أجانب في مصر يستنفرون لـ«توفيق أوضاعهم» مع انتهاء مُهلة حكومية

السلطات هدّدت بترحيل «المخالفين»... ووعدت بتيسير الإجراءات

استقبلت المفوضية أعداداً متزايدة من اللاجئين السودانيين في مصر (مفوضية شؤون اللاجئين)
استقبلت المفوضية أعداداً متزايدة من اللاجئين السودانيين في مصر (مفوضية شؤون اللاجئين)
TT

أجانب في مصر يستنفرون لـ«توفيق أوضاعهم» مع انتهاء مُهلة حكومية

استقبلت المفوضية أعداداً متزايدة من اللاجئين السودانيين في مصر (مفوضية شؤون اللاجئين)
استقبلت المفوضية أعداداً متزايدة من اللاجئين السودانيين في مصر (مفوضية شؤون اللاجئين)

تلقّى حسين (اسم مستعار)، وهو سوداني مقيم في مصر منذ أغسطس (آب) 2023، رسالة عبر هاتفه، الذي يحمل خطاً مصرياً من إحدى شركات الاتصالات، تطالبه بالتوجه لمصلحة الجوازات التابعة لـ«الداخلية» المصرية، من أجل الحصول على بطاقة إقامة، مع تنبيه بتجاهل الرسالة حال إنهائه الإجراء بالفعل.

موقف حسين أفضل من موقف صديقه محمد (اسم مستعار)، الذي يقيم معه في المنزل، ووصل إلى مصر عبر عملية تهريب، بينما بدأ قبل أسابيع البحث عن مسار لتوفيق أوضاع إقامته لتكون بشكل قانوني، مع رغبته في استقدام باقي عائلته التي لا تزال في السودان، لكن افتقاده لبعض الأوراق الثبوتية، بجانب عدم حمله لمبلغ كبير من المال، يُصعّبان عليه الأمر.

يقول محمد إن ما أخبره به سماسرة عاملون في مجال توفيق الأوضاع للسودانيين، أن عليه توفير ألف دولار؛ للحصول على الإقامة، ومثلها لإنهاء بعض الأوراق الناقصة من خلالهم، وهو المبلغ الذي لا يتوافر معه في الوقت الحالي.

ومن المقرّر أن تنتهي، الأحد، المُهلة التي حدّدتها الحكومة المصرية لجميع الأجانب المقيمين على الأراضي المصرية لتسجيل أسمائهم، وتوفيق أوضاعهم لدى وزارة الداخلية، مع حرمان جميع غير المسجّلين لتوفيق أوضاعهم من أي خدمات حكومية.

ووفق محمد، فإن آلاف السودانيين يعملون حالياً على وجه السرعة لتوفيق أوضاعهم؛ خوفاً من ترحيلهم خارج البلاد.

وأصدرت الحكومة قراراً بـ«إلزام جميع الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية، بتوفيق أوضاعهم، وتقنين إقامتهم شريطة وجود مستضيف مصري مقابل إيداع مصروفات إدارية تعادل 1000 دولار بالحساب المخصّص بالبنوك المصرية».

التوافق مع القوانين المصرية

وترجع رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، السفيرة نائلة جبر، لـ«الشرق الأوسط»، الإجراءات التي اتخذتها الحكومة إلى ضرورة تقنين أوضاع المقيمين داخل البلاد بشكل يتوافق مع القوانين المصرية، مؤكّدة التزام مصر بالاتفاقيات الدولية المرتبطة باللاجئين والمهاجرين، مشيرةً إلى أن القوانين المصرية لا توقّع عقوبة على الشخص الذي يجري تهريبه، لكن تحاسب المهرّب.

وأضافت أن الدولة المصرية ستتعامل بـ«حسن نية» مع المخالفين، مع النظر لكل حالة بشكل منفرد، و«تقدير الظروف»، التي تختلف من شخص لآخر ومن دولة لأخرى، لافتة إلى وجود تفرقة في التعامل بين من بدأ وطلب تقنين أوضاعه لكن يواجه عقبات لوجيستية أو مادية، ومن لم يبادر من الأساس.

