مساعٍ مصرية - أميركية لضمان «استقرار المنطقة»

مسؤولون بالبنتاغون بحثوا في القاهرة أزمة غزة

الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - حساب بايدن على منصة إكس)
الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - حساب بايدن على منصة إكس)
TT

مساعٍ مصرية - أميركية لضمان «استقرار المنطقة»

الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - حساب بايدن على منصة إكس)
الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - حساب بايدن على منصة إكس)

في إطار مساعٍ مصرية - أميركية لضمان «أمن واستقرار» منطقة الشرق الأوسط، زار مسؤولون في البنتاغون القاهرة، لبحث تداعيات الأزمة في غزة، بحسب إفادة رسمية للسفارة الأميركية بالقاهرة، وهو ما يندرج، بحسب خبراء، «تحت بند المشاورات الاستراتيجية المستمرة بين البلدين لوقف الحرب في غزة وإعادة فتح معبر رفح».

وذكرت السفارة، في بيان لها، الجمعة، أن نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، السفير دانييل شابيرو، زار القاهرة، الخميس والجمعة، مع وفد من جنرالات البنتاغون والقيادة المركزية الأميركية. وأضافت: «عقد مسؤولو الدفاع الأميركيون لقاءات مع نظرائهم من وزارتي الدفاع والخارجية المصرية لمناقشة ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة»، حيث تم خلال اللقاءات «التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية المصرية - الأميركية لتعزيز الأمن في جميع أنحاء المنطقة». في حين لم يصدر أي بيانات رسمية مصرية عن لقاءات مسؤولي البنتاغون في القاهرة.

وعدّ عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، زيارة وفد البنتاغون إلى القاهرة أنها «تأتي في سياق التشاور بين البلدين، في إطار ما بينهما من علاقات استراتيجية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك الكثير الملفات التي تتطلب التنسيق والتشاور بين القاهرة وواشنطن، في إطار إدراك البيت الأبيض لأهمية الدور المصري في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ودورها الفاعل في تسوية الحروب السابقة في قطاع غزة».

ووفق سعيد، فإنه «يوجد مجموعة من الإشكاليات التي ينبغي التشاور بشأنها، من بينها الوضع على الجبهة اللبنانية، وسيناريوهات اليوم التالي للحرب في غزة».

أدخنة تصاعدت فوق خان يونس خلال وقت سابق جراء الغارات الإسرائيلية (د.ب.أ)

كما أكد النائب السابق لمساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، (وهو ضابط متقاعد عمل بوكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA)، مايكل باتريك مولروي، أن «العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر كانت وستظل مهمة للغاية لكلا البلدين والمنطقة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تلعب دوراً محورياً في محاولة إنهاء الحرب في غزة، ومن المرجح أن تلعب دوراً رئيسياً في إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب، وربما الجهود الدبلوماسية تؤدي إلى حل الدولتين في النهاية».

وتعد زيارة وفد البنتاغون جزءاً من اتصالات مستمرة بين القاهرة وواشنطن لحلحلة الأزمة في غزة، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري، حيث استقبل وزير الدفاع المصري، الفريق أول محمد زكي، في يونيو (حزيران) الحالي، منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجلس الأمن القومي الأميركي، بريت ماكغيرك، وتناول اللقاء «مناقشة التطورات الإقليمية الراهنة في ظل استمرار العمليات العسكرية داخل قطاع غزة وتداعياتها الإنسانية بالغة الصعوبة، كما بحثا الجهود المبذولة في ضوء المبادرات الراهنة لوقف إطلاق النار وفتح المعابر، وتكثيف دخول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث العسكري المصري.

فلسطينيون نازحون داخلياً الذين فروا من شمال قطاع غزة يسيرون على طول طريق الرشيد (إ.ب.أ)

في سياق ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، أن «الهدف الرئيسي من زيارة مسؤولي البنتاغون للقاهرة، هو بحث أزمة معبر رفح الحدودي، لا سيما مع سيطرة إسرائيل عليه، الأمر الذي ترفضه مصر والسلطة الفلسطينية».

وقال السيد لـ«الشرق الأوسط» إن «معبر رفح أثار خلال الفترة الأخيرة توتراً في العلاقات المصرية - الإسرائيلية، حيث ترفض مصر فتح المعبر من جانبها في ظل الوجود الإسرائيلي فيه»، مشيراً إلى أن «مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن، لم يشر إلى مصير معبر رفح، ما يعني أنه قد يكون عقبة أمام أي اتفاق»، مؤكداً أن «حل أزمة معبر رفح أمر مهم لضمان استمرار إدخال المساعدات إلى قطاع غزة». كما لفت إلى أن «الولايات المتحدة تسعى إلى حل هذه الأزمة، لا سيما أن استمرار الوجود الإسرائيلي في المعبر يُشكل تهديداً للأمن القومي المصري».

وتسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، وإعلان إسرائيل سيطرتها على المعبر، في رفع درجة توتر العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، ما أثار مخاوف أميركية من التداعيات، لا سيما عقب حادث إطلاق النار على الحدود، الذي أسفر عن مقتل جندي مصري.

وإثر ذلك رتب البيت الأبيض لاجتماع ثلاثي بين مسؤولين من مصر وإسرائيل، في القاهرة، لبحث تأمين معبر رفح وتأمين الحدود بين مصر وقطاع غزة، وبحث إمكانية توصيل المساعدات الإنسانية عبر المعبر، بحسب ما نقله موقع «أكسيوس» عن ثلاثة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، نهاية الشهر الماضي.

ووفق قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، فإن «مصر أكدت تمسكها بموقفها الثابت نحو ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، حتى يجري استئناف تشغيله مرة أخرى»، بحسب ما نقلته القناة عن مصدر وصفته بـ«رفيع المستوى»، مطلع الشهر الحالي. وأكد حينها «عقد اجتماع ثلاثي بالقاهرة ضم الوفد الأمني المصري ووفدي الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل».

عودة إلى عضو مجلس الشيوخ المصري، الذي أكد أن «معبر رفح نقطة خلاف بين مصر وإسرائيل»، مشيراً إلى أن «القاهرة متمسكة بالجانب السيادي والقانوني الذي تحدده الاتفاقيات بين الجانبين».

فلسطينيون في شاجنة صغيرة بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد اتفق مع بايدن، خلال اتصال هاتفي، الشهر الماضي، على «دفع كميات من المساعدات الإنسانية والوقود، لتسليمها إلى الأمم المتحدة في معبر كرم أبو سالم، وذلك بصورة مؤقتة، لحين التوصل إلى آلية قانونية لإعادة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني».

وتوالت بعد ذلك اللقاءات والاتصالات المصرية - الأميركية، حيث استقبل الرئيس المصري في القاهرة، الأسبوع الماضي، وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، «وتم الاتفاق على تكثيف الجهود الرامية للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة»، بحسب إفادة رسمية لـ«الرئاسة المصرية». كما استقبل الرئيس المصري، مطلع الشهر الحالي، زعيم الأقلية الجمهورية باللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور ليندسي غراهام، حيث حذر السيسي حينها «من خطورة استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح»، بحسب «الرئاسة المصرية».


مقالات ذات صلة

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

شؤون إقليمية طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

ندد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي بـ«إمعان إسرائيل في توسيع رقعة الصراع»، مجدداً مطالبة تل أبيب بالانسحاب من معبر رفح و«محور فيلادلفيا».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع بشأن فلسطين في الأمم المتحدة (الجامعة العربية)

هل تُسهم التحركات العربية في الضغط لتنفيذ «حل الدولتين»؟

شهدت فعاليات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حالياً في نيويورك، تحركات ومساعي عربية من أجل تنفيذ «حل الدولتين».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي دمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على السكسكية بجنوب لبنان (رويترز)

شعبية نتنياهو ترتفع بفضل الحرب ضد «حزب الله»

أظهر استطلاعان للرأي العام في إسرائيل أن حزب «الليكود»، برئاسة بنيامين نتنياهو، سيفوز بـ25 مقعداً في «الكنيست» إذا أُجريت الانتخابات اليوم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عمال فلسطينيون يعبرون من شمال غزة للعمل في إسرائيل (أ.ف.ب)

نقابات ترفع شكوى لمنظمة العمل الدولية بشأن معاملة إسرائيل لعمال فلسطينيين

رفعت عشر نقابات عمالية عالمية شكوى، الجمعة، لمنظمة العمل الدولية تتهم فيها إسرائيل بأن معاملتها للعمال الفلسطينيين منذ بدء حرب غزة تنتهك معاهدة عالمية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
تحليل إخباري رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

تحليل إخباري كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

بينما تراوح مفاوضات الهدنة في غزة مكانها منذ عدة أسابيع، تزداد وتيرة الحرب المشتعلة في لبنان، وتتسارع نداءات إطفائها عبر مقترح أميركي - عربي - أوروبي بوقفها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)

أبدى سياسيون ومحللون ليبيون تخوفهم من وقوع أزمة جديدة، تتعلق بالمطالبة بـ«قانون موحد للميزانية»، في وقت لا تزال فيه البلاد تتعافى من تأثير أزمة المصرف المركزي.

