سلطات طرابلس تستعد لإعادة تشغيل معبر «رأس جدير» الحدودي

لجنة أمنية تبحث مع الجانب التونسي ترتيبات افتتاحه

معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية «الوحدة»)
معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية «الوحدة»)
TT

سلطات طرابلس تستعد لإعادة تشغيل معبر «رأس جدير» الحدودي

معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية «الوحدة»)
معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية «الوحدة»)

تستعد السلطات الأمنية الليبية والتونسية لإعادة تشغيل معبر «رأس جدير» الحدودي، بشكل كلي يوم الاثنين بعد إغلاقه قبل أكثر من 3 أشهر، إثر اشتباكات مسلحة بين قوات تابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة، وقوة عسكرية تابعة لـ«المجلس العسكري» بزوارة.

وكان مقرراً إعادة فتح المعبر رسمياً يوم الخميس الماضي أمام المسافرين والحركة التجارية، لكن السلطات الليبية في طرابلس، أخطرت نظيرتها التونسية بإرجاء الافتتاح إلى الاثنين «لأسباب أمنية ولوجستية».

وقالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» مساء (السبت) إن اللجنة المكلفة بإعادة تفعيل العمل بالمعبر عقدت اجتماعاً مع الجانب التونسي داخله لـ«التنسيق ووضع الترتيبات النهائية لإعادة افتتاحه».

ويبعد المعبر نحو 60 كيلومتراً عن مدينة زوارة (غرب)، و175 كيلومتراً عن طرابلس العاصمة، ونحو 32 كيلومتراً عن مدينة بنقردان التونسية، وتعبر منه مئات الشاحنات وآلاف المواطنين يومياً.

وتبسط قوة عسكرية تابعة لـ«المجلس العسكري» بمدينة زوارة الأمازيغية، سيطرتها على إدارة المعبر بعد إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي... ومنذ ذلك التاريخ دخل المعبر الحدودي دائرة الصراع بين سلطات طرابلس و«أمازيغ زوارة»، ما يتسبب في تعطيله وإغلاقه أمام حركة التجارة، علماً أنه يعدّ «شرياناً حيوياً» لليبيا وتونس على حد سواء.

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (وزارة داخلية «الوحدة»)

ويقول قيادي أمني ليبي في المعبر، إن تأجيل افتتاح المعبر الذي كان مقرراً نهاية الأسبوع الماضي، يرجع إلى «تفعيل ما تم الاتفاق عليه بين البلدين بشأن حل أزمة (تشابه الأسماء)، بالإضافة إلى دراسة سبل مكافحة الظواهر السلبية والتهريب».

والمصدر الأمني الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن انتهاء عمليات الصيانة بالمعبر، وتوفير الاحتياجات التشغيلية، تخوّف من «تجدد الخلافات على تشغيله مع القوة التابعة لـ(المجلس العسكري) بزوارة».

ومع حديث وسائل إعلام محلية الأحد عن توقف منظومة الجوازات في المعبر، ما تسبب في انتظار سيارات الإسعاف التي يحمل بعضها حالات حرجة، قال المصدر إن «كل الأمور تسير بانتظام، والترتيبات كافة تجري لافتتاح المعبر الاثنين».

معبر «رأس جدير» (أرشيفية - داخلية «الوحدة»)

وكانت اشتباكات مسلحة قد جرت في 20 مارس (آذار) الماضي بين قوات تابعة لـ«الوحدة»، ومجموعة مسلحة تابعة لـ«المجلس العسكري» بزوارة، أدت إلى فوضى عارمة في المعبر الحدودي، ما أرغم السلطات على إغلاقه بالتنسيق مع تونس.

وعادة ما تتوتر الأوضاع بغرب ليبيا بشأن إدارة المعابر، وعقب محاولة حكومة «الوحدة» قبل 3 أشهر إزاحة «المجلس العسكري» لمدينة زوارة عن إدارة المعبر، تصاعد التوتر، وسط رفض المكون الأمازيغي الذي يقطن زوارة ومدناً أخرى بالجنوب، لهذا الإجراء.

ونهاية الأسبوع الماضي، قالت وسائل إعلام محلية إن قوة «الاقتحام السريع» التابعة لغرفة عمليات زوارة اقتحمت معبر «رأس جدير»، لكن رئيس «مجلس حكماء زوارة» غالي الطويني، نفى ذلك، وقال: «لا صحة لذلك، وقوات حكومة (الوحدة) هي المكلفة بتأمين المعبر».

وفي اجتماع عقده عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة»، مع نظيره التونسي خالد النوري، في 12 يونيو (حزيران) الجاري، وقع الطرفان محضر اتفاق أمني يتضمن فتح ستة مراكز للتسجيل الإلكتروني لسيارات المواطنين الليبيين، وعدم فرض أي رسوم أو غرامات مالية غير متفق عليها، وضبط المعبر وإخلاءه من وجود أي مظاهر مسلحة.