ويؤكد خبير السكان ودراسات الهجرة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، الدكتور أيمن زهري، صعوبة اتخاذ الدولة المصرية إجراءات «عنيفة» تجاه الأجانب المخالفين، خصوصاً أن الهدف من تسجيل بياناتهم لم يكن تحصيل مبالغ مالية؛ لكن توفير قاعدة بيانات متكاملة عن الموجودين بالأراضي المصرية.

وأضاف زهري أن هناك ضرورة لتحقيق «المشاركة الدولية» في تحمّل الأعباء المالية الناتجة عن نزوح الأعداد الكبيرة إلى مصر، مشيراً إلى أن «البلاد فتحت أبوابها في توقيتات محدّدة بذروة أزمات لاستقبال الفارّين من مناطق النزاع».

تعمل المفوضية على تقديم الدعم للاجئين (مفوضية شؤون اللاجئين بالقاهرة)

«ضوابط الإقامة»

وفي أبريل (نيسان) الماضي، قدَّر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، التكلفة المباشرة لاستضافة مصر ما يزيد على 9 ملايين شخص، ما بين لاجئ ومقيم، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً. وتؤكد رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر تعدّد الخيارات للتعامل القانوني مع الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني، سواء بتسجيل أسمائهم في مفوضية شؤون اللاجئين، أو في منظمة الهجرة باعتبارهم مهاجرين إلى مصر، بجانب التقدم لتسجيل الأوراق بـ«الداخلية» المصرية لتوفيق الأوضاع.

وشدّدت السلطات المصرية على عزمها ترحيل أي لاجئ أو أجنبي مخالف لـ«ضوابط الإقامة»، وأكّد مصدر مصري مسؤول، الجمعة، «ترحيل أي أجنبي حال ارتكابه جريمة تستوجب الترحيل، أو عدم حصوله على الأوراق والمستندات المطلوبة للإقامة بشكل شرعي».

وأكّدت جبر أنه لا توجد دولة يمكن أن تسمح لأي شخص بالبقاء على أراضيها من دون معرفة هويته، وطبيعة النشاط الذي يقوم به لأسباب أمنية، لافتةً إلى أن عمليات الترحيل التي تحدث للأجانب تكون لـ«مرتكبي الجرائم» و«مخالفي القوانين».

وتسجّل «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» في القاهرة نحو 640 ألف لاجئ من 60 دولة، أكثرهم من السودان، علماً بأن أعداد اللاجئين تضاعفت منذ اندلاع الأزمة السودانية.

ويرجع خبير سياسات الهجرة ازدياد أعداد المسجّلين من اللاجئين السودانيين بالمفوضية لرغبتهم في توفيق أوضاعهم بالإقامة القانونية، رغم عدم منح المفوضية أموالاً لهم، مع معاملة كل حالة بشكل منفرد، ومن خلال التنسيق مع جمعيات أهلية تقدّم العون للحالات حسب ظروفها، مؤكداً أن الأرقام التي سُجّلت في الشهور الماضية تعكس توجهاً لدى المقيمين لسرعة توفيق أوضاعهم بناءً على توجيهات السلطات المصرية.


مقالات ذات صلة

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

أوروبا كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

لم تبد المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أي ندم حول قرارها بفتح أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين عام 2015 في كتابها «حرية».

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا سبق أن لوح بها الرئيس رجب طيب إردوغان مراراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)

عدد النازحين داخلياً في أفريقيا ازداد 3 مرات خلال 15 عاماً

أدت النزاعات والكوارث الطبيعية في أفريقيا إلى زيادة كبيرة بعدد النازحين داخلياً حتى وصل إلى 35 مليوناً بنهاية العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون في أحد شوارع غرب مدينة غزة اليوم (أ.ف.ب)

حكومة غزة: مئات آلاف النازحين يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن مئات آلاف النازحين في القطاع يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
TT

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

تسعى حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى استعادة ملكية مزرعة موالح كبرى من دولة غينيا، توصف بأنها «الأكبر في غرب أفريقيا».

