ليبيا وتونس تفتحان مجدداً معبر «رأس جدير» الحدودي

بعد «اتفاق نهائي» بين حكومة الدبيبة وأعيان مدينة زوارة

الطرابلسي (يمين) والنمروش عقب افتتاح معبر «رأس جدير» (من مقطع فيديو بثته وزارة الداخلية التابعة لـ«الوحدة»)
الطرابلسي (يمين) والنمروش عقب افتتاح معبر «رأس جدير» (من مقطع فيديو بثته وزارة الداخلية التابعة لـ«الوحدة»)
TT

ليبيا وتونس تفتحان مجدداً معبر «رأس جدير» الحدودي

الطرابلسي (يمين) والنمروش عقب افتتاح معبر «رأس جدير» (من مقطع فيديو بثته وزارة الداخلية التابعة لـ«الوحدة»)
الطرابلسي (يمين) والنمروش عقب افتتاح معبر «رأس جدير» (من مقطع فيديو بثته وزارة الداخلية التابعة لـ«الوحدة»)

أعادت السلطات الليبية والتونسية، الاثنين، فتح معبر «رأس جدير» البري على الحدود المشتركة بينهما، في حين قال غالي الطويني، رئيس «مجلس أعيان زوارة» الليبية لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الخطوة تأتي تتويجاً لـ«اتفاق نهائي» مع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لإعادة افتتاح المعبر المغلق منذ شهر مارس (آذار) الماضي.

وأعرب الطويني عن أمله في أن يؤدي افتتاح المعبر إلى تسهيل حركة السفر والعبور بين البلدين، لافتاً إلى أن الدبيبة «تعهد بحل المشكلات والأمور الخدمية التي يعاني منها سكان المناطق الحدودية».

وأوضح أن الاتفاق تضمن «قيام الدبيبة بزيارة إلى مدينة زوارة في وقت لاحق على أن يفتتح عماد الطرابلسي وزير الداخلية المكلف بالحكومة، المعبر».

وتمهيداً لزيارة الدبيبة، أعلنت بلدية زوارة، في بيان مقتضب، وصول وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة»، بدر الدين التومي، إلى المدينة في زيارة رسمية، لتفقد الأوضاع.

ودشن الطرابلسي مع وزير الداخلية التونسي خالد النوري، إعادة افتتاح المعبر، برفقة صلاح النمروش مساعد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة «الوحدة».

الطرابلسي ونظيره التونسي النوري (من بث مباشر لوزارة الداخلية)

وبثت حكومة «الوحدة»، ووزارة داخليتها، عبر صفحتيهما الرسميتين على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، عملية افتتاح المعبر بشكل مباشر، بعد الانتهاء من أعمال الصيانة والتطوير، التي تمت خلال فترة إغلاقه، في حين تعهدت «إدارة إنفاذ القانون» التابعة لوزارة الداخلية، على لسان مديرها عبد الحكيم الخيتوني، بمكافحة التهريب بمختلف أنواعه وضمان الاستمرار في تأمين المعبر.

بدورها، كشفت مصادر محلية عن اتفاق قيادات سياسية وعسكرية مع ممثلين من اعتصام «شباب زوارة»، على فتح المعبر، ومنح مهلة 10 أيام لمغادرة الوحدات العسكرية الموجودة بمحيطه وتنفيذ مطالب المعتصمين.

وكانت حكومة «الوحدة» قد أعلنت سابقاً، إعادة فتح المعبر بشكل جزئي للحالات الإنسانية والمستعجلة والطارئة والدبلوماسية عقب اجتماع الطرابلسي مع نظيره التونسي، حيث تعهد آنذاك باستمرار عمل الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة في تأمين الحدود الغربية للدولة بالكامل ومكافحة الجريمة بكل أشكالها وظاهرة الهجرة غير المشروعة، في حين أكد النوري سعي الجانب التونسي «لتعزيز التعاون مع الجانب الليبي والعمل لتذليل الصعوبات التي تواجه حركة المسافرين والتنقل عبر المعابر الحدودية بين البلدين».

