مصر لتشكيل الحكومة الجديدة بعد «الأضحى»

مداولات مدبولي مع الأسماء المرشحة تحاط بـ«سرية تامة»

مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر لتشكيل الحكومة الجديدة بعد «الأضحى»

مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء (مجلس الوزراء المصري)

بينما لا تزال أنباء موعد الإعلان عن «التشكيل الحكومي الجديد» في مصر تتصدر منصات التواصل الاجتماعي، حسم مصدر حكومي مطلع الجدل بشأن توقيت إعلان «التعديل المرتقب»، قائلاً إن «التشكيل الجديد سيكون عقب العودة من إجازة عيد الأضحى».

وبعد مرور نحو عشرة أيام على تكليف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لرئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة، ما زالت الصحف والمواقع المحلية في مصر ومستخدمو التواصل الاجتماعي يتداولون توقعات وتكهنات حول الأسماء المقترحة.

ونقلت قناة «إكسترا نيوز» الفضائية المصرية، عن المصدر المطلع، مساء الثلاثاء، قوله إن «أداء اليمين الدستورية للحكومة الجديدة مقرر بعد العودة من إجازة عيد الأضحى». مشيراً إلى أن «مدبولي يجري مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة بشكل يومي».

وتحاط مداولات مدبولي مع الأسماء المرشحة في التشكيل الحكومي الجديد بـ«سرية تامة». وأوضح المصدر أن رئيس الوزراء المكلف «يكثف لقاءاته بالعديد من الشخصيات المرشحة لتولي حقائب وزارية من الخبرات الوطنية دولياً ومحلياً».

وتحدث رئيس حزب الجيل، عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، النائب ناجي الشهابي، عن وجود «إشكالية في مشاورات الحكومة الجديدة دفعت لتأجيل الإعلان عنها لما بعد عيد الأضحى»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المشاورات التي جرت على مدار الأيام الماضية ربما لم تلق قبولاً أو ترق للنتائج المرجوة».

ولا يرى الشهابي وجود أزمة في تأجيل الإعلان الوزاري لما بعد عيد الأضحى، لكنه أشار إلى أن «المهم اختيار شخصيات تتميز بالخبرة والكفاءة، وقادرة على تنفيذ المهام والتكليفات التي نص عليها خطاب التكليف الرئاسي للحكومة الجديدة»، عادّاً التأجيل «أفضل لإجراء مزيد من المشاورات، والخروج باختيارات دقيقة للوزراء الجدد».

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وطالب الرئيس المصري الحكومة الجديدة بالعمل على تحقيق عدد من الأهداف، وعلى رأسها «الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري، وإعطاء أولوية لملف بناء الإنسان المصري، خاصة في مجالات الصحة والتعليم، ومواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي».

وبينما دعا الشهابي إلى ضرورة إجراء تغيير وزاري واسع في الحكومة الجديدة، أكد رئيس حزب العدل، عضو مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، النائب عبد المنعم إمام لـ«الشرق الأوسط»: «ضرورة إجراء إصلاح هيكلي في التشكيل الحكومي الجديد، يمنع التضارب في مهام الوزارات»، مقترحاً اختيار أربعة نواب لرئيس الوزراء في التشكيل الوزاري الجديد، بحيث يكون هناك «نائب رئيس وزراء للمجموعة الاقتصادية، وثان للمجموعة الخدمية، وثالث لملف الدفاع والأمن القومي، ورابع لملف بناء الإنسان يشرف على وزارات الصحة والتعليم والبحث العلمي والشباب والثقافة».

وواجه الاقتصاد المصري خلال الفترة الأخيرة صعوبات بشأن توفير النقد الأجنبي، أدت إلى تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار لمستويات غير مسبوقة، قبل أن تتخذ الحكومة إجراءات استثنائية في مارس (آذار) الماضي، شملت الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج دعم موسع بقيمة 8 مليارات دولار، وتحديد سعر الصرف وفقاً لآليات السوق، ورفع سعر الفائدة. (الدولار الأميركي يساوي 47.69 جنيه في البنوك المصرية).

وطالب إمام بضرورة عودة وزارة التنمية الإدارية في التشكيل الحكومي لحل ما سماه «مشكلة التعارض بين الوزارات»، متطلعاً إلى أن يكون «حجم التغيير في التشكيل الحكومي على مستوى طموح الشارع المصري»، على حد وصفه.

في السياق، تواصلت التفاعلات على مواقع التواصل، اليوم الأربعاء، مع أنباء «التشكيل الوزاري الجديد»، ما بين مستخدمين أعربوا عن قلقهم من «الحكومة الجديدة»، وآخرين عدّوا أنها «ستعبر عن تطلعات المواطنين بتحقيق إنجازات جديدة»، وفريق ثالث يتحدث عن «تغييرات هيكلية، تتعلق بدمج وزارات واستحداث أخرى».

