غموض حول مصير لقاء البرهان و«حميدتي» في كامبالا

سياسيون سودانيون أشاروا إلى وصول الدعوة للطرفين

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في أثناء تحالفهما سابقاً (أرشيفية)
قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في أثناء تحالفهما سابقاً (أرشيفية)
TT

غموض حول مصير لقاء البرهان و«حميدتي» في كامبالا

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في أثناء تحالفهما سابقاً (أرشيفية)
قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في أثناء تحالفهما سابقاً (أرشيفية)

توقع سياسيون سودانيون أن يجري لقاء وشيك بين قيادة الجيش السوداني وقيادة «قوات الدعم السريع»، استجابة إلى قرار «مجلس السلم والأمن الأفريقي» ودعوة اللجنة الرئاسية للمجلس بقيادة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، وقادة دول الأقاليم الأفريقية، للجمع بين قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي».

وأشار البعض إلى صمت قيادة الجيش وعدم توضيح موقفه من اللقاء، على الرغم من مرور أكثر من أسبوع على صدور الإعلان، وفسّروا ذلك الغموض بوجود «انقسام في معسكر الجيش» بين الراغبين في إنهاء الحرب ومن يريدون استمرارها، «بدعم من مجموعة الإسلاميين المتشددين داخل الجيش».

وأصدر «مجلس السلم والأمن الأفريقي» في 21 يونيو (حزيران) الحالي، قراراً بإنشاء لجنة برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، لتسهيل التواصل المباشر بين قادة الجيش السوداني وقادة «قوات الدعم السريع» في أقرب وقت ممكن.

موسيفيني والبرهان في لقاء سابق (موقع الرئيس الأوغندي على «إكس»)

الجيش لم يعلّق

وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوع على صدور قرار المجلس، لم يعلّق الجيش السوداني أو الحكومة المؤقتة بالرفض أو الإيجاب، كما اعتادت في مثل هذه الظروف، وهو ما فسّره المحلل السياسي والحقوقي حاتم إلياس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بقوله إن «القرار السياسي والعسكري ربما خرج عن يد الجيش، فمنذ مدة طويلة هناك مؤشرات على وجود تأثير قوي للحركة الإسلامية داخل الجيش». وأضاف قائلاً: «لو وافق الجيش على دعوة موسيفيني فربما سيواجه مخاطرة ويدخل في مواجهة مع الإسلاميين».

وأوضح إلياس أن سر الصمت ربما يعود إلى اعتبارات ترتبط بـ«خوف قيادة الجيش من مواجهة غير محسوبة مع الإسلاميين، خصوصاً مجموعة الأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي. فإذا قررت قيادة الجيش المضي قدماً في عملية سياسية تنهي الحرب، بعيداً عن رضا الإسلاميين، فقد يتعرضون لمخاطر ربما تصل إلى حد التصفية».

ويرفض الجيش التعامل مع مبادرات الاتحاد الأفريقي تحت ذريعة «تجميد عضوية السودان» في الاتحاد، ويشترط لقبول هذه المبادرات إعادة عضوية السودان التي علّقها الاتحاد الأفريقي عقب انقلاب 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي نفّذه قائدا الجيش و«الدعم السريع» ضد حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

لقاء سابق بين حميدتي وموسيفيني في عنتيبي أثار جدلاً في الخرطوم («إكس»)

شرط البرهان

ووفق تسريبات نقلتها منصات اجتماعية مؤيدة لقيادة الجيش، فإن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان اشترط للقاء غريمه قائد «قوات الدعم السريع» محمد دقلو، «أن يكون اللقاء على انفراد». وعدّ الصحافي الإسلامي الداعم للجيش عادل الباز، دعوة القادة الأفارقة، بأنها «تهديد من مجموعات المرتشين وداعمي التمرد. والغريب أن الاتحاد الأفريقي يفعل ذلك ولا يستحي من استجداء الحكومة ذاتها، التي عُلقت عضويتها لتقبل بسلسلة مبادراتهم الفارغة التي لا تنتهي».

