سلطات طرابلس تدرس تنسيق «توحيد الجهود الدولية» بشأن الانتخابات

بريطانيا تتعهد بتقديم الدعم الفني لـ«المفوضية العليا»

المنفي مستقبلاً الدبيبة في المجلس الرئاسي بطرابلس (حكومة الوحدة)
المنفي مستقبلاً الدبيبة في المجلس الرئاسي بطرابلس (حكومة الوحدة)
TT

سلطات طرابلس تدرس تنسيق «توحيد الجهود الدولية» بشأن الانتخابات

المنفي مستقبلاً الدبيبة في المجلس الرئاسي بطرابلس (حكومة الوحدة)
المنفي مستقبلاً الدبيبة في المجلس الرئاسي بطرابلس (حكومة الوحدة)

على وقع زخم ملحوظ شهدته العاصمة الليبية، يتعلق بسبل إعادة الحياة للعملية السياسية المتجمدة، بحث قطبا السلطة التنفيذية بطرابلس محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في تنسيق «توحيد الجهود الدولية» بشأن الانتخابات الليبية.

وأعلن مكتب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» أن اللقاء الذي جمعه مساء (الخميس) مع المنفي تمحور حول العملية السياسية، وفي القلب منها الاستعدادات الجارية لإجراء الانتخابات البلدية، لكن مصدراً مقرباً من الحكومة قال لـ«الشرق الأوسط» إن المنفي دعا لوضع حد لـ«الفشل» في إعادة تشغيل معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس.

وأوضح مكتب الدبيبة أن الاجتماع، الذي عُقد بديوان المجلس الرئاسي، ناقش عدداً من الملفات السياسية، من بينها «دعم الجهود المحلية بين المؤسسات كافة؛ للمساعدة في إنجاز الانتخابات الوطنية والبلدية».

وأكد الطرفان «ضرورة نجاح الانتخابات البلدية من خلال دعم المفوضية العليا للانتخابات، وتوحيد الأجهزة الحكومية المختلفة للتنسيق مع المفوضية»، كما تم الاتفاق على أهمية التنسيق «لتوحيد الجهود الدولية لدعم الانتخابات وفق قوانين عادلة وقابلة للتنفيذ، واحترام إرادة الليبيين في إنتاج أجسام تشريعية وتنفيذية منتخبة».

وشهدت العاصمة طرابلس، خلال الأسبوع الماضي، تحركات أميركية وأوروبية متوالية لجهة تحريك ملف الانتخابات العامة، وسبل إنهاء الانقسام الحكومي، وذلك بالعودة إلى مناقشة تشكيل «حكومة جديدة موحدة»، بحسب مطلعين على هذه المباحثات.

الدبيبة ملتقياً خوري في مكتبه بطرابلس العاصمة (حكومة الوحدة)

ولمزيد من التحركات السياسية الجارية، التقى الدبيبة، في مكتبه بطرابلس مساء الأربعاء الماضي، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري، وتناول اللقاء أيضاً مناقشة دعم الجهود المحلية والدولية لإنجاح الانتخابات البلدية، عادَّين أن هذه الخطوة «إيجابية في دعم الحياة السياسية في البلاد».

وقال الدبيبة، بحسب مكتبه، إنه أصدر تعليماته للمؤسسات الحكومية كافة، بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات، لافتاً إلى دعم وزارة الداخلية والمفوضية مادياً «لإنجاح المهمة الموكلة لهما».

وقالت خوري إن لقاءها الدبيبة يعدّ جزءاً من مشاوراتها مع الأطراف الليبية. وأضافت: «ناقشنا الاستعدادات لإجراء الانتخابات البلدية، ومساعي توحيد الموازنة الوطنية».

وتنتظر الأوساط الليبية ماذا ستنتهي إليه هذه المشاورات لجهة إنجاز الاستحقاقَين الرئاسي والنيابي المؤجلَين.

وبدأت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات برئاسة عماد السايح، بدايات يونيو (حزيران) الحالي، التجهيز لانتخابات 60 مجلساً بلدياً في مختلف مناطق ليبيا، في مرحلة أولى، وشرعت في عملية تسجيل الناخبين استعداداً لهذه الاستحقاق المحلي.

ودعت المفوضية الراغبين في الترشح لانتخابات المجالس البلدية بالاستعداد وتجهيز القوائم والمستندات المطلوبة لدخول الاستحقاق، لافتة إلى قرب فتح باب تسجيل المرشحين.