ويمثل المعبر شريان الحياة الاقتصادية والتجارية في المدن المتاخمة للحدود، ولا سيما بنقردان على الجانب التونسي التي تعتمد على تجارة البنزين المهرب والسلع من الأسواق الليبية.

جانب من التعزيزات الأمنية التي خُصصت لاستتباب الأمن في المعبر الحدودي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وكانت المدينة شهدت في وقت سابق احتجاجات من قبل التجار للمطالبة بإعادة فتح المعبر الحيوي.

وعقب الإطاحة بنظام القذافي، تقدّمت مدينة زوارة الصفوف بعد تهميشها طويلاً، واستولت قوّاتها على «رأس جدير»، وضمّت رسمياً المعبر الحدودي إلى المنطقة الإدارية، الواقعة تحت سيطرة بلديتها، لتتحول الأخيرة فيما بعد إلى مركز قوة حقيقي، على الرغم من أنها بقيت اسمياً تحت سلطة الحكومات التي اتخذت من طرابلس مقراً لها، وفق محللين ليبيين.

وشهد المعبر الذي أُغلق مرات عدة خلال العقد الماضي، أزمات كثيرة في التنقل، بسبب اتهامات من الجانبين التونسي والليبي بـ«إساءات متبادلة خلال المرور ووقوع عمليات ابتزاز».


مقالات ذات صلة

توتر أمني مفاجئ غرب العاصمة الليبية

شمال افريقيا المنفي خلال حضور حفل العشاء مع الرئيس الأميركي (المنفي)

توتر أمني مفاجئ غرب العاصمة الليبية

أعلن أعضاء في مجلس النواب الليبي، أن جلسته المرتقبة، الاثنين المقبل، ستخصص للمصادقة على اعتماد تعيين محافظ المصرف المركزي للبلاد ونائبه.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

أبدى سياسيون ومحللون ليبيون تخوفهم من وقوع أزمة جديدة تتعلق بالمطالبة بـ«قانون موحد للميزانية»، بينما لا تزال البلاد تتعافى من تأثير أزمة المصرف المركزي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا مستشارو المحكمة الدستورية العليا عقب أداء اليمين أمام نائب رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ليبيا: «قانون الدستورية العليا» يجدد الجدل بين «الرئاسي» والبرلمان

تصاعدت حالة من الجدل في ليبيا بعد أداء مستشاري المحكمة الدستورية العليا اليمين القانونية، أمام مجلس النواب، في ظل معارضة واسعة من المجلس الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي يلتقي البرهان على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)

11 دولة تدعو ليبيا لضخ النفط... وإخراج «المرتزقة»

حثت أميركا ودول أوروبية وعربية الأطراف الليبية كافة على العمل لاستئناف إنتاج وتصدير النفط «بالكامل دون تعطيل أو تدخل أو تسييس».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من الحضور خلال توقيع اتفاق ينهي أزمة الصراع على مصرف ليبيا المركزي (البعثة الأممية)

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

بحضور دبلوماسي عربي وغربي، وقّع ممثلان عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا اتفاقاً يقضي بتعيين محافظ مؤقت للمصرف المركزي ونائب له.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)

عززت مصر من دعمها للصومال بإرسال قافلة طبية موسعة والإعلان عن تعاون مع مقديشو في مجال الأمن الغذائي، وذلك بعد أيام من إعلان القاهرة إرسال مساعدات عسكرية لمقديشو.

وقال خبراء إن تنوع مجالات الدعم المصري للصومال في هذه الفترة، يستهدف «دعم وحدة الصومال». وأشاروا إلى أن «القاهرة توفر احتياجات الشعب الصومالي تلبية لطلب الحكومة في مقديشو».

وتشهد العلاقات المصرية - الصومالية تطوراً في الفترة الحالية. وأعلنت القاهرة دعمها لمقديشو، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي في بداية العام الحالي، يسمح لإثيوبيا باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض مصري وعربي.

ووقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في القاهرة، أغسطس (آب) الماضي، «بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين». وأعلن السيسي وقتها، مشاركة بلاده في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بالصومال، بداية من يناير (كانون ثاني) 2025.

ودعماً للمنظومة الصحية الصومالية. أعلنت وزارة الصحة المصرية «إرسال قافلة طبية للصومال، تضم فريقاً طبياً متخصصاً في التخصصات النادرة، مدعوماً بالاحتياجات اللازمة لمناظرة المرضى وإجراء الجراحات المتخصصة». وقالت «الصحة» في إفادة، السبت، إن «القافلة الطبية بدأت خدماتها منذ 20 سبتمبر (أيلول) الحالي في مستشفى ديمارتينو العام بمقديشو، في تخصصات الجراحة، والجهاز الهضمي، والأورام، والعظام، وأمراض القلب، والأمراض الباطنية، وأمراض النساء والتوليد، وأمراض الأطفال والتخدير، والحالات الحرجة».

