع، من أجل منح وقت أطول للتدريس».

وفي هذا الصدد، لفت الخبير التربوي إلى اختلاف طريقة التقييم من مرحلة عمرية إلى أخرى بجانب اختلافها حسب طبيعة المادة التي يتم تدريسها، مؤكداً «وجود أفكار عديدة يمكن مناقشتها، منها توظيف التقييمات لتكون بشكل مستمر بما يضمن انتظام الطلاب في المدارس ومنع الغياب بصورة تعيد للمدرسة مكانتها لدى الطلاب وأولياء الأمور».