السايح مستقبلاً السفير البريطاني لدى ليبيا في مقر مفوضية الانتخابات (المفوضية العليا)

وباتت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وجهة أساسية للوفود الدولية القاصدة طرابلس، والسفراء المعتمدين لدى البلاد، مشيرة إلى أن رئيسها عماد السايح التقى سفير المملكة المتحدة مارتن لونغدن، وبحثا سبل دعم العملية الانتخابية، ومستوى جاهزية المفوضية لتنفيذ انتخابات المجالس البلدية.

ونقلت المفوضية عن لونغدن «تقديره للجهود التي تبذلها استعداداً لانتخابات المجالس البلدية»، مجدداً استعداد حكومته لـ«تقديم الدعم الفني والاستشاري للمفوضية، ما يعزز جاهزيتها ويهيئ مناخاً ملائماً لتنفيذ الاستحقاقات المرتقبة».

وتستهدف المفوضية إجراء الانتخابات لمجالس 106 بلديات خلال عام 2024، لذا قررت منتصف الأسبوع الماضي، تمديد الفترة لمرحلة تسجيل الناخبين للانتخابات البلدية (المجموعة الأولى) إلى السابع من يوليو (تموز) المقبل؛ لإتاحة الفرصة أمام المواطنين للمشارَكة في الانتخابات البلدية.

المدير التنفيذي لبنك التسويات الدولي يلتقي محافظ مصرف ليبيا المركزي والوفد المرافق له في سويسرا (المصرف)

في غضون ذلك، تصدّر ملف توحيد مصرف ليبيا المركزي أجندة لقاء محافظ المصرف الصديق الكبير، ونائبه مرعي البرعصي، مع عدد من إدارات «بنك التسويات الدولي» في مقره بمدينة بازل السويسرية.

وقال المصرف إن مناقشة إجازة انضمام مصرف ليبيا المركزي لبنك التسويات الدولي، والإحاطة بإجراءات توحيده ومجهوداته في الامتثال لإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كانت «أهم الموضوعات» التي ناقشها الكبير والوفد المرافق له مع أوغستين كارستن المدير التنفيذي لبنك التسويات ومديري الإدارات المختصة بالبنك.

ونقل المصرف المركزي الليبي عن كارستن «ترحيبه بالتطورات والجهود المبذولة من المصرف في المحافظة على الاستدامة المالية للدولة الليبية، والخطوات المتخذة لتوحيده، والمحافظة على استقرار القطاع المالي والمصرفي».

وقال كارستن: «تقديراً لذلك فإنه يسره إعلان إجازة انضمام مصرف ليبيا المركزي للبنك، وبذلك تحق له الاستفادة من الخدمات والدعم الفني الذي يقدمه البنك للمصارف المركزية».

‏وفي نهاية اللقاء دعا كارستن، الوفد الليبي لحضور الاجتماعات السنوية للبنك التي تعقد خلال الفترة من 28 إلى 30 يونيو بمدينة بازل السويسرية. والبنك الدولي للتسويات يعدّ «بنك البنوك المركزية»، وأُسس سنة 1930، وتسهم فيه حالياً أكثر من 67 دولة.


مقالات ذات صلة

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين تتفحص رفاة أشلاء تم العثور عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

سلطات ليبيا تتجاهل مذكرات اعتقال «الجنائية الدولية» لقادة «ميليشيا الكاني»

رحبت منظمات شعبية بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية عن توقيف 6 أعضاء في ميليشيا «الكانيات» المسلحة، لاتهامهم بـ«ارتكاب جرائم حرب في البلاد»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)

المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

عاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى فتح ملف تدشين «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني» رغم معارضة مجلس النواب، مما قد يجدد الجدل حولها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
TT

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

تباينت آراء برلمانيين وأكاديميين ليبيين بشأن إمكانية تحريك عملية «المصالحة الوطنية» مرة ثانية، في ظل دخول مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح، مجدداً على خط الملف في مواجهة المجلس الرئاسي، الذي كان يرعاه قبل تعثره.