وأوضحت الوزارة أنه تمت «مناظرة 1674 حالة من خلال 7 عيادات خارجية، وتقديم العلاج لهم، بالإضافة إلى إجراء 436 جراحة في التخصصات المختلفة»، وأشارت إلى «تدريب الكوادر الطبية الصومالية في التخصصات المختلفة»، إلى جانب «تقديم خدمات المبادرة الرئاسية في مصر للكشف المبكر عن أمراض السمنة والأنيميا والتقزم».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

من جانبه، أشاد السفير الصومالي بالقاهرة، علي عبدي أواري، بالدعم المصري للمنظومة الصحية في بلاده. وقال في إفادة، السبت، إن «إرسال القاهرة قافلة طبية يعكس موقفها الثابت بدعم الصومال في شتى المجالات»، مشيراً إلى «أهمية الدور المصري في تدريب الكوادر الطبية الصومالية، ورفع كفاءتها وجاهزيتها»، معرباً عن «تطلعه لإرسال المزيد من القوافل المصرية لبلاده».

وبحث مستشار وزير الصحة المصري للعلاقات الصحية الخارجية، محمد جاد (رئيس القافلة الطبية للصومال)، مع وزيرة الصحة الصومالية، مريم محمد، «مقترح إنشاء مركز طبي مصري بالصومال، في التخصصات المطلوبة والنادرة، وإنشاء صيدلية مصرية لتقديم الدواء المصري، إلى السوق الصومالية والدول المجاورة، ووضع آلية مشتركة لاستقدام المرضى الصوماليين للعلاج داخل المستشفيات المصرية»، حسب «الصحة المصرية».

يأتي هذا وسط تحركات مصرية لدعم الصومال في مختلف المجالات، وبحث وزير التموين المصري، شريف فاروق، مع السفير الصومالي في القاهرة، «تطوير التعاون بين البلدين في مجال تحقيق الأمن الغذائي والتبادل السلعي والتجاري»، حسب إفادة للسفير الصومالي، الأسبوع الماضي.

وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت الأسبوع الماضي «تقديم شحنة من المساعدات العسكرية للجيش الصومالي، بهدف دعم وبناء قدراته». وقالت إنها «تأتي لمواصلة الدور المصري المحوري لدعم الجهود الصومالية لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن تنوع الدعم المصري للصومال يستهدف «دعم مقديشو لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تقدم مساعدات عسكرية، ومنحاً دراسية مجانية، وبرامج تدريبية للكوادر الصومالية، لتعزيز قدراتها، ودعم وحدتها الكاملة». وأوضح حجاج لـ«الشرق الأوسط» أن المساعدات الطبية والغذائية المقدمة من مصر للصومال تأتي «تلبية لمطالب الحكومة الصومالية، ومشاركة من القاهرة في توفير المتطلبات السياسية والعسكرية والتعليمية والغذائية، التي يحتاج إليها الشعب الصومالي»، مشيراً إلى أن «الدعم المصري ليس بجديد، حيث سبق أن ساعدت القاهرة الصومال بعد الاستقلال ببعثات تعليمية وعسكرية». وقال إن «الدعم الحالي يستند إلى ميثاق التعاون العربي والأفريقي المشترك، لكون الصومال عضواً بالجامعة العربية والاتحاد الأفريقي».

وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور يشهد عملية تفريغ شحنة مساعدات عسكرية مصرية (مديرة مكتب رئيس الوزراء الصومالي على «إكس»)

وبحث رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مع نظيره الصومالي حمزة عبدي بري، في القاهرة، نهاية أغسطس (آب) الماضي، «إجراءات تنويع وزيادة الدعم المصري للصومال، في مختلف المجالات، خصوصاً الاقتصادية والتجارية والاستثمارية». وأشار إلى «عمل بلاده على تسهيل التمويلات للأعمال التجارية والاستثمارية، وتشجيع إقامة استثمارات مصرية جديدة في الصومال»، حسب «مجلس الوزراء المصري».

وأكد حجاج أن «التحركات المصرية ليست موجهة لأحد وليست رداً على التحركات الإثيوبية داخل الصومال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تستهدف وحدة وسيادة الصومال على كامل أراضيه».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أشار خلال لقائه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، مايك هامر، ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، مولي في، في واشنطن الأسبوع الماضي، إلى «حرص بلاده على وحدة الصومال، من خلال دعم مؤسساته المركزية، ومساندة جهود الحكومة الصومالية لتحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب وإنفاذ سيادة الدولة على إقليمها»، مؤكداً أن «الدعم المصري يأتي وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية».