انتقد خبير أممي في قضايا حقوق الإنسان «مواصلة السلطات الجزائرية العمل بقوانين معادية للحريات وغير دستورية، تعود إلى ما قبل الحراك الشعبي»، الذي اندلع عام 2019 احتجاجاً على ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وحضّها على «التخلي عنها».
ونشر «مجلس حقوق الإنسان» بجنيف، التابع للأمم المتحدة، تقريراً، الأحد، يتضمن توصيات موجهة إلى الحكومة الجزائرية، أعدّها مقرر «الهيئة الأممية الخاص بحرية التجمع السلمي»، كليمنت نياتولسي فول، بعد زيارته الجزائر في سبتمبر (أيلول) 2023.
وجاء في التقرير أن «ناشطين حقوقيين وصحافيين موجودون رهن الحبس التعسفي، كما يجري حل تنظيمات بالمجتمع المدني بشكل غير قانوني، وبعضها يُرفض منحها الترخيص بالنشاط».
والمعروف أن القضاء أدان العام الماضي بالسجن 7 سنوات؛ منها 5 مع التنفيذ، صحافياً مشهوراً؛ هو إحسان القاضي، بتهمة «تلقي أموال من الخارج بغرض تقويض الأمن في البلاد». وأكد دفاعه في أثناء المحاكمة أن «انتقاده المستمر للسلطة في مقالاته ومنشوراته بالإعلام الاجتماعي، هو ما دفع إلى سجنه للتخلص من الصداع الذي كان يسببه لها».
وحلّ القضاء العام الماضي التنظيم الشبابي المعروف اختصاراً بـ«راج»؛ بسبب نشاطه المؤيد للحراك والمتظاهرين المطالبين بـ«الحريات والديمقراطية والتداول على الحكم». كما حلّ «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»؛ بذريعة النزاع الداخلي بين قيادييها الذي أفضى إلى تأسيس «رابطات فرعية عدة»؛ الأمر الذي عدّته الحكومة مخالفاً للقوانين.
وأكد فول، الذي استغرقت مهمته 10 أيام بالجزائر، في تقريره أنه «يتفهم أن تسعى السلطات إلى نشر الأمن وتثبيت الاستقرار في الدولة، ولكن لا يمكن تحقيق أمن دائم إذا لم تلتزم باحترام الحقوق الأساسية، خصوصاً ما يتعلق بحرية التجمعات السلمية وتأسيس جمعيات»، مبرزاً أن السلطات في البلاد «يجب أن تتعامل مع المجتمع المدني بوصفه شريكاً يقدم قيمة مضافة، لا خصماً ومصدراً للتهديد».
ووفق التقرير ذاته، انصب اهتمام الخبير كليمنت فول، في أثناء وجوده بالجزائر، على «الصعوبات في ما يتعلق بممارسة حرية التجمع في الميدان، مع السعي لمساعدة الدولة على احترام القانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان».
وتضمن التقرير الاجتماعات التي عقدها الخبير الأممي مع وزراء الداخلية والعمل والعدل والإعلام والشؤون الدينية والتضامن، ومع كوادر بوزارة الخارجية. كما بحث مع قادة أحزاب معارضة ونشطاء مستقلين أوضاعهم وعلاقتهم بالسلطات.
وصرح وزير الاتصال محمد لعقاب؛ عقب لقائه ممثل الأمم المتحدة، بأن قوانين بلاده المتعلقة بالصحافة «لا تنص على عقوبة سالبة للحرية، فيما تعدّ العقوبات المادية التي أنزلتها محاكم ببعض الصحافيين طفيفة، ولا تتعلق إطلاقاً بحرية التعبير؛ وإنما بطرق التسيير». وكان يشير، ضمناً، إلى سجن الصحافي القاضي وإغلاق منصته الإخبارية «ماغراب إيمرجنت» و«راديو أم» الذي يتبعها.
ونفى وزير الداخلية إبراهيم مراد، في تصريحات للصحافة بعد لقائه كليمنت فول «فرض أي قيود على التنظيمات»، مؤكداً أن «حلّ بعض الجمعيات التي تنتمي للمجتمع المدني جرى بقرارات قضائية ليس للحكومة أي يد فيها». وكان يشير، ضمناً، إلى «راج».
وكان الخبير الأممي حضّ الحكومة، خلال مؤتمر صحافي ختم به زيارته إلى الجزائر، على «معالجة الآثار المترتبة عن مناخ الخوف، الناجم عن سلسلة من التهم الجنائية الموجهة ضد الأفراد والجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية بموجب قوانين مفرطة في التقييد»، وخص بالذكر «المادة 87 مكرر» من قانون العقوبات الخاصة بـ«الأعمال الإرهابية والمسّ بأمن الدولة»، التي طالت عدداً كبيراً من الناشطين وأعضاء تنظيمَي «حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل»، و«حركة رشاد» الإسلامية.