أثارت مشاورات تشكيل «الحكومة الجديدة» في مصر، التي أتمت شهراً كاملاً، تساؤلات حول طول المدة، وتأخر إعلان رئيس الوزراء المكلف مصطفى مدبولي، أسماء «التشكيل الوزاري».
وأعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تكليف رئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي، في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، تشكيل حكومة جديدة، من «الكفاءات والخبرات المميزة».
ولأول مرة في عهد السيسي، منذ عام 2014، تستمر مداولات تشكيل الحكومة، مدة شهر، حيث لم تستغرق المشاورات السابقة، إلا نحو «أسبوع» واحد فقط.
وأرجع مصدر مصري مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، سبب تأخر إعلان التشكيل الحكومي إلى «تغيير 90 في المائة من الوزراء الحاليين في الحكومة»، بالإضافة إلى «إعداد حركة محافظين جدد، وليس وزراء فقط».
بيمنا رجّح سياسيون وبرلمانيون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن التأخير؛ بسبب «اعتذارات وعزوف كثير من المرشحين عن الحقائب الوزارية»، كما أشاروا إلى عوامل أخرى تتعلق «بتأثير الأوضاع الإقليمية، ومواجهة عدد من الأزمات الطارئة مثل أزمة انقطاع الكهرباء».
ووفق مصدر حكومي مصري مطلع، (الثلاثاء)، فإن «مراسم حلف اليمين للحكومة الجديدة، ستكون الأربعاء 3 يوليو (تموز) الحالي، بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة». وقال المصدر لـ«إكسترا نيوز» الفضائية، «هناك تغيير وزاري شامل، يشهد دمج وزارات واستحداث أخرى، في إطار توجيه الرئيس السيسي، بتطوير السياسات الحكومية لمواكبة التحديات التي تواجه الدولة».
وعقب فوزه في انتخابات 2014، أعاد الرئيس السيسي تكليف رئيس الوزراء آنذاك المهندس إبراهيم محلب، تشكيل حكومة جديدة في اليوم التالي من التنصيب في 9 يونيو، واستمرت المشاورات 8 أيام، لتؤدي الحكومة اليمين الدستورية في 17 من الشهر نفسه.
ومع استقالة حكومة محلب، في 12 سبتمبر (أيلول) 2015، كلف السيسي، رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل في اليوم نفسه تشكيل حكومة جديدة، واستمرت المشاورات 7 أيام، قبل أن تؤدي اليمين الدستورية في 19 سبتمبر 2015.
وبعد تنصيب السيسي لفترة رئاسية ثانية في 2 يونيو 2018، قام بتكليف رئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي تشكيل حكومة جديدة في السابع من الشهر نفسه، واستمرت المشاورات 7 أيام، قبل أن تؤدي اليمين الدستورية في 14 من الشهر نفسه.
واختلف الأمر مع بداية الفترة الرئاسية الثالثة للرئيس المصري في 2 أبريل (نيسان) الماضي، حيث جاء تكليف مدبولي تشكيل حكومة جديدة بعد شهرين من تنصيبه رسمياً، قبل أن يستمر شهراً في المشاورات.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والمقرر المساعد للمحور السياسي بالحوار الوطني بمصر، الدكتور مصطفى السيد، أن «اعتذارات الشخصيات المرشحة للحقائب الوزارية هو سبب تأخر إعلان الحكومة الجديدة»، مشيراً إلى أن «هناك حالة عزوف من كثيرين عن قبول المناصب الوزارية».
وأوضح السيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «رئيس الوزراء المصري التقى عدداً كبيراً من المرشحين للحقائب الوزارية، يقارب نحو 65 شخصية (وفقاً لتقارير صحافية)»، مشيراً إلى أن ذلك يعني أن «رئيس الحكومة التقى 3 مرشحين لكل حقيبة وزارية».
ويفسر أستاذ العلوم السياسية، سبب «حالة العزوف»، بما سماها «القيود الموضوعة والأعباء المفروضة على منصب الوزير، التي تتعلق بضعف التمويل والموارد»، مشيراً إلى تحدٍ آخر يتعلق «بحرية الحركة لدى الوزراء في مهام عملهم»، عادّاً أن «غالبية المهام تتعلق بتلبية توجيهات ورؤى القيادة السياسية».
وعدّد نائب رئيس حزب «المؤتمر المصري» رضا فرحات، اعتبارات أخرى للتأخير، بينها «طبيعة التكليفات المحددة للحكومة الجديدة، التي تتضمن صياغة رؤية جديدة قابلة للتنفيذ، واختيار كفاءات وخبرات مميزة من الشخصيات المرشحة».
وعدّ فرحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الظروف الصعبة المحيطة بمصر أخيراً كانت أحد أسباب التأجيل»، مشيراً إلى «تداعيات الحرب على غزة المستمرة منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بجانب تحديات الوضع الاقتصادي الذي فرض إجراءات طارئة في عديد من الملفات مثل أزمة انقطاع الكهرباء».
ومن الأسباب التي تحدّث عنها فرحات كذلك «استكمال بعض وزراء الحكومة الحالية عدداً من الملفات المهمة والعاجلة، منها مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي الذي عُقد بداية الأسبوع الحالي»، إلى جانب «زيارات رسمية للخارج لبعض الوزراء، منها مشاركة وزير الخارجية سامح شكري باجتماع (بريكس) في روسيا، وزيارة وزير الري جنوب السودان الأسبوع الماضي».
ويشير وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري (البرلمان)، أيمن أبو العلا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن إجازة عيد الأضحى التي استمرت 9 أيام كانت أحد أسباب تأخر إعلان التشكيل الوزاري، فضلاً عن أن «وضع برنامج وخطة عمل الحكومة الجديدة كان السبب الرئيسي وراء استمرار المشاورات طوال هذه المدة».