عززت السلطات الأمنية في موريتانيا من تأهبها، بعد تعرض تجمع انتخابي تابع للأغلبية الرئاسية الحاكمة ليل (الاثنين - الثلاثاء)، لأعمال شغب نفذها شبانٌ كانوا يهتفون باسم أحد مرشحي المعارضة، ما أثار موجة استياء في البلد الذي يستعد، السبت المقبل، لانتخابات رئاسية يتنافس فيها سبعة مترشحين.
أعمال الشغب وقعت في مدينة نواذيبو، العاصمة الاقتصادية وثاني أهم مدينة في موريتانيا، واستهدفت حفلاً ينظمه شباب حزب «الإنصاف» الحاكم، دعماً للرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، والمترشح لولاية رئاسية ثانية تمتد لخمس سنوات.
وسُجلت إصابات طفيفة خلال أعمال الشغب، فيما تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لشبان يرمون الحجارة على المشاركين في الحفل، ويخربون بعض المقاعد والأثاث، وهم يهتفون باسم المترشح للانتخابات الرئاسية المعارض بيرام الداه اعبيد، وهو ناشط حقوقي معروف سبق أن حل في المرتبة الثانية خلال رئاسيات 2014 و2019.
وأصدرت وزارة الداخلية الموريتانية بياناً (الثلاثاء)، دانت فيه ما قالت إنها «أعمال شغب قام بها بعض أنصار أحد المترشحين للرئاسيات، باعتدائهم على تجمّع انتخابي نظمتْه حملة شباب مرشح آخر».
وأضافت الداخلية أنها «من منطلق مسؤولياتها الأمنية؛ إذْ تُدين بشدة هذه التصرفات، لتذكّر بأنه لا مساومة ولا تساهل ولا تهاوُن مع كل من تسوّل له نفسه؛ فرداً كان أو جماعة، التجاسرَ على المسّ من أمن وسكينة المواطنين وممتلكاتهم».
وأكدت الوزارة أن «الأجهزة الأمنية، على أتم الجاهزية، وقد وُضعت تحت تصرفها كافة الإمكانيات اللازمة، وأُصدرتْ إليها التعليمات المطْلقة، للوقوف بحزم وصرامة في وجه أي إخلالٍ بالأمن والسكينة مهما كانت طبيعته ومصدره».
وخلصت الوزارة، في بيانها شديد اللهجة، إلى أنها «ستكون بالمرصاد لمرتكبي هذه التصرفات المجرّمة قانوناً، والتي تتنافى كلّيا مع التقاليد والأعراف الديمقراطية المتعارف عليها في الحملات الانتخابية»، وأكدت أنها «ستطبَّق عليهم العقوبات المنصوص عليها في القوانين والنُّظُم المعمول بها في البلد».
في غضون ذلك، نفت حملة المرشح المعارض بيرام الداه اعبيد أن تكون لها أي صلة بأعمال الشغب، وقالت في بيان صحافي إن المرشح «يدين هذه الأفعال التخريبية، ويتمسك بموقفه السلمي، مع الدعوة للاختلاف السياسي في ظل جو مدني وديمقراطي، ودون المساس بحريات الآخرين من أفراد وجماعات».
ووصفت حملة المرشح المعارض أعمال الشغب بأنها «مسرحية سيئة الإخراج (...) الهدف منها تشويه صورة مرشح المعارضة الجادة»، قبل أن تضيف أن «تاريخ الرجل كفيل بتفنيد هذه المسرحية، ووقوفه في وجه أعمال الشغب في الانتخابات الرئاسية الماضية خير دليل على ذلك».
وأكدت حملة الداه اعبيد أن «أمن البلاد واستقرار العباد مقدمان عنده على كل شيء، حتى على كرسي الرئاسة»، وفق نص البيان.
من جهة أخرى، قال الرئيس المنتهية ولايته والمرشح للرئاسيات محمد ولد الشيخ الغزواني، في تعليق على الأحداث، إنه يستبعد أن يكون وراء أعمال الشغب أي من المترشحين أو السياسيين، وإنما «مجموعة من اللصوص الباحثين عن فرصة للنشل والسرقة».
ولكن ولد الغزواني في خطاب ألقاه، مساء (الثلاثاء)، بمدينة نواذيبو، قال إنه بصفته رئيساً للدولة يتعهد بتأمين الشعب حتى نهاية ولايته يوم 31 يوليو (تموز) المقبل، وأضاف أن «أمن المواطنين مقدم على التنمية والسياسة». وأكد أن المتورطين في أعمال الشغب «سيدفعون الثمن».
وأضاف ولد الغزواني أن الحملة الانتخابية التي تختتم منتصف ليل الجمعة «جرت في جو من التنافس الإيجابي والاحترام المتبادل والسكينة»، وطلب من المترشحين الاستمرار في ذلك وتقبل نتائج الانتخابات، مؤكداً أنه سيكون «أول من سيتقبل النتيجة، من أجل تعزيز الديمقراطية»، على حد تعبيره.
ويخشى الموريتانيون تكرار أحداث العنف التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الماضية (2019) حين رفضت المعارضة الاعتراف بالنتائج، ولكن السلطات الإدارية والأمنية أكدت «جاهزيتها ويقظتها»، وأصدر المدير العام للأمن الوطني الجنرال محمد الشيخ محمد الأمين (الثلاثاء) تعميماً أمنياً موجهاً إلى وزارة الداخلية ولجميع المديرين الجهويين المركزيين للأمن ولقائد التجمع الخامس المكلف بحفظ النظام، ولمدير الأمن العمومي.
وتضمن التعميم قرار «حظر بيع البنزين في الأوعية المنقولة، وحظر عرض العجلات المستعملة في الشارع العام»، وهي مواد تستخدم في المظاهرات وأعمال الشغب، كما بدأت الشرطة في جمع العَجَلات المستعملة المكدسة في الشارع العام، وتخزينها في مكان تحت إشراف السلطات الإدارية.