تقرير لـ«العفو الدولية» يُجدد الجدل بشأن أوضاع السودانيين في مصر

القاهرة نفت وجود أي «إجراءات تعسفية»

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

تقرير لـ«العفو الدولية» يُجدد الجدل بشأن أوضاع السودانيين في مصر

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

جدد تقرير لمنظمة «العفو الدولية» اتهم السلطات المصرية بـ«ترحيل لاجئين سودانيين إلى بلادهم»، الجدل بشأن أوضاع السودانيين بمصر. فيما استبعد مسؤولون وحقوقيون وبرلمانيون مصريون وجود أي «إجراءات تعسفية تجاه السودانيين على الأراضي المصرية».

وزعمت «العفو الدولية» أن «السلطات المصرية اعتقلت لاجئين سودانيين بطريقة جماعية وتم ترحيلهم قسراً إلى السودان». ونقلت في تقرير لها، الأربعاء، إلى أن «3 آلاف سوداني تم ترحيلهم من مصر خلال سبتمبر (أيلول) الماضي». وعدّت المنظمة «إبعاد اللاجئين السودانيين إلى منطقة نزاع نشطة، دون إتاحة أي فرصة لطلب اللجوء، انتهاكاً للقانون الدولي».

يأتي ذلك في وقت، تضاعفت فيه أعداد السودانيين الفارين من الحرب الداخلية بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» والقائمة منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مارس (آذار) الماضي، إن «بلاده استقبلت أكثر من نصف مليون سوداني منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى أكثر من خمسة ملايين سوداني يعيشون في مصر دون تفرقة بينهم وبين المواطنين المصريين».

وأكدت ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى مصر، حنان حمدان، أن «عدد اللاجئين المسجلين في مصر قد وصل إلى 640 ألفاً بينهم سودانيون». وأشارت في تصريحات لوكالة «أنباء العالم العربي»، الأسبوع الماضي، إلى أن «أعداد السودانيين واللاجئين بشكل عام في ازدياد مستمر». ووفق الأمم المتحدة فإن «أكثر من 10 ملايين سوداني هجروا بلدهم منذ اندلاع القتال بين الجيش و(قوات الدعم السريع)».

نازحون سودانيون فروا من قراهم جراء احتدام المعارك (رويترز)

واستبعدت رئيسة «اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر» (لجنة تابعة لمجلس الوزراء المصري)، السفيرة نائلة جبر: «وجود أي إجراءات تعسفية تجاه السودانيين الموجودين في مصر».

وقالت جبر لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة لا تُرحّل؛ إلا من ارتكب جُرماً ومن لم يحترم قوانين البلاد الداخلية»، مؤكدة «عدم المساس بحقوق اللاجئين داخل مصر؛ خصوصاً أن القاهرة وقعت على الاتفاقية الدولية الخاصة بأوضاع اللاجئين عام 1951».

وأوضحت جبر أن مصر طلبت من جميع الأجانب بمن فيهم السودانيون الموجودون على أراضيها «توفيق أوضاعهم القانونية للإقامة داخل البلاد، كأي دولة تحافظ على سيادتها»، مشيرة إلى أن «مصر قدمت تسهيلات للسودانيين الذين جاءوا بعد الحرب الداخلية، منها، مد فترات توفيق الأوضاع القانونية، والسماح للقادمين بطرق غير شرعية لتقنين أوضاعهم».

وفي مايو (أيار) الماضي، طالبت وزارة الداخلية المصرية، الأجانب المقيمين على أراضيها، بـ«التوجه للإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية لتقنين أوضاعهم وتجديد إقاماتهم والحصول على (بطاقة الإقامة الذكية) لضمان الاستفادة من جميع الخدمات الحكومية المقدمة إليهم، وذلك قبل نهاية يونيو (حزيران) الحالي.

وعدّت عضو «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة أمل سلامة، تقرير العفو الدولية «محاولة للإساءة إلى الجهود المصرية»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «التقرير منافٍ للواقع». ودللت على ذلك بأن «مصر تستقبل آلاف اللاجئين من الدول العربية والأفريقية وخصوصاً التي تشهد صراعات، ويتم استقبالهم بشكل طبيعي ومعاملتهم، شأنهم شأن المصريين».

مجلس الوزراء المصري خلال اجتماع سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

وتواجه مصر تدفقات مستمرة من مهاجرين اضطروا إلى ترك بلادهم، بسبب صراعات داخلية أو لأسباب اقتصادية ومناخية؛ خصوصاً من دول الجوار العربي والأفريقي. ووفق تقديرات الحكومة المصرية فإن «أعداد اللاجئين والأجانب المقيمين على أرض مصر تتعدى 9 ملايين أجنبي من نحو 133 دولة».