وكان صالح قد دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

وأوضح عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني، أن «النواب» يضطلع بملف المصالحة منذ شهور طويلة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع قانون المصالحة الوطنية الذي يدرسه المجلس حالياً «يأتي في إطار اهتمامه بهذا الملف». مشدداً على أن أعضاء لجنة العدل والمصالحة بالبرلمان، المعنية بدراسة المشروع، تعمل كي يرى القانون النور خلال الأشهر المقبلة، وهم منفتحون على استطلاع آراء الشرائح والتيارات السياسية والمجتمعية كافة بالبلاد، سواء من أنصار النظام السابق، أو المؤيدين للملكية الدستورية، أو زعامات قبلية.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (رويترز)

وكان مجلس النواب قد ألغى قانون العزل السياسي عام 2015، الذي كان يحرم شخصيات عملت مع نظام الرئيس الراحل معمر القذافي من تولي مناصب عامة، كما أقر قانون العفو العام.

في المقابل، استبعد عضو مجلس النواب، علي التكبالي، «حدوث أي تقدم بهذا الملف الوطني مع تغير الجهات الراعية له».

وكان المجلس الرئاسي يرعى عملية المصالحة الوطنية، وظل يمهد لعقد مؤتمر جامع في سرت، نهاية أبريل (نيسان) الماضي، لكن المؤتمر تعثر قبل أن يعقد متأثراً بتعقيدات الأزمة السياسية.

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك وجوهاً معروفة منذ سنوات، من شيوخ وزعماء عشائر ونشطاء وسياسيين، «يتصدرون ملف المصالحة، ويدعون أنهم يمثلون قبائل ومناطق بالبلاد»، موضحاً أن هؤلاء «لا يمثلون إلا أنفسهم، وأنهم يتاجرون بالقضية لتحقيق مكاسب ومصالح خاصة».

ويرى التكبالي أن مَن وصفهم بـ«المتاجرين» يتصلون بالأفرقاء المتصارعين في ذات التوقيت، أي مع المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» والبرلمان، والقيادة العامة للجيش الوطني، «أملاً في أن ترعى أي جهة مؤتمراتهم وجلساتهم العرفية، التي ينشدون بها الخطب والأشعار». وقال إنه «لم تحدث أي مصالحة حقيقة حتى الآن؛ وكل ما تم كان عبارة عن معالجات ضعيفة»، مطالباً بـ«وجود شفافية بالخطط والبرامج، التي تطرحها أي جهة تدعي رعاية المصالحة، ككيفية توفير الموارد المالية المطلوبة لتقديم التعويضات للمتضررين، ومن قِبَلها إقرار المذنب بخطئه».

وحذر التكبالي من أن غياب هذه الشفافية «كفيل بأن يرسخ بعقول الليبيين أن ما يحدث ليس سوى صراع بين الأجسام والمؤسسات على اقتناص الأموال، التي تخصص سنوياً لهذا الملف، فضلاً عن التباهي برعايته أمام الرأي العام الدولي».

وكان المجلس الرئاسي قد أعلن تشكيل مفوضية تعني بملف المصالحة الوطنية، أعقبها بالإفراج عن بعض رموز نظام معمر القذافي، وفي مقدمتهم نجله الساعدي.

المنفي أرجع بطء وتيرة مشروع المصالحة إلى التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد (رويترز)

وفي كلمته أمام الدورة 79 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أسبوعين، أرجع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، بطء وتيرة مشروع المصالحة للتطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد. كما قال إن «بعض الأطراف السياسية تحاول عرقلة هذا الملف بكل السبل».

من جهته، قال أستاذ القانون العام بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا، الدكتور مجدي الشبعاني، لـ«الشرق الأوسط» إن تعثر ملف المصالحة هو جراء «تنازع أطراف عدة على إدارته وإقحامه في صراعاتهم السياسية».

وذهب الشبعاني إلى أنه «أمام عدم سيطرة أي من أفرقاء الأزمة وافتقاد الثقة بينهم، واختلاف مشاريعهم السياسية، لا يمكن لأي منهم امتلاك برنامج أو قانون قابل للتطبيق بشأن المصالحة»، مقترحاً أن يتم رعاية هذا الملف من قِبَل البعثة الأممية، وهيئة مدنية يتم اختيار أعضائها من أصحاب الخبرة. كما انتقد مؤتمرات المصالحة التي عقدت خلال العامين الماضيين داخل وخارج البلاد، عاداً أنها افتقدت إلى مشاركة «القوى الفاعلة على الأرض من قيادات الأجهزة المختلفة والكيانات المسلحة بعموم البلاد، وهو ما أدى إلى عدم تنفيذ الكثير من توصياتها».