موريتانيا: مرشحو المعارضة يثيرون الجدل حول «نزاهة» الاقتراع بالانتخابات الرئاسية

شكوى ضد وزير بتهمة «ترهيب الناخبين»

ناشطون معارضون يعبئون لمرشحهم في شوارع نواكشوط (حملة العيد محمدن)
ناشطون معارضون يعبئون لمرشحهم في شوارع نواكشوط (حملة العيد محمدن)
TT

موريتانيا: مرشحو المعارضة يثيرون الجدل حول «نزاهة» الاقتراع بالانتخابات الرئاسية

ناشطون معارضون يعبئون لمرشحهم في شوارع نواكشوط (حملة العيد محمدن)
ناشطون معارضون يعبئون لمرشحهم في شوارع نواكشوط (حملة العيد محمدن)

تقدم أحد مرشحي المعارضة للانتخابات الرئاسية في موريتانيا بشكوى إلى العدالة ضد وزير في الحكومة، قال إنه استخدم في خطاب سياسي لغة «الترغيب والترهيب»، كما «هدّد» الناخبين في حالة عدم التصويت للرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني.

ويتعلقُ الأمر بوزير النفط والطاقة والمعادن الناني ولد أشروقة، وهو الوزير الناطق باسم الحكومة، الذي يشغلُ منصباً قيادياً في حزب «الإنصاف» الحاكم، ويتولى تنسيق حملة الغزواني في إحدى محافظات البلاد.

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في تجمع انتخابي (متداولة)

ونشرت وسائل إعلام محلية تصريحات الوزير، وجرى على نطاق واسع تداول قوله إن «من صوّت لنا سنتابع مطالبه، ونقدرُ مجهوده، ومن كان صوته سلبياً لن نهتم به»، إلا أن حملة الغزواني شككت في دقة ما جرى تداوله.

وبعد تداول التصريحات، نشرت اللجنة القانونية المركزية لحملة العيد محمدن أمبارك، مرشح «تحالف قوى الإنقاذ» المعارض، بياناً قالت فيه إنها تقدمت بشكوى للنيابة العامة بشأن تصريحات الوزير. وأوضحت أن التصريحات «مجرّمة ومعاقبة بالمادة 133 من الأمر القانوني 289 - 87 المعدل، المحال إليها من المادة 18 من الأمر القانوني 027 - 91 المعدل المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، والمادة 8 من قانون مكافحة الفساد».

وأضافت اللجنة أن التصريحات تدخل في إطار «استمرار نهج التأثير على خيارات الناخبين ترغيباً وترهيباً، وتقويض حرية الانتخاب بالوعود والتهديد»، ثم ندّدت بما قالت إنه «سلوك منافٍ لمبادئ الديمقراطية وقواعد التنافس الحر».

من جانبه، عقد عبد الله الكبد، الناطق باسم حملة المرشح الغزواني، مؤتمراً صحافياً في نواكشوط، قدّم فيه توضيحات حول تصريحات الوزير، وقال إنها «أخرجت من سياقها»، رافضاً أن تكون تضمنت أي تهديد للناخبين.

من حملة الانتخابات السابقة في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وقال ولد الكبد أمام الصحافيين إن «ما يلزمُ المرشح بالدرجة الأولى هو ما يصدر عنه شخصياً من تصريحات، وبالدرجة الثانية ما يصدر عن الناطقين الرسميين باسمه الذين عيّنهم ومنحهم صلاحية الحديث باسمه».

وأضاف في السياق ذاته: «أنا اطلعت على مقطع الفيديو وشاهدت عنواناً مزعجاً على شبكات التواصل الاجتماعي، يفيد بأن منسق حملتنا على مستوى حملة ولاية الترارزة استخدم لغة الترغيب والترهيب»، ثم أوضح أن «مقطع الفيديو بحوزتي على هاتفي، ولا يتضمن أي شيء مما ذكر».

