ماذا وراء زيارات متزامنة لمسؤولين سودانيين إلى روسيا ودول أفريقية؟

محللون: موسكو تسعى لجر السودان إلى حلف روسي - أفريقي

نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في أثناء زيارة سابقة للسودان (صفحة مجلس السيادة)
نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في أثناء زيارة سابقة للسودان (صفحة مجلس السيادة)
TT

ماذا وراء زيارات متزامنة لمسؤولين سودانيين إلى روسيا ودول أفريقية؟

نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في أثناء زيارة سابقة للسودان (صفحة مجلس السيادة)
نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في أثناء زيارة سابقة للسودان (صفحة مجلس السيادة)

يرى سياسيون ومحللون أن الزيارات المتزامنة التي يجريها حالياً مسؤولون سودانيون إلى روسيا ودولتين أفريقيتين، ربما تتم بتنسيق من موسكو لإدخال السودان في الحلف الأفريقي الذي تعمل على بنائه موسكو لإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة، لمواجهة النفوذ الغربي في القارة.

ويزور نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، على رأس وفد رفيع يضم وزراء الخارجية المالية والمعادن، روسيا، فيما يزور في الوقت نفسه عضو مجلس السيادة، الفريق شمس الدين كباشي، النيجر ومالي، ويرافقه وزير الدفاع.

وقال إعلام مجلس السيادة السوداني في بيان إن لقاء الكباشي مع رئيس الفترة الانتقالية في مالي، أسيمي غويتا، بحث التعاون المشترك بين السودان ودول الساحل في المجالات الأمنية وتنسيق المواقف مع المنظمات الإقليمية والدولية. وأضاف أن الطرفين تبادلا المعلومات بشأن الإرهاب والجرائم العابرة للحدود. واتفق الجانبان على توقيع مذكرات تفاهم بين وزارتي الدفاع والخارجية في البلدين، وفتح سفارة السودان في مالي واستئناف عمل قنصلية مالي في السودان.

وقال سياسي بارز لـ«الشرق الأوسط» إن «من الواضح أن زيارة كباشي إلى مالي والنيجر تأتي في إطار ترتيبات روسية للمنطقة»، متوقعاً أن يطلب الكباشي من القيادة في البلدين وقف تدفق المقاتلين والمساعدات العسكرية التي تأتي من مالي والنيجر لـ«قوات الدعم السريع» في السودان. وأضاف: «لا أستبعد أن يطلب السودان من الدولتين تصنيف (قوات الدعم السريع) عدواً». مشيراً إلى المتغيرات الكبيرة التي أطاحت النظامين الحاكمين في البلدين.

مقاتلون من «قوات الدعم السريع» (أرشيفية - رويترز)

نفي «الدعم السريع»

وقال السياسي، الذي فضل حجب اسمه، إنه لا يتوقع نتائج كبيرة من الزيارة على الرغم من تنامي النفوذ الروسي في تلك البلدان. وأشار إلى أن توجه السودان إلى روسيا من خلال الزيارة التي يقوم بها نائب رئيس مجلس السيادة، يعد ورقة أخيرة يلوح بها السودان في وجه الغرب وبعض دول الإقليم، بل ربما يمضي السودان في تلك التفاهمات إلى مراحل متقدمة وقبول كثير من شروط موسكو، نظراً لحاجته الكبيرة للسلاح والذخيرة وقطع الغيار، في حربه ضد «قوات الدعم السريع» التي بدأت قبل أكثر من عام ولم يستطع الجيش حسمها حتى الآن، بل خسر فيها كثيراً من المواقع والمعسكرات الرئيسية.

من جانبه، نفى مصدر في «قوات الدعم السريع» وجود أي علاقات بدولتي مالي والنيجر يمكن أن يكون لها تأثير على الوضع الميداني في حرب السودان. وأضاف أن ما يردده البعض عن استعانة «الدعم السريع» بمقاتلين من تلك الدولتين «لا تعدو كونها فرية ودعاية سياسية من الطرف الآخر»، أي الجيش. وأضاف المصدر، الذي بدوره طلب عدم ذكر اسمه، أن «الدولتين تواجهان إشكالات داخلية وحالة من عدم الاستقرار. وعلى الرغم من التأثير الروسي فإن أولوياتهما لا تسمح لهما بالتدخل في الشأن السوداني بشكل مؤثر».

وقال المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن «موسكو تعمل على نسج حلف أفريقي - روسي، وإضافة السودان إليه بالاستجابة إلى مطالبه بالعون والدعم العسكري». وأشار إلى أن موسكو بدأت في بناء تحالف روسي - أفريقي جديد من خلال اللقاءات التي جرت مع عدد من القادة الأفارقة في قمة مدينة سوتشي العام الماضي، ولجأت إلى ذلك بعد أن فقدت محيطها في شرق أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا.

حاكم منطقة أغاديز يخاطب المتظاهرين خلال مسيرة احتجاجية في أبريل 2024 للمطالبة بانسحاب القوات الأميركية من النيجر (إ.ب.أ)

4 انقلابات في دول أفريقية

وأضاف الفاضل أن روسيا دعمت أكثر من 4 انقلابات عسكرية في دول أفريقية، من بينها النيجر ومالي. وتوقع أن يمضي السودان في الانضمام إلى الحلف الروسي - الأفريقي لسد النقص في تسليح الجيش السوداني الذي يمكن أن توفره له روسيا، خاصة أن الدول الغربية تسعى لوقف حرب السودان وتلتزم بعدم تسليح أي من أطرافها.

وأشار الفاضل إلى أن لروسيا طموحات كبيرة في القارة الأفريقية؛ خصوصاً السيطرة على مصادر الذهب لمواجهة أزمتها الاقتصادية في ظل العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وأضاف أن جنرالات الجيش السوداني يسعون أيضاً إلى فك العزلة الدبلوماسية الغربية التي فُرضت عليهم، وذلك عبر الاستفادة من الدور الروسي في مجلس الأمن والأمم المتحدة ليكون ظهيراً لهم في مواجهة أي عقوبات محتملة ضدهم بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

وتابع أن الدول الغربية لن تقبل أن يقع السودان تحت النفوذ الروسي، وأن المعادلات الجيوسياسية في المنطقة تقلق دولاً إقليمية من الوجود الروسي إذا وافق السودان على منح روسيا منفذاً عسكرياً على البحر الأحمر، خصوصاً أن موسكو قد تطمح إلى أكثر من قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر، وتسعى إلى تكوين كيان له أبعاد سياسية واقتصادية في عدد من الدول الأفريقية يدين لها بالولاء، لمواجهة النفوذ الأميريكي والغربي في المنطقتين العربية والأفريقية.


مقالات ذات صلة

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

شمال افريقيا الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي يحذر من تمديد الحرب في السودان إقليمياً

حذر المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو من احتمالات اتساع رقعة الحرب في السودان لتهدد دول الإقليم، وحمّل استمرار الحرب لـ«قوى سياسية سلبية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
أفريقيا وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)

تجاوب سوداني مع اشتراطات مصرية جديدة لدخول البلاد

أعلنت وزارة الصحة السودانية «ترتيبات الخدمات الخاصة بتوفير الاشتراطات الصحية لتصاريح السفر، من بينها توفير لقاحات شلل الأطفال لجميع الأعمار».

أحمد إمبابي (القاهرة )

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
TT

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي مرحلة جديدة، اليوم (السبت)، وسط محاولة حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، احتواء انتقادات أميركية رسمية بشأن الإدارة الجديدة للمصرف، التي نصبها المجلس الرئاسي، بينما تمسك عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بموقفه الرافض للاعتراف بها.

وعدّت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة أن بيان إدارة شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية، بشأن تطورات الوضع المتعلق بالمصرف، يعكس «التزام الولايات المتحدة بدعم الاستقرار المالي، وتعزيز الشفافية في مؤسساتنا المالية»، وعدّته خطوة إيجابية نحو توحيد وإصلاح المصرف المركزي.

واجهة مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)

وقالت «خارجية الوحدة»، اليوم (السبت): «نتفهم القلق حيال حملات التشويه والأكاذيب التي تستهدف مؤسسات الدولة الليبية، ونتفق على أن هذه المخاوف ستنتهي بمجرد زوال تلك الحملات، وتوحيد الصفوف خلف مؤسساتنا الوطنية». وأشارت إلى الحاجة المزدادة للتدقيق في المعاملات المالية خلال المراحل الانتقالية للمؤسسات النقدية، لافتة إلى أنها تعدّ هذه الإجراءات البروتوكولية «ضرورية لضمان الشفافية والمساءلة».

لقاء سابق بين رئيس مجلس النواب والسفير والمبعوث الأميركي الخاص (أرشيفية)

وأكدت الوزارة إعلان الإدارة الجديدة للمصرف «تسلم مهامها بسلاسة، ومباشرة تفعيل المنظومات المختلفة، والتجاوب الذي لاقته الإدارة الجديدة مع المنظومة المصرفية الدولية، بعد 9 سنوات من غياب الحوكمة والعمل الفردي، الأمر الذي كان مطلباً أساسياً لكل المنظمات الدولية المعنية. وهذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسيرة الإصلاح المالي والإداري في ليبيا».

وبعدما أكدت التزامها باحترام سيادة ليبيا، واستمرار ثقتها بالدولار الأميركي والمؤسسات الأميركية، خصوصاً في ظل التحديات الحالية والتجاذبات والصراع على النفوذ في أفريقيا، أعربت «خارجية الوحدة» عن التطلع لتعزيز التعاون الثنائي مع الولايات المتحدة، لتحقيق الاستقرار والنمو المستدام في ليبيا. وأوضحت أن المجلس الرئاسي، وفي خطوة لإضفاء مزيد من التوافق، أعلن التزامه بالانفتاح على الحوار برعاية بعثة الأمم المتحدة، مع منح فرصة أخيرة للمجلسين لتحقيق توافق بعد 10 سنوات من التخاذل، ما أدى لتعزيز الحكم الفردي وغياب الشفافية، وزيادة المخاطر المرتبطة بتنفيذ سياسات لا تعكس إرادة الدولة الليبية.

الصديق الكبير (رويترز)

وكانت «الخارجية» الأميركية قد أعلنت عبر مكتبها لشؤون الشرق الأدنى، أن البنوك الأميركية والدولية قامت بإعادة تقييم علاقاتها مع المصرف المركزي الليبي، وفي بعض الحالات وقف المعاملات المالية، حتى يكون هناك مزيد من الوضوح بشأن القيادة الشرعية لـ«المركزي».

وطالبت الجهات الفاعلة الليبية باتخاذ خطوات للحفاظ على مصداقية المصرف، وإيجاد حل لا يضر بسمعته، ومشاركته مع النظام المالي الدولي، معبرة عن شعورها بالقلق من أن مزيداً من الاضطرابات مع البنوك الدولية، يمكن أن يضر بالاقتصاد الليبي ورفاهية الأسر الليبية.

وشددت على دعوة مجلس الأمن للجهات الفاعلة الليبية للعمل بشكل عاجل معاً، ومع البعثة الأممية لإيجاد حل سياسي، يعيد القيادة المختصة وذات المصداقية للبنك المركزي الليبي.

بدوره، حذر رالف تاراف، سفير ألمانيا لدى ليبيا، من أن تؤدي ما وصفه بـ«الإجراءات أحادية الجانب» إلى الانحراف عن طريق الاستقرار والانتخابات الديمقراطية.

وأعرب في بيان مقتضب، اليوم (السبت)، عن دعم بلاده بقوة لدعوة البعثة الأممية لإجراء اجتماع عاجل لإيجاد حل للوضع الراهن.

في المقابل، دعا عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، إلى ضرورة الالتزام ببنود الإعلان الدستوري، والاتفاق السياسي، الذي ينص على صلاحيات واختصاصات مجلس النواب في التكليف بالمناصب السيادية بالتشاور مع مجلس الدولة، وعدّ القرار الصادر بتكليف محافظ ومجلس إدارة للمصرف معدوماً، لافتقاده للأسباب ومخالفاً للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، ولأنه جاء بعد جهود مضنية لتوحيد المصرف.

ورحب صالح، في بيان وزعه مركزه الإعلامي، مساء الجمعة، ببيان مجلس الأمن الدولي. وأكد «دعوة مختلف الأطراف للتهدئة، والتوقف عن إصدار قرارات والقيام بتصرفات من شأنها زعزعة الاستقرار، وتعميق الانقسام المؤسسي وتقويض الثقة بين الليبيين».

من جهته، نفى مصدر بالمجلس الرئاسي، لوسائل إعلام محلية، صحة بيان منسوب للمجلس، يعيد تكليف الصديق الكبير، المحافظ السابق للمصرف، في منصبه مجدداً، علماً بأن الكبير فر إلى خارج البلاد، مدعياً تلقيه تهديدات من مجموعات مسلحة، لم يحددها.

اجتماع نجل حفتر مع رئيس المجلس الحاكم في النيجر (القوات البرية بالجيش الوطني)

في غضون ذلك، أعلنت الإدارة الجديدة للمصرف استعادة العمل بجميع الأنظمة المستخدمة، بينما شدد محافظه المكلف، عبد الفتاح عبد الغفار، خلال اجتماعه مع مسؤولي المصرف، على ضرورة رفع وتيرة العمل في كل الإدارات بكفاءة عالية، لإنجاز الملفات في أسرع وقت ممكن، وتعهد بأن تعمل إدارة المصرف على حلحلة كل العراقيل التي تواجه العمل المصرفي.

إلى ذلك، قال الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، إنه اجتمع، اليوم (السبت)، باعتباره مبعوثاً لوالده، ورئيس القوات البرية بالجيش، مع عبد الرحمن تشياني، رئيس المـجلس الحاكم في النيجر لتنسيق التعاون الثنائي بين الجانبين، ضمن جولة تشمل عدداً من الدول الأفريقية لتعزيز التعاون وأمن الحدود.

لقاء حماد مع الرئيس التشادي في إنجامينا (حكومة الاستقرار)

وكان أسامة حماد، رئيس حكومة الاستقرار، قد أوضح أن رئيس تشاد محمد إدريس ديبي، الذي التقاه مساء الجمعة بالعاصمة إنجامينا، أشاد بالمشير خليفة حفتر، ودعمه اللوجيستي لبلاده في تأمين الحدود المشتركة، ومكافحة ظاهرة «الهجرة غير المشروعة» والجريمة المنظمة بما يحمي السلم والاستقرار في البلدين الجارين.