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، علاء شلبي، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة لا تسمح بدخول مهاجرين غير شرعيين لأراضيها»، مشيراً إلى أن «السودانيين الذين تم ترحيلهم ليسوا لاجئين أو طالبي لجوء، إنما تم التعامل معهم كضحايا (هجرة غير مشروعة) وإعادتهم لبلادهم».

وكانت السلطات الأمنية بمصر، قد قامت الأسبوع الماضي، بضبط 7 حافلات داخلها عدد من اللاجئين السودانيين خلال دخولهم البلاد (بطريقة غير مشروعة) بأطراف محافظة قنا (صعيد مصر)، قبل أن تقوم بترحيلهم إلى السودان «برياً» مرة أخرى.

وانتشرت في الأشهر الأخيرة، حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، تدعو إلى ترحيل اللاجئين والمهاجرين، لكونهم «يتسببون في تفاقم الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار».

ويربط شلبي بين الإجراءات المصرية لتقنين أوضاع الأجانب على أراضيها، وتزايد الأعباء الاقتصادية الخاصة باستضافتهم. وأشار إلى أن «مصر كانت لا تعيد في السابق المهاجرين غير الشرعيين مرة أخرى لبلادهم، لكن مع غياب المساعدات الدولية للاجئين، والظروف الاقتصادية الصعبة داخلياً، لا يمكن طلب زيادة أعداد الوافدين إليها في ظل هذه الأعباء المتزايدة».

وعدّ شلبي أن «القاهرة تواجه أزمة بسبب زيادة اللاجئين على أراضيها، وغياب الدعم الدولي لها»، لافتاً إلى أن «إجمالي الدعم المباشر وغير المباشر الذي حصلت عليه مصر في آخر 15 شهراً أقل من 100 مليون دولار». (الدولار الأميركي يساوي 47.71 جنيه في البنوك المصرية).

وأكد أن ذلك «دعم قليل للغاية مقابل الخدمات المقدمة للأجانب على أرض مصر». واستشهد على ذلك بـ«تقديم القاهرة مساعدات طبية بنحو 380 مليون دولار لعلاج المصابين الفلسطينيين في حرب غزة الحالية بالمستشفيات المصرية».

وتشكو مصر من «عدم تناسب المساعدات الدولية المقدمة إليها، مع زيادة تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى أراضيها». وأشار رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال مشاركته في «المنتدى الاقتصادي العالمي» بالرياض أبريل الماضي، إلى أن «تكلفة إقامة 9 ملايين أجنبي بمصر، أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تنفي «شائعة نفوق الدواجن»

شمال افريقيا صورة أرشيفية من داخل إحدى مزارع الدجاج في مصر (أ.ف.ب)

الحكومة المصرية تنفي «شائعة نفوق الدواجن»

نفت الحكومة المصرية انتشار أي فيروسات أو متحورات وبائية بين الدواجن، وذلك بعدما تسببت «شائعة» تتحدث عن نفوق عدد كبير من الدواجن، في حالة ارتباك.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي تدريبات جوية مصرية (أرشيفية - القوات المسلحة)

مقتل طاقم طائرة مصرية سقطت خلال تدريب عسكري

سقطت طائرة مصرية أثناء تنفيذ أحد الأنشطة التدريبية العسكرية، الاثنين، ما أدى إلى مقتل طاقمها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية رئيس الأهلي محمود الخطيب خلال زيارته إلى نادي الزمالك العام الماضي (حساب النادي الأهلي على فيسبوك)

إعلان دعائي لـ«الأهلي» يثير استياء «الزمالكاوية» في مصر

تصاعدت حدة التوتر بين جماهير قطبي الكرة المصرية، الأهلي والزمالك، بعد طرح إعلان دعائي لإحدى شركات الاتصالات المصرية، الراعية للنادي الأهلي، أثار مضمونه جدلاً.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا شعار القوات المسلحة المصرية

المتحدث العسكري المصري: سقوط طائرة تدريب ومقتل طاقمها

أعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، اليوم (الاثنين)، سقوط طائرة تدريب في أثناء تنفيذ أحد الأنشطة التدريبية ومقتل طاقمها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يكرم الدكتورة نوال الدجوي عام 2019 (التلفزيون المصري)

«سرقة القرن»... حادث سطو على رائدة تعليم يشغل المصريين

شَغَل بلاغ قدمته إحدى رواد التعليم الخاص، الدكتورة نوال الدجوي، المصريين، عن سرقة مدخرات مالية تتخطى 223 مليون جنيه من منزلها، فضلاً عن 15 كيلوغراماً من الذهب.