كما قال المحلل السياسي عادل إبراهيم حمد، في تصريحات إعلامية، إن دعوة الاتحاد الأفريقي جاءت في وقت استنزفت فيه الحرب طرفيها، وكلفت الشعب السوداني كثيراً، وفقدت بسببها الدولة منشآتها ومرافقها المهمة. وتابع: «أي دعوة إلى إيقاف الحرب لا بد أن تجد استجابة من طرفي الحرب، لما وصلت الحال إليه من سوء، ولا يمكن ألاّ يقبلها عاقل أو حريص على الوطن ومستقبله».

ووصف القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» شهاب إبراهيم، لـ«الشرق الأوسط»، دعوة مجلس السلم والأمن الأفريقي بأنها «دعوة جادة»، قائلاً: «من المؤكد أن الدعوات وصلت للطرفين بسرية تامة». وأرجع إبراهيم عدم تعليق الجيش وحكومة الأمر الواقع التي يرأسها البرهان من مدينة بورتسودان الساحلية، على قرارات الاتحاد الأفريقي، إلى ما سماه «حالة انقسام معسكر الجيش»، مؤكداً أن اللقاء سيُجرى ولن يعلن ذلك قبل انعقاده، وأن الموقف من الاتحاد الأفريقي لن يمنع الانعقاد لوجود أطراف كثيرة تضغط على الطرفين من أجل اللقاء المرتقب. وقال: «الطرفان سيذهبان إلى كامبالا».

محاولات سابقة

محاولة موسيفيني ليست المحاولة الأفريقية الأولى لجمع قيادة الجيش وقيادة «قوات الدعم السريع»، إذ في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2023 أعلنت الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» موافقة البرهان وحميدتي على لقاء ثنائي بينهما، لكن اللقاء لم يتم، وقال الجيش في 27 من الشهر ذاته إن جيبوتي، التي تترأس «إيغاد»، أبلغته بتأجيل اجتماع القائدين قبل يوم واحد من موعده. ومنذ ذلك الوقت واصلت قيادة الجيش اتهاماتها لقائد «الدعم السريع»، بـ«المماطلة وعدم تحكيم صوت العقل، وعدم الرغبة في إيقاف تدمير السودان وشعبه».

وأعلنت قيادة الجيش رفضها أي ترتيبات مماثلة وتمسّكها بمواصلة القتال حتى القضاء على «قوات الدعم السريع»، في حين دأب قائد «الدعم السريع» على تأكيد رغبته في وقف الحرب عبر التفاوض، واستعداده للمشاركة في أي محادثات من أجل وقف القتال.


مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حل «دون إملاءات خارجية» بالسودان

العالم العربي شكري وأبو الغيط وفقي يشهدون فعاليات النسخة الرابعة من «منتدى أسوان للسلام» (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى حل «دون إملاءات خارجية» بالسودان

دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، (الثلاثاء)، إلى «حل سياسي حقيقي» للأزمة في السودان، يستند إلى «رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا نازحون هاربون من ولاية سنار (أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تواصل تقدمها في سنّار والقتال يتجدد في أم درمان

واصلت قوات الدعم السريع تقدمها العسكري في ولاية سنّار جنوب شرقي السودان حيث «اجتاحت» مدينة السوكي التي تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق، حسب لجان محلية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا سودانيون نازحون يصلون يوم الأحد مدينة القضارف شرق البلاد هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)

تقديرات بوفاة 990 سودانياً جوعاً ومرضاً في دارفور

تجددت موجات النزوح في إقليم دارفور؛ إذ فر أكثر من 50 ألف شخص من المعارك المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في مدينة الفاشر سيراً على الأقدام.

وجدان طلحة (بورتسودان (السودان))
العالم العربي فتاة تحمل «جركناً» بلاستيكياً على رأسها لجمع المياه من أعلى التل بعد هطول أمطار غزيرة بالقرب من مخيم رابانج للنازحين في رابانج بجبال النوبة بالسودان (أ.ف.ب)

«الأمم المتحدة» توسع خطة الاستجابة الإنسانية للاجئين السودانيين في ليبيا وأوغندا

قررت «الأمم المتحدة» توسيع خطتها لمساعدة السودان لتشمل دولتين أخريين هما ليبيا وأوغندا.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
شمال افريقيا 
صورة متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي لجسر «شمبات» الذي يربط بين مدينتي أمدرمان وبحري بعد تدميره

تجدد «حرب الجسور» في الخرطوم

تجددت «حرب الجسور» في السودان؛ إذ تبادل الجيش و«قوات الدعم السريع» الاتهامات، أمس، بتدمير جسر استراتيجي في الخرطوم، يربط مدينتَي أم درمان وبحري.

أحمد يونس (كامبالا)

«الجيش الوطني الليبي» يتجاهل دعوة «الوحدة» للمشاركة في ضبط الحدود الجنوبية

الدبيبة خلال زيارته إلى مدينة زوارة 1 يوليو (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال زيارته إلى مدينة زوارة 1 يوليو (حكومة الوحدة)
TT

«الجيش الوطني الليبي» يتجاهل دعوة «الوحدة» للمشاركة في ضبط الحدود الجنوبية

الدبيبة خلال زيارته إلى مدينة زوارة 1 يوليو (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال زيارته إلى مدينة زوارة 1 يوليو (حكومة الوحدة)

وسط معلومات عن زيارة يتوقع أن يجريها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة إلى مصر، تجاهل «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، مقترح مصطفى الطرابلسي وزير الداخلية المكلف بالحكومة، لتشكيل غرفة عمليات مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية للبلاد.

والتزمت حكومة «الوحدة»، الصمت حيال ما تردد عن قيام الدبيبة بزيارة رسمية إلى القاهرة، للمشاركة في اجتماع جديد تعتزم الجامعة العربية ترتيبه، بين رؤساء الأجهزة التشريعية والتنفيذية في ليبيا.

لكن الناطق باسم الجامعة العربية، جمال رشدي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة سيشارك، الأربعاء، في اجتماع تعقده الجامعة العربية بمقرها في القاهرة، حول ملف الهجرة، بعنوان «مؤتمر الاستعراض الإقليمي الثاني للاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، في المنطقة العربية»، لافتاً إلى أن اجتماعاً سيُعقد منتصف الشهر الحالي بالجامعة، هو الثاني من نوعه بين محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي»، ومحمد تكالة رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، لاستكمال محادثاتهم السابقة في القاهرة، لحسم الخلافات التي تحول دون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.

وأكد رشدي أن زيارة الدبيبة لمقر لجامعة العربية: «لا علاقة لها بهذا الاجتماع الثلاثي المرتقب».

من الاجتماع السابق في الجامعة العربية للمنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)

واستضافت الجامعة العربية، برئاسة أمينها العام أحمد أبو الغيط، في شهر مارس (آذار) الماضي، اجتماعاً بين تكالة وصالح والمنفي، لحسم الخلافات بينهم، حول ملفَّي الانتخابات والمناصب السيادية.

وكان الدبيبة قد التقى منتصف العام الماضي وفداً رفيع المستوى، ضم مسؤولين من جهاز الاستخبارات المصرية، بهدف متابعة نتائج أعمال اللجنة المشتركة المصرية- الليبية التي بدأت أعمالها عقب زيارة الدبيبة الأولى إلى القاهرة، في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2021.

وفى إطار مختلف، أكد الدبيبة ضرورة تنظيم العمل في كل المنافذ البحرية والبرية، وأهمها معبر رأس جدير على الحدود المشتركة مع تونس، وأن تتولى جهات الدولة الإشراف عليه وتشغيله، وتسمية العناصر المؤهلة والمدربة للعمل به، لتسهيل الخدمة للمسافرين، والقضاء على المعاناة التي عاشها الليبيون في السنوات الماضية.