المزرعة التي تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً، وفق بيانات «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، مخصصة لزراعة المانجو والأناناس، وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات. وتعد المزرعة المستهدفة من بين الأصول الليبية، التي تديرها «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وهي عبارة عن صندوق استثماري ليبي، وتتوزع في أكثر من 430 شركة، و200 عقار في كل من أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

وأجرى وفد رفيع من حكومة «الوحدة»، برئاسة وزير الشباب فتح الله الزني، الذي وصل غينيا مساء (الاثنين)، مباحثات مع مسؤوليها حول كيفية استرجاع المزرعة لليبيا.

وتأتي زيارة وفد الحكومة في طرابلس، عقب جدل وشكوك بشأن انتحال الغيني أمادو لامين سانو صفة «وزير ومستشار خاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو»، خلال لقائه مسؤولين في حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب.

وكانت غينيا قد صادرت المزرعة الليبية عام 2020 بموجب مرسوم رئاسي أصدره الرئيس الغيني السابق، إلا أن المحكمة العليا الغينية قضت مؤخراً بإبطال ذلك المرسوم، ومن ثم إعادتها إلى ليبيا.

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

وضم الوفد الذي ترأسه الزني، بصفته مبعوثاً للدبيبة إلى غينيا، أيضاً مصطفى أبو فناس، رئيس مجلس إدارة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وعضو مجلس إدارة المحفظة خليفة الشيباني، والمدير العام لـلشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية (لايكو)، محمد محجوب.

واستقبل الوفد الليبي وزير الشباب الغيني فرنسواه بوقولا، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الغينيين. وشارك في اللقاء القائمون بأعمال سفارتي البلدين.

ورأت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» أن هذه الزيارة «خطوة تمثل تطوراً مهماً في سياسة حكومة (الوحدة) لاستعادة وتسوية الملفات العالقة، المتعلقة بالاستثمارات الليبية في القارة الأفريقية، كما تعكس حرص مجلس إدارة (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار) على استعادة جميع ممتلكات المحفظة».

فيما يرى ليبيون أن الانقسام السياسي الليبي أثر على متابعة الأصول الخارجية المملوكة للبلاد.

وكانت أفريقيا الوسطى قد أقدمت على عرض أحد الفنادق الليبية في مزاد علني، ما أعاد السؤال حول مصير الأصول المجمدة بالخارج، التي تديرها «المؤسسة الليبية للاستثمار»، وكيفية الحفاظ عليها من الضياع.

وسبق أن قضت محكمة في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي ببيع أملاك للدولة الليبية في المزاد العلني، وهي: «فندق فخم»، قدرت قيمته بـ45 مليون يورو، وعمارتان تضمان شققاً بـ80 مليون يورو، بالإضافة إلى قطعة أرض قدرت قيمتها بـ6 ملايين يورو، وخاطبت المحكمة النائب العام ووزير العدل بأفريقيا الوسطى لعقد المزاد العلني. وقالت «الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية» إن الدولة الليبية حصلت على هذه العقارات مقابل قروض منحتها للدولة الأفريقية، بموجب اتفاقية موقعة بين البلدين عام 2007؛ لحماية وتشجيع الاستثمار.

وفي مايو (أيار) 2023 قالت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» إنها نجحت في رفع الحجز عن فندق «ليدجر بلازا بانغي»، وهو من فئة 5 نجوم ومملوك لليبيا في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي.

وتُعنى «لايكو» بإدارة الفنادق والمنتجعات المملوكة للشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية، والتي تعمل تحت مظلة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، والمؤسسة الليبية للاستثمار المعروفة بـ«الصندوق السيادي الليبي». وتضم «لايكو» مجموعة من 11 منشأة، بها أكثر من 2200 غرفة من فئة 4 إلى 5 نجوم، وتطل على المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.

وسبق أن ناقش النائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي مع رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين تواديرا، خلال لقائهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ملف الاستثمارات الليبية وكيفية حمايتها.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

وكانت الأموال الليبية المجمدة في الخارج تُقدر بقرابة 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات في شركات أجنبية، وأرصدة وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) عام 2011، لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.