رحاب عليوة (القاهرة)

الحكومة المصرية تنفي «شائعة نفوق الدواجن»

صورة أرشيفية من داخل إحدى مزارع الدجاج في مصر (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية من داخل إحدى مزارع الدجاج في مصر (أ.ف.ب)
TT

الحكومة المصرية تنفي «شائعة نفوق الدواجن»

صورة أرشيفية من داخل إحدى مزارع الدجاج في مصر (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية من داخل إحدى مزارع الدجاج في مصر (أ.ف.ب)

نفت الحكومة المصرية انتشار أي فيروسات أو متحورات وبائية بين الدواجن، وذلك بعدما تسببت «شائعة» تتحدث عن نفوق عدد كبير من الدواجن، في حالة ارتباك بين المنتجين والمستهلكين، وسط تخوفات من ارتفاع الأسعار.

وجاءت المخاوف عقب تصريحات إعلامية لنائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، ثروت الزيني، أشار فيها إلى نفوق نحو 30 في المائة من ثروة مصر الداجنة خلال الفترة الأخيرة بسبب ما وصفه بـ«انتشار فيروس وبائي موسمي»، لكن رئيس الاتحاد، محمود العناني، قلل لاحقاً من تلك التصريحات، موضحاً أن «مصر تضم 27 ألف مزرعة (دواجن) تتفاوت في أحجامها، وقد تشهد بعض المزارع حالات نفوق نتيجة التقلبات الجوية، وهو أمر مماثل للعام الماضي».

ومع ما سببته «الشائعات» من جدل وارتباك بين المنتجين والمستخدمين، سارعت جهات حكومية عدة إلى نفي وجود أي «فيروسات» وبائية، وقال المركز الإعلامي بمجلس الوزراء، الاثنين، إنه «لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية منتشرة بين الدواجن، والتحصينات متوفرة دون عجز».

وأشار المركز، في بيان صحافي، إلى «استمرار حملات الترصد الوبائي على مستوى الجمهورية، سواء على مزارع الدواجن أو أسواق بيعها، كإجراء احترازي لرصد أي أمراض وبائية. كما يتم إجراء فحص دوري شامل للطيور، من خلال سحب عينات وتحليلها بمعمل بحوث صحة الحيوان، للتأكد من سلامتها وخلوها من الأمراض»، مؤكداً أنه «في حال اكتشاف أي بؤر وبائية، يتم اتخاذ جميع الإجراءات الصحية والوقائية اللازمة».

ويقدر حجم الاستثمار في صناعة الدواجن في مصر بنحو 200 مليار جنيه (الدولار يساوي نحو 50.5 جنيه في البنوك المصرية)، 80 في المائة منه لدى صغار المربين، في حين تمتلك الشركات الكبرى 20 في المائة فقط، ويغطي الإنتاج احتياجات السوق المحلية، ويتم تصدير الفائض للخارج، حسب بيانات رسمية لوزارة الزراعة.

واعترف رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية الدكتور عبد العزيز السيد، بوجود حالات نفوق في مزارع الدواجن، لكن أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنها «في إطار النسبة الطبيعية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة في مصر، وهذا أمر يحدث كل عام».

وأكد أن الحديث عن وجود أوبئة وفيروسات «غير صحيح، فالأمراض الحيوانية موجودة في كل بلدان العالم ولها تطعيمات، وهي متوفرة بمصر»، وبحسب السيد تسببت الشائعات في «ارتفاع سعر كيلو الفراخ من 87 إلى أكثر من 90 جنيهاً خلال ساعات».

وأكد السيد أن «بعض المزارع الصغيرة تستخدم تطعيمات رخيصة الثمن، مما يتسبب في مشكلات للدواجن، على الرغم من أن الدولة توفر أفضل أنواع التطعيمات، وتقوم بمتابعة دورية لآليات الرعاية البيطرية بالمزارع».

بدوره، قال وزير الزراعة المصري، الدكتور علاء فاروق، إن «ما يتردد عن وجود (وضع وبائي) ونسب نفوق مرتفعة في الثروة الداجنة لا أساس له من الصحة»، وأكد في مداخلة تلفزيونية، السبت، أن «نسب النفوق الموسمية الحالية، التي تتراوح بين 3 في المائة و6 في المائة، تعتبر طبيعية ومتوافقة مع المعدلات العالمية نتيجة التغيرات المناخية».

ووفق وزير الزراعة، يبلغ حجم إنتاج الدواجن في مصر نحو 1.55 مليار طائر سنوياً، وهو ما يغطي 98 في المائة من الاحتياجات المحلية، بالإضافة إلى تحقيق اكتفاء ذاتي كامل في بيض المائدة بإنتاج 15.5 مليار بيضة سنوياً.