عودة الهدوء إلى منطقة غرب الجزائر بعد احتجاجات على انقطاع المياه

السكان الغاضبون قطعوا الطرق بالمتاريس وأحرقوا العجلات

جانب من المظاهرات التي اندلعت ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
جانب من المظاهرات التي اندلعت ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
TT

عودة الهدوء إلى منطقة غرب الجزائر بعد احتجاجات على انقطاع المياه

جانب من المظاهرات التي اندلعت ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
جانب من المظاهرات التي اندلعت ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)

عاد الهدوء، الثلاثاء، نسبياً إلى محافظة تيارت، الواقعة غرب الجزائر، وذلك بعد يومين من الاحتجاجات بسبب انقطاع مياه الشرب عن المنطقة لأكثر من 35 يوماً. وكانت الحكومة أوفدت وزيرين إلى سكان تيارت، مطلع الشهر الحالي، لطمأنتهم بأن «الماء سيعود إلى الحنفيات مع قرب عيد الأضحى»، لكن ذلك لم يتحقق، وهو ما أثار سخطهم.

شبان تجمعوا أمام طريق مقطوعة بتيارت (حسابات ناشطين)

وباتت الصهاريج والدلاء مشهداً يومياً مألوفاً لمواطني فرندة والرحوية، وغيرها من البلديات ذات الكثافة السكانية العالية في تيارت، منذ أن ظهرت بوادر جفاف السد المحلي قبل عام، علماً بأن عدد سكان المحافظة يبلغ مليوناً و300 ألف.

وتحدثت عدة صفحات وحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تجدّد «الاحتجاجات وغلق الطرق» أمام السيارات، خلال يومي الأحد والاثنين المصادفَين لعيد الأضحى، الذي يكثر فيه استخدام الماء بعد ذبح الأضاحي. وبحسب صور عن الاحتجاجات تداولها ناشطون بمنصات الإعلام الاجتماعي، فقد ظهرت الطريق رقم 14 بين فرندة ووسط مدينة تيارت مقطوعة بواسطة أحجار ومتاريس لمنع مرور السيارات. وفي صور أخرى، ظهر شباب متجمعون وسط طريق مقطوعة بالأحجار والعجلات المطاطية.

طريق مقطوعة بالأحجار والعجلات المحروقة احتجاجاً على انقطاع المياه (حسابات ناشطين)

وكذلك فعل سكان «حي 220 سكن» بوسط مدينة تيارت بإغلاق الطريق الرابطة بين وسط مدينة تيارت وبلدية بوشقيف على بعد نحو 18 كلم، فيما قال مراسلو وسائل إعلام بالمنطقة إن «الساعات القليلة المقبلة ستشهد تنحية والي تيارت علي بوقرة، الذي يحمله قطاع واسع من السكان مسؤولية «التماطل في إبلاغ السلطات المركزية بالعاصمة بخطورة أزمة العطش في بدايتها».

وعلى الصفحة الرسمية لشركة «الجزائرية للمياه» الحكومية، المسؤولة عن توزيع ماء الشرب في تيارت وولايات أخرى، علّق أحد متابعيها الأوفياء بالقول: «وعودكم لسكان ولاية تيارت راحت هباء منثوراً... أول أيام العيد عدة مناطق دون ماء!».

سد مشرع الصفا بمحافظة تيارت يشهد جفافاً غير مسبوق (حسابات ناشطين بالمحافظة)

وفي الرحوية التي تبعد نحو 40 كلم عن وسط تيارت، نشر ناشطون، الاثنين، فيديو لتجمع مواطنين، قال ناشره إنه لمحتجين «منعوا الوالي من مغادرة مقر الدائرة، قبل أن يستمع لانشغالاتهم»، بخصوص أزمة الماء. وزار الوالي بوقرة المنطقة بعد احتجاجات ليلية تم فيها حرق عجلات السيارات في اليوم الأول لعيد الأضحى، وفق حساب «صوت الرحوية» بـ«فيسبوك».

وفي نهاية الشهر الماضي، بدا للحكومة أن الوضع في تيارت يوشك على الخروج عن السيطرة، بسبب احتجاجات كبيرة على انقطاع المياه، ما دفع الرئيس عبد المجيد تبون إلى إيفاد وزيريه للداخلية إبراهيم مراد، والموارد المائية طه دربال، إلى المنطقة، حيث التقيا في الثالث والرابع من يونيو (حزيران) الحالي بنشطاء التنظيمات والجمعيات المحلية، بغرض حثهم على مساعدة الحكومة لتهدئة «ثورة الغضب».

جانب من المظاهرات التي اندلعت ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)

وكان منتخبون من مجلس ولاية تيارت قد أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أنهم رفعوا تقارير من الولاية إلى الحكومة «منذ أشهر طويلة، لحثها على التحرك عاجلاً لاستباق الأزمة، بسبب الجفاف الذي يضرب سد بخدة المحلي منذ عامين، والذي يزود سكان بلديات المهدية والرحوية ومشرع الصفا والدحموني وملاكو، وعدة بلديات أخرى بالماء الصالح للشرب».

وكان محمد بوطابة، المدير العام لـ«الشركة الجزائرية للطاقة»، قد صرح، الشهر الماضي، بأن الجزائر ستنتج 3.7 مليون متر مكعب يومياً من المياه المحلاة بحلول نهاية عام 2024، وهو ما سيغطي 42 في المائة من احتياجات السكان، المقدر عددهم عند 47 مليون نسمة، حسبما نقلته عنه «رويترز».

وتهدف الجزائر إلى الوصول إلى 5.6 مليون متر مكعب يومياً من المياه المحلاة بحلول عام 2030. وأضاف بوطابة لـ«رويترز» أن الدولة استثمرت 2.1 مليار دولار، وتخطط لضخ 2.4 مليار دولار أخرى لتنفيذ خطتها.


مقالات ذات صلة

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الجزائري في نيويورك (واس)

مباحثات سعودية في نيويورك تناقش أوضاع غزة وتطورات لبنان

عقد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائه في دول عدة، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جلسة لأعضاء البرلمان الجزائري (الشرق الأوسط)

البرلمان الجزائري يبحث طلب التحقيق في «تزوير» الاستحقاق الرئاسي

يبحث مكتب البرلمان الجزائري طلباً تسلمه من كتلة نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، يتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق» في الظروف التي جرت فيها انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

الجزائر: تبون يبدأ ولايته الثانية بإعلان «حرب على لوبيات الاستيراد»

يشتكي المستوردون من تدابير حكومية «مفاجئة»، حالت دون تجديد تراخيص الاستيراد لهم، بينما تتهمهم الحكومة بـ«محاولة ابتزاز الدولة عن طريق افتعال ندرة في السوق».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع سد النهضة الإثيوبي. وبينما تؤكد القاهرة «محورية حقوقها المائية» من مياه النيل وترفض «الممارسات الأحادية» من جانب أديس أبابا، تواصل إثيوبيا ملء «السد».

وشدّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، على «أهمية قضية الأمن المائي وسد النهضة بالنسبة إلى بلاده».

وتبني إثيوبيا سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس (آب) الماضي، من «التأثيرات الخطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائية». وقالت إن «السد الإثيوبي يمثّل خطراً وجودياً على مصر». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيات صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال لقائه نظيره الصيني، وانغ يي، في نيويورك، على «أهمية قضية الأمن المائي والسد الإثيوبي بالنسبة إلى مصر»، وعدّها «قضية وجودية تتعلّق بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، ولا يمكن التهاون بشأنها». كما أكد «رفض بلاده أي ممارسات أحادية تضرّ بمصالح دولتي المصب وتخالف القواعد الدولية المستقرة في حوكمة المياه العابرة للحدود»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

وسبق ذلك تأكيد وزير الخارجية المصري موقف بلاده نفسه من قضية السد الإثيوبي، خلال لقائه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، في نيويورك، مساء الجمعة. وحذّر عبد العاطي من أن «بلاده لن تتهاون بشأن قضية (السد)». كما أشار عبد العاطي خلال «قمة المستقبل» بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إلى «ضرورة إعطاء قضية الندرة المائية والأمن المائي الاهتمام البالغ من المجتمع الدولي»، مطالباً «عدم ترك الأمر لأهواء دول معينة، وإن كانت هي دول المنبع، لفرض سياسات أحادية خاطئة تهدد مصالح وشواغل دول المصب».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن «وزير الخارجية المصري يقوم بدور نشط ومكثف لحشد التأييد الدولي لدعم الموقف المصري في قضية سد النهضة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات المصرية تتسم بالالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية، التي تخالفها إثيوبيا، بالتصرفات الأحادية في مشروع (السد)».

ووفق حليمة فإن «التحركات المصرية تستهدف تأكيد تهديد السد الإثيوبي للحياة في مصر»، وإظهار «المخاطر الوجودية المرتبطة بعمليات تشغيل السد وملئه، ما يعطي الحق للقاهرة في اللجوء إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لطلب التدخل، دفاعاً عن حقها وأمنها». وأشار إلى أن «هناك تأييداً للموقف المصري أكدته لقاءات وزير الخارجية المصري مع المسؤولين الدوليين في نيويورك».

وكان وزير الخارجية المصري قد أشار، في تصريحات إعلامية بنيويورك، الأسبوع الماضي، إلى «حشد بلاده الدعم والتأييد الدولي لموقفها في ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، وكيفية تشغيله، بما لا يضر بدولتي المصب»، وقال إن «حصة مصر المائية (55.5 مليار متر مكعب) تكاد تكفي 60 في المائة من الاحتياجات المائية السنوية لمصر، وبالتالي لا يمكن التفريط في قطرة واحدة منها».

جانب من سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

من جانبه، أكد أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، ضرورة قيام مصر بـ«تشكيل رأي عام دولي داعم لحقوقها المائية في قضية (السد)»، مشيراً إلى أهمية «ممارسة المجتمع الدولي ضغوطاً على الجانب الإثيوبي، والوصول لاتفاق قانوني بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، حتى لا يتطور الخلاف».

وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً في سبتمبر (أيلول) 2021 حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

وعدّ شراقي أن «تدخل الأمم المتحدة بات ضرورياً، بسبب المخاطر الطبيعية التي يشكّلها مشروع السد الإثيوبي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول عملية تخزين المياه في (السد) للسعة القصوى سيؤدي إلى زيادة نشاط الزلازل بالمنطقة، وفي حال سنوات الفيضان المرتفع، قد يشكّل مخاطر على بنيته»، مشيراً إلى أن «المشروع يمثّل تهديداً للحياة على السودان؛ ما يستوجب تدخل مجلس الأمن».

وشهدت إثيوبيا، الجمعة، زلزالاً في منطقة الأخدود، التي تبعد 570 كيلومتراً شرق منطقة «سد النهضة»، حسب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي قال إنه «من المتوقع زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا خصوصاً في منطقة (السد)».

يأتي هذا في وقت تواصل فيه إثيوبيا ملء «السد». وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في أغسطس الماضي، «اكتمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق بشكل كامل بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وقال إن «إجمالي المياه المحتجزة مع مرحلة الملء الخامس للسد، بلغ 62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن تصل نسبة المياه المحتجزة بنهاية العام «ما بين 70 و71 مليار متر مكعب».