ولد الغزواني: لا تسامح مع أي جهة تمس أمن موريتانيا

مخاوف من أحداث أمنية عقب الانتخابات... والمعارضة تنتقد تحرك الجيش

ولد الغزواني يلقي خطاباً أمام أنصاره (فيسبوك)
ولد الغزواني يلقي خطاباً أمام أنصاره (فيسبوك)
TT

ولد الغزواني: لا تسامح مع أي جهة تمس أمن موريتانيا

ولد الغزواني يلقي خطاباً أمام أنصاره (فيسبوك)
ولد الغزواني يلقي خطاباً أمام أنصاره (فيسبوك)

قال الرئيس الموريتاني المنتهية ولايته، محمد ولد الشيخ الغزواني، والمرشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة في غضون أسبوع، إنه لن يتسامح مع أي جهة تحاول زعزعة أمن واستقرار موريتانيا، سواء كانت هذه الجهة خارجية أو داخلية. جاءت تصريحات، ولد الغزواني، أمام الآلاف من أنصاره في مدينة أطار، شمال البلاد، إذ توجد واحدة من كبرى القواعد العسكرية للجيش الموريتاني، وأعرق مدرسة للأسلحة في البلاد، والتي تُخرج أغلب ضباط الجيش الموريتاني.

كما تأتي هذه التصريحات بالتزامن مع مناورات ينظمها الجيش في عدة مدن من البلاد، انتقدتها المعارضة، وعدّت أن تزامنها مع الانتخابات الرئاسية يثير الكثير من الشكوك؛ لأنها تحمل رسائل «غير ودية» تجاه الناخبين للتأثير عليهم، في حين وصفها الجيش بأنها «مناورات دورية وروتينية».

مخاوف أمنية

ويخشى الموريتانيون تكرار ما حدث في انتخابات 2019 الرئاسية، التي فاز بها ولد الغزواني، ورفضت المعارضة آنذاك نتائجها، لتندلع أعمال عنف في عدة مدن من البلاد، بما في ذلك العاصمة نواكشوط. ولم تنجح الشرطة والدرك في استعادة السيطرة على الوضع في البلاد، ليتدخل الجيش في العاصمة نواكشوط ومدن عديدة أخرى، وعاشت البلاد ما يُشبه حالة طوارئ، وقطعت خدمات الإنترنت من أجل مكافحة ما سمّته السلطات «الشائعات والأخبار الكاذبة»، كما اعتقل مواطنون وأجانب اتهموا بمحاولة زعزعة الأمن.

وتكررت الأحداث نفسها في أعقاب الانتخابات التشريعية والمحلية العام الماضي (2023)، إذ اندلعت مظاهرات منددة بالتزوير ومطالبة بإعادة الاقتراع، سقط فيها قتيل وعدد من الجرحى، وأحرقت مفوضيات للشرطة في عدة مدن من البلاد، ولكن قوات الأمن سيطرت على الوضع بسرعة بعد قطع الإنترنت لعدة أيام.

ولد الغزواني رفقة وزير الدفاع يتفقدان الأسبوع الماضي معدات وأسلحة جديدة اقتناها الجيش الموريتاني (الجيش)

رسائل واضحة

وكان ولد الغزواني جنرالاً في الجيش، وقاد في السابق الأركان العامة للجيوش، قبل أن يتقاعد ويعين وزيراً للدفاع، ثم انتخب قبل 5 سنوات رئيساً للبلاد. ويسعى الآن للفوز بولاية رئاسية ثانية مدتها 5 سنوات، ولكنه يرى في الأمن والاستقرار تحدياً كبيراً سيركز عليه في حالة إعادة انتخابه.

وقال ولد الغزواني أمام أنصاره، بلغة تهديد صريحة: «لا أنصح أي جهة داخلية أو خارجية بمحاولة اختبار ردنا في حالة المساس بحوزتنا الترابية، أو بأمن مواطنينا». وأضاف ولد الغزواني، الساعي للفوز بولاية رئاسية ثانية تمتد حتى عام 2029، أنه «قد يتسامح مع بعض التقصير أو التغاضي في ملفات التسيير الخفيفة، إلا أنه لن يتسامح في ميدان واحد، هو أمن موريتانيا ومواطنيها، واحترام حوزتنا الترابية».

مخاوف المعارضة

يخوض هذه الانتخابات، إلى جانب ولد الغزواني، 6 مترشحين آخرين، من أبرزهم الناشط الحقوقي والسياسي المعارض، بيرام ولد الداه اعبيد، الذي سبق أن حلّ في المرتبة الثانية خلال رئاسيتي 2014 و2019، ويقدم نفسه على أنه المنافس الأبرز في هذه الانتخابات.

وحذر ولد اعبيد قبل أيام مما سمّاه «إقحام المؤسسة العسكرية والأمنية في الصراع الانتخابي»، وندد بالمناورات التي يخوضها الجيش، وقال إنها «استعراض للقوة لا مبرر له في هذا التوقيت الحرج سياسياً».

وأضاف اعبيد - في خطاب أمام أنصاره - أن «المناورات العسكرية للجيش حالياً تفسر على أنها رسالة تهديد وتخويف للمواطنين»، قبل أن يشير إلى أن «استخدام القوة لصد الشعب عن التعبير عن إرادته خلال الانتخابات، سيزيد من رغبة الشعب الموريتاني في التغيير»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.