وتأتي هذه المخاوف بعد دعوة مستشار رئيس المجلس الرئاسي، زياد دغيم، البعثة الأممية، قبيل توقيع اتفاق المصرف المركزي، إلى «قيادة آلية حوار مع مجلس النواب، للوصول إلى قانون ميزانية موحدة، أو الاتفاق على ترتيبات مالية مؤقتة».

المصرف المركزي بالعاصمة طرابلس (صفحة المصرف على فيسبوك)

وعدَّ رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، مطالبة المجلس الرئاسي في هذا التوقيت «بدايةً لظهور قضية خلافية جديدة». ويعتقد زهيو أن هذا المطلب من المجلس الرئاسي يعد «نوعاً من الضغط على كل من البعثة ومجلسَي النواب و(الأعلى للدولة) للقبول بمشاركته، وحليفه المتمثل في رئيس حكومة (الوحدة الوطنية) عبد الحميد الدبيبة، في إدارة عوائد الثروة النفطية». ولفت زهيو إلى مطالبة المجلس الرئاسي بتعيينه مجلس إدارة المصرف المركزي، أو تشكيل لجنة ترتيبات مالية مؤقتة بقيادة محمد المنفي.

البرلمان الليبي أقر مشروع قانون ميزانية موحدة لعام 2024 بقيمة 37 مليار دولار (النواب)

وكان البرلمان الليبي قد أقر في يوليو (تموز) الماضي، مشروع قانون ميزانية موحدة لعام 2024، بقيمة 180 مليار دينار (37 مليار دولار)، إلا أن المجلس الأعلى للدولة رفضها، وقال حينها إنها «أُقرَّت دون التشاور معه»؛ وعدَّ ذلك «مخالفة للاتفاق السياسي والتشريعات النافذة».

وخلال رسالته إلى خوري، قال مستشار المنفي، إن قانون الميزانية الذي أقره البرلمان «خلا من اشتراطات دستورية، توجب تقديم مشروع قانون الميزانية من السلطة التنفيذية، والتشاور مع المجلس الأعلى للدولة قبل تقديم المشروع».

وأوضح زهيو لـ«الشرق الأوسط» أن دغيم «يعرف أن البرلمان لن يقبل التخلي عن مشروع القانون الذي سبق أن أقره قبل 3 أشهر؛ وحتى لو قبل فلن يكون الوصول لهذا القانون متاحاً حالياً، نظراً لانقسام المجلس الأعلى للدولة».

من اجتماع سابق لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ونجحت البعثة الأممية في التوصل لاتفاق ينهي الصراع على إدارة المصرف المركزي، بتعيين قيادة جديدة له. ووفقاً لبنود الاتفاق، تُسند للمحافظ الجديد بالتشاور مع البرلمان مهمة ترشيح أعضاء مجلس إدارة الجديد للمصرف خلال أسبوعين من تسلم مهامه.

من جهته، يعتقد المحلل السياسي الليبي، محمد امطيريد، أن دعوة المجلس الرئاسي لقانون جديد للميزانية، عبارة عن «نوع من الضغط لضمان تقاسم الإيرادات مع القوى الأبرز بالمنطقة الشرقية، المتمثلة في القيادة العامة لـ(الجيش الوطني) بقيادة المشير خليفة حفتر».

غير أن دغيم دافع في تصريحات صحافية عن مطلب «الرئاسي»، وقال إن «السبب الرئيسي لتفجير الأزمة الحالية هو عدم وجود قانون ميزانية يعيد للمصرف المركزي دوره الفني، بعيداً عن الدور السياسي أو تحديد أولويات الإنفاق».

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة الوطنية» المؤقتة ومقرها طرابلس، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، بقيادة أسامة حماد.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (الوحدة)

ولم يبتعد المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، عن الآراء السابقة؛ حيث عدَّ ما يحدث مناورة من قبل مستشار المجلس الرئاسي «لضمان حصول الأطراف بالمنطقة الغربية على نصيبهم من كعكة تقاسم (المركزي)، مثلما تحاول بقية القوى الأخرى». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن كافة الأطراف في الساحة «تسعى للحصول على نصيب من الثروة»، بما يمكن توصيفه بمعركة «كسر العظم»، كون هذا «هو السبيل الوحيد لبقائهم في سُدة السلطة؛ خصوصاً وأن لديهم حلفاء وموالين ينفقون عليهم».

يشار إلى أن مستشار المنفي قال إن «وجود قانون ميزانية موحد لسنة 2024، يتطلب 3 اشتراطات دستورية لم تتحقق فيما أصدره البرلمان»، مشيراً إلى أن «الاشتراطات تتمثل في تقديم مشروع قانون للميزانية من السلطة التنفيذية، على أن تتشاور تلك السلطة مع المجلس الأعلى للدولة بشأنه؛ ثم يقر مجلس النواب المشروع، وفق التعديل السادس للإعلان الدستوري».