الجزائر تحتفل بالاستقلال: إشادة بـ«الانتصارات» و«تخطي التحديات» 

عفو رئاسي شمل 8 آلاف سجين واستثنى معتقلي الحراك

«قبلة الأحرار» جانب من العرض الكوريغرافي احتفالاً باستقلال الجزائر (دار الأوبرا)
«قبلة الأحرار» جانب من العرض الكوريغرافي احتفالاً باستقلال الجزائر (دار الأوبرا)
TT

الجزائر تحتفل بالاستقلال: إشادة بـ«الانتصارات» و«تخطي التحديات» 

«قبلة الأحرار» جانب من العرض الكوريغرافي احتفالاً باستقلال الجزائر (دار الأوبرا)
«قبلة الأحرار» جانب من العرض الكوريغرافي احتفالاً باستقلال الجزائر (دار الأوبرا)

احتفلت الجزائر، اليوم (الجمعة)، بمرور 62 سنة على استقلالها عن فرنسا، بعد كفاح مرير، بدأ منذ غزو أراضيها عام 1830 إلى أن تم الحسم مع الاحتلال، بانطلاق ثورة التحرير في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، التي استمرت 7 سنوات، دفع خلالها الجزائريون دماء مليون ونصف مليون من خيرة أبنائهم، ثمناً للحرية.

يفتخر الجزائريون بكون بلادهم «قبلة للأحرار»، وهي صفة أطلقتها عليهم حركات التحرير في أفريقيا وآسيا، في خمسينات وستينات القرن الماضي، وظلت شعاراً رمزياً يميز الاحتفال بإطلاق حرب التحرير وباستقلال البلاد.

جانب من العروض الفنية في إطار احتفالات الجزائر باستقلالها (دار الأوبرا)

ونظّمت الحكومة، أمس (الخميس)، بـ«دار الأوبرا» بالعاصمة، عرضاً فنياً كبيراً بالمناسبة، سمّته «قبلة الأحرار»، احتفت به كرمز «لإشراقات الحرية على أرض الجزائر، ولنزعة التحرر الراسخة على مرّ العصور في الأمة الجزائرية»، حسب ما نشرته وزارة «المجاهدين وذوي الحقوق» على حسابها بالإعلام الاجتماعي.

وتابع العرض دبلوماسيون أجانب عاملون بالجزائر، وأعضاء بالحكومة، ورموز الأدب والفن في البلاد، حيث تضمن سلسلة لوحات كوريغرافية وتشكيلات سينوغرافية بحداثة تقنيات رقمية، ومشاهد درامية وحوارية ووصلات غنائية معبرة، طافت بالمشاهدين عبر كامل مراحل تاريخ الجزائر من الزمن النوميدي إلى الاستقلال.

وفي نفس اليوم، غادر أكثر من 8 آلاف سجين المؤسسات العقابية بموجب مرسوم رئاسي استثنى عدة فئات منهم، غالبيتهم متهمون بـ«الإرهاب والقتل والهروب والتجسس والمؤامرات ضد سلطة الدولة، وسلامة ووحدة أرض الوطن وتزوير المحررات الرسمية والعمومية، وجرائم الانتحال، وإضرام النار عمداً والاعتداء على موظفي ومؤسسات الدولة، وعلى موظفي الصحة، والمسّ بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، إذا كانت تستهدف الدفاع الوطني أو الهيئات أو المؤسسات الخاضعة للقانون العام».

أحد أبرز مجاهدي ثورة التحرير مع وزير المجاهدين (وزارة المجاهدين)

واللافت أن بعض هذه الاستثناءات لم تطرح في إجراءات عفو صدرت في السنوات الماضية، وتم ضمّها إلى قانون العقوبات إثر إدخال تعديلات عليه عام 2024. كما الحال بالنسبة لتهمة «الهروب»، التي استحدثت بسبب «قضية هروب المعارضة الطبيبة أميرة بوراوي» إلى تونس براً ثم إلى فرنسا، مطلع 2023. وتسببت هذه الحادثة في أزمة حادة بين باريس والجزائر، التي اتهمت سلطاتها المخابرات الفرنسية بـ«اختراق أراضيها لإجلاء معارضة كانت ممنوعة من السفر».

ولم يشمل العفو الرئاسي «معتقلي الحراك»، الذين يفوق عددهم 250، وذلك لوقوعهم تحت طائلة تهمة «المسّ بسلامة ووحدة الوطن»، بينما يقول محاموهم والحقوقيون إن الوقائع التي سجنوا بسببها «سياسية متصلة بمواقفهم وتصريحاتهم وكتاباتهم، المعارضة للسلطة». وقد ضجّت صفحات الناشطين السياسيين، بالإعلام الاجتماعي، بالمطالبة بإطلاق سراحهم في ذكرى الاستقلال، ونشروا صور العشرات منهم.

