الحكومة المصرية الجديدة... مفاجآت بعد مخاض «صعب»

الوزراء أدّوا اليمين أمام السيسي... ومدبولي يُقدم خطته لـ«النواب» الاثنين

الرئيس المصري يتوسط الوزراء الجدد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يتوسط الوزراء الجدد (الرئاسة المصرية)
TT

الحكومة المصرية الجديدة... مفاجآت بعد مخاض «صعب»

الرئيس المصري يتوسط الوزراء الجدد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يتوسط الوزراء الجدد (الرئاسة المصرية)

بعد مخاض صعب ومشاورات استغرقت شهراً كاملاً، أدت الحكومة المصرية الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، الأربعاء، اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة).

التشكيل الوزاري كشف عن تغييرات واسعة ومفاجآت عدها خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، «ضخاً لدماء جديدة» تستهدف «مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، واستكمال مسار الإصلاح الاقتصادي».

وشملت التغييرات حقيبتين سياديتين هما: الدفاع والخارجية. وأدى الفريق أول عبد المجيد صقر، اليمين الدستورية وزيراً للدفاع، بينما تولى السفير بدر عبد العاطي حقيبة «الخارجية» بعد دمجها مع وزارة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، في حين أُسندت وزارة العدل إلى المستشار عدنان فنجري.

وعد كثيرون تغيير وزير الدفاع مفاجأة، لا سيما أن التسريبات الإعلامية للتشكيل الجديد لم تتضمنه، إضافةً إلى أنها «رشحت صقر لتولي حقيبة التنمية المحلية»، قبل أن تُعلَن، الأربعاء، ترقيته إلى رتبة فريق أول وتعيينه وزيراً للدفاع.

وقال الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى البرلمان) مصطفى بكري، لـ«الشرق الأوسط» إن «تغيير وزير الدفاع كان مفاجئاً؛ ولم يكن أحد يتوقع أن تتضمن الحكومة الجديدة تغيير ثلاث حقائب سيادية».

لكنَّ الخبير الاستراتيجي، عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، لم يرَ في تغيير وزير الدفاع مفاجأة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من الطبيعي لشخص قضى كل هذه الفترة في خدمة الوطن أن يطلب الراحة ليعيش حياة طبيعية»، في إشارة إلى الفريق محمد زكي، وزير الدفاع السابق.

وهذا ما أكدته مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم نشر اسمها. وقالت إن «الفريق محمد زكي اعتذر عن عدم الاستمرار في منصبه لأسباب صحية وشخصية»، مشيرةً إلى أن «الفترة الماضية تضمنت مشاورات مكثفة بهذا الشأن انتهت إلى قبول اعتذاره وتعيين وزير دفاع جديد».

نائبان لرئيس الوزراء

وتضمنت التغييرات الحكومية لأول مرة تعيين نائبين لرئيس الوزراء هما وزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار، نائباً لشؤون التنمية البشرية، وكامل الوزير نائباً لشؤون الصناعة. كما شهدت عودة وزارة الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، وتولى مسؤوليتها المستشار محمود فوزي.

واحتفظت وزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط بمنصبها، مع ضم حقيبة التخطيط والتنمية الاقتصادية إليها. كما احتفظ كامل الوزير بمنصبه وزيراً للنقل مع ضم وزارة الصناعة إليه.

وتضمَّن التشكيل عدداً من الوزراء الجدد، هم: الدكتورة منال عوض، وزيرةً للتنمية المحلية، وأحمد كوجك للمالية، وشريف فتحي للسياحة والآثار، ومايا مرسي للتضامن الاجتماعي، وشريف فاروق للتموين والتجارة الداخلية، وأسامة الأزهري للأوقاف، وسامح الحفني للطيران المدني، وشريف الشربيني للإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وعلاء الدين فاروق السيد للزراعة واستصلاح الأراضي، ومحمد إبراهيم شيمي لقطاع الأعمال العام، وحسن الخطيب للاستثمار والتجارة الخارجية، ومحمد جبران عبد الحليم وزيراً للعمل، وأحمد فؤاد هنو للثقافة، ومحمد أحمد عبد الطيب وزيراً للتربية والتعليم والتعليم الفني، وكريم بدوي وزيراً للبترول والثروة المعدنية.

واحتفظ عدد من الوزراء بمناصبهم، وهم: اللواء محمود توفيق وزيراً للداخلية، والدكتورة ياسمين فؤاد للبيئة، وعمرو طلعت للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأشرف صبحي للشباب والرياضة، وأيمن عاشور وزيراً التعليم العالي والبحث العلمي، ومحمد صلاح الدين وزير الدولة للإنتاج الحربي، وهاني سويلم وزيراً للموارد المائية والري.