ووجَّه الدبيبة الذي زار مدينة زوارة، مساء الاثنين، وعقد اجتماعاً موسعاً مع الأعيان ومسؤولي القطاعات التنفيذية، بضرورة المتابعة المستمرة لمشاريع الكهرباء والمياه، وضرورة إنجازها وفق الجداول الزمنية المعتمدة.

كما شدد خلال تفقده سير العمل في تركيب «جسر 27» المدمَّر منذ 9 سنوات بسبب الحروب، وسير العمل بقطاعات صيانة وتطوير الطريق الساحلي الغربي، على ضرورة تسريع وتيرة العمل والالتزام بالجداول الزمنية، واستكمال صيانة الطريق الساحلي.

الطرابلسي خلال مؤتمر صحافي في معبر رأس جدير 1 يوليو (وزارة الداخلية)

وكان عماد الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة «الوحدة»، قد أعلن مساء الاثنين، في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه مع نظيره التونسي خالد النوري، استعداد حكومته للمشاركة مع القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» المتمركز في شرق البلاد، بقوة 5 آلاف شرطي وألف سيارة، لوقف عمليات تهريب الوقود والهجرة غير المشروعة.

ووجَّه الطرابلسي رسالة علنية لحفتر: «من أجل التعاون في تأمين الحدود الجنوبية، لوقف الهجرة وتشكيل غرفة مشتركة برئاسة ضابط من المنطقة الشرقية»، لافتاً إلى ما وصفه بـ«استنزاف مستمر لقدرات البلاد عبر عمليات التهريب».

ولم يعلِّق المشير حفتر، أو مكتبه، أو الناطق الرسمي باسمه، على تصريحات الطرابلسي؛ لكن مصدراً مقرباً من حفتر، قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الفكرة تتطلب التعاون مع حكومة «الوحدة» التي يرفض حفتر الاعتراف بشرعيتها، لافتاً إلى أن «ثمة شكوكاً تساور الجيش بشأن حقيقة نيات الطرابلسي الذي فشل في تنفيذ تعهده بإخراج الميليشيات المسلحة من العاصمة طرابلس».

بدوره، أكد صلاح النمروش مساعد رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، أن الوحدات المتمركزة داخل منطقة بوكماش في معبر رأس جدير، ستشكل طوقاً للتصدي لأي طارئ، ودعم الأجهزة الأمنية، وأن العمل بالمعبر يسير بشكل سلس، بعد الانتهاء من أعمال الصيانة، وفتح ممرات أخرى، وتركيب بعض الأجهزة لتسريع عمليات التفتيش.

ومع ذلك، قالت «إدارة إنفاذ القانون» التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، إنها ضبطت كميات غير محددة من الوقود، وإنها شرعت في منع عبور الوقود من المنفذ داخل المركبات الآلية الخاصة بالمواطنين، والاكتفاء بخزان المركبة.

من جهة أخرى، أعلن القائم بأعمال السفارة الأميركية في طرابلس، جيريمي برنت، الذي التقى في طرابلس القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية ستيفاني خوري، الثلاثاء، دعم بلاده الكامل لجهود البعثة للوساطة في ليبيا.

وشجع برنت، في بيان له عبر منصة «إكس»، جميع الأطراف المعنية «على التفاعل البنَّاء مع العملية السياسية لتجاوز انقسامات ليبيا، ورسم خريطة طريق موثوقة نحو الانتخابات الوطنية والحكومة الموحدة»، لافتاً إلى أنهما ناقشا أيضاً «أفضل السبل» لدعم الانتخابات البلدية المقبلة.

اجتماع خوري مع القائم بالأعمال السعودي في طرابلس (البعثة الأممية)

وكانت خوري قد شددت، خلال اجتماعها مساء الاثنين مع القائم بأعمال السفارة السعودية، أحمد الشهري، على «الدور الرئيسي» الذي تلعبه الأطراف الفاعلة الإقليمية في دفع العملية السياسية الليبية. كما ناقشا سبل إشراك الأطراف الليبية المعنية للتوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى إجراء انتخابات.