قوات من حكومة «الوحدة» عند معبر «رأس جدير» (أرشيفية - إدارة إنفاذ القانون)

وأخفقت في السابق ثلاث محاولات رسمية لإعادة فتح المعبر الواقع في أقصى الغرب الليبي بالقرب من مدينة زوارة، على مسافة نحو 170 كيلومتراً عن العاصمة طرابلس، ونحو 600 كيلومتر جنوب شرقي تونس العاصمة.

ويعتبر المعبر الشريان البري الرئيسي الرابط بين البلدين، منذ إغلاقهما له، في شهر مارس الماضي بسبب اشتباكات عنيفة بين عناصر مسلحة في الجانب الليبي.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)

المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

عاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى فتح ملف تدشين «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني» رغم معارضة مجلس النواب، مما قد يجدد الجدل حولها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا إنتاج النفط بلغ قبل تعطيله 1.273 مليون برميل يومياً حسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط (رويترز)

سلطات شرق ليبيا تُعلن إعادة ضخ النفط

أعلن رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، أسامة حمّاد، استئناف إنتاج النفط وتصديره بشكل طبيعي من جميع الحقول والموانئ بعد 9 أيام من تعطيله.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي مع إدارة المصرف المركزي (المجلس الرئاسي)

ليبيا: الإدارة الجديدة لـ«المركزي» تباشر عملها رسمياً من طرابلس

بينما بدأت الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي عملها في العاصمة طرابلس، الأربعاء، أُعلن استئناف إنتاج النفط من حقول الجنوب.

خالد محمود (القاهرة )

مع اقتراب الانتخابات التونسية... معارضون يرسمون مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد

معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
TT

مع اقتراب الانتخابات التونسية... معارضون يرسمون مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد

معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)

جمعيات ممنوعة من مراقبة الانتخابات، ومعارضون خلف القضبان، وصحافة وقضاء في خدمة السياسة... هكذا تصف منظمات حقوقية غير حكومية تونسية وأجنبية مناخ الحقوق والحريات في تونس قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد غد (الأحد).

المعارضة تتهم الرئيس قيس سعيد بـ«التضييق على الصحافة وخنق الحريات» (رويترز)

ويرسم رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، بسام الطريفي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد، مستنكراً «التضييق على الصحافة الحرّة والمستقلة، مع وجود صحافيين في السجون بسبب آرائهم، وتوظيف العدالة لاستبعاد المرشحين والسياسيين والناشطين». ويؤكد أنه مع وجود وضع «مخيف وكارثي» لحقوق الإنسان، «يمكننا القول إن الانتخابات الرئاسية لن تكون ديمقراطية ولا شفافة».

خطوة غير مسبوقة

رفضت «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات»، وفي خطوة غير مسبوقة منذ ثورة 2011، اعتماد منظمتي «أنا يقظ» و«مراقبون» لمراقبة سير العملية الانتخابية، علماً بأن هاتين الجمعيتين التونسيتين دأبتا على مراقبة الانتخابات منذ سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ودخول البلاد في عملية الانتقال الديمقراطي.

وتتهم الهيئة، التي لم تستجب لطلب الردّ على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية»، المنظمتين بالحصول على «تمويلات أجنبية مشبوهة». وأقرّت منظمة «أنا يقظ» بتلقّي مساعدات خارجية، لكن «في إطار القانون ومن جهات مانحة تعترف بها الدولة التونسية، مثل الاتحاد الأوروبي»، وفق ما أوضح أحد مديريها سهيب الفرشيشي للوكالة.

لافتة عليها صورة المرشح المعتقل العياشي زمال (إ.ب.أ)

يقول الفرشيشي: «الهيئة تتهمنا بعدم الحياد. ولا نعرف كيف»، مؤكداً أن منظمته «طلبت توضيحات من الهيئة، ولكن لم تحصل على أي إجابة». ونفت منظمة «مراقبون»، التي لم ترغب في التحدّث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، في بيان، الشكوك حول شفافية أموالها، وأكدت أن «مراقبتها تتم بنزاهة ودون الانحياز إلى أي طرف سياسي». وبالنسبة للطريفي، فإن «القرار التعسفي الذي اتخذته الهيئة» بشأن منظمتين غير حكوميتين معترف بهما «يوضح تقييد وتقلّص الفضاء المدني».

ويواجه الرئيس قيس سعيّد، المنتخب ديمقراطياً في سنة 2019، اتهامات من معارضيه والمدافعين عن الحقوق بـ«الانجراف السلطوي»، منذ أن قرّر في 25 يوليو (تموز) 2021، احتكار الصلاحيات الكاملة في البلاد.

وبهذا الخصوص، يقول الناطق الرسمي باسم «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، رمضان بن عمر، إن الرئيس سعيّد «يرفض أي جهة مستقلة أو منتقدة لمراقبة هذه الانتخابات»، مشيراً إلى أن «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحوّلت إلى أداة لترسيخ هذه الرؤية بحجج وهمية، وهذا أمر خطير».

وفي الأشهر الأخيرة، أحكمت السلطات سيطرتها على مصادر التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية، وهددت باعتماد قانون لتقييدها. وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، ندّد الرئيس سعيّد، من دون أن يسميها، بجمعيات تتلقى «مبالغ ضخمة» من الخارج «لها رغبة واضحة في التدخّل بالشؤون الداخلية لتونس».

خطوة إلى الوراء

وفقاً لبن عمر، فإن تونس «دخلت في مسار قمعي قد يؤدي خلال عام إلى اختفاء المنظمات المستقلة» من المجتمع المدني.

ومن جهته، يقول نائب رئيس «الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان»، ألكسيس ديسوايف، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هناك «خطوة إلى الوراء» مع تركيز السلطات «في يد رجل واحد، يريد الاستغناء عن منظمات وسيطة».

ويتابع الخبير في شؤون تونس، الذي يسعى إلى دعم المجتمع المدني في تونس، إن سعيّد «همّش دور النقابات والمنظمات غير الحكومية، وأحزاب المعارضة والصحافيين»، مضيفاً: «لقد عملت هذه السلطة بشكل استراتيجي في فترة زمنية قصيرة إلى حدّ ما للعودة إلى نظام، يمكن وصفه بأنه ديكتاتوري»، قائلاً إنه «صُدم لرؤية الحريّات والحقوق الأساسية، مثل حرية التعبير تتعرّض للهجوم».

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» المعتقل في السجن (أ.ف.ب)

وتمّ توقيف العشرات من المعارضين منذ عام 2023، بما في ذلك شخصيات مثل المحافظ الإسلامي راشد الغنوشي، أو الناشط السياسي جوهر بن مبارك، وغيرهما، بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

كما سُجن كثير من الصحافيين منذ بداية عام 2024 على خلفية مواقف عدّت ناقدة للرئيس سعيّد، بموجب مرسوم مثير للجدل حول «الأخبار الزائفة».

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان الاثنين: «يُحتجز أكثر من 170 شخصاً في تونس لأسباب سياسية، أو لممارسة حقوقهم الأساسية».

مؤيدون لعبير موسي رئيسة «الدستوري الحر» يتظاهرون وسط العاصمة للمطالبة بإطلاق سراحها (إ.ب.أ)

ويخلص ديسوايف إلى أن «السلطة السياسية خلقت مناخاً من الخوف مع مجتمع مدني يكافح من أجل أداء وظيفته، وهناك غياب للضوابط والتوازنات، وبرلمان في اتفاق كامل مع الرئيس، وسلطة قضائية متدهورة، مع فصل القضاة أو نقلهم حال إصدارهم أحكاماً لا تروق» للسلطة القائمة.