من حفل ترقية كبار ضباط الجيش (الرئاسة)

وأذاعت الرئاسة أمس، بالمناسبة، خطاباً للرئيس عبد المجيد تبون عاد فيه إلى أوضاع البلاد خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، مؤكداً أن «المرحلة التي قطعناها (منذ توليه السلطة نهاية 2019) كانت محفوفة بالتحديات، سواء ما تعلق بمعالجة الملفات الداخلية أو وضعية المقام الذي يليق بصورة الجزائر في الخارج، ولكن صدق النوايا وعزيمة الرجال واستشعار شرف المهمة، كانت دوماً تبشر بالانتصار رغم حدة العوائق». وبحسب تبون، «انتصرت الجزائر وهي تُسترَد إلى حضن أبنائها وشرف اسمها وهرم مقامها... انتصرت الجزائر في إعادة الثقة بغد أفضل ، انتصرت في إحياء الأمل»، في إشارة إلى أن البلاد كانت «مختطفة» من طرف ما يسميه رجال الحكم «العصابة»، على أساس تفشي الفساد وسوء التسيير في الـ20 سنة التي سبقت 2019، حسبهم.

الرئيس يقلد قائد الجيش وسام الشجاعة بمناسبة حفل الاستقلال (الرئاسة)

ووفق تبون، حقّقت الجزائر «الإنعاش الاقتصادي»، الذي يعني حسب خطاب الحكومة، تصدير نحو 7 مليارات دولار خارج المحروقات عام 2023 (49 مليار دولار مداخيل بيع النفط والغاز)، وهو رقم محل تشكيك من طرف خبراء الاقتصاد قياساً إلى ضعف الإنتاج في القطاعات التي يمكن أن تكون مصدراً للنمو، خصوصاً الصناعة.

وأبرز تبون أن الجزائر «رسمت (خلال ولايته الأولى التي تنتهي هذا العام بتنظيم انتخابات في 7 سبتمبر - أيلول المقبل) لنفسها الصورة التي تليق بالجزائر، على المستويين الإقليمي والدولي... فقد انتصرت بصوتها المرفوع ومكانتها المحفوظة في المحافل الدولية... انتصرت وهي تهزّ ضمير العالم في قضية الراهن الإنساني، مأساة فلسطين الشقيقة»، في إشارة إلى النشاط الدبلوماسي الجزائري في «الأمم المتحدة»، منذ بداية ولاية الجزائر كعضو غير دائم في مجلس الأمن، مطلع العام، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووضع حدّ للعدوان الإسرائيلي على سكانه.


مقالات ذات صلة

حملة بخلفية سياسية في فرنسا لمنع انضمام لاعب جزائري إلى نادي مرسيليا

شمال افريقيا اللاعب الجزائري يوسف عطال بقميص نادي نيس (حسابه اللاعب على وسائل التواصل)

حملة بخلفية سياسية في فرنسا لمنع انضمام لاعب جزائري إلى نادي مرسيليا

رفعت ممثلة «مجلس المؤسسات اليهودية» رسالة إلى مسؤولي نادي مرسيليا لتعبر عن «مخاوفها من مشروع ضم لاعب أدانه القضاء بتهمة التحريض على الكراهية المعادية للسامية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا متشدّدون اعتقلهم الجيش الجزائري مع أسلحتهم المصادرة (أرشيفية - وزارة الدفاع)

الجيش الجزائري يتحدث عن «تحييد» 30 متشدداً في 6 أشهر

تمكّنت القوات المسلحة الجزائرية خلال النصف الأول من سنة 2024 من تحييد 30 إرهابياً.

شمال افريقيا عثمان معزوز رئيس حزب «التجمع من أجل الديمقراطية» المعارض (إعلام الحزب)

الجزائر: «التجمع من أجل الديمقراطية» يقاطع الاستحقاق الرئاسي

قرر «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (تيار علماني) مقاطعة انتخابات الرئاسة المقررة في 7 سبتمبر، بذريعة أنها «لا تثير أي اهتمام لدى المواطنين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
تحليل إخباري الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

تحليل إخباري قلق جزائري إزاء ملفات حساسة مشتركة مع فرنسا

تُطرح تساؤلات بالجزائر حول احتمال رؤية تبون مع رئيس حكومة من اليمين المتشدد قياساً إلى الخصومة الشديدة التي يبديها رموز هذا الطيف السياسي تجاه الجزائر ومهاجريها

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا هاريس في اجتماع مع كبار المسؤولين بالخارجية الجزائرية شهر سبتمبر 2023 (الخارجية الجزائرية)

تنسيق أميركي - جزائري لـ«منع التدهور» في ليبيا

كتبت وزارة الخارجية الأميركية بحسابها على منصة «إكس» أن هاريس «أكد تطلع بلاده إلى العمل بشكل وثيق مع الجزائر لتحقيق الأهداف الثنائية والإقليمية المشتركة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ترقّب لإعلان تشكيل الهيئات الإعلامية في مصر

مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري «ماسبيرو» (أرشيفية - رويترز)
مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري «ماسبيرو» (أرشيفية - رويترز)
TT

ترقّب لإعلان تشكيل الهيئات الإعلامية في مصر

مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري «ماسبيرو» (أرشيفية - رويترز)
مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري «ماسبيرو» (أرشيفية - رويترز)

تسود حالة من الترقّب بين الأوساط الإعلامية والصحافية في مصر، إثر تسريبات إعلامية باختيار رؤساء جُدد للمجالس والهيئات المسؤولة عن تنظيم المهنة. في وقت أكّدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار تشكيل الهيئات الإعلامية «سيصدر خلال الأسبوع الحالي».

