الجزائر: قلق بعد اغتيال نجل قيادي معارض على أيدي متشددين قرب مالي

في ظل استمرار تدهور العلاقة مع سلطات باماكو

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير الماضي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير الماضي (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر: قلق بعد اغتيال نجل قيادي معارض على أيدي متشددين قرب مالي

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير الماضي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير الماضي (الرئاسة الجزائرية)

أعلن «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الجزائري المعارض، مقتل نجل عضو قيادي في الحزب على أيدي «جماعة إرهابية إسلامية» على الحدود مع مالي، عاداً الحادثة مرتبطة بالأزمة السياسية الداخلية في مالي، التي تشهد علاقتها بالسلطات الجزائرية تدهوراً منذ أشهر.

وقال «التجمع» في بيان، أمس الخميس، إن الابن الأصغر للقيادي عبد الله بوتاني تعرض للاغتيال في جنوب ولاية تمنراست (1800 كلم جنوب) على أيدي مسلحين ينشطون في شمال مالي، حسب البيان ذاته، من دون توضيح متى وقعت عملية الاغتيال، ولا أي تفاصيل أخرى عن ظروفها.

قياديون معارضون في شمال مالي (الشرق الأوسط)

وأكد البيان، الذي وقعه رئيس الحزب عثمان معزوز، أن «هذه المأساة تؤكد أن الوضع الأمني بحدودنا غير متحكم فيه، فالتهديدات ما زالت موجودة ومثيرة للقلق»، مبرزاً أن الحزب «دفع الثمن غالياً جراء الإرهاب»، في إشارة إلى اغتيال العديد من مناضليه خلال تسعينات القرن الماضي، وهي فترة الاقتتال الدامي بين قوات الأمن والتنظيمات الإسلامية المسلحة.

من اجتماع سابق لوزير خارجية الجزائر السابق مع ممثلي المعارضة المالية (الخارجية الجزائرية)

ووصف «التجمع» نجل قياديه المغتال بأنه «ضحية نزاع طال أمده»، في إشارة إلى أن الصراع الداخلي بين الحكومة في باماكو وتنظيمات «ازواد» الطرقية المعارضة في الشمال، فسح المجال لاستقرار التنظيمات المسلحة الإسلامية في مالي، وأخطرها حالياً «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، داعياً إلى «البحث عن حل سياسي سلمي للأزمة في شمال مالي عن طريق المفاوضات»، ومشدداً على أن الدبلوماسية الجزائرية «يجب أن تركز اهتمامها بشكل أكبر على التهديدات، التي تحيط بنا في المنطقة، فالأمر يتعلق بأمننا وسيادتنا وبالتنمية أيضاً، وهذه القضايا متربطة بتحقيق السلم في الساحل».

ولا يُعرف اسم التنظيم الذي قتل الشاب، لكن سبق للسلطات الجزائرية أن أكدت أنها «قضت نهائياً على الجماعات المسلحة»، وأنها «توجه حالياً بقايا إرهاب لا تشكل خطراً على الأمن».

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

كانت الجزائر قد عبرت عن «أسفها» لقرار السلطة العسكرية الانتقالية في مالي، بقيادة العقيد عاصيمي غويتا، إلغاء «اتفاق السلام» الداخلي مطلع العام الحالي. وشمل القرار وقف الوساطة الجزائرية في النزاع، التي دامت منذ 2015، تاريخ الإمضاء على الاتفاق بالجزائر. وقالت الخارجية الجزائرية، يومها، إن قرار الحكومة المالية «ستكون له آثار سلبية على الأرض»، مشيرة إلى أنه يصب في مصلحة الجماعات الإسلامية المنتشرة بالبلاد، التي غالباً ما تصعّد هجوماتها عندما يشتد النزاع بين المعارضة المتخندقة في الشمال الحدودي مع الجزائر، والجيش النظامي.

وقبل إلغاء «اتفاق السلام»، كان العقيد عاصمي قد شن هجوماً على أهم معاقل «ازواد» في الشمال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سمح له بالسيطرة على مدينة كيدال، ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للمعارضة. وتمكن من تحقيق ذلك بفضل مساعدة فنية لجماعات «فاغنر»، التي تدعمها روسيا، وهذا التحالف العسكري شكل مصدر قلق بالغ للجزائر.

إلى ذلك، دعا وزير الاتصال محمد لعقاب، أمس الخميس، وسائل الإعلام، إلى «التعامل بمهنية واحترافية مع ملف الانتخابات الرئاسية»، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، وطلب منها «تغطية نشاطات الأحزاب والتشكيلات السياسية بكل موضوعية ومساواة، بهدف زيادة نسبة الوعي والحس الوطني لدى المشاركين (في العملية الانتخابية)، وتوسيع المشاركة السياسية في الاستحقاقات المقبلة».

كان لعقاب يتحدث بمناسبة اجتماع عقده مع مسيري مؤسسات إعلامية، بمقر الوزارة، حيث لفت إلى «بعض التجاوزات المرتكبة من طرف بعض المؤسسات الإعلامية على اختلاف أنواعها»، من دون توضيح ما هي بالتحديد.

وقال إنها «ملزمة باحترام قواعد وأخلاقيات العمل الإعلامي وضوابطه، التي تحددها سلطتا ضبط الصحافة المكتوبة والإلكترونية ومجلس آداب وأخلاقيات المهنة، في انتظار إطلاقهما، الأمر الذي سيساهم في التقليل والحد من التجاوزات المهنية والأخلاقية عبر مختلف وسائل الإعلام ودعم الاحترافية والمهنية».

كانت الحكومة قد أصدرت قانون إعلام جديداً العام الماضي نص على آليات جديدة، من بينها «سلطة لضبط الصحافة»، و«مجلس لأخلاقيات المهنة»، الغرض منهما «التصدي للتجاوزات المحتملة أثناء ممارسة الصحافة».


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».