وفي وقت سابق، نفى مصدر حكومي مصري «صحة ما تم نشره بشأن التعديلات الوزارية»، ودعا المتحدث باسم حزب الوفد المصري، عضو مجلس الشيوخ المصري، النائب ياسر الهضيبي، إلى «التريث في اختيار الوزراء الجدد»، مشيراً إلى أن «المهم هو تعديل سياسات وأفكار الحكومة، وليس تغيير أسماء فقط». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ينتظر تغييراً موسعاً في التشكيل الحكومي الجديد»، وطالب بضرورة «التركيز على ملفات التصنيع والزراعة والتصدير والسياحة لحل المشكلة الاقتصادية، وتوفير العملة الصعبة».

وكلف الرئيس المصري في وقت سابق مدبولي بالاستمرار في تسيير الأعمال، وأداء مهامها لحين تشكيل الحكومة الجديدة.

وناقش رئيس الوزراء المصري في اجتماع الحكومة، اليوم الأربعاء: «سداد مستحقات وزارة الكهرباء» من الوزارات والجهات الحكومية المصرية. كما شهد مدبولي مراسم توقيع العقد النهائي لمنح «التزام بناء وتطوير وإدارة وتشغيل وتسويق وصيانة، وإعادة تسليم البنية الفوقية لمحطات السفن السياحية في موانئ سفاجا والغردقة وشرم الشيخ، بين الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر ومجموعة موانئ أبوظبي».


مقالات ذات صلة

مصر وأميركا... تعزيز لمسارات التعاون وتوافق نحو «تهدئة» في المنطقة

شمال افريقيا دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)

مصر وأميركا... تعزيز لمسارات التعاون وتوافق نحو «تهدئة» في المنطقة

محادثات بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الأميركي، ماركو روبيو، الجمعة، تطرقت لملفات الأزمات بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا سوزان مبارك (أرشيفية)

«#ماما_سوزان» يدفع قرينة مبارك لتصدر «الترند» المصري

تصدرت سوزان مبارك، قرينة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، «الترند» المصري، الجمعة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا متظاهرون مصريون في ميدان التحرير بوسط القاهرة عام 2011 (أرشيفية - رويترز)

«25 يناير»... لماذا أصبح تاريخاً ملتبساً في مصر؟

يُشكل تاريخ «25 يناير (كانون ثاني)» في مصر، ذكرى تنطوي على قدر من التباين والالتباس، بفضل التفسيرات «المتضاربة» التي يجسدها هذا التاريخ.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا «اتفاق الشراكة الاستراتيجية» بين مصر والصومال يقضي بإجراء مشاورات سياسية سنوية (الرئاسة المصرية)

مصر والصومال... «شراكة استراتيجية» ولا رغبة في تهديد أحد

وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، إعلاناً سياسياً مشتركاً يقضي برفع مستوى العلاقات بين القاهرة ومقديشو إلى مستوى «الشراكة».

أحمد إمبابي (القاهرة )
رياضة عالمية عمر مرموش بالقميص الأزرق حتى يونيو 2029 (مانشستر سيتي)

احتفاء مصري واسع بانضمام عمر مرموش لـ«مانشستر سيتي»

وقّع مرموش على عقد مدته 4 أعوام ونصف عام مع «مانشستر سيتي»، تمتدّ حتى يونيو (حزيران) 2029، بعدما انتقل إليه في صفقة يُعتقد أنّ قيمتها وصلت إلى 70 مليون يورو.

محمد عجم (القاهرة )

مصر وأميركا... تعزيز لمسارات التعاون وتوافق نحو «تهدئة» في المنطقة

دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)
دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وأميركا... تعزيز لمسارات التعاون وتوافق نحو «تهدئة» في المنطقة

دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)
دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)

جرت محادثات بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الأميركي، ماركو روبيو، الجمعة، تطرقت لملفات الأزمات بالمنطقة في قطاع غزة و«القرن الأفريقي» وأمن البحر الأحمر و«سد النهضة» الإثيوبي، وسط توافق بينهما على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بهدف خفض التصعيد في المنطقة وإحلال السلام والاستقرار».

ذلك الاتصال الهاتفي بين عبد العاطي وروبيو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ستبنى عليه خطوات لتعزيز مسارات التعاون والتوافق مما يساعد في استكمال اتفاق الهدنة بقطاع غزة والوصول لتفاهمات في قضايا، بينها أزمة «سد النهضة» التي توصلت بشأنها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الأولى (2017 - 2020) لاتفاق لم توقع أديس أبابا عليه، بخلاف حلول لقضايا حرجة بالمنطقة كأمن البحر الأحمر وملفات سوريا وليبيا والسودان.

وأعرب الوزير المصري خلال الاتصال الهاتفي عن «التطلع للعمل بصورة وثيقة مع الوزير روبيو والإدارة الأميركية الجديدة من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية»، الجمعة.

كما تبادل الوزيران المصري والأميركي «الرؤى والتقييمات بشأن المستجدات في قطاع غزة وأهمية استكمال اتفاق (الهدنة)، وسوريا، ولبنان، والسودان، وليبيا، والقرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر وحرية الملاحة، وقضية (السد الإثيوبي) وأمن مصر المائي»، واتفقا على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بهدف خفض التصعيد في المنطقة وإحلال السلام والاستقرار».

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

وبخلاف دور «إدارة ترمب» مع مصر وقطر في اتفاق «هدنة غزة» الذي بدأ في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي، شهدت ولاية ترمب الأولى تقارباً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ملفات، لا سيما أزمة «سد النهضة»، بعد إبرام واشنطن اتفاقاً بشأنها في فبراير (شباط) 2020، رفضت أديس أبابا التوقيع عليه، مما دعا الإدارة الأميركية بعد أشهر لتعليق جزء من المساعدات المالية لإثيوبيا.

أمين عام «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، يرى أن الاتصال الهاتفي مهم، وستبنى عليه خطوات يتوقع خلالها أن تلعب «إدارة ترمب» في ضوء تمسكها بالسلام «دوراً أكبر ومؤثراً مع مصر لدعم الاستقرار بالمنطقة، خاصة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر وملف (السد الإثيوبي)، بجانب دور أميركي - مصري منتظر في ملف التهدئة بغزة المحفوف بالمخاطر».

ويرجح أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور حامد فارس، أن العلاقات المصرية - الأميركية في فترة ترمب ستكون مختلفة عن فترة جو بايدن، لافتاً إلى أنه «مع وجود الإدارة الجديدة من الممكن أن تنال العلاقات دفعة جديدة في ظل إدراكها قيمة الدور المحوري الذي تلعبه مصر في خفض التصعيد وسعيها للسلام بوصفه خياراً استراتيجياً رئيسياً».

ويتوقع تطابق المواقف المصرية - الأميركية في ملفات البحر الأحمر وخفض التصعيد بها خاصة أن «قناة السويس» تمثل رافداً رئيسياً لسلاسل الإمداد والتجارة بالعالم، بجانب تقارب فيما يخص أزمة «سد النهضة» لا سيما مع وجود جهود مصرية - أميركية سابقة بالولاية الأولى لترمب أسفرت عن اتفاق «تملصت» منه أديس أبابا.

عائلة فلسطينية نازحة داخلياً هربت في وقت سابق من شمال قطاع غزة تقيم مخيماً غرب خان يونس (إ.ب.أ)

ولعبت مصر دورا مهماً في التوصل لاتفاق غزة، سيعزز شراكة القاهرة وواشنطن، وفق الخبير في الشؤون الأميركية، مايكل مورغان، مرجحاً تسارع وتيرة الجهود والتفاهمات في ملفات المنطقة والأزمات الإقليمية، في ضوء تأييد سابق لمصر من قبل ترمب، سيستمر أيضاً في ولايته الثانية.

ومبكراً، كشفت القاهرة عن تواصل مع «إدارة ترمب» لإيجاد حلول مشتركة للأزمات، وقال الرئيس المصري، منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2024: «هناك تواصل مع الإدارة الجديدة، وهناك قدر من الثقة المتبادلة بيننا، ورأينا محل تقدير وقبول لديهم، وسنكمل على هذا لإيجاد حلول للقضايا العالقة مثل قضية غزة والسودان وسوريا».

بخلاف ذلك جرى اتصال هاتفي بين السيسي وترمب في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد فوز الأخير، في الانتخابات الأميركية، وتهنئة رئاسية مصرية في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، بمناسبة تنصيبه، وكلاهما تضمن تأكيد العمل المشترك على تعزيز العلاقات وحفظ الاستقرار والتنمية، وفق ما أفادت به «الرئاسة المصرية».

ويتوقع فارس أن تنظر «إدارة ترمب» للدولة المصرية بعدّها دولة مهمة ومؤثرة عربياً وإقليمياً، ومن ثمّ يمتد تعاون البلدين ليس في ملف غزة و«سد النهضة» والبحر الأحمر فقط؛ لكن أيضاً في أزمات السودان وسوريا وليبيا.

ويرجح مورغان أن تمضي العلاقات بين مصر وأميركا بعهد ترمب إلى تعزيز مسارات التعاون والتهدئة في المنطقة، مشيراً إلى أن موقف القاهرة ثابت تجاه إنهاء الصراعات والوصول للسلام، وترمب منذ ولايته الأولى يتطلع لأن يذكر بأنه «رجل السلام»، «ونراه متمسكاً بذلك مع الولاية الثانية مع مساعي وقف حرب غزة وأوكرانيا وغيرهما، ومن ثم فإن كون السلام هدفاً مشتركاً للبلدين سيعزز مسار تقوية العلاقات».