ترحيب ليبي بعودة تشغيل «جزئي» لمعبر «رأس جدير» الحدودي

بعد توقيع اتفاق أمني مع تونس

TT

ترحيب ليبي بعودة تشغيل «جزئي» لمعبر «رأس جدير» الحدودي

وسط ترحيب واسع في ليبيا بإعادة تشغيله «جزئياً»، بدأ معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس استقبال الحالات الإنسانية، اليوم (الخميس)، بعد اتفاق أمني بين البلدين، على أن يفتح بالكامل في 20 من يونيو (حزيران).

وأغلق المعبر منذ أكثر من ثلاثة أشهر، إثر اشتباكات مسلحة بين قوات أمنية تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وقوة عسكرية تابعة للمجلس العسكري بزوارة، تبسط سيطرتها على إدارته منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.

معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية الدبيبة)

ويبعد المعبر بنحو 60 كيلومتراً عن مدينة زوارة (غرب)، و175 كيلومتراً عن طرابلس العاصمة، ونحو 32 كيلومتراً عن مدينة بنقردان التونسية، وتعبر منه مئات الشاحنات وآلاف المواطنين يومياً.

وفي اجتماع عقده عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة»، مع نظيره التونسي خالد النوري، أمس الأربعاء، تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر بشكل جزئي أمام «الحالات الإنسانية، بجانب الحالات التي لديها إذن من وزارتي الداخلية التونسية والجزائرية والحالات الطبية».

وتحدث الطرابلسي عن «وجود بعض الصعوبات التي تواجه حركة تنقل المسافرين بين البلدين، خاصة بالنسبة لمشكلة تشابه الأسماء، الأمر الذي يتحتم وضع الحلول المشتركة لها، بالإضافة إلى مكافحة الظواهر السلبية والتهريب، بما يحقق المصلحة المشتركة بين البلدين»، مشيراً إلى أن المعبر لا يزال يخضع للصيانة، وتجهيزه وتوفير الاحتياجات التشغيلية والأمنية وإدارته من قبل الأجهزة المختصة بوزارة الداخلية والجهات ذات العلاقة بالدولة الليبية، بما يرتقي بمستوى العمل وفق المعايير الدولية للمعابر الدولية.

من جانبه، أوضح النوري أن بلاده تعمل على تعزيز التعاون مع الجانب الليبي، و«تذليل كافة الصعوبات التي تواجه حركة المسافرين، والتنقل عبر المعابر الحدودية بين البلدين».

الدبيبة مستقبلاً وزير داخلية تونس (حكومة الوحدة الليبية)

والتقى الدبيبة النوري بطرابلس، مساء الأربعاء، وجرى خلال اللقاء مناقشة آلية فتح المعبر، وتسهيل حركة التجارة بين البلدين، وإنهاء ملف تشابه الأسماء بالمعبر، إضافة إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وخلال اللقاء، وقع وزيرا الداخلية الليبي والتونسي محضر اتفاق أمني، بإشراف الدبيبة.

ويتضمن المحضر فتح البوابات الأربع المشتركة بالمعبر لدخول المواطنين من البلدين، وحل مشكلة تشابه الأسماء لمواطني البلدين، إضافة إلى الالتزام بفتح 6 مراكز للتسجيل الإلكتروني لسيارات المواطنين الليبيين، وعدم فرض أي رسوم أو غرامات مالية غير متفق عليها، وضبط المنفذ، وعدم وجود أي مظاهر مسلحة.

وكانت اشتباكات مسلحة قد جرت في 20 مارس (آذار) الماضي بين قوات تابعة لـ«الوحدة»، ومجموعة مسلحة تابعة للمجلس العسكري بزوارة، أدت إلى فوضى عارمة في المعبر الحدودي، ما أرغم السلطات على إغلاقه من الجانب التونسي قبل أن يجري إغلاقه من الجانب الليبي.

ورغم تعبير الليبيين عن فرحتهم بإعادة تشغيل المعبر، فإنهم اشتكوا من التكدس أمام المصارف في ظل أزمة تتعلق بنقص السيولة.

في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية التابعة لحكومة «الوحدة»، إن الطاهر الباعور، المكلف بتسيير شؤون الوزارة، استقبل في مكتبه (الخميس) سفير مملكة إسبانيا الجديد لدى ليبيا، خافيير سوريا كينتانا، الذي قدم له نسخةً من أوراق اعتماده.