وشرح المتحدث باسم حملة ولد الغزواني كلام الوزير، قائلاً إنه «تضمن أمراً معروفاً في الديمقراطيات الكبرى، ويعرف في العلوم السياسية بمصطلح مكافأة الداعمين الانتخابيين، حين قال إن من صوّت لنا سنكون ممتنون له، أما من لم يصوت لنا فلسنا معنيين به، وهذا لا يعني أننا سنعاقبه، وإنما العكس من ذلك، فلن نلاقيه بسوء ولا بأي شيء آخر».

من تجمع سابق لقادة المعارضة في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وخلص إلى التأكيد على أن حديث الوزير «أخرج من سياقه، لأن من يريد أن يفهمه، عليه أن يدرك أنه حديث في دائرة ضيقة أمام ناشطين في الحملة الانتخابية، يراد منه شحذ الهمم والتحفيز»، مشيراً إلى أنه لم يكن موجهاً لعموم الناخبين.

ومع اقتراب موعد الاقتراع المرتقب يوم السبت المقبل، يحتدم التنافس بين ولد الغزواني الساعي للفوز بولاية رئاسية ثانية، و5 من مرشحي المعارضة يرفعون شعار التغيير، لكنهم في الوقت ذاته يشككون في «نزاهة وشفافية» الانتخابات.

المرشحون الخمسة الذين يمثلون المعارضة وجّهوا رسالة إلى «اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات»، يتهمونها فيها بأنها «تسير الانتخابات بشكل أحادي»، وترفض و«تماطل» في الاستجابة لمطالب من شأنها أن تضمن الحد الأدنى من الشفافية والنزاهة.

لكن لجنة الانتخابات تؤكد أنها «منفتحة» على جميع مطالب مرشحي المعارضة، ومستعدة لتلبيتها «ما لم تتعارض مع نص قانوني صريح».


مقالات ذات صلة

انطلاق الحملات الانتخابية لبرلمان كردستان العراق

المشرق العربي مسؤولون في مفوضية الانتخابات خلال إعلان انطلاق الحملات الانتخابية في كردستان (موقع المفوضية)

انطلاق الحملات الانتخابية لبرلمان كردستان العراق

انطلقت، الأربعاء، الحملات الدعائية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقرر إجراؤها في 20 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

فاضل النشمي (بغداد)
آسيا الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)

الرئيس السريلانكي الجديد يتعهّد «بذل قصارى جهده» للنهوض بالبلاد

تولى أنورا كومارا ديساناياكا، أول رئيس يساري في تاريخ سريلانكا، مهامه اليوم (الاثنين)، متعهداً «بذل قصارى جهده» للنهوض بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)

حزب شولتس يتقدم على اليمين المتطرف في انتخابات إقليمية بشرق ألمانيا

أظهرت استطلاعات رأي تقدم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار أولاف شولتس بفارق ضئيل على حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف في انتخابات إقليمية.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام (ألمانيا))
الولايات المتحدة​ خلال عملية التصويت في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية سنة 2020 (رويترز)

​كيف صوتت الولايات الأميركية في انتخابات الرئاسة على مدى ربع قرن؟

تكشف القراءة التاريخية لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ ما يقرب من ربع قرن عن 36 منطقة شبه حصينة يفوز بها دائماً أحد الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري»

شادي عبد الساتر (بيروت)
شمال افريقيا من الاحتجاجات ضد الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)

تونس: احتجاجات جديدة ضد سعيد وسط تصاعد التوتر قبل الانتخابات

خرج المئات من التونسيين، الأحد، في مسيرة بالعاصمة، مواصلين الاحتجاجات ضد الرئيس قيس سعيد، للأسبوع الثاني على التوالي، متهمين إياه بتشديد قبضته على الحكم.

«الشرق الأوسط» (تونس)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع سد النهضة الإثيوبي. وبينما تؤكد القاهرة «محورية حقوقها المائية» من مياه النيل وترفض «الممارسات الأحادية» من جانب أديس أبابا، تواصل إثيوبيا ملء «السد».

وشدّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، على «أهمية قضية الأمن المائي وسد النهضة بالنسبة إلى بلاده».