وتداولت وسائل إعلام محلية، منذ الجمعة الماضي، نقلاً عن مصادر لم تسمّها، أنباء عن اختيار رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، ليكون رئيساً للمجلس الأعلى للإعلام، خلفاً للصحافي كرم جبر، واختيار نقيب الإعلاميين وعضو مجلس الشيوخ طارق سعدة، رئيساً للهيئة الوطنية للإعلام، مع استمرار المهندس عبد الصادق الشوربجي رئيساً للهيئة الوطنية للصحافة. وتوقعت المصادر ذاتها صدور القرار الجمهوري بالتشكيل الجديد للهيئات خلال ساعات.

كما تضمّنت الأنباء تعيين رئيس تحرير جريدة «الأهرام ويكلي» عزت إبراهيم، رئيساً للهيئة العامة للاستعلامات، خلفاً لرشوان.

وأكّد الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، صحة الأنباء المتداوَلة في تدوينة عبر حسابه الشخصي على «إكس»، يوم الجمعة الماضي، مستعرضاً بعضاً من الأسماء التي ستنضم لعضوية الهيئات، وقال: «هناك أسماء بارزة تنضم لعضوية الهيئات، منها عبد المحسن سلامة، وعلاء ثابت، وماجي الحلواني، وعماد حسن مكاوي، وحمدي رزق، ووجدي زين الدين، ورفعت رشاد، وغيرهم».

وأضاف: «الإعلان الرسمي خلال الساعات القادمة، وأداء القسم أمام البرلمان الأسبوع المقبل».

وتداول إعلاميون الأنباء على مواقع التواصل الاجتماعي، مع توجيه التهنئة للقيادات الجديدة، كما قال الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للإعلام كرم جبر، في تصريحات متلفزة، مساء الجمعة، تعليقاً على أنباء إعادة تشكيل الهيئات: «المناصب بتروح وتيجي، وليس هناك منصب وُجد ليبقى، وسأكون أول المهنّئين لضياء رشوان فور صدور قرار بتكليفه رئيساً للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام».

ورغم عدم صدور قرار بتشكيل الهيئات الإعلامية، فإن وسائل إعلام مصرية تداولت أنباء مفادها أن «رؤساء الهيئات الثلاث سيؤدون اليمين الدستورية أمام مجلس النواب الاثنين»، وهو ما لم يحدث خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (البرلمان)، التي عُقدت واقتصرت على إلقاء بيان الحكومة الجديدة، وأعلن رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي، في نهايتها، «رفع الجلسة، على أن يجتمع المجلس في الحادية عشر صباح الأحد 21 يوليو (تموز) الجاري».

ونفت مصادر مطلعة أداء «رؤساء الهيئات الإعلامية لليمين أمام البرلمان الاثنين»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لم يتم تحديد موعد حلف اليمين بعد، والأمر مرتبط باكتمال تشكيل الهيئات»، لافتاً إلى أنه «تم اختيار رؤساء الهيئات بالفعل، ويجري حالياً اختيار أعضائها من بين الأسماء المرشّحة من جانب النقابات المهنية».

وعن السبب وراء عدم صدور القرار حتى الآن، رغم الأنباء المتداولة بشأنه، قالت المصادر إن «النقابات المهنية تأخّرت في إرسال ترشيحاتها لعضوية الهيئات الإعلامية»، متوقعة «صدور القرار خلال الأسبوع الجاري، على أن يؤدي رؤساء الهيئات اليمين أمام البرلمان في الجلسة المقبلة، المقرّر عقدها يوم 21 يوليو الجاري».

وكان مجلس نقابة الصحافيين المصريين عقد مساء السبت الماضي «اجتماعاً طارئاً لبحث ترشيحات مجلس النقابة في تشكيل الهيئات الإعلامية»، وخلص إلى ترشيح كل من رئيسة تحرير اليوم السابع علا الشافعي، والإعلامي عمرو خفاجي، لعضوية المجلس الأعلى للإعلام، وترشيح عدد من الصحافيين لعضوية الهيئة الوطنية للصحافة، وهم: سامح محروس، وأميمة كمال، وعلاء العطار، وحمدي رزق»، حسب بيان لنقابة الصحافيين المصرية تداولته وسائل إعلام محلية.

ومن المفترض أن يتم اختيار واحد من هذه الترشيحات لعضوية المجلس الأعلى للإعلام، واثنين لعضوية الهيئة الوطنية للصحافة، حسب قانون رقم «180» لسنة 2018، بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.