الباعور المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة» يستقبل سفير إسبانيا الجديد لدى ليبيا (وزارة الخارجية)

ورحب الباعور بالسفير الجديد، متمنياً له التوفيق في أداء مهامه، واستعداد الوزارة لتقديم المساعدة اللازمة له، مؤكداً أهمية توطيد التعاون والشراكة، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الصديقين.

وكان الباعور استقبل أيضاً بمكتبه سفير روسيا لدى ليبيا، حيدر أغانين، وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون، وآليات تفعيل نتائج زيارة الوفد الليبي إلى موسكو، الشهر الماضي، بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين.

في شأن متصل ببرنامج «توطين العلاج بالداخل» الذي تتبناه حكومة الدبيبة، ناقش وكيل وزارة الصحة، سمير كوكو، مع أعضاء «اللجنة العليا للكلى»، المشاكل والصعوبات التي تواجه مراكز وأقسام ووحدات الكلى في ليبيا.

وبحث المجتمعون، بحسب حكومة «الوحدة»، سبل توحيد الجهود لإعداد السياسات والمعايير الوطنية لمرضى الكلى، و«إنشاء برنامج وطني يختص بتوفير خدمات شاملة ومتكاملة لهم، وتتبع رعاية الكلى على مستوى البلاد».

وقدم قسم الكلى بالوزارة عرضاً مرئياً حول إحصائيات المرضى في ليبيا المسجلين خلال العام الحالي في المنظومة الإلكترونية.

وتتولى اللجنة العليا للكلى حصر حالات الفشل الكلوي وحالات زراعتها، وإنشاء قاعدة بيانات عنها، وتحديد احتياجاتها، ومتابعة توفير الإمدادات الطبية الخاصة.


مقالات ذات صلة

«دماء ورصاص» في الذكرى الـ55 لـ«ثورة القذافي»

شمال افريقيا أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)

«دماء ورصاص» في الذكرى الـ55 لـ«ثورة القذافي»

مناشدات بالتحرك الفوري لحقن الدماء وتهدئة الأوضاع في المدينة التي تشهد اضطرابات واسعة دفعت بعض أهالي المقتولين إلى إضرام النار في منزل أحد المتهمين بقتله.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة لحقول نفط تم إعادة تشغيلها في ليبيا (القوات البرية بـ«الجيش الوطني»)

ليبيا: استئناف الإنتاج بحقول نفطية بضغط أميركي

قال منسّق «حراك فزان في ليبيا» بشير الشيخ، إنه تم استئناف إنتاج النفط في بعض حقول الجنوب الشرقي «بضغط أميركي».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي، مرحلة جديدة، السبت، وسط محاولة من حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، لاحتواء لانتقادات أميركية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

تدفع أزمة المصرف المركزي الليبي بإمكانية العودة إلى بحث العملية السياسية، في ظل عقد البعض آمالاً على عودة التقارب بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة».

جاكلين زاهر (القاهرة)

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
TT

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

قال شهود عيان إن قوات الأمن السودانية أطلقت الذخيرة لتفريق المئات من المتظاهرين احتجاجاً على مقتل أحد الشباب تحت التعذيب في معتقلات جهاز الأمن والمخابرات بمدينة كسلا (شرق السودان).

وحاصر متظاهرون غاضبون (الأحد) مقر الأمن في المدينة، وطالبوا بتقديم المسؤولين المتورطين من رجال الأمن إلى العدالة فوراً.

ويتحدر القتيل، ويدعى الأمين محمد نور، من إحدى أكبر المجموعات السكانية بإقليم شرق السودان، الذي ظلّ لسنوات طويلة يعاني من الصراعات ذات الطابع القبلي.

وأظهرت تسجيلات مصورة، متداولة بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، أعداداً كبيرة من المتظاهرين يفرون من أصوات الذخيرة الحية التي تُسمع بوضوح.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المئات من المحتجين الغاضبين تجمّعوا منذ الصباح الباكر، وأغلقوا كل الطرق والمداخل المؤدية إلى مقرَي النيابة العامة، وجهاز الأمن والمخابرات بالمدينة.

وردّد المحتجون هتافات تطالب بتسليم الجناة للعدالة، وإقالة مدير جهاز الأمن والمخابرات على الفور ومحاسبته على هذه الجريمة.

وقالت مصادر محلية، إن قوات أمن بالزي المدني، وأخرى ترتدي الأزياء الرسمية للشرطة، أطلقت الذخيرة الحية بكثافة لتفريق المئات من المتجمهرين حول المناطق الأمنية.

ولم يتسنَّ التأكد من وقوع قتلى أو إصابات وسط المحتجين، في حين أصدر «تجمع شباب قبائل البني عامر والحباب» بولاية كسلا ليل السبت - الأحد بياناً أكد فيه أن الشاب القتيل، الأمين محمد نور، جرى اعتقاله من قبل مجموعة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، و«فارق الحياة نتيجة للتعذيب الذي تعرّض له». وأضاف أن «تقرير التشريح بمستشفى كسلا أظهر وجود كدمات على أجزاء واسعة من جسده».

الشاب القتيل الأمين محمد نور (مواقع التواصل )

وذكر البيان، أن مدير جهاز الأمن والمخابرات بالولاية، العميد رضوان، أبلغ ناظر قبيلة البني عامر، بخبر وفاة الشاب المعتقل، زاعماً بوجود علاقة بين القتيل و«قوات الدعم السريع»، ومدعياً في الوقت نفسه، أن الوفاة «نتيجة لضيق التنفس». وقال «التجمع القبلي» إن تقرير الطب الشرعي فنّد ادعاءات مدير جهاز الأمن، مؤكداً أن وفاته حدثت بسبب التعذيب.

وأعلن «التجمع» خطوات تصعيدية بإغلاق السوق الرئيسية بالمدينة، مؤكداً أنه لن يتم تسلم جثمان القتيل إلا بعد القبض على المتهمين وتسليمهم للشرطة ومثولهم أمام النيابة. كما طالب بإقالة مدير جهاز الأمن بولاية كسلا، وتحميله كامل المسؤولية عن الحادثة.

بدورها، قالت «لجان مقاومة كسلا» (مجموعة محلية)، إن جهاز الأمن «يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الذي أدى إلى مقتل المعتقل».

من جانبه، قال «تحالف قوى الحرية والتغيير»، وهو أكبر التكتلات السياسية في البلاد: «نتيجة لإعادة سلطات القمع والاعتقال لجهاز الأمن، قامت عناصره باعتقال وتعذيب المواطن الأمين محمد نور بصورة وحشية حتى فاضت روحه».

ودان في بيان هذه الجريمة، مطالباً «بتسليم المتهمين فوراً لمحاكمة علنية وعادلة لينالوا الجزاء، وترك القضاء العادل يقول كلمته من دون أي تدخلات سياسية لعرقلة وصول القضية إلى نهايتها».

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

وأعادت الحادثة إلى الأذهان اغتيال المعلم أحمد الخير عوض الكريم تحت التعذيب الشديد داخل المقر نفسه إبان الاحتجاجات الشهيرة في 2019 التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول، عمر البشير، الموالي للإسلاميين.

وخرج وقتها مدير عام الشرطة بولاية كسلا ليقول إن المعلم أحمد الخير توفي «نتيجة تسمم حدث مع آخرين من القوات النظامية بعد تناولهم وجبة فول بالجبن»، لكن تقرير الطبيب الشرعي أكد أنه تعرّض للتعذيب الشديد والضرب بآلة حادة، بما أدى إلى وفاته.

وأعاد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بأمر تنفيذي بعد أقل من شهر على انقلابه على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، جهاز الأمن والمخابرات بكامل صلاحياته السابقة، ومنحه سلطة القبض والاعتقال على الأشخاص، والتفتيش والحجز على الأموال.

ونصّ الأمر على «عدم اتخاذ أي إجراءات في مواجهة أفراد القوات النظامية، التي تتولى تنفيذ قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997».

ويقول مراقبون «إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني، اتُّهم في حقبة البشير على مدى 3 عقود، بارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات ضد المعارضين لحكم الإسلاميين، وقُتل داخل معتقلاته المئات من المواطنين؛ بسبب التعذيب».

وأصدرت محكمة سودانية في ديسمبر (كانون الأول) حكماً بإعدام 31، وتبرئة 7 من منسوبي جهاز الأمن، بتهمة قتل المعلم أحمد الخير، بعد تعرضه للتعذيب.