وتبني إثيوبيا سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس (آب) الماضي، من «التأثيرات الخطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائية». وقالت إن «السد الإثيوبي يمثّل خطراً وجودياً على مصر». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيات صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال لقائه نظيره الصيني، وانغ يي، في نيويورك، على «أهمية قضية الأمن المائي والسد الإثيوبي بالنسبة إلى مصر»، وعدّها «قضية وجودية تتعلّق بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، ولا يمكن التهاون بشأنها». كما أكد «رفض بلاده أي ممارسات أحادية تضرّ بمصالح دولتي المصب وتخالف القواعد الدولية المستقرة في حوكمة المياه العابرة للحدود»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

وسبق ذلك تأكيد وزير الخارجية المصري موقف بلاده نفسه من قضية السد الإثيوبي، خلال لقائه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، في نيويورك، مساء الجمعة. وحذّر عبد العاطي من أن «بلاده لن تتهاون بشأن قضية (السد)». كما أشار عبد العاطي خلال «قمة المستقبل» بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إلى «ضرورة إعطاء قضية الندرة المائية والأمن المائي الاهتمام البالغ من المجتمع الدولي»، مطالباً «عدم ترك الأمر لأهواء دول معينة، وإن كانت هي دول المنبع، لفرض سياسات أحادية خاطئة تهدد مصالح وشواغل دول المصب».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن «وزير الخارجية المصري يقوم بدور نشط ومكثف لحشد التأييد الدولي لدعم الموقف المصري في قضية سد النهضة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات المصرية تتسم بالالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية، التي تخالفها إثيوبيا، بالتصرفات الأحادية في مشروع (السد)».

ووفق حليمة فإن «التحركات المصرية تستهدف تأكيد تهديد السد الإثيوبي للحياة في مصر»، وإظهار «المخاطر الوجودية المرتبطة بعمليات تشغيل السد وملئه، ما يعطي الحق للقاهرة في اللجوء إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لطلب التدخل، دفاعاً عن حقها وأمنها». وأشار إلى أن «هناك تأييداً للموقف المصري أكدته لقاءات وزير الخارجية المصري مع المسؤولين الدوليين في نيويورك».

وكان وزير الخارجية المصري قد أشار، في تصريحات إعلامية بنيويورك، الأسبوع الماضي، إلى «حشد بلاده الدعم والتأييد الدولي لموقفها في ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، وكيفية تشغيله، بما لا يضر بدولتي المصب»، وقال إن «حصة مصر المائية (55.5 مليار متر مكعب) تكاد تكفي 60 في المائة من الاحتياجات المائية السنوية لمصر، وبالتالي لا يمكن التفريط في قطرة واحدة منها».

جانب من سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

من جانبه، أكد أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، ضرورة قيام مصر بـ«تشكيل رأي عام دولي داعم لحقوقها المائية في قضية (السد)»، مشيراً إلى أهمية «ممارسة المجتمع الدولي ضغوطاً على الجانب الإثيوبي، والوصول لاتفاق قانوني بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، حتى لا يتطور الخلاف».

وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً في سبتمبر (أيلول) 2021 حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

وعدّ شراقي أن «تدخل الأمم المتحدة بات ضرورياً، بسبب المخاطر الطبيعية التي يشكّلها مشروع السد الإثيوبي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول عملية تخزين المياه في (السد) للسعة القصوى سيؤدي إلى زيادة نشاط الزلازل بالمنطقة، وفي حال سنوات الفيضان المرتفع، قد يشكّل مخاطر على بنيته»، مشيراً إلى أن «المشروع يمثّل تهديداً للحياة على السودان؛ ما يستوجب تدخل مجلس الأمن».

وشهدت إثيوبيا، الجمعة، زلزالاً في منطقة الأخدود، التي تبعد 570 كيلومتراً شرق منطقة «سد النهضة»، حسب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي قال إنه «من المتوقع زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا خصوصاً في منطقة (السد)».

يأتي هذا في وقت تواصل فيه إثيوبيا ملء «السد». وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في أغسطس الماضي، «اكتمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق بشكل كامل بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وقال إن «إجمالي المياه المحتجزة مع مرحلة الملء الخامس للسد، بلغ 62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن تصل نسبة المياه المحتجزة بنهاية العام «ما بين 70 و71 مليار متر مكعب».