حقائق

23 وزيراً

شملهم التغيير الحكومي المصري

ووصف بكري التشكيل الجديد للحكومة بـ«التغيير الواسع الذي انطوى على مفاجآت». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «للمرة الأولى نشهد تغييراً يشمل 23 وزيراً، مع دمج حقائب وزارية»، مشيراً إلى أن «حجم التغيير يعكس رغبة في مواجهة التحديات وتصحيح أخطاء سبق وتمت في أرض الواقع»، مؤكداً أن «الحكومة الجديدة معنيّة بتنفيذ خطاب التكليف الرئاسي بدءاً من مواجهة التحديات المرتبطة بالأمن القومي وصولاً إلى ملفات الاقتصاد والأسعار».

وأضاف بكري أن «الحكومة بالشخوص الجدد هي مؤشر مهم على أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أدرك حاجة مصر للتغيير لمواجهة المشكلات الداخلية والخارجية معاً، والحد من حالة الاحتقان الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار». لكنَّ بكري أكد أنه «بقدر ما يثيره التغيير من هدوء في الشارع، فإنه يضع على عاتق الحكومة مسؤوليات كبيرة خلال الفترة المقبلة لمواجهة التحديات المختلفة وعلى رأسها التحديات الاقتصادية»، مشيراً إلى أن «الحكومة مطالَبة بالإنجاز في وقت قصير، فعمرها عام واحد ينتهي بانتخاب مجلس نواب جديد العام المقبل».

ومن المنتظر أن «تعمل الحكومة الجديدة على تحقيق عدد من الأهداف، على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية»، مع «وضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية»، حسب بيان الرئاسة المصرية عقب تكليف السيسي لمدبولي بتشكيل الحكومة في 3 يونيو (حزيران) الماضي.

وبينما أكد مستشار مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، أن «الحكومة الجديدة تضم كثيراً من الكفاءات المهنية والعلمية المقدَّرة مجتمعياً وسياسياً». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التحدي الحقيقي أمام حكومة مدبولي الجديدة، هو تغيير السياسات وقدرتها على مراجعة القرارات السابقة لا سيما في الملفات الاقتصادية ومواجهة التحديات».

رسالة إيجابية

وأضاف أن «الحكومة حملت رسالة إيجابية بضخ دماء جديدة في أوصالها، لكن المهم الآن هو كيفية الاستفادة من ذلك في إنتاج سياسات جديدة قادرة على مواجهة التحديات لا سيما في المجال الاقتصادي».

وحسب تكليفات السيسي للحكومة الجديدة، فمن المنتظر أن تعمل على «مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك في إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات».

وأشار الشوبكي إلى أن «قرار دمج بعض الوزارات لا يحظى بتوافق مجتمعي، لا سيما النقل والصناعة»، موضحاً أنه «في حكومة من المنتظر أن تواجه أزمات اقتصادية كان من المنتظر اهتماماً أكبر بالصناعة».

كان د.عبد المنعم سعيد يتمنى «التوسع في الدمج». وقال: «كنت أتمنى وزارة أصغر حجماً، مع دمج وزارات مثل التجارة الخارجية والداخلية، والزراعة مع الري، وذلك لتكون قادرة على وضع استراتيجية لقيادة الدولة في المرحلة الحالية نحو اقتصاد تنافسي مع العالم».

السيسي خلال استقبال مدبولي بداية يونيو وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (الرئاسة المصرية)

ومن المنتظر أن «تلقي الحكومة الجديدة بياناً أمام مجلس النواب، الاثنين المقبل»، حسبما نقلت فضائية «إكسترا نيوز» المصرية عن مصدر برلماني، إذ تنص المادة 146 من الدستور المصري على أن تعرض الحكومة الجديدة برنامجها على مجلس النواب، للحصول على ثقة أغلبية أعضاء المجلس.

وشملت التغييرات الواسعة المحافظات المصرية أيضاً، حيث أدى المحافظون اليمين الدستورية أمام السيسي، وشملت التغييرات 21 محافظة بينها، القاهرة والإسكندرية وجنوب وشمال سيناء، في حين أُبقيَ على 6 محافظين في مناصبهم.


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا. وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة» الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية الصراع.

وأضاف التقرير أن واحداً من كل ثلاثة في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي.

وبحسب التقرير الذي نُشر على موقع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع.

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة. يواجه السودان حالياً أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار التقرير إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا.