رئيس الجزائر يعزل أقرب مساعديه للاشتباه في «تعاونه مع قوى أجنبية» دون تقديم تفاصيل

صدور مرسوم الانطلاق الرسمي في التحضير لانتخابات الرئاسة

مدير التشريفات بالرئاسة المعزول محمد بوعكاز مع الرئيسين الجزائري والموريتاني (الرئاسة)
مدير التشريفات بالرئاسة المعزول محمد بوعكاز مع الرئيسين الجزائري والموريتاني (الرئاسة)
TT

رئيس الجزائر يعزل أقرب مساعديه للاشتباه في «تعاونه مع قوى أجنبية» دون تقديم تفاصيل

مدير التشريفات بالرئاسة المعزول محمد بوعكاز مع الرئيسين الجزائري والموريتاني (الرئاسة)
مدير التشريفات بالرئاسة المعزول محمد بوعكاز مع الرئيسين الجزائري والموريتاني (الرئاسة)

بينما قالت مجلة فرنسية أن سبب عزل مدير التشريفات بالرئاسة الجزائرية في الخامس من يونيو (حزيران) الحالي، «مرتبط بشبهة تخابر» مع بلدان أجنبية، أعلنت الرئاسة، اليوم السبت، عن صدور مرسوم «استدعاء الهيئة الناخبة» كإجراء يفرضنه القانون، الذي ينص على وجوب دعوة الناخبين للاقتراع ثلاثة أشهر قبل تاريخ تنظيمه.

ونشرت «جان أفريك» الدورية في عددها الجديد أن مدير البروتوكول المعزول، محمد بوعكاز، «ارتكب، على ما يبدو، تجاوزات خطيرة للغاية لدرجة دفعت الرئيس عبد المجيد تبون إلى الاستغناء عنه»، ووصفته بأنه «كان أحد أقرب مساعديه».

ونشرت رئاسة الجمهورية الأربعاء الماضي بياناً قصيراً، جاء فيه أن الرئيس عبد المجيد تبون «أنهى مهام محمد بوعكاز، مستشار مكلف بالمديرية العامة للتشريفات، لارتكابه أخطاء جسيمة، ولمخالفته أخلاقيات المهنة»، من دون تقديم أي تفاصيل أخرى عن أسباب عزله.

وكتبت المجلة الفرنسية «وفقاً لمعلوماتها» أن بوعكاز «كان موضوع تحقيق منذ أربعة أو خمسة أشهر، يتعلق بإدارة خدمته والموظفين العاملين بها وعلاقاته الشخصية». مبرزة أن آخر مهمة له كانت في 30 من مايو (أيار) الماضي، عندما رافق الرئيس في زيارته إلى خنشلة (500 كلم شرق)، و«كان قد ارتكب عدة تجاوزات في إدارة البروتوكول الرئاسي».

وبحسب «جان أفريك»، «يشتبه في أن بوعكاز كان على علاقة برجال أعمال أصحاب سمعة سيئة، مما اعتبر غير متوافق مع مهامه»، ولفتت إلى أن التحقيقات التي أدت إلى إقالته، تناولت أيضاً حياته الشخصية وعلاقاته مع مواطنة جزائرية، تسافر كثيراً إلى الخارج، حسبها، «مما أثار مخاوف من مخاطر التعاون مع قوى أجنبية».

ولفتت المجلة إلى أن محمد بوعكاز عين مديراً للبروتوكول الرئاسي في نهاية 2019، بعد أيام قليلة من وصول عبد المجيد تبون إلى السلطة، وكان يعتبر حتى الخامس من يونيو الحالي أحد أكثر مساعديه وفاءً، حسبها. وقد عمل سابقاً مسؤولاً في قصر الحكومة، وتدرج في المناصب حتى أصبح رئيس البروتوكول لعبد المالك سلال، عندما كان رئيساً للوزراء (2012-2017). وحالياً يقضي سلال عقوبة ثقيلة بالسجن لاتهامه بـ«الفساد».

كما لفتت المجلة إلى أن بوعكاز «اشتغل في الظل، وكان ملازماً لرئيس الدولة. وقد لوحظ ذلك بشكل خاص في سبتمبر (أيلول) 2023 في نيويورك، عندما جلس رئيس البروتوكول خلف الرئيس الجزائري، خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة».

وهذه ليست المرة الأولى، التي يعلن فيها الرئيس تبون «طلاقه» مع أقرب مساعديه بهذه الطريقة. ففي 19 أبريل (نيسان) 2022، كتبت الرئاسة بحسابها بـ«فيسبوك» أنه عزل مستشاره المكلف بالجمعيات الدينية، عيسى بن الأخضر، بتهمة «خرق واجب التحفظ». ولا يعرف لحد الساعة ماذا فعل حتى استحق الإبعاد من المنصب، علماً أنه كان من أكبر الداعمين له في حملة انتخابات الرئاسة 2019.

وزير النقل عيسى بكاي عزل في 2022 بسبب خطأ فادح في التسيير (الشرق الأوسط)

وقبل ذلك بنحو شهر، أقال تبون وزير النقل، عيسى بكاي، «لارتكابه خطأ فادحاً أثناء ممارسة مهامه»، حسبما أوردته الرئاسة، دون تفاصيل.

وكان كريم يونس، «وسيط الجمهورية»، قد سمع بخبر إقالته من طرف الرئاسة في 18 من مايو 2018، في «الشارع على طريقة نقل الخبر من الفم إلى الأذن»، حسبما صرَح بنفسه لصحافيين.

كريم يونس وسيط الجمهورية تم عزله في 2021 لأسباب مجهولة (الشرق الأوسط)

واللافت في «قضايا عزل كبار المسؤولين»، أن الصحافة تتحاشى البحث في دواعي التخلي عنهم. كما أن المعنيين بالأمر يتحملون التهمة ولا يردون عليها، بدعوى المبدأ الإداري الحكومي المقدس «التقيد بواجب التحفظ».

وفي أكتوبر (تشرين الثاني) 2023، صدر بالجريدة الرسمية مراسيم عزل خمسة مستشارين بالرئاسة، دون ذكر الأسباب، هم عبد العزيز خلف الذي كان وزير دولة، وياسين ولد موسى المكلف بالشؤون الاقتصادية، وعبد المجيد شيخي المكلف بـ«الأرشيف الذاكرة»، ونور الدين غوالي المكلف شؤون التعليم والجامعات، وأحمد راشدي المكلف الثقافة وقطاع سمعي البصري.

عزل عيسى بلخضر مستشار لدى الرئيس مكلف بالجمعيات الدينية بسبب خرقه واجب التحفظ (الشرق الأوسط)

إلى ذلك، وقع الرئيس السبت، مرسوماً رئاسياً يتضمن استدعاء الهيئة الناخبة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، حسبما جاء في بيان للرئاسة، تضمن أيضاً البدء في المراجعة الاستثنائية للائحة الانتخابية، ابتداءً من الأربعاء المقبل، على أن تختتم يوم الخميس 27 من الشهر الحالي.

وأعلن كل من عبد العالي حساني، رئيس «حركة مجتمع السلم» المحسوبة على تيار الإخوان، ويوسف أوشيش، السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض في الجزائر، ولويزة حنون، زعيمة «حزب العمال» اليساري، وزبيدة عسول رئيسة حزب «الاتحاد من أجل الرقي»، وبلقاسم ساحلي رئيس «التحالف الوطني الجمهوري» وهو وزير سابق، ترشحهم للانتخابات، فيما يرجح أن يعلن تبون ترشحه لولاية ثانية